سادساً: الإعانة لضعفاء وجهلة المسلمين:
الذين يذهبون فريسة للتبشير أو التنصير، أو التهويج، وغير ذلك...، ويقعون فريسة للانحلال والضلال وللشبه، لماذا؟
لأننا لم نقم برفع راية الإسلام، وإعانتهم، وتوضيح الحق لهم، ومساعدتهم، وإبراز محاسن الإسلام حتى يثبتوا على دينهم، ولا يكونوا في شك من أمرهم.
ويقول أحد الألمان الشرقيين يقول: "إن الاعتداء على الإسلام لا ترجى منه فائدة، ولن يرد المسلمين عن دينهم، ولن يعوق النهضة الإسلامية، بل سيقويها".
وكما يقولون الحق: "ما شهدت به الأعداء".
هذا رجل فهم الإسلام وحقيقته، وأنه لا يمكن أن يؤيد الإسلام، بل العداء والحرب للإسلام تقويه وتقوي أهله وتشجعهم، فلذلك ينبغي أن نكون على بينة من أمرنا.
ونتقل إلى خلاصة مهمة في هذا الموضوع عن: الثوابت التي فيها دلائل انتصار وانتشار الإسلام
هناك ثوابت في طبيعة هذا الدين، تدلنا على هذا، وتجعل لهذا الإسلام العظيم دوام وجود أسباب انتصاره وانتشاره رغم تغير الظروف والأحوال، ورغم ضعف أبناءه، ورغم قلة أعداد حملته، لكن هذه الثوابت تبقى دائماً، كأنها ثوابت النصر الدائم لهذا الدين.
ومقابلها طبعاً سيكون هو الشواهد الحية على ظهور الإسلام في واقعنا المعاصر الذي سنفيض في بعض أمثلته.
الثوابت الدالة على انتصار وانتشار الإسلام:
أولاً: موافقته للفطرة:
موافقة الإسلام للفطرة في عقيدته، وشريعته، فليس هناك شيء لا يتوافق مع الفطرة، أو يتعارض معها، وهذه مسألة مهمة ستأتي الشواهد عليها.
ثانياً: الانسجام النفسي والعقلي في أحكام الإسلام وعقائده
فليس هناك شيء يبقى فيه حيرة واضطراب، أو تشكك وتردد، ليس هناك شيء يقع فيه نوع من التعارض كما سيأتي.
ثالثاً: تحقيق المصالح ودرء المفاسد:
فإن الأحكام الإسلامية عند تطبيقها، يقع بها تحقيق مصالح الناس في كل زمان ومكان، ودرء المفاسد في كل الظروف والأحوال، لأن هذا هو دين الله -عز وجل- التام الكامل الشامل، والله -عز وجل- قد قال: (أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) [الملك: 14]
فهو الذي خلق الخلق، وهو الذي يعلم ما يصلح شأنه، فجاء تشريعه - سبحانه وتعالى - في أحكام الإسلام محقق لأعلى المصالح، ودافعاً لشتى لمفاسد ولكل المفاسد.
رابعاً: التجانس والتكامل بين الأنظمة والأنشطة في الحياة كلها:
فالنظام الاقتصادي ليس له آثار سلبية على النظام الاجتماعي، والنظام الاجتماعي ليس له آثار سلبية على النظام الأخلاقي، والنظام الأخلاقي ليس له آثار سلبية على النظام العسكري وهكذا....، بل كل نظام وكل تشريع يكمل بعضه بعضاً، وينسجم بعضه مع بعض.
بينما في غير الإسلام وفي القوانين الوضعية بالذات، تدج أنه يصنعون كما يقولون خطة للإصلاح الاقتصادي.
فقد تكون مصلحة للاقتصاد في بعض الوجوه، لكنها تعود على الناس في أخلاقهم، وفي حياتهم الاجتماعية بأسوأ وأشد الأضرار التي يصيحون بعدها ويقولون: لا نريد إصلاح الاقتصاد؛ لأنه كان على حساب فساد الأخلاق، وهذا لا يكون في شرع الله -عز وجل-.
