توفــي
29-05-2004, 09:28 PM
:D :D :D :D :D :D
المزاح خلق إنساني وسلوك بشري يشتمل على المداعبة والمضاحكة والمفاكهة بقصد الترويح عن النفس وإدخال السرور عليها؛ حتى لا تمل ولا تكل. ومع أن الحاجة إليه قائمة إلا أن الإسلام نظم هذه الحاجة، وضبط حالات المزاح فيها ووجهها إلى البناء لا الهدم، وإلى السمو لا الإسفاف، ولهذا كانت هذه الضوابط التي لا يسع المسلم التحلل منها أو التساهل بها:
· ألا يكون في المزاح استهزاء بشيء من الدين؛ لأنه بهذا يكون قد وقع في ناقض من نواقض الإسلام، كالاستهزاء بإعفاء اللحية أو غيرها من شعائر الإسلام...
ومن ذلك أيضاً: استخدام آيات الله وأحاديث رسوله – صلى الله عليه وسلم – في غير ما وضعت له، وكذا وضع الطرائف والنكت في العلماء والمحدثين والفقهاء والصالحين كأهل الحسبة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكذلك الاستهزاء بالملائكة أو الرسل أو الأنبياء أو الجنة أو النار، وكذلك عذاب القبر.....
· ألا يكون مزاحه إلا صدقاً، وقد قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: "ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك به الناس ويل له"، وروي أيضاً: "إن الرجل ليتكلم بالكلمة ليضحك بها جلساءه يهوي بها في النار أبعد من الثريا". ولا فرق في هذا بين ما يسميه الناس كذبة بيضاء أو سوداء، فليس للكذب ألوان، بل هو محرم، ولم يبح منه إلا ما كان للإصلاح، وفي الحرب وبين الزوجين، وما سواه يكون من صفات النفاق، ولذلك قال النبي – صلى الله عليه وسلم – لما قيل له أنه يمزح -: "إني لا أقول إلا حقاً".
وعليه فلا يجوز لأحد أن يختلق قصصاً أو طرفاً أو نكتاً ليضحك بها الآخرين، لا في المجالس ولا في منتديات الإنترنت ولا في رسائل الجوال ولا في غيرها.
· ألا يكون غيبة أو نميمة؛ لما في ذلك من الفتنة وإيغار الصدور، ومحرك للأحقاد والضغائن. فالغيبة هي "ذكرك أخاك بما يكره" في غيبته، وإن كان فيه ما تقول، وهي محرمة جدها وهزلها. وكذلك النميمة التي هي: نقل الكلام على وجه الإفساد، وقد روي عن النبي – صلى الله عليه وسلم -: "إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان فتقول: اتق الله فينا، فإنما نحن بك فإن استقمت استقمنا وإن اعوججت اعوججنا).
· ألا يكون في المزاح سخرية ولا استهزاء بالآخرين، فالسخرية من كبائر الذنوب، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (الحجرات آية:11) – يقول الطبري – رحمه الله -: اللمز باليد والعين واللسان والإشارة، والهمز لا يكون إلا باللسان. وقد تعود الخصلة التي يسخر من غيره فيها عليه فيتصف بها، وقد ورد النهي في السنة عن السخرية بالمسلمين. ومن صور ذلك: المزاح الساخر من أهل بلد أو محلة أو صنعة أو علم أو المزاح الذي يؤجج عصبية أو عنصرية أو جاهلية.
· ألا يكون في المزاح ترويع أو إيذاء لمسلم، سواء كان بالقول أو الفعل أو الإشارة؛ لحديث النبي – صلى الله عليه وسلم -: "لا يأخذن أحدكم متاح أخيه لاعباً ولا جاداً" وفي آخر: "لا يحل لمسلم أن يروع مسلماً".
· ألا يمس المزاح العورات ولا يتحدث عن الحرمات والأعراض، وقد قال الله تعالى: {لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْل}، ولم يكن النبي – صلى الله عليه وسلم – فاحشاً ولا متفحشاً، ولأن في إشاعة مثل ذلك سوءا في الأدب وقلة في الحياء وبذاءة في الكلام، وليس المؤمن بالفاحش ولا البذيء.
