ذات مساء باهت ككل المساءات التى مرت بها على مدار سبعة عشرا عاما ، كان لها به لقاء وتجاذبا أطراف الحديث .. لم تعرف هي لماذا منحته مساحة بوحها على غير عادتها مع الجميع .. ربما لانه نصفها المفقود فلم تجد ما يمنعها من فتح حقيبة السنين والإلقاء بكل محتوياتها لتصبح في جعبته دفعة واحدة .. فلقد عادت الروح إلى الجسد لتدب فيه الحياة من جديد ..
لقد أيقظ ذلك اللقاء فيها الفرحة كما الجروح .. تلك الفرحة الخجولة التي اعتراها الحزن الدفين .. لا يعلم هو كمية شوقها له كم تمنت لو أن تراه حلما في منامها .. ولا يعلم كم ذرفت من دموع .. غادر مسرح حياتها كي تمثل وحدها على خشبته
أكثر المشاهد التراجيدية المؤلمة فتكون بذلك هى بطل الرواية المهزوم وهى أيضا وحدها من شاهد فصولها وعاش أدق تفاصيلها فما أصعب أن تؤدي أدوار رواية وأنت تعلم جيدا أنها لن تقرأ . وأنك وحدك المؤلف والبطل والجمهور ..
لم تكن تدرك بأن قلبها سيظل معقودا بقلبه رغم فقر اللقاء .. ولم تكن تعي بأن كل ما خطت يداها من رسائل الحب ستذوب ذات يوم ولن يبقى لها أثر ..
لم يكن لها الحبيب الذي يسمعها الكلمات المعسولة فحسب ، لقد كان الوطن الذي تستظل في ربوعه وتأنس في كنفه .. كان كل لقاء به شريان حياة يمدها بالفخر والإكتفاء عن العالم بأسره ..
لقد كان قلبها دائما حفيا به وأحضانها تحتويه بحب لا يضاهيه حب .. ولم تنسى يوما ملامح وجهه الناطق بالحب . ذلك العطوف الحنون .. ذلك الرجل الذي هز عرش قلبها وكان ولا يزال فيه النزيل الوحيد ..
كانت تعلم جيدا بأن لابد لها من لقاء به لتسطر بذلك المشهد الأخير من الرواية .. وتعلن بذلك أن أحلامها قد سقطت في بئر يوسف
وينزل الستار وتطفىء الأضواء ..
مواقع النشر