خامساً: التوازن والعدالة بين حقوق الفرد والمجتمع:
فليس هناك حرية فردية مطلقة فيكون فيها كل إنسان حر حتى يعتدي على حقوق الآخرين، وليس هناك هضم لحقوق الفرد، ولا قيمة للفرد، بحيث يكون كالترس في الآلة، فلا هذا ولا ذاك.
وبالتالي يجد الفرد في الإسلام كيانه، وشخصيته، وله ملكيته، وله رأيه، وله حريته، ولكن له حدوده وضوابطه، وله مشاركته في المصلحة العامة، وله العقوبة إذا هو اعتدى على حقوق المجتمع، والمجتمع عندما يمشي، وتنظم أحكامه لا يدوس على الفرد، ولا يهمل الضعيف، ولا يتخلى عن الذي لا يستطيع أن يسير في ركب هذه الحياة، فهناك أيضاً هذا التكامل في هذا الجانب.
من هنا - أي من هذه الثوابت الخمس - تظهر مزايا الإسلام في الواقع المعاصر، لأن عكسها هو الذي، يقع في حياة غير المسلمين، بل في حياة بعض المجتمعات الإسلامية، التي تتخلى عن شريعة الإسلام.
لذلك سنرى عكس هذه الثوابت في واقع الحياة المعاصرة وخاصة حياة غير المسلمين، سنجدها شواهد حية، على تفوق وظهور وغلبة الإسلام، هذه الشواهد الحية هي:
- الفطرة التي تصرخ.
- والحيرة التي تتزايد.
- والمفاسد التي تنتشر.
- والاضطراب الذي يتنامى.
- والعدالة التي تضمحل.
فإن واقع الحياة اليوم خاصة في المجتمعات الكافرة، في المجتمعات الغربية والشرقية التي لا تأخذ بالإسلام، نجد أن الفطرة عندهم تتمزق، تتألم، تصرخ، تصيح، لأنها لا تجد شيئاً يغذيها أو يوافقها أو يهدئها، أو يسكنها.
ونجد أيضاً أن الانسجام النفسي و العقلي غير موجود، فالحيرة تتزايد، والانتحار يكثر، والأمراض النفسية، والخلل العقلي، والحيرة تكاد تسيطر على شتا مناحي التفكير ومشاعر النفس عند كثير من أولئك القوم.
ويكفي أن نعرف أن إحصائية أكبر هذه الدول الغربية أن 50% من سكانها يترددون بانتظام على العيادات النفسية، يعني عندهم خلل نفسي، إما اضطراب عقلي كامل، وإما نوع من الاكتئاب، وإما نوع من الضيق، وإما نوع مما يسمى التشتت والحيرة؛ وكل ذلك يحصل لأنه ليس هناك الانسجام الذي يتحقق في شريعة الإسلام المنزلة من عند الله المبلغة على لسان رسول - صلى الله عليه وسلم -.
المفاسد تنتشر؛ لأننا قلنا إن تشريع الإسلام يحقق المصالح ويمنع المفاسد.
ولا أدري ماذا يمكن أن نقول عن المفاسد التي تنتشر! عندهم إباحية وحرية، فماذا حصل!.
اغتصاب متكرر، وجرائم اعتداء جنسي لا تنتهي، وأمن غاب حتى لا يستطيع أحد منهم أن ينام لحظة وهو مطمئن البال، والمفاسد تنتشر بالأمراض الفتاكة التي فتكت بهم فتكاً ذريعاً، وتنتشر بأثر المخدرات والمسكرات والخمور التي يبيحونها، فإذا بها تولد عنها الحوادث والجرائم والبلايا والرزايا، والمصائب العظيمة، والأمر في هذا كما قلت كثير، وسنذكر بعض الشواهد في ما يتعلق بهذا.