· أن ينزل الناس منازلهم، فلا يمزح مع الكبير والعالم والوالد بما يحط من قدرهم أو بما لا يليق بمقامهم، أو بما يفضي إلى سوء الأدب معهم، يقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: "إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم"، ونقل عن ابن عباس قوله: من السنة أن يوقر العالم.
· ألا يمزح مع السفهاء؛ لأنه سيضر بشخصيته لا محالة، يقول عمر رضي الله عنه: من كثر ضحكه قلت هيبته، ومن مزح استُخف به، ومن أكثر من شيء عُرف به. وقال سعد بن أبي وقاص يوصي ابنه: اقتصد في مزاحك؛ فإن الإفراط فيه يذهب البهاء ويجرئ عليك السفهاء.
· لا يمزح مع الغريب؛ لأنه لا يعرف طبيعة نفس المازح مما يؤدي إلى استحقاره للمازح واستخفافه به، ومنه نوع مزاح محرم كمزاح الأجنبي مع المرأة الأجنبية، والعكس؛ لما يفضي إليه من محرم. وكذلك لا يمزح مع من لا يقبل المزاح؛ لما يترتب عليه من ضيم وإحراج، وربما أحزن القلب وأخرج عن الحشمة والآداب الاجتماعية.
· المزاح في لأصل مباح، لكن عليه أن لا يتخذ ذلك ديدناً، أو ينهمك فيه ويسترسل ويبالغ؛ لما يترتب على هذا من إضاعة لحقوق الله كالإخلال بالفرائض والانشغال عن ذكر الله وطاعته، ولأن الإفراط فيه يورث كثرة الضحك، وهذه تميت القلب وتوقع في الغفلة عن الله، ولا شك أن الإنسان مسؤول عن عمره ووقته فيما قضاه، إضافة إلى أنه يخدش مكانة الفرد ويسقط وقاره ويشعر بسخف عقله وبطر معيشته، وربما جر للحرام والكذب والخصام، وربما جره أيضاً إلى امتهان المزاح كأصحاب الرسوم الكاريكاتورية والأعمال الكوميدية.
أنواع المزاح
· مزاح محمود، وهذا من الاستجمام للنفس والرفق بها، وبمثله يطرد السأم وتتجدد الطاقة، وتبعث الهمة، ويكون مع الأهل والأولاد والأصحاب دون جنوح أو إسراف وتفويت للمصالح، وعلى هذا نهج النبي – صلى الله عليه وسلم – وصحابته والصالحون...
قيل لسفيان بن عيينة: المزاح هجنة؟ قال: بل سنة، ولكن الشأن فيمن يحسنه ويضعه مواضعه.
وهو في وقته وبضوابطه من المروءة كما قال الفقهاء.
هذا وقد ينقلب هذا المزاح إلى مستحب أو واجب.. أما المستحب فيقول ابن حجر – رحمه الله – عنه: إن صادف المزاح مصلحة مثل تطييب نفس ومؤانسة فهو مستحب. اهـ.
وأما كونه يصير واجباً: إذا ترتب عليه حفظ نفس من الهلكة؛ لأن من مقاصد الشريعة حفظ النفوس والعقول، ولا شك أن للوسائل حكم الغايات.
· مزاح مذموم، وهو ما اشتمل على قول أو فعل منهي عنه في الشرع وترتب عليه العقاب، أو اشتمل على دعابة بقول ذميم أو فعل مستكره ولا يترتب عليه عقاب شرعي.
المزاح وآثاره التكليفية:
كثير من النساء يمزحون ولا يلقون بالاً لما يترتب على مزاحهم من التزامات يؤاخذون بها ديانة وقضاءً، ومن ذلك:
· المازح مسؤول عن تصرفاته المتصلة بالكفر والردة عن الإسلام، فلو قال أو فعل كفراً ولو مازحاً ولو لم يعتقده كفر؛ بدلالة آية سورة التوبة... ويترتب عليه ما يترتب على المرتد من كونه يستتاب؛ فإن أصر فسخ عقد النكاح، وانقطع الإرث منه وله، ولم يصلَّ عليه، ولم يغسل، ولم يدفن في مقابر المسلمين، ولم تحل ذبيحته، وكذا بطلان تصرفاته، وغير ذلك.
· المازح مسؤول عن تصرفاته المتصلة بالزواج والرجعة والطلاق والعتق ونحو ذلك، ويعتبر كلامه فيها منعقداً ونافذا، قال – صلى الله عليه وسلم -: "ثلاث جدهن جد وهزلهن جد: النكاح والطلاق والرجعة".
