مفتاح القرآن
فلماذا سميت بالفاتحة؟ هناك معنيان للإسم، أحدهما قريب، وهو لأنه افتتح بها المصحف، ولكن
المعنى البعيد هو أنها سميت بذلك لأنها مفتاح القرآن (أي لمعانيه)، فبها تفتتح كل سورة من سوره.
فكل كنوز القرآن فيها، ولو فهم المرء الفاتحة فسيفهم كل سور القرآن التي بعدها.
ومن روعة السورة أنَّ كل سور القرآن متسلسلة في معانيها وأهدافها ورسائلها، فهي مرتبطة بما قبلها ولا
يصح أن تربط الا بالسورة التي جاءت قبلها بترتيب المصحف الا سورة الفاتحة، فلو جاءت قبل أية
سورة لوجدت المعنى متصلاً بل متكاملاً أيضاً. لذلك فإننا نبدأ صلاتنا بالفاتحة ثم نقرأ أي سورة بعدها
ويبقى المعنى متصلاً مهما كانت السورة.
سورتان لكلمتين
ينبغي أن نلاحظ علاقة الفاتحة بالسور التي جاءت بعدها وفق ترتيب المصحف وهي البقرة وآل عمران.كيف هذا؟ اقرأ قول الله تعالى غَيْرِ ٱلْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ ٱلضَّالّينَ.
فلقد جاء في سورة الفاتحة ٱهْدِنَا ٱلصّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ.
وفي بداية سورة البقرة ذٰلِكَ ٱلْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لّلْمُتَّقِينَ. وذلك إشارة إلى أن قوله تعالى ٱهْدِنَا
ٱلصّرَاطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ سيشرح في سورة البقرة..
فالمغضوب عليهم والضالين، صفات لأناس استحقوا غضب الله، أو ضلوا عن صراط الله، فسورة البقرة
تشرح غَيْرِ ٱلْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وسورة آل عمران تشرح ٱلضَّالّينَ. سورة كاملة عدد آياتها 268 آية تشرح
كلمة في الفاتحة غَيْرِ ٱلْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وسورة كاملة وهي آل عمران تشرح وَلاَ ٱلضَّالّينَ.
ترابط رائع في الأهداف والمواضيع سنحس به ونعيش معه أكثر عندما نتناول السورتين بالتفصيل.
رحمة للعالمين
نلاحظ أن كلمة ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ قد تكررت مرتين في السورة بِسْمِ الله ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ وقوله تعالىفالمصحف ابتدأ بكلمة العالمين وختم بكلمة الناس، وكأن المعنى أن هذا القرآن ليس للمسلمين فقط
ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ. وهذا يشعرنا برحمة ربنا التي شملت الدنيا والآخرة..
فلفظ الرحمن الرحيم الأول جاء بعد ٱلْحَمْدُ لله رَبّ ٱلْعَـٰلَمِينَ، فالعالمين والدنيا كلها تسير برحمة ربنا، و
ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ جاء بعدها مَـٰلِكِ يَوْمِ ٱلدّينِ للإشارة أن اليوم الآخر أيضاً يسير برحمة الله.
فهذه السورة تطمئن المرء بأن الأصل في الكون هو رحمة الله، وأن أصل علاقة الله بعباده هي الرحمة.
العالمين... الناس
ولفظة ٱلْعَـٰلَمِينَ تدل على معنى لطيف، فالفاتحة - وهي أول سور القرآن - قد ابتدأت بـ ٱلْحَمْدُ لله رَبّ
ٱلْعَـٰلَمِينَ، بينما آخر سورة في القرآن (سورة الناس) قد انتهت بقوله تعالى مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ.
بل إن هذا القرآن هو لهداية البشرية كلها.
مواقع النشر