أيضاً عدم التكامل الذي قلناه بين الأنظمة المختلفة حصل به الاضطراب الذي يتنامى، فالاقتصاد يؤثر - كما قلنا - على الأخلاق، والأخلاق تؤثر على الجرائم والأمن، ونظام الأمن يؤثر على القضاء، وأصبحت أمورهم مضطربة، وفي كل يوم لهم نظام جديد، وفي كل يوم لهم قانون جديد، ليس هناك ثبات مطلقاً.
انظر إلى المجتمعات الغربية، تجد أن كل يوم عندهم قوانين، وتشريعات، وأنظمة وأفكار؛ لأنه ليس هناك استقرار، بل الاضطراب هو المتحكم.
وأخيراً: العدالة أيضاً تضمحل، لأن الفرد يطحن، طحنته الشيوعية، يوم أخذت منه كل جهده، ولم تعطيه إلا أقل القليل، وطحنته الرأس مالية اليوم، يوم جعلت القوي يتسلط على الضعيف وأصبح العالم اليوم كالذي بلغ به العطش أشد مبلغ وهو ينتظر الماء الذي يروي ضمئه، ويعيد له الحياة، وهذا هو الإسلام الذي سنذكر الشهادات التي تبين أن الله -عز وجل- ومتمّ نوره كما أخبر - سبحانه وتعالى -.
إحصائية للأمم المتحدة لم تتجاوز ثلاث سنوات، يحسبون فيها بالتقديرات، كم نسبة تضاعف الداخلين في الديانات؟!.
بمعنى لو دخل في الإسلام مثلاً العام الماضي خمسة، ودخله في هذا العام عشرة فيكون كم نسبة التضاعف؟.
مائة في المائة 100%.
قبل نحو سنتين أو ثلاث سنوات الإحصائية تقول إن نسبة تضاف الذين دخلوا في الإسلام في ذلك العام بلغت سبعمائة بالمائة (700%).
وأن أقرب نسبة إليها نسبة الداخلين في النصرانية زادت عن الذي قبله فقط بنسبة خمسين في المائة (50%).
وأين الذين هم يدعون للإسلام؟، ومن أين دخل هؤلاء المسلمين؟!.
ليس هذا أو هذه النتيجة ثمرة للدعوة ولجهود المسلمين، وإنما أكثرها والحق ما شهدت به الأعداء.
ما هو من الفطرة.. ! من الانسجام.. ! من الحيرة التي عند الناس.. !.
فبدءوا يبحثون حتى دخلوا في الإسلام.
وكثيرون يدخلون في الإسلام من غير دعوة المسلمين، بل ربما كان حال بعض المسلمين يصد عن دين الله، ويمنع الناس أن يدخلوا في الإسلام، فإذا قرأ الإنسان عن الإسلام، أسلم بمعرفته للإسلام،، أنكر حال أولئك المسلمين.
هذه الإحصائية، كما قلت تدلنا على هذا.
وننتقل إلى بعض الشهادات التي تدلنا على هذه الحقائق وسننتقل الآن إلى لب الموضوع من حيث الأمثلة والشواهد، سنذكر الأمثلة التي تدلنا أن المستقبل للإسلام، وأن نور الله -عز وجل- ينبثق هنا وهناك، ويظهر في أماكن لم يكن أحد يتوقع ظهوره فيها، بل يبقى في الأماكن التي اشتدت ضراوة الحرب فيها على الإسلام والمسلمين، يظهر الإسلام ويبقى، ولعل الجمهوريات الذي ظهرت وأظهرت أمراً لا يمكن أن يكون له دليل، ألا إن هذا الدين هو دين الفطرة، وإلا أن هذا النور هو نور الله -عز وجل- الذي يسري في القلوب، وينتشر في النفوس، ويقنع العقول، ويهدي البصائر بإذن الله -عز وجل-.
وإلا كيف عاش هؤلاء سبعين عاماً تحت ظل الشيوعية التي تمنعهم أن يقرءوا العربية، وأن يقرءوا القرآن، ويتعلموا الإسلام، لم يحافظ الأجداد على هذا الإسلام بل وجد بعد انتهاء الشيوعية، أن الأحفاد كانوا يتعلمون القرآن، في الأقبية تحت الأرض، ثم لما انقشعت الغمة، ظهر الإسلام ليس في أعداد قليلة، بل بعشرات ومئات الملايين.