قال الترمذي: والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم – وغيرهم. اهـ. ذلك المازح أتى باللفظ قاصداً مختاراً، وكونه كان مازحاً لا أثر له في الشرع.
· المازح مسؤول عن تصرفاته المالية من بيع وشراء وإقرار وهبة، ونحوها من التصرفات، إذا صدّقه المقر له.
توجيهات:
على المسلم الاقتصاد في المزاح، ولا يلتفت لمن يصفه بالجمود والانغلاق إذا كان على السنة. قال تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ}.
· أيعقل من المرء أن يكثر ضحكه ومزاحه وهو لا يعلم أيؤمر به إلى جنة أو نار؟!
· على المسلم العاقل أن يشغل نفسه بما يفيد، ولا يخلي قلبه من فائدة ولا لسانه من موعظة، مع الحرص على الصحبة الصالحة الجادة التي تلتزم سنة النبي – صلى الله عليه وسلم -.
· على المسلم أن يتذكر الآخرة وموقفه فيها وقوله – صلى الله عليه وسلم -: "لو علمتم ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً".
· على المسلم أن يجاهد نفسه على ضبط زمامها وانتهاجها الجدية. وليحبس لسانه إلا من خير و"..من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت". وليبخل بوقته من أن يهبه لمجالس المزّاحين.
· أخيراً... إن الأمة ليست في حاجة إلى الغثائيين، ليست في حاجة لمجالس الهزل والمزح.. إنها في حاجة فقط لمن يحمون الأعراض والمقدسات، إنها بحاجة لمن يعدّون ويستعدون، لا سيما ونحن في حال من الضعف والذل والهوان وتكالب الأعداء بما لا يخفى على أحد.
منقووول
http://smilies.sofrayt.com/%5E/c0/rofl.gifhttp://smilies.sofrayt.com/%5E/c0/rofl.gifhttp://smilies.sofrayt.com/%5E/c0/rofl.gifhttp://smilies.sofrayt.com/%5E/c0/rofl.gif
المزاح خلق إنساني وسلوك بشري يشتمل على المداعبة والمضاحكة والمفاكهة بقصد الترويح عن النفس وإدخال السرور عليها؛ حتى لا تمل ولا تكل. ومع أن الحاجة إليه قائمة إلا أن الإسلام نظم هذه الحاجة، وضبط حالات المزاح فيها ووجهها إلى البناء لا الهدم، وإلى السمو لا الإسفاف، ولهذا كانت هذه الضوابط التي لا يسع المسلم التحلل منها أو التساهل بها:
· ألا يكون في المزاح استهزاء بشيء من الدين؛ لأنه بهذا يكون قد وقع في ناقض من نواقض الإسلام، كالاستهزاء بإعفاء اللحية أو غيرها من شعائر الإسلام...
ومن ذلك أيضاً: استخدام آيات الله وأحاديث رسوله – صلى الله عليه وسلم – في غير ما وضعت له، وكذا وضع الطرائف والنكت في العلماء والمحدثين والفقهاء والصالحين كأهل الحسبة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكذلك الاستهزاء بالملائكة أو الرسل أو الأنبياء أو الجنة أو النار، وكذلك عذاب القبر.....
· ألا يكون مزاحه إلا صدقاً، وقد قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: "ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك به الناس ويل له"، وروي أيضاً: "إن الرجل ليتكلم بالكلمة ليضحك بها جلساءه يهوي بها في النار أبعد من الثريا". ولا فرق في هذا بين ما يسميه الناس كذبة بيضاء أو سوداء، فليس للكذب ألوان، بل هو محرم، ولم يبح منه إلا ما كان للإصلاح، وفي الحرب وبين الزوجين، وما سواه يكون من صفات النفاق، ولذلك قال النبي – صلى الله عليه وسلم – لما قيل له أنه يمزح -: "إني لا أقول إلا حقاً".
وعليه فلا يجوز لأحد أن يختلق قصصاً أو طرفاً أو نكتاً ليضحك بها الآخرين، لا في المجالس ولا في منتديات الإنترنت ولا في رسائل الجوال ولا في غيرها.
