إن الإسلام هو الدين الحق الذي لايرتضي الله من أحد ديناً سواه، بل حكم سبحانه على كل دين سواه بالبطلان وعلى أهله بالخسران؛ ولذلك أظهره الله على سائر الأديان، وفتح لأصحابه الأمصار والبلدان؛ لسيرهم على درب سيد الأنام، الذي كبت عدوه، وأعز حزبه ورفع ذكره. ألا نرى الوعيد الذي أعده لأبي لهب بسبب عداوته للرسول صلى الله عليه وسلم؟! وهكذا يهين الله ويتوعد كل من سار على خطى أبي لهب، ومن كان معادياً من سللك درب المصطفى عليه الصلاة والسلام.
[gdwl]تفسير سورة الكافرون[/gdwl]
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أسأل الله سبحانه أن يجعلنا من المقبولين، وأن يجمعنا في جنات نعيم، أما بعد: فهذا الدرس في تفسير سورة الكافرون، وهي سورة مكية بإجماع المفسرين، واشتملت هذه السورة المباركة على ست آيات، وثمانية وعشرين كلمة، وأربعة وتسعين حرفاً.......
[gdwl]مواضع قراءة النبي لسورتي الإخلاص في صلاته[/gdwl]
هذه السورة يقول عنها الإمام الزمخشري في الكشاف، والإمام السيوطي في الإتقان: بأنها تسمى هي وسورة (قل هو الله أحد) المقشقشتين؛ لأنهما أزالتا الشرك، يقال: قشقش إذا أزال. وتسمى أيضاً هي وسورة (قل هو الله أحد) بـ: سورتي الإخلاص. وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع بينهما في كثير من المواقف، ففي الحديث في صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ بالكافرون و(قل هو الله أحد) في ركعتي الطواف). وفيه أيضاً من حديث أبي هريرة رضي الله عنه الله: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بهما في ركعتي الفجر). وفي مسند أحمد من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعاً وعشرين مرة يقرأ بالكافرون والإخلاص في الركعتين قبل الفجر، والركعتين بعد المغرب). فهاتان السورتان الكريمتان كان يقرأ بهما نبينا عليه الصلاة والسلام في السنة الراتبة قبل صلاة الصبح، وفيها بعد صلاة المغرب، وكان يقرأ بهما في ركعتي الطواف.
[gdwl]سبب نزول سورة الكافرون[/gdwl]
أما سبب نزول هذه السورة المباركة؛ فقد قال أهل التفسير: جاء أربعة من صناديد الكفر وذوي الأسنان ممن تقدمت بهم العمر، وهم: الوليد بن المغيرة المخزومي و العاص بن وائل السهمي و أمية بن خلف الجمحي و الأسود بن المطلب ، إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا له: يا محمد! إنا نعرض عليك أمراً، قال: (وما ذاك؟) قالوا: أن تعبد آلهتنا سنة ونعبد إلهك سنة؛ فإن كان الذي عندنا خيراً أصبت منه، وإن كان الذي عندك خيراً أصبنا منه. يعني: نلتقي في منتصف الطريق، والحق نسبي -كما يقول الدجاجلة- قد يكون عندنا نسبة من الحق وعندك نسبة من الحق، فلو أننا عبدنا إلهك سنة وعبدت إلهنا سنة نكون قد أصبنا الحق كله، فأنزل الله عز وجل سورة الكافرون مبرئاً رسوله صلى الله عليه وسلم من أن يميل إلى كفر، أو يتلبس بشرك، أو يشارك في باطل.
مواقع النشر