المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ((أيها المريض ، على السرير العريض ))



ام انس
06-09-2003, 01:44 PM
http://alsheehanah.jeeran.com/eqla3/pink.gifhttp://alsheehanah.jeeran.com/eqla3/pink.gif


أيها المريض ، على السرير العريض ، طهور ما أصابك ، وكفارة ما نابك ، والله قد أجابك . مع كل ونّة ، نسيم من الجنة ، ومع كل رنة ، بشرى من السنة .
بشر المريض بعافية ، أو رحمة وافية ، أو كفّارة كافية ، أو نفحة من الله شافية :


تموت النفوس بأوصابها

ولم يدر عوادها ما بها

وما أنصفت مهجة تشتكي

أذاها إلى غير أحبابها


أيها المرضى لا تكونوا يائسين ، أو أَسِفين ، وردّدوا : وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ.
بقي أيوب ، في البلايا والخطوب ، ماله مسلوب ، وجسمه منكوب ، فنادى علام الغيوب ، أَنِّي مَسَّنِي الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ  ، فعاد من السالمين الغانمين .
بشر من أصابه الوصب والنصب ، بقصور في الجنة من قصب ، إذا صبر واحتسب.
لا تقل : آه ، ولكن قل : يا الله .
كيف أشكو إلى طبيبي ما بي

والذي قد أصابني من طبيبي

إذا أصابك جرح ، فلا تقل أح ، لأن الصبر يقول هذا ما يصح ، ولا يستحق من شكا المدح . سبحان من أحبك فابتلاك ، ليسمع نجواك ، وليصعد إليه بكاك ، وترتفع إليه شكواك .
نحن ما زلنا على العهد ولو
كلما ذقنا من الهجر لظىً
قطعت منا على العهد رؤوس
أشرقت في حب مولانـا النفوس

هنيئاً لك أنت على سرير التطهير ، وعلى كرسي التكفير ، ترعاك عناية اللطيف الخبير .
الرحمة عليك تهبط ، والخطايا تسقط ، أدخلك الكير ، لتخرج ذهبا ، إذا سلب ما أعطى فطالما وهبا ، واعلم أنه يدخر لك أجراً عجيبا ، وثواباً طيبا .
ما دام أنك منكسر القلب ، ملقىً على جنب ، فأنت قريب من الرب ، لا يغرنك المنافق فهو عير على شعير ، وبعير على شفا بير ، تأتي ضربته قاصدة ، ونفسه جامدة ، وروحه جاحدة ، فهو كشجرة الأَرْزة ، منتصبة ، متصلبة ، وفي لحظة وإذا هي متقلبة .
أما أنت يا مؤمن فأنت كالخامة مع ريح الشمال ، مرة من يمين ومرة من شمال ، لأنك شجرة جمال وجلال .
والله لو أحرقوني في الهوى حمما
منكم دوائي ودائي صرت عبدكمو
ما اخترت غيركمو في الكون إنسانا
أرى بلاءكمو في الجسم إحسانا

يا أيها المسلم المبتلى ، حظك اعتلى ، وثمنك غلا ، وغبار المعصية عنك انجلى .
والله إنك أحب إلى ربك من المنافق السمين ، والفاجر البطين ، والعاصي الثخين ، كما أخبر الصادق الأمين .
المنافق كالخروف ، يسمن للضيوف ، ثم يذبح بسكين الحتوف .
والمؤمن جواد يضمّر ، ليقطع السير المقدّر ، ويصل إلى المحل الموقّـر .
ألا بلغ الله الحمى من يريده
وجازاك ربي أيها الداء نعمة
وبلّغ أطراف الحمى من يريدها
فقد حرّك الأشواق منك بريدها

دع الشحم يذوب ، وتذهب الذنوب ، وتخشع النفس وتتوب ، ويعود القلب عودة حميدة ، وترجع الروح رجعة مجيدة .
يا أهل الأسِرّة البيضاء ، هنيئاً لكم هذا البلاء ، وأبشروا بالشفاء . أو بمغفرة تغسل الأخطاء ، ورحمة أعظم من الدواء .
المرض يذهب الكبر والبطر ، والعجب والأشر ، لأن الرزايا إلى الجنة مطايا ، والبلايا من الرحمن عطايا ، وإلى رضوانه مطايا ، ابتلاك بالأسقام ، ليغسل عنك الآثام .
فافرح لأنه رشحك للعبوديّة ، لأن البلاء طريقة محمديّة ، يبتلى الناس الأمثل فالأمثل ، والأفضل فالأفضل ، والأكمل فالأكمل .
إذا أحب الله قوماً ابتلاهم ، وطهّرهم وجلاّهم
إنْ كان سركمو ما قال حاسدنا

