[ALIGN=CENTER]
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذه أول رواية أكتبها-عسى أن تكون رواية- ،أتمنى أن تنال على إعجابكم.
--------------------------------------------------------------------------------
" مبارك..مبارك..المولدُ ولَدْ..
اللهم لك الحمد، وكيف حال أمه ؟
بصحة جيدة..تفضّل بالدخول "
توجّه الأب إلى الغرفة بخطوات بطيئة،وفي كل خطوة يحمد الله تعالى ويتأمّل شكل ابنه الأول الذي انتظر ولادته منذ فترة...ردّد في نفسه: أُسميّه صالح بإذن الله على اسم والدي الشهيد.
عام 2002
من شهر إبريل وبعد مرور واحد وعشرين عاما على ولادة صالح حدثت سلسلة من المجازر التي تناكرها الأعداء، فلم تعد مجزرة في نظرهم !
"مجزرة جنين"....استشهدت البيوت قبل قاطنيها بعد أن تم تسويتها بالأرض بلا رحمة ولا شفقة على المستضعفين الذين تحللّت جثثهم بعدما احترقت وبقيت مدة على تلك الحال، علّ أجهزة الإعلام في العالم تنشر صورهم وتدعو ناظريها إلى الحراك !
أبا صالح: لم ينفع الاستجداء يا شهداء جنين سوى الشجب والاستنكار، وقطرات شحيحة من أعين بعض الناس !
أم صالح: أرواحكم يا شهداء جنين نورا افترشت السماء، وبقيت نفوسا حيّة تُصارع الموت تحت الأنقاض...جابت صداهم في كل حنايا قلوبنا ولكنها عادت إليهم خائبة
أبا صالح: متى سنثأر يا أم صالح ؟ متى ؟
أم صالح: ألفنا وقوع المجازر والمشتكى إلى الله وحده، وما بيدنا إلا الدعاء و........صالح !
خلع أبا صالح النظارة من على عينيه ليمسح بمعصمه دموعه الطاهرة التي ما أذرفها إلا قهرا..
أم صالح: أتراكَ نسيت وصية أباك ؟
أبا صالح: لا......أقسمتُ أن لا أنسى ،"أرواحنا للإسلام فداء"، وسيكون ابننا صالح أول الفدائيين بعدي إن كان في العمر بقية.
مرّت الأيام ما بين الأتراح والأفراح، ما بين القتل والتدمير، ما بين صراخ الأطفال وترميل الأمهات، ما بين ذبح المشاعر وتعذيب السبايا، ما بين ترهيب الشباب وترغيب العملاء، ما بين تشويه الهوية وتزييف الضمائر، وبينهم.......كبُر صالح !
كان شابا خلوقا ملتزما، يُدعى بين شباب مدينته "خانيونس" بالوضّاح لوسامته وجماله، حفِظ القرآن الكريم على يد والديْه وبمساعدة إمام مسجد" الكتيبة" أبا خالد الذي دأب على غرس حب الجهاد والاستشهاد في نفوس أبناء المدينة.
بالرغم من فقر عائلته التي تتكون من أب وأم وولد وحيد إلا أنه تابع دراسته الجامعية في قسم " الهندسة الكيميائية "، واستطاع بجدّه وذكائه التميّز على أقرانه بالتفوق المستمر حتى حصُل على منحة دراسية أهّلتُه لمواصلة دراسته....كان محبوبا بين الناس معروفا بينهم بشعره الحماسي الذي ينظّمُه في مهرجانات القسام ، وكان عضوا بارزا نشيطا في الكتلة الإسلامية التابعة للجامعة.
ما بالك يا صالح أراكَ مسرورا اليوم، ماالخبر.. هل رأيت الحور في منامك ؟
صالح: ايـــــــه يا طارق...ليتني أرى حورية واحدة في منامي.. حورية واحدة فقط
طارق: بدأت قريحتك بالاشتعال كما اشتعال شوقك لها !
