لجينيات - علاء محمد -
رسالة الإسلام:
رغم الهجوم الشديد على الإسلام وكل مظاهره في الدنمارك من قبل اليمين المتطرف بصفة خاصة؛
لكن يبدو أن هناك بعض الأصوات العاقلة التي ما زالت حاضرة في هذا البلد ولا تعير لهذه الأصوات المتطرفة اهتماماً.
ولعل تمكن المسلمة "أسماء عبد الحميد" مؤخراً من الفوز بمقعد
في المجلس البلدي لمدينة "أودنسة"،
ثالث أكبر مدن الدنمارك، خير شاهد على ذلك.
فقد تم انتخاب أسماء، ذات الأصول الفلسطينية، لهذا المنصب،
وذلك لما تحمله من أفكار سياسية واجتماعية تخدم المدينة ومواطنيها من كل الفئات على حد سواء.
وأصبحت بهذا الفوز أول امرأة مسلمة محجبة تحصل على هذا المنصب في تاريخ الدنمارك.
واعتبر البروفيسور الدنماركي "بيتر سيبرج" من "مركز دراسات الشرق الأوسط" أن دخول أسماء المجلس البلدي لمدينة "أودنسة"عن حزب"الوحدة" (يساري معارض) يعد "نقلة نوعية في السياسة الدنماركية".
وأضاف أن "الحجاب سوف يكون مظهراً ورمزاً قانونياً منذ اليوم حيث رحب بها أعضاء المجلس وأن الانتخابات القادمة للبرلمان قد تأتي بأكثر من مسلمة محجبة،
وعلى الدنمارك أن تعترف بحق المسلمات في ارتداء الحجاب الذي لا يعيق ديمقراطية الدنمارك".
الحكاية من البداية
وقدمت أسماء عبد الحميد إلى الدنمارك في السادسة من عمرها وعملت كمرشدة اجتماعية،
قبل أن يتم اختيارها في مارس 2006 لتقديم برنامج تلفزيوني على شاشة قناة "دي آر" الدنماركية شبه الرسمية
وذلك بالاشتراك مع الصحفي الدنماركي "آدم هولم"، لتصبح أول محجبة تظهر على شاشة التلفزيون الدنماركي.
وواجهت أسماء بسبب ذلك معارضة شديدة من جانب بعض اليمينيين، حيث طالبها بعضهم بخلع الحجاب إذا أرادت الاستمرار في البرنامج،
أو وقفه من الأساس،
فيما ذهب البعض إلى أبعد من ذلك باتهامها بالسعي
"لأسلمة المجتمع" بعد تصريحات قالت فيها
إنها "سفيرة للإسلام" بالدنمارك.
كما خاضت أسماء الانتخابات البرلمانية التي جرت في نوفمبر 2007 عن حزب الوحدة، كأول محجبة تترشح للبرلمان في تاريخ الدنمارك، ورغم فشلها في الفوز بمقعد في هذه الانتخابات، فإن عدد الأصوات التي حصلت عليها (3822 صوتًا شخصيًّا) كانت حاسمة في فوز 4 من مرشحي حزبها.
وتقول أسماء إنها لا تعير لحجابها اهتماماً خاصاً كما يفعل الإعلام الدنماركي،
وعن مصافحتها لأجنبي قالت إنها لن تفعلها وستكتفي بالتحية العادية دون اللمس.
وحول أحلامها بالنسبة لمسلمي الدنمارك،
تقول أسماء:
"الشباب المسلم في الدنمارك بحاجة إلى أن يبدأ في الحلم بمستقبل أفضل.. أتمنى على هؤلاء الشباب ألا يستسلموا للواقع المرير، وأن يكونوا أكثر تفاؤلاً وتفاعلاً بالمجتمع، فهناك العديد من الفرص في الدنمارك للشباب".كما تناشد أسماء الشباب المسلم
بأن يكون أكثر طموحاً، ويستثمر الوسائل المتاحة له على الساحة الدنماركية من تعليم مجاني وحرية في التعبير وأن يشارك بشكل أكبر في الحياة السياسية والاجتماعية.
أما عن الاندماج بالمجتمع،
فترى أسماء أن "اللغة ومعرفة عادات وتقاليد المجتمع الذي نعيش فيه أمران مهمان جدا في مسألة الاندماج"،
وتعتبر أن سياسة الاندماج "يجب أن تكون مبنية على الاحترام المتبادل وحرية الاعتقاد".
الإسلام في الدنمارك
ويشكل المسلمون البالغ عددهم 200 ألف 3% من مجموع السكان البالغ 4.5 ملايين نسمة، مما أهَّل الإسلام ليكون الديانة الثانية بعد مذهب كنيسة البروتستانت اللوثرية الذي يدين به أربع أخماس السكان.
وتسببت حكومة تحالف يمين الوسط المستمرة منذ عام 2001، في سريان موجات من الغضب والقلق في صفوف المسلمين في السنوات الأخيرة؛
بسبب موقفها السلبي من أزمة الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للرسول - صلى الله عليه وسلم -
عام 2005، وبسبب إصدارها قوانين هجرة تعد الأشد في أوروبا.
ومثل بقية الدول الغربية،
لاقى الحجاب هجوماً كبيراً في الدنمارك خاصة من قبل اليمين المتطرف.
وقد قررت الحكومة الدنماركية في مايو 2008 حظر ارتداء القاضيات للحجاب في المحاكم وكذلك اللحية بالنسبة للقضاة؛
استجابة لمطالب "حزب الشعب" اليميني المتطرف الذي ما زال يسعى لمنع ارتداء الحجاب
في جميع الوظائف العامة. وشن هذا الحزب في أبريل 2008 حملة في الصحف الدنماركية
ضد ارتداء الحجاب في المحاكم،
وقام بنشر 3 إعلانات تظهر مسلمات بلباس قضاة يرتدين النقاب مع عبارة
"يجب أن تقوم البلاد على الشريعة!".
وطالب أيضا بمنع المحاميات اللاتي يرتدين الحجاب من الترافع في المحاكم الدنماركية، باعتباره رمزًا للاستبداد وخضوع المرأة.
وفي إبريل 2007، وصف "سورن كراروب" من "حزب الشعب" الحجاب بأنه
"رمز لنظام شمولي يضطهد المرأة"
في معرض نقده لرغبة أسماء في دخول البرلمان بالحجاب
أصوات عاقلة
ورغم كل هذا الهجوم، فقد اتخذت بعض الأصوات العاقلة في الدنمارك مواقف حيادية من قضية الحجاب، فقد دافعت "بيرثه رون هورنبيك"، وزيرة الاندماج، عن حق المسلمات في الحجاب،
وحذرت في مايو 2008 مما وصفته "بالتخوف غير المبرر من الدين في المجتمع الدنماركي".
وفي أبريل 2008، أقر البرلمان الدنماركي السماح لأعضائه من المسلمات بارتداء الحجاب،
وهو الأمر الذي رفضه أيضا "حزب الشعب"،
مشيراً إلى أنه سيطعن في القرار من خلال المحكمة العليا.
اللهم انصر من أراد نصر دينك وإعلاء كلمتك
مواقع النشر