السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
قصة أعجبتني فنقلتها من إحدى مطويات: بدلها..
الكاتب: عبد الكريم الشطي
أخيرا أقلعت الطائرة إلى " بوسطن"..
تخترق الغيوم نحو هذه المدينة التي لم أزرها من قبل. ولا أدري إن كان أحسستم من قبل بارتباط شعوري بمدينة لم تروها قط، لكن حلم بوسطن كان يدغدغني منذ مراهقتي الأولى، حتى أني أحفظ شوارعها وطرقها وبإمكاني أن أتحدث مع ساكنيها عن المدينة ومشاكلها كأني محافظها..!
لا أدري كيف ترعرعت في خلايا عقلي الباطن مثل هذه الأمنية حتى تشبعت بها روحي وقاتلت من أجل السفر إلأيها ببسالة عنترة في إنقاذ عبلة.. فدخلت في صراعات مع والديّ من أجل إقناعهم بالسفر.. وحصلت على أعلى الدرجات الدراسية ليتم قبولي فيها.. وتنازلت عن الإغراءات المادية في سبيل الوصول إلى بوسطن..وها أنا قادمة يا
" بوسطن"..
في الوقت الذي كنت أفكر فيه بأن آخذ النيكروفون من كابتن الطائرة لأعلن لكل المسافرين:
رغم كل العقد الاجتماعية التي تحارب الأنثى في الخليج...
ربطي بكرسي الجامعة القريبة من منزلنا..
مريم ذاهبة إلى بوسطن!!
انقطعت تخيلاتي وسخافاتي وأنا أتحسس المظاريف الثلاثة المخبأة تحت ملابسي، فقد أعطتني إياها جدتي في اللحظات الأخيرة قبل دخولي قاعة المسافرين في المطار، ولم أتمكن من إدخالها في الشنطة، فهربتها في ملابسي.. أخرجت المظاريف الثلاثة وأنا أبتسم في قرارة نفسي، فقد شعرت وقتها وأنا أخفي هذه الظروف تحت ملابسي بأني مهربة ممنوعات! والغريب أني لا أدري ما فيها، كل ما أعرفها أن جدتي أسبلت ملح عينيها وأعطتني هذه الظروف، وقالت لي: افتحيها وقت الضيق والحاجة.
- ولكن متى وقت الحاجة إليها؟
- حينما لا تجدين أحدا يحمل همك أو يمسح كآبتك.
- وأي كآبة يا جدتي في بوسطن؟! إنها حلمي..
مسحت تلك الدمعة وهي تحاول عبثا الابتسام..
أنا مثلكم مستغربة تماما.. فجدتي إنسانة واضحة.. بل صافية جدا.. وهي من ذلك النوع الملائكي السمح.. لا أدخل عليها إلا مصلية ساجدة.. أو ذاكرة لله تالية للقرآن.. لا تتحدث بغير الخير.. كل الأمور في نظرها ماديات تافهة.. تحب المسيئين إليها بطريقة تجنني..ودائما تجد الأعذار للمخطئين والمقصرين.. لم أرَ في حياتي وجها يبعث الراحة والطمأنينة في قلوب الناس كوجهها.. أخالها من السلف الصالح حينما أراها.. ولو قدر لوجهها أن يكون حروفا.. لكاد يكون من آي القرآن.. أما اليوم فهي أول مرة أراها باكية.. فما يكون في هذه المظاريف.؟ فلوس! وصفة طعام (فهي تجيد التعامل مع القدور)!
دواء! أرقام تلفونات!! وبالرغم من شغفي الشديد. إلا أني سألزم وصيتها وسأفتحها في أقصى حالات الكآبة.
===========
يتبع بإذن الله تعالى..
منقووووووووووووووووووووووول
مواقع النشر