· ألا يكون غيبة أو نميمة؛ لما في ذلك من الفتنة وإيغار الصدور، ومحرك للأحقاد والضغائن. فالغيبة هي "ذكرك أخاك بما يكره" في غيبته، وإن كان فيه ما تقول، وهي محرمة جدها وهزلها. وكذلك النميمة التي هي: نقل الكلام على وجه الإفساد، وقد روي عن النبي – صلى الله عليه وسلم -: "إذا أصبح ابن آدم فإن الأعضاء كلها تكفر اللسان فتقول: اتق الله فينا، فإنما نحن بك فإن استقمت استقمنا وإن اعوججت اعوججنا).
· ألا يكون في المزاح سخرية ولا استهزاء بالآخرين، فالسخرية من كبائر الذنوب، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (الحجرات آية:11) – يقول الطبري – رحمه الله -: اللمز باليد والعين واللسان والإشارة، والهمز لا يكون إلا باللسان. وقد تعود الخصلة التي يسخر من غيره فيها عليه فيتصف بها، وقد ورد النهي في السنة عن السخرية بالمسلمين. ومن صور ذلك: المزاح الساخر من أهل بلد أو محلة أو صنعة أو علم أو المزاح الذي يؤجج عصبية أو عنصرية أو جاهلية.
· ألا يكون في المزاح ترويع أو إيذاء لمسلم، سواء كان بالقول أو الفعل أو الإشارة؛ لحديث النبي – صلى الله عليه وسلم -: "لا يأخذن أحدكم متاح أخيه لاعباً ولا جاداً" وفي آخر: "لا يحل لمسلم أن يروع مسلماً".
· ألا يمس المزاح العورات ولا يتحدث عن الحرمات والأعراض، وقد قال الله تعالى: {لاَّ يُحِبُّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوَءِ مِنَ الْقَوْل}، ولم يكن النبي – صلى الله عليه وسلم – فاحشاً ولا متفحشاً، ولأن في إشاعة مثل ذلك سوءا في الأدب وقلة في الحياء وبذاءة في الكلام، وليس المؤمن بالفاحش ولا البذيء.
· أن ينزل الناس منازلهم، فلا يمزح مع الكبير والعالم والوالد بما يحط من قدرهم أو بما لا يليق بمقامهم، أو بما يفضي إلى سوء الأدب معهم، يقول النبي – صلى الله عليه وسلم -: "إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم"، ونقل عن ابن عباس قوله: من السنة أن يوقر العالم.
· ألا يمزح مع السفهاء؛ لأنه سيضر بشخصيته لا محالة، يقول عمر رضي الله عنه: من كثر ضحكه قلت هيبته، ومن مزح استُخف به، ومن أكثر من شيء عُرف به. وقال سعد بن أبي وقاص يوصي ابنه: اقتصد في مزاحك؛ فإن الإفراط فيه يذهب البهاء ويجرئ عليك السفهاء.
· لا يمزح مع الغريب؛ لأنه لا يعرف طبيعة نفس المازح مما يؤدي إلى استحقاره للمازح واستخفافه به، ومنه نوع مزاح محرم كمزاح الأجنبي مع المرأة الأجنبية، والعكس؛ لما يفضي إليه من محرم. وكذلك لا يمزح مع من لا يقبل المزاح؛ لما يترتب عليه من ضيم وإحراج، وربما أحزن القلب وأخرج عن الحشمة والآداب الاجتماعية.
· المزاح في لأصل مباح، لكن عليه أن لا يتخذ ذلك ديدناً، أو ينهمك فيه ويسترسل ويبالغ؛ لما يترتب على هذا من إضاعة لحقوق الله كالإخلال بالفرائض والانشغال عن ذكر الله وطاعته، ولأن الإفراط فيه يورث كثرة الضحك، وهذه تميت القلب وتوقع في الغفلة عن الله، ولا شك أن الإنسان مسؤول عن عمره ووقته فيما قضاه، إضافة إلى أنه يخدش مكانة الفرد ويسقط وقاره ويشعر بسخف عقله وبطر معيشته، وربما جر للحرام والكذب والخصام، وربما جره أيضاً إلى امتهان المزاح كأصحاب الرسوم الكاريكاتورية والأعمال الكوميدية.