صالح: أتسخر مني ؟
طارق: أبدا....لكني على علم بشوقك للجنة أكثر من اشتياق ذاك المجاهد العاشق ! وأشار بيده على أحد أصدقاء صالح..ثم ناداه من بعيد:.....حياك يا ابن الشهداء...حياك....
سعيد: السلام عليكما ورحمة الله وبركاته
صالح وطارق: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته...كيف حالك يا سعيد...منذ مدة لم نستمع لتلاوتك العطرة في المسجد، خيرٌ إن شاء الله ؟
سعيد: نحمد الله تعالى على كل حال...قبعتُ في البيت مريضا كما تقبع النساء في بيوتهن، ولم أظفر بفريسة يهودية منذ ثلاثة أسابيع !
ضحك طارق بصوت عالٍ : أرحْتهم يا رجل
لم يحتمل سعيد مداعبة طارق التي فهمها صالح أنها للترويح عن النفس، بينما سعيد المعروف بجديّته في كل الأمور فهمها على أنها سخرية...فقال له مغتاظا:
ربما أزيز الأباتشي دغدغك فضحكت...
أو منظر ذاك المعاق الذي يجلس على الرصيف طالبا الصدقة جعلك تضحك..
أو عندما سمعت بكاء أم شاهين...هل تعرفها ؟
أعتقد أنك متشرفا جدا لمعرفتها فهي جارتكم التي مثّل اليهود بإبنها، فباتت تلعق دموعها ليلا ونهارا،فضحكت على حالها !!!
طأطأ طارق رأسه خجلا ولم يتجرّأ على رفعه وهم بالإنصراف، لكن صالح لم يدع الشيطان ينزغ بينهما....فأمسك بيد طارق:
تعالَ ..تعالَ..لن تذهب يا بلسم الأرواح إلا بعد أن تعرف سرّ سعاتي..
سعيد مقاطعا: أنا آسف يا شباب لا أقدر أن أبقى هنا وقلبي يلوك وجع الأمة
صالح: هوّن عليك يا سعيد فكلنا نتألم لحال فلسطين والأمة، وهذا لا يعني أن نقتل أنفسنا حزنا أو نحظر عليها السرور والمداعبة الشريفة........ما هكذا يُصفع طارق !
طارق: أتسمع يا سعيد ما هكذا أُصفع
سعيد:نعم سمعتُ..وليتني لم أسمع لأعاود في صفعك في المرة القادمة..
ضحكا....وضحك طارق من مداعبتهما بالرغم من توجّعه هو الآخر على الحال الذي هم عليه..فطارق أسوأ حالا من صالح وسعيد بعد أن صار هو المعيل الوحيد لسبعة أخوات..ترك دراسته وهو صغير لفقر عائلته وأباه مُقعد لمرض داهمه وأمه متوفاة..يعمل في محل عمه لتصليح السيارات...ادّخر لنفسه هدفا واحدا " الشهادة "..
صالح: قبل أن أنصرف يا شباب..زارنا اليوم خالي الحبيب وأهداني هدية..كُتّيب بعنوان" حبٌ من نوع آخر"
طارق مداعبا: ستعمل خيرا إن أهديتنيها
صالح: تحلُمْ...هذه أول هدية أحصل عليها في حياتي !
سعيد: عنوان الكتيب ملفت..هلاّ أخبرتنا عن مضمونها ؟
صالح: هي عبارة عن أقصوصة تحكي عن شاب فلسطيني من مدينة عسقلان أحب فتاة يهودية تُدعى"راحيل" ولم يتمكنا من الزواج..
سعيد: غريبٌ أمر ذاك الشاب..يود الزواج من قاتلة !
مبارك لك الهدية يا صالح انصرفُ الآن.....السلام عليكما
طارق : أحلام سعيدة يا سعيد..وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
كانت جلسة شبابية ممتعة بالرغم من نظرات قطعان الجنود لهم بكل حقد، لم تتهمّهم الشتائم ولا طلقات بنادقهم، كالبدور اللألاءة يحاصرها الظلام !
يتبع إن شاء الله تعالى.[/ALIGN]
مواقع النشر