عينان كحليتان، رمشان جميلان، وجنتان متوردتان، جبين ساطع، طرفان جوّالان ينثران
السحر
في كل مكان، والخمار منسدل على الكتفين، مطـرّز محلى بأزهى الزخارف والألوان..وكأنه
عقد مرجان، قد أخفى شعرا ناعما حريرا وكشف بعضا منه كحلوى أمي التي تخفيها وراء
ظهرها
وتخرج جزءا يسيرا منها لطفلها لتشوقه فيطير إليها بلا توان..وعباءة حملها كتفان ناعمان
كلما مشت
حركتها الرياح يمينا ويسارا، فيكشف لنا عن ذلك القوام الممشوق وذلك العناق الحار بين
الساق والبنطال
حتى إن نسمة الرياح العليلة لا تجد لها مكانا تسير فيه بينهما، وذلك الخلخال في قدميها
يدندن ليوقظ آخر
عرق بقي في جسد الولهان لم يستيقظ بعد .
أقبلت ذات العباءة الشرعية بحجابها الكامل فسارت نحوها .
تنظر إليها ذات العباءة المتبرجة وهي تقترب منها فتقول وهي تتذمر منها وتستهزيء
بها : بخ غبار..غبار .
إقتربت منها الملتزمة وسلمت عليها ومدت يدها لتصافحها..
نفرت منها هذه المتبرجة وقالت : ابتعدي عني ثم تكح استهتارا وتقول : ابتعدي عني
غبار الماضي والتخلف
يكاد يشرقني .
فقالت الملتزمة : الماضي ؟!
وهل ذكرتك عباءتي بالماضي حقا ؟!
فترد عليها المتبرجة : وبالتخلف أيضا..هيا ابتعدي عني منظرك يشوه جمالي وأخشى
أن يمر أحد فيرانا فيظن
بأنني أصادق أمثالك من القرويين .
- الملتزمة : أنت موقنة بأنك بهذه العباءة جميلة ولا تردين شيئا يشوه جمالك، وأنت أيضا
تكرهين الماضي وتزعمين
بأن عباءتي رمز الماضي، رمز التخلف كما ترين، وأنا أرجوك أن تهبيني من وقتك لحظات
قليلة، وتجيبي على
أسئلتي ولكن بصراحة :
- عباءة الماضي من كان يلبسها أليس أمي وأمك وجدتك ؟
- سؤال عني..بالطبع نعم.
- وقبل جداتنا..النساء منذ العصر النبوي الأول إلى عصر جداتنا ماذا كن يلبسن ؟
- العباءة أيضا.
- وبهذا الشكل المبرج الذي تلبسينه ؟
- لا، فهذه من حسنات التطور و الحضارة .
- إذن أنا ألبس ما تلبسه المسلمات منذ عصر الرسول صلى الله عليه وسلم وحتى عصرنا هذا
؟!
- المتبرجة : نعم .
المحتشمة : إذن أنا أقلد فاطمة بنت الرسول صلى الله عليه وسلم وسيدة نساء الجنة..أقلد
عائشه بنت الصديق
زوج الرسول صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة..أقلد أمهات المؤمنين زوجات أفضل
الخلق عليه الصلاه والسلام
والصحابيات الطاهرات فهل يجوز لك أن تصفي هؤلاء بالتخلف والرجعية وغيرها من هذه
الألقاب البشعة التي ربما
يؤدي بك ذلك إلى الكفر إن اعتقدت حلها ؟!
- المتبرجة : لا، استغفر الله، أنا أصف عباءتك التي لا تلائم عصرنا الذي ينبغي أن يتغير
فيه كل شيء
ليكون جميلا، ولا يذكرنا بالماضي أبدا، ذلك الماضي الذي يفتقد لكل تطور وجمال .
- المحتشمة : كلنا نحب التطور والجمال ونأخذ منه ولكن فيما لا يتعارض مع ديننا هذه
العباءة شأنها عند الله
كالصلاة والصيام فهل نجدد الصيام والصلاة في هذا العصر ؟ هذه العباءة حكم شرعه الله
وأمر فرضه الله
في القرآن الكريم والسنة المطهرة، فهل تريدين أن نطور القرآن والسنه وأحكامهما ؟
هل تعتقدين النقص فيهما او البشاعة والتخلف فيما يأمران به ؟
إنها أحكام من عند الله الذي اتصف بالكمال، والجمال، والحكمة، واللطف، والرحمة،
والعلم بما يصلح شؤون
خلقه الذين خلقهم بيده ويعلم مايصلح لهم .
- تصمت المتبرجة .
والآن اسمحي لي أن أسألك سؤالا آخر : لقد قلت لي بأن عباءتك جميلة ومظهرك راق
وجميل أليس كذلك ؟!
- بلا شك .
- وهذا الجمال تسيرين به الآن أمام الرجال في الشارع أليس كذلك ؟
- وماذا تقصدين بسؤالك هذا ؟ هل تريدين القول بأني أحاول إغواء الرجال ؟!
- قد لا تقصدين ذلك لكنه الواقع، نعم ها قد أصبحت جميلة كما إعترفت بلسانك وفاتنه
للرجال لأنهم بفطرتهم
يعشقون الجمال والدلال في المرأة، فقولي لي بربك ما الفائدة الآن من هذه العباءة التي
تلبسينها ؟ ألم يفرض
الله الحجاب والعباءة لتحجب الجمال وتغطيه عن أعين الرجال فلا تحصل الفتنة وتقع الرذيلة
؟!
اسمحي لي بأن أقول لك بأنك تسيرين الآن في الشارع دون عباءة وأنك عاصية لله
ورسوله ويلزمك أن تغطي
هذا الجمال في عباءتك بعباءة أخرى شرعية، وإني أخشى أن تحرمي من الجنة بسبب
لباسك، هذا فقد
قال الرسول صلى الله عليه وسلم : <<صنفان من أهل النار لم أرهما بعد وذكر منهما نساء
كاسيات عاريات
قال : لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها >>.
فها أنت كاسية لابسة لما يسمى عباءة ولكنه لباس عار من الحشمة مليء بالفتنة و
الجمال و الإغراء، فهل
تحبين أن تحرمي الجنة من أجل لباس ستجدين في الجنة أجمل وأبهى منه وستلبسين من
الحلل فيها ما يسر قلبك
ويشبعه .
اختاه : الجنة غــالــيـــة ولها ثمن وثمنها الصبر على ما تكرهه النفس في الدنيا .
- المتبرجة : ولكني أخشى سخرية من حولي ؟!
- المحتشمة : وأيهما أشد عليك سخرية لفترة قصيرة ثم الجنة من الله ورضوان أم الصبر على
نار تلظى في يوم
كان مقداره خمسين ألف سنة .
- المتبرجة : لا، بل الصبر على ما أمر الله أهون من الصبر على النار .
- المحتشمة : سارعي إذن فهي الإسجابة لربك ولا تكوني كاليهود الذين قالوا سمعنا
وعصينا .
- المتبرجة : لا، لا، سمعنا و أطعنا، غفرانك ربنا
منقول عن منتدي عالم الحياة الزوجية
مواقع النشر