أنواع المزاح
· مزاح محمود، وهذا من الاستجمام للنفس والرفق بها، وبمثله يطرد السأم وتتجدد الطاقة، وتبعث الهمة، ويكون مع الأهل والأولاد والأصحاب دون جنوح أو إسراف وتفويت للمصالح، وعلى هذا نهج النبي – صلى الله عليه وسلم – وصحابته والصالحون...
قيل لسفيان بن عيينة: المزاح هجنة؟ قال: بل سنة، ولكن الشأن فيمن يحسنه ويضعه مواضعه.
وهو في وقته وبضوابطه من المروءة كما قال الفقهاء.
هذا وقد ينقلب هذا المزاح إلى مستحب أو واجب.. أما المستحب فيقول ابن حجر – رحمه الله – عنه: إن صادف المزاح مصلحة مثل تطييب نفس ومؤانسة فهو مستحب. اهـ.
وأما كونه يصير واجباً: إذا ترتب عليه حفظ نفس من الهلكة؛ لأن من مقاصد الشريعة حفظ النفوس والعقول، ولا شك أن للوسائل حكم الغايات.
· مزاح مذموم، وهو ما اشتمل على قول أو فعل منهي عنه في الشرع وترتب عليه العقاب، أو اشتمل على دعابة بقول ذميم أو فعل مستكره ولا يترتب عليه عقاب شرعي.
المزاح وآثاره التكليفية:
كثير من النساء يمزحون ولا يلقون بالاً لما يترتب على مزاحهم من التزامات يؤاخذون بها ديانة وقضاءً، ومن ذلك:
· المازح مسؤول عن تصرفاته المتصلة بالكفر والردة عن الإسلام، فلو قال أو فعل كفراً ولو مازحاً ولو لم يعتقده كفر؛ بدلالة آية سورة التوبة... ويترتب عليه ما يترتب على المرتد من كونه يستتاب؛ فإن أصر فسخ عقد النكاح، وانقطع الإرث منه وله، ولم يصلَّ عليه، ولم يغسل، ولم يدفن في مقابر المسلمين، ولم تحل ذبيحته، وكذا بطلان تصرفاته، وغير ذلك.
· المازح مسؤول عن تصرفاته المتصلة بالزواج والرجعة والطلاق والعتق ونحو ذلك، ويعتبر كلامه فيها منعقداً ونافذا، قال – صلى الله عليه وسلم -: "ثلاث جدهن جد وهزلهن جد: النكاح والطلاق والرجعة".
قال الترمذي: والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم – وغيرهم. اهـ. ذلك المازح أتى باللفظ قاصداً مختاراً، وكونه كان مازحاً لا أثر له في الشرع.
· المازح مسؤول عن تصرفاته المالية من بيع وشراء وإقرار وهبة، ونحوها من التصرفات، إذا صدّقه المقر له.
توجيهات:
على المسلم الاقتصاد في المزاح، ولا يلتفت لمن يصفه بالجمود والانغلاق إذا كان على السنة. قال تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ}.
· أيعقل من المرء أن يكثر ضحكه ومزاحه وهو لا يعلم أيؤمر به إلى جنة أو نار؟!
· على المسلم العاقل أن يشغل نفسه بما يفيد، ولا يخلي قلبه من فائدة ولا لسانه من موعظة، مع الحرص على الصحبة الصالحة الجادة التي تلتزم سنة النبي – صلى الله عليه وسلم -.
· على المسلم أن يتذكر الآخرة وموقفه فيها وقوله – صلى الله عليه وسلم -: "لو علمتم ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً".
· على المسلم أن يجاهد نفسه على ضبط زمامها وانتهاجها الجدية. وليحبس لسانه إلا من خير و"..من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت". وليبخل بوقته من أن يهبه لمجالس المزّاحين.
· أخيراً... إن الأمة ليست في حاجة إلى الغثائيين، ليست في حاجة لمجالس الهزل والمزح.. إنها في حاجة فقط لمن يحمون الأعراض والمقدسات، إنها بحاجة لمن يعدّون ويستعدون، لا سيما ونحن في حال من الضعف والذل والهوان وتكالب الأعداء بما لا يخفى على أحد.
منقووول
http://smilies.sofrayt.com/%5E/c0/rofl.gifhttp://smilies.sofrayt.com/%5E/c0/rofl.gifhttp://smilies.sofrayt.com/%5E/c0/rofl.gifhttp://smilies.sofrayt.com/%5E/c0/rofl.gif