والإسلام اليوم في الصين، التي فيها أكبر عدد من البشر في رقعة واحدة في العالم هي الصين التي يبلغ عدد سكانها كما هو معلوم ألف مليون، وفيها أكبر كثافة سكانية في العالم على مستوى المساحة، يقال أن الكثافة السكانية فيها في الكيلومتر مربع تبلغ ثلاث آلاف إنسان وألف حيوان.
الآن ينتشر الإسلام في الصين، وبلغت أعداد المسلمين أو تجاوزت أعداد المسلمين في الصين اليوم، أكثر من مائة مليون، وما يزال المسلمون في تركستان الشرقية التي في الآونة الأخير قبل نحو شهرين تعرضوا لأسوء أنواع الاضطهاد والتضييق، لماذا؟
لأن الإسلام بدأ يظهر، وبدأ يخشى منه.
ونذكر بعض الشهادات التي قالها أولئك الغربيون فرنسا وأمريكا وبريطانيا، شهدوا فيها بأن المستقبل لهذا الإسلام وأن دين الله -عز وجل-، فيه ما ذكرنا من تلك الفوائد.
يقول شيرم وهو عميد كلية الحقوق بجامعة فينا في مؤتمر الحقوق عام 1927م يقول: "إن البشرية لتفخر بانتساب رجل كمحمد - صلى الله عليه وسلم - إليها، إذ رغم أميته استطاع قبل بضعة عشر قرناً، أن يأتي بتشريع سنكون نحن الأوربيين أسعد ما نكون لو صلنا إلى قمته بعد ألفي سنة - لا حظ - سنكون أسعد الناس إذا وصلنا إلى ما جاء به محمد - صلى الله عليه وسلم - من التشريعات بعد ألفي عام".
وهم اليوم يبحثون عن الإسلام بمعنى أنهم لو وجدوه، لوجدوا أنه هو الذي سيحل مشكلاتهم، كما سنذكر.
يقول الفيلسوف الإنجليزي الشهير برنارد شو قولته الخالدة: "لقد كان دين محمد - صلى الله عليه وسلم - موضع تقدير سامي لما ينطوي عليه من حيوية مدهشة.. " حيوية يعني دائم النشاط، ويقول: "وإنه الدين الوحيد الذي له ملكة الهضم لأطوار الحياة المختلفة".
يعني كل جد جديد في الحياة يستطيع هذا الدين الذي جعله الله -عز وجل- لكل زمان ومكان أن يهضم هذه التطورات، وأن يجعل لها أحكام وأن ينظمها في مجريات الحياة.
يقول: "هو الدين الوحيد الذي له ملكة الهضم لأطوار الحياة المختلفة، وأرى واجباً أن يدعى محمد - صلى الله عليه وسلم - منقذ الإنسانية، وإن رجالاً كشاكلته إذا تولى زعامة العالم الحديث فسوف ينجح في حل مشكلاته" يعني لو جاءت شريعة محمد - صلى الله عليه وسلم - وقادت العالم اليوم فسوف تنجح في حل مشكلاته.
ولسنا نحن الذين نقول هذا القول حتى يقال إننا متعصبون للإسلام، أو متطرفون في فرضه على الآخرين بل يقوله القوم، بل زعماء منهم ومفكرون، وعلماء، وفلاسفة كما هم معروفون عندهم.
المؤرخ الإنجليزي ويلز يقول في كتابه: "ملامح تاريخ الإنسانية" "إن أوربا مدينة للإسلام بالجانب الأكبر من قوانينها الإدارية والتجارية".
والمؤرخ الفرنسي سيلو يؤكد وقول: "إن قانون نابليون منقول... " يعني بعض أساسياته، طبعاً لكنهم انتفعوا بالإسلام حتى في قوانينهم الوضعية.