فما لجرح إذا أرضاكمـو ألـمُ

كان رسولنا صلى الله عليه وسلم ; يوعك كما يوعك رجلان ، لأنه حبيب للرحمن ، كامل الإيمان ، تام الإحسان .
مرض عمران بن الحصين ، الصحابي الأمين ، ثلاثين عاما ، حمل فيها أسقاما ، وذاق آلاما ، فقال له أصحابه ، وطلب منه أحبابه ، أن يدعو ربَّه ليكشف كربه ، قال : كلا أحبه إليّ أحبه إلى ربي ، ولعله يغفر ذنبي .
وكانوا يفرحون بالبلية ، ويعدونها عطية ، ونفوسهم بمواقع القدر رضيـة ، ويرون المحنة منحة ، والترحة فرحة ، لأنهم تعرفوا على الخالق ، فعرفهم الحقائق .
لعلَّ عتبك محمود عواقبه

فربمــا صحـت الأجسـام بالعـلل

اصبر على مرارة دواء المصيبة ، لترى أحوالاً عجيبة ، فعافيتك قريبة ، والرِّضا بمُرِّ القضا ، ولو على جمر الغضى ، وحرّ اللّظى .
اسجد على الجمر في مرضاة مولاكا

إياك أن تشتكي في الحبِّ إيَّاكا

بوّابةُ البلاء ، لا يدخلها إلاّ الأولياء ، ويرد عنها الأدعياء ، واسأل عن ذلك تاريخ الأنبياء . البلاء أعظم لأجرك ، إذا قوي أيوب صبرك ، تريد الجنة بلا ثمن ، وأنت ما مرضت من زمن ، وفي غفلة العافية مرتهن .
المرض صيحة تفتح الأسماع والأبصار ، وتذكر الأبرار ، وتنفض عن الصالحين الغبار ليكونوا من الأطهار الأخيار .
إذا ابتلى الله العبد بالسقم ، وسلّط عليه الألم ، ثم شافاه مَنَّ عليه بلحم ودم ، وما شاء من نعم ، وإن توفاه غفر له ما تأخر وما تقدم ، من الذنب واللمم .
إذا مرضت ذهب الظمأ بالغفران ، وابتلت العروق بالرضوان ، وثبت الأجر عند الديّان ، وهذّب القلب من الكبر والطغيان .
كلا إن الإنسان ليطغى ، أن رآه استغنى ، وإلى زينة الدنيا يصغى ، فعلم الله أن تهذيبه في تعذيبه ، وتقريبه في تأديبه . كلما ضرب العبد سوطا ، عاد إلى الله شوطا :
يا نائماً فوق السـريـر ممرضاً

مرت على آلامه أعوامُ

أبشـر فإن الله زادك رفعة


في كل مكروه أتى إكرامُ

هذا المرض حماك من فعلة شنعاء ، ووقاك من داهية دهياء ، وكَفّر عنك آثار الفحشاء ، ورفرفت به روحك من الأرض إلى السماء .
بالمرض يجول القلب في سماء التوحيد ، وتطير الروح في فضاء التجريد ، ويغسل البدن بماء الإنابة ، ويفتح الله للمريض بابه ، ويسارع إليه بالإجابة .
عند المريض رسالة من ربه ، كتبت حروفها في قلبه ، فحواها : أحببناك فأدبناك ، وبالمرض قربناك ، وبالبلاء هذبناك .
ويقبح من سواك الفعل عندي

وتفعله فيحسن منك ذاكا

إبل الهدي تتقدم شوقاً للرسول صلى الله عليه وسلم ; ; وبيده الحربة ، تنتظر منه الضربة ، لتذوق حلاوة الألم ، من كف سيد الأمم ، وأنت تتبرم بالبلاء ، وهو عتاب من رب الأرض والسماء :
وقلتم معاذ الله أن يصرف الهوى

لغيركمو مهما حملتم لنا عتبا

فها نحن عاتبناكمو فإذا الهوى

يخون وصرتم بعد هذا الهوى غضبى

أيها المريض : أسأل الله العظيم ، رب العرش العظيم ، أن يشفيك .



((( كتاب مقامات القرني للشيخ عائض القرني )))

http://alsheehanah.jeeran.com/eqla3/pink.gifhttp://alsheehanah.jeeran.com/eqla3/pink.gif

همام
06-09-2003, 01:56 PM
بارك الله فيك على هذا النقل المبارك ..
شكر الله لك ..

أبوعبدالله
06-09-2003, 02:23 PM
بشر المريض بعافية ، أو رحمة وافية ، أو كفّارة كافية ، أو نفحة من الله شافية

الله اكبر ما اعظم الدين الاسلامي ...

جزاك الله خير اختي الخنساء ...

غريبة الروح
06-09-2003, 06:55 PM
:) بوركتِ.

جهادية
06-09-2003, 06:59 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما اجملها من كلمات .. بوركتِ اختي الخنساء وجزاك الله خير الجزاء..

عطر الشرق
03-10-2016, 10:21 AM
http://forum.hawahome.com/clientscript/ckeplugins/picwah/images/extra106.gif