كان لقائي به العام الماضي .. زارني كما يزور غيري ،من الناس
، وعاش معي في نفس البيت كما هي عادته أن يعيش مع كل إنسان في نفس بيته !
ولقيته تلك الأيام في كل مساحة من الأرض يملؤها حباً وجمالاً كما يملؤها زهاءً وتألقاً !
أعجب شيء فيه أنه يكتب الفرحة على كل وجه
، ويأخذ القلب من الأرض ليعانق به السماء ، ويجمع شمل الفُرقاء من أزمان ليجمعهم في بساط حبه في أيام ..
كان ضيفي كما هو ضيف كل إنسان ، وكان روحي كما هو روح كل إنسان
، وكان أيامي وحياتي وقلبي وآمالي كما هو مع كل إنسان !
ثم افترقنا ...!!
وفي ليلة الفراق بكيت بكاء الثكالى ، بكيت أن كان الوداع على غفلة
، والرحلة دون استئذان .. وتمنيت تلك اللحظة أن يأخذ مني كل شيء ويعود .. لكنها الأيام .. !
وذهبت بي الدنيا في لهوها ، ونسيته ، وضاع دمع الحب في أحداث الحياة
، ولم يكن له في قلبي حنيناً كما هي تلك الأيام لحظة فراق كل حبيب ..
وفجأة ، وفي يوم من الأيام نمت من الضحى فاستيقظت على طارق يطرق الباب برفق
، يحدثني من وراء الباب أنا ضيفك الراحل عدت ..!
.. فتحت الباب فإذا بالمفاجأة الكبرى في حياتي .. صديقي الراحل من عمري ..
صديقي الذي بكيت في فراقه من عام .. حبيبي الذي ما استجمع قلبي فرحاً لمثله
، ولا دمعت عيني للقاء حبيب كدمعها في فراقه ولقائه .. صديقي الغائب ماثل أمامي بعد فرقة عام ، ماثل أمامي و في يده سراج يضيء به ليله
، ويحمل في قلبه روحاً تملأ لياليه فرحاً وحبوراً
.. رأيته هو بذاته فتعانقنا .. بكيت ولي زمن من البكاء .. بكيت وأنا أشعر أنا قلبي يكاد يطير من السرور ، وروحي تكاد تفارق جسدي من الأفراح ..
ذكرني صاحبي حديث قوم ، وذكريات آخرين ، وأعادني إلى الوراء لحظة الإفطار مع من أحب
، ولحظة اجتماع السحور مع من أحب ، ولحظات تلك الليالي التي كنا نجتمع فيها مع الراحلين بالأمس ... فيا لله ما أعظم الفرقة ! وما أشق الذكريات على أصحابها !
بكيت أن عاد صاحبي هذه الوهلة وأنا حي وغير راحل ، عاد وأنا صحيح وغيري معتل
، عاد وأنا في أجمع شمل وغيري في أرض غربة عن أهله ، أو في غياهب السجون عن أصحابه ! عاد وأنا ألبس ثوب الهداية نعمة الله تعالى وغيري يحترق قلبه ألماً
، ويعيش أقسى لحظات عمره بعيداً عن الهداية ! فكيف لي بشكر هذه النعمة ؟!
لله ياصاحبي ما أروعك ! ما أجملك في حياة من تلقاه وهو بهذه النعمة على ظهر الأرض .
هو رمضان
أختي الحبيبه
* نصوم رمضان في كل عام وهمّ أكثرنا أن يبرئ الذمة ويؤدي الفريضة
..فليكن همنا لهذا العام تحقيق نعم تحقيق معنى صومه (إيماناً واحتساباً) ليغفر لنا ما تقدم من ذنوبنا .. وهي كثيرة .
* نحرص كل عام على ختم القرآن في شهر القرآن مرات عديدة
.. فلتكن إحدى ختمات هذا العام ختمة بتدبر وتأمل ونية إقامة حدوده قبل سرد حروفه .
.
* نخص رمضان بمزيد من التوسعة على النفس والأهل من أطايب الدنيا
، فليتسع ذلك للتوسعة عليهم بأغذية الأرواح والأنفس .
* إذا أدخلنا السرور على أسرنا بهذا وذاك فلنوسع الدائرة هذا العام فندخل السرور على أُسَرٍ أخرى
.. أَسَرتها الحاجة وكبّلَتها الأعباء .
* نتصدق كل عام بقصد مساعدة المحتاجين
، فلنجعل قصدنا لهذا العام مساعدة أنفسنا التي بين أضلعنا على التخلص من نار الخطيئة بجعل تلك الصدقة اليومية خالصة لتطفئ غضب الرب .
* نحرص وإياك على اكتساب العمل النافع في رمضان
، فليكن هذا النفع متعدياً للغير بكتاب يُهدى أو نصيحة تُسدى والدال على الخير كفاعله.
* لنفسك من دعائك النصيب الأوفى ، فلتتخل عن هذا (البخل) في شهر الكرم ،
فملايين المسلمين في حاجة إلى نصيب من دعائك الذي تُؤَمّن عليه الملائكة وتقول : ولك بمثله .
* الجود محمود في رمضان وأنت أهله ببذل القليل والكثير ، فليمتد جودك إلى الإحسان لمن أساء ، وصلة من قطع.
* لنكف عن الاعتكاف إلى الناس ، ولْنكتف بالعكوف مع النفس لمحاسبتها ؛
فربما يفجأنا الموت فنحاسَب داخل القبر قبل أن نتمكن من محاسبة أنفسنا ونحن أحياء على ما فرطنا في جنب الله .
* في رمضان ، يُذكّرك الضعفاء بأنفسهم على نواصي الطرق وأبواب المساجد
، فلتذكر أنت المستضعفين من المسلمين في فلسطين والسودان وغيرها بدعائك وصدقتك.
* قدْر رمضان يتضاعف في ليلة القدر ، فهل قدّرت في نفسك أنها ربما فاتتك في أعوام خالية ؟ !
اغتنمها اليوم فقد لا تأتي بها ليالٍ تالية .
* إذا ودّعت رمضان .. أو ودّعك رمضان .. فاستحفظه ربك ، واستودعه ما عملت فيه ..
حتى لا يضيع ، فلا تدري ، لعلك لا تلقاه بعد عامك هذا.
فاللهم بلغنا رمضان و بارك لنا فيه ، وأعنا على صيامه وقيامه
، واجعلنا من عتقاء النيران . والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .
نقلته وجمعته لكم بتصرف
مواقع النشر