يقول: ".. منقول عن كتاب فقهي في مذهب الإمام مالك هو شرح الدردير على متن خليل " يعني حتى مسمى الكتاب مذكور وهو كتاب مشهور من أشهر كتب المالكية المعروفة عندهم.
واستافلو قون الذي له كتاب حضارة العرب وهو كتاب مشهور متداول مطبوع بالغة العربية يقول: "دخلت حضارة العرب في ذمة التاريخ منذ زمن طويل: "في هذه الفترة في ركود، والحضارة الإسلامية في نوع من السكون أو ربما بعض الانحدار في الفترة السابقة، قال: "ولا نقول مع ذلك أنهم ماتوا تماماً فنرى الآن ديانتهم ولغتهم اللتين أدخلهما إلى العالم أكثر انتشاراً مما كانتا عليه في أنضر أدوارهم، ولا يزال الإسلام جاداً في تقدمه، واليوم يدرس في ما عدا الجزيرة العربية في مصر وسوريا وتركيا وأسيا الصغرى وفارس وقسم مهم من روسيا وأفريقيا والصين والهند وتناول القرآن مدغشقر وأفريقيا الجنوبية، وعرف في جزر الملايو وعلمه أهل جاوا وسومطرا، وتقدم إلى غينيا الجديدة، ودخل أمريكا مع زنوج أفريقيا، ويتقدم الإسلام في الصين تقدماً يقضي بالعجب، حتى اضطر المبشرون الأوربيون إلى الاعتراف بالحدود وسيقوم الإسلام مقام البوذية ومسلمو الصين لا يشكون في ذلك... " إلى آخر ما قال: "مما يدل على أن نور الإسلام سيشع وينتشر".
ثم يذكر هو بعض الأرقام التي تؤكد على ذلك، أو التي تبين هذا في الدول وقت الشيوعية، دول التي كانت حتى ظل الشيوعية - عمل استفتاء عام 1972م في ببعض المدن الملحقة بجمهورية أوزباكستان فيعني دل هذا التحقيق أن 23% من الرجال و 20% من النساء يعلنون إلحادهم، طبعاً المفروض في دولة شيوعية أنهم كلهم ملحدون قال: " معنى هذا أن 77% من الذكور 80% من الإناث مؤمنين، بغض النظر إذا كانت لهم أصول إسلامية وتعلم الإسلام فهم مسلمين... ".
وهذا كما قلت أمر يطول كثيراً.
ثم نؤكد على المعاني التي ذكرناها أيضاً بقول بعض أولئك الغربيين، "دوقلس أرثر" يقول: "لو أحسن عرض الإسلام على الناس لأمكن به حل كافة المشكلات، ولأمكن تلبية الحاجات الاجتماعية والروحية والسياسية للذين يعيشون في ظل الرأس مالية والشيوعية على السواء، فقد فشل هذان النظامان في حل مشكلات الإنسان، أما الإسلام فسوف يقدم السلام للأشقياء، والأمل والهدى للحيارى والضالين، وهكذا فالإسلام لديه أعظم الإمكانيات لتحدي هذا العالم وتعبئة طاقات الإنسان لتحقيق أعلى مستوى من الإنتاج والكفاية".
ولا أظن كلاماً يكون أوضح من هذا، ولا أدل على المعاني ذكرناها في القرآن والسنة والبشارات والوعود من مثل هذا الذي نطق به أولئك القوم، وهذا أمر بين ظاهر.
ثم انتقل إلى الشواهد الخمسة التي ذكرناها.
قلنا أن الفطرة عندهم تصرخ وسنذكر هذا وأمثلة له ونتدرج بعد ذلك:
الفطرة تصرخ: فهذا "ناجيم راموني" من أفريقيا ولد لأبوين مسيحيين ووالديه كانا عضوين في الكنيسة البعثة المعمدانية وتلقى تعليمه في المدارس التبشيرية وبلغ العشرين وبدأ مهمته كمبشر متحمس، لكنه في يوم من الأيام عثر على كتاب عن الإسلام فاهتزت قناعاته بالنصرانية أمام صدق الإسلام، وهو يقول حتى ندرك معنى الفطرة يقول: "لم يكن لي خيار في المقارنة بين مبدأ توحيد الله في التصور القرآني، وبين اعتقادي في الثالوث كمسيحي"، الفطرة لا تقبل هذا يقولون لك أب، أم، روح القدس، ثلاثة في كذا وواحد في الأقنوم.. هذه كما يقولون ما تركت في العقل.
