مـزاح رسول الله صـلى الله عـلـيـه وسـلـم :
النبي القائد صلى الله عليه وسلم مهموم بأمر أمته ، وبجيوشه ، وقواده ، و بأهل بيته ، وبالوحي تارة ،
وبالعبادة أخرى ، وهناك هموم أخرى ، إنها أعمال عظيمة تجعل أي رجل عاجزًا عن الوفاء ، بمتطلبات الحياة وبث الروح فيها ، ولكنه عليه الصلاة والسلام أعطى كل ذي حق حقه ، فلم يقصر في حق على حساب آخر وفي جانب دون غيره !
فهو صلى الله عليه وسلم مع كثرة أعبائه وأعماله ، جعل للصغار في قلبه مكانًا .. فقد كان عليه الصلاة ، والسلام يداعب الصغار ويمازحهم ويتقرب إلى قلوبهم ، ويدخل السرور على نفوسهم كما يمازح الكبار أحيانًا !
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :قالوا يا رسول الله : إنك تداعبنا . قال : "نعم . غير أني لا أقول إلا حقًا" رواه أحمد .
ومن مزاحه صلى الله عليه وسلم ما رواه أنس بن مالك قال :إن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : "يا ذا الأُذنين" رواه أبو داود .
عن أنس رضي الله عنه قال : "كان ابن لأم سليم يقال له أبو عمير ، كان النبي صلى الله عليه وسلم ربما مازحه إذا جاء ، فدخل يومًا يمازحه ، فوجده حزينًا ، فقال : "مالي أرى أبا عمير حزينًا ؟ ،"فقالوا : يا رسول الله ، مات نغره الذي كان يلعب به ، فجعل يناديه : "يا أبا عمير ، ما فعل النـٌّغـَيرُ ؟" متفق عليه .
ومع الكبار كان للرسول صلى الله عليه وسلم مواقف ، يروي إحداها أنس بن مالك رضي الله عنه فيقول : إن رجلاً من أهل البادية كان اسمه زاهر بن حرام ، قال : وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحبه ، وكان دميمًا ، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يومًا وهو يبيع متاعه ، فاحتضنه من خلفه وهو لا يبصره ، فقال : أرسلني . من هذا ؟ . فالتفت ، فعرف النبي صلى الله عليه وسلم فجعل لا يألوا ، ما ألزق ظهره بصدر النبي صلى الله عليه وسلم حين عرفه ، وجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول : "من يشتري العبد" ، فقال : يا رسول الله ، إذًا والله تجدني كاسدًا . فقال النبي : "لكن عند الله أنت غالٍ" رواه أحمد . إنه حُسن خلق من كريم سجاياه ، وشريف خصاله عليه الصلاة والسلام .
ومع تبسط الرسول صلى الله عليه وسلم مع أهله ؛ وقومه ، فإن لضحكه حدًا ، فلا تراه إلا مبتسمًا ، كما قالت عائشة رضي الله عنها : " ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مُستجمعًا قط ضاحكًا ، حتى تـُرى لهواته ، إنما كان يتبسم" متفق عليه . اللهوات : جمع لهات : وهي اللحم التي في أقصى سقف الفم .
ومع هذه البشاشة ، وطيب المعشر ؛ إلا أنه صلى الله عليه وسلم ، يتمعر وجهه إذا انتهكت محارم الله ، قالت عائشة رضي الله عنها : قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفر ، وقد سترت سهوة لي بقرام فيه تماثيل ، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم هتكه وتلوَّن وجهه ، وقال يا عائشة : أشد الناس عذابًا عند الله يوم القيامة ، الذين يضاهون بخلق الله" متفق عليه . السهوة : كالصفة (أو المجلس) بين يدي البيت . والقرام : ستر رقيق . هتكه : أي أزال الصور التي فيه .
فدل هذا على تحريم اتخاذ الصور في البيت إّذا كانت بارزة ، وأشد منه تحريمًا الصور المعلقة في الجدار ، أو التماثيل ، المنصوبة في الأركان ، وعلى الأرفف ، والمناضيد ، فإن ذلك مع الإثم المترتب عليه ، يَحرم أهل البيت من دخول ملائكة الرحمة في ذلك البيت .
مواقع النشر