قيل أن بعض المبشرين كانوا في بعض البوادي يبشرون أو يحاولوا تنصير المسلمين، فكلما قالوا لهم التثليث، وثلاثة وكذا...، لم يستطيعوا أن يقنعوهم، لأنه لا يمكن أن تقنع إنسان بأن الثلاثة تساوي واحد.
فجاءوا لأحدهم بعد أن تعبوا بمنديل، قالوا هذا ماذا؟
قال هذا منديل.
قال له: واحد!.
قال: نعم.
ثم عطفه وقال له: هذا كم؟
قال: واحد.
ثم عطفه مرة ثانية وقال له: كم؟
قال: اثنين.
ثم عطفه ثالثة وقال له: كم؟
قال: ثلاثة.
ثم قال له: هذه الثلاثة واحد.
قال له: لا أنا ما أريد هذا الإله المطوطو.
بالفطرة قال هذا إله مطوطو، ويتطبق وكذا هذا لا يمكن أن يكون مقبولاً.
فهذه الفطرة جعلته يقول: "لم يكن لي عندي خيار أن أقارن بين توحيد الله -عز وجل- الواحد وهو الخالق وهو المالك، وهو المدبر، وبين ثلاثة وكلام مخلط إضافة إلى كلام الأحبار والرهبان وإلى غير ذلك من الأمور"، ثم يقول: "وجدت أن المبدأ الأخير أدنى بكثير من المبدأ الإسلامي ومن تلك البقعة بالذات، بدأت أفقد الثقة في الديانة المسيحية، على اعتبار أن الإيمان بالله -عز وجل- هو أول وأهم مبدأ في أي دين من الأديان فإذا كان إيماني بالله خاطئاً بمفهوم الدين الصحيح فمعنى ذلك أن كل نشاط آخر يصبح عبثاً، لا جدوى منه ولا معنى له"، فهذا من واقع الفطرة ومن واقع الشعور بعدم التجانس، ظهر له ذلك.
آخر عبر عن كمعنى آخر، مثلاً بعض الديانات، كالبوذية والهندوكية يجعلون من شعائر التعبد، ماذا تتصورون؟.
القذارة.
الذي يكون عندهم من كبار المترقين في هذه الديانة هو الذي لا يتطهر، ولا يغتسل، وحتى في الديانة المسيحية والمحرفة طبعاً، مذكور بعض المعاني التي تدل على هذا.
هذا رجل يعني هو طبيب فرنسي من أسرة كاثولوكية، قرأ عن الإسلام ثم أسلم لكن يقول: "إن السكوت عن طهارة الجسد الذي نجده في الأديان الأخرى غير الإسلام - لا يوجد لا وضوء ولا غسل ولا غيره - إن السكوت عن طهارة الجسد الذي نجده في الأديان الأخرى غير الإسلام، بل يخالطه كذلك شعور بالعداوة في ما يتعلق بالحياة الجسدية بالإنسان - جسد لا تطهره، جسد لا بد أن تعذبه كما في البوذية وكذا - بينما اتضح لي أن الإسلام هو الدين الوحيد الذي يتماشى مع الفطرة".
وهذا رجل أيضاً هندي اسمه "رودرك" كان نصراني ثم أسلم يقول: "الاعتقاد الإسلامي بوحدانية الله هو حجر الزاوية، بالنسبة للإسلام، وهو أقرب إلى العقل، والمنطق من مبدأ التثليث مثلاً، إذ أن فطرتي استساغة الإيمان بالله -عز وجل- الواحد" فهذا جزء مثل.
نأتي إلى أيضاً أمثلة أخرى تدل على هذا.
مواقع النشر