بسم الله الرحمن الرحيم
معنى «الْحَجّ عَرَفَة»... قالوا:
في المنتقى - شرح الموطأ - (ج 1 / ص 196):
رُوِيَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «الْحَجُّ عَرَفَةُ لَمَّا كَانَ الْحَجُّ لَا يَتِمُّ إِلَّا بِعَرَفَةَ».
وفي فتح الباري لابن حجر - (ج 18 / ص 55):
«الْحَجّ عَرَفَة» أَيْ مُعْظَم الْحَجّ وَرُكْنه الْأَكْبَر.
وفي عون المعبود - (ج 4 / ص 337):
قَالَ الْخَطَّابِيُّ: "يُرِيد بِهِ مُعْظَم الْحَجّ وَهُوَ الْوُقُوف لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي يُخَاف عَلَيْهِ الْفَوَات فَأَمَّا طَوَاف الزِّيَارَة فَلَا يُخْشَى فَوَاته وَهَذَا كَقَوْلِهِ «الْحَجّ عَرَفَة» أَيْ مُعْظَم الْحَجّ هُوَ الْوُقُوف".
وفي تحفة الأحوذي - (ج 2 / ص 435):
«الْحَجّ عَرَفَة»...
أَيْ الْحَجُّ الصَّحِيحُ حَجُّ مِنْ أَدْرَكَ يَوْمَ عَرَفَةَ، قَالَهُ الشَّوْكَانِيُّ. وَقَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ عَبْدُ السَّلَامِ: "تَقْدِيرُهُ إِدْرَاكُ الْحَجِّ وُقُوفُ عَرَفَةَ". وَقَالَ الْقَارِي فِي الْمِرْقَاةِ:
"أَيْ مِلَاكُ الْحَجِّ وَمُعْظَمُ أَرْكَانِهِ وُقُوفُ عَرَفَةَ لِأَنَّهُ يَفُوتُ بِفَوَاتِهِ".
وفي شرح سنن النسائي - (ج 4 / ص 334):
«الْحَجّ عَرَفَة»...
قِيلَ: التَّقْدِير مُعَظَّم الْحَجّ وُقُوف يَوْم عَرَفَة. وَقِيلَ: إِدْرَاك الْحَجّ إِدْرَاك وُقُوف يَوْم عَرَفَة، وَالْمَقْصُود أَنَّ إِدْرَاك الْحَجّ يَتَوَقَّف عَلَى إِدْرَاك الْوُقُوف بِعَرَفَة.
وفي حاشية السندي على ابن ماجه - (ج 6 / ص 82):
«الْحَجّ عَرَفَة»...
قِيلَ: التَّقْدِير مُعْظَم الْحَجّ وُقُوف يَوْم عَرَفَة وَقِيلَ: إِدْرَاك الْحَجّ إِدْرَاكه وُقُوف يَوْم عَرَفَة، وَالْمَقْصُود أَنَّ إِدْرَاك الْحَجّ يَتَوَقَّف عَلَى إِدْرَاك الْوُقُوف بِعَرَفَة، وَأَنَّ مَنْ أَدْرَكَهُ فَقَدْ أَمَّنَ حَجّه مِنْ الْفَوَات.
وفي فيض القدير - (ج 3 / ص 539):
«الْحَجّ عَرَفَة»...
أي معظمه أو ملاكه الوقوف بها لفوت الحج بفوته، ذكره البيضاوي...... «الْحَجّ عَرَفَة»
...أي هو الأصل والباقي تابع.
وفي عمدة القاري شرح صحيح البخاري - للعيني الحنفي - (ج 15 / ص 322):
قوله «الْحَجّ عَرَفَة» على معنى أنّ الوقوف هو المهم من أفعاله لكون الحج يفوت بفواته، وكذلك قوله يوم النحر يوم الحج الأكبر بمعنى أنّ أكثر أفعال الحج من الرمي والحلق والطواف فيه.
قلت:
هذا وغيره كثير يبين فضل يوم عرفة لأهل الموقف وعِظَم مكانته في الحج وأنّه الأصل وباقي النسك وأركان الحج تابع له.
وقيل:
ما رؤي الشيطان في يوم هو أصغر ولا أدحر ولا أحقر ولا أغيظ منه يوم عرفه. [أخرجه ابن مالك عن إبراهيم بن أبي عيلة عن طلحة بن عبد الله بن كريز مرسلا] .
وكان يقول صلى الله عليه وسلم : «يا أيّها النّاس، عليكم السكينة، فإنّ البر ليس بالإيضاع»
أي: ليس بالإسراع ...وذلك حين أفاض من عرفات.
وممّا يفوت كثير من الحجيج في عرفات دوام التلبية مع الذكر والدعاء بلا كف ولا انقطاع لأنّها خير ساعات الحج وأأمل حالات الحاج في العفو والمغفرة وكفارة السيئات، ولا يتصور أنّ عبداً أدرك من عرفات والموقف فيه مثل هذه الأمور ثمّ هو يفعل مثل ما يفعله كثير من الجهال المحرومين، الذين يردون الماء العذب الزلال وهم على مشارف الهلاك من شدة الظمأ ثم يعودون أشد ظمأً وهلاكاً والعياذ بالله، فمن ضيع عرفات فهو لكل الحج أضيع نسأل الله السلامه والعافية ...ومن هنا ينبغي أن
في ذلك اليوم أعلم أنّه يجب أن يكون حالك بين خوف صادق ورجاء محمود كما كان حال السلف الصالح.
والخوف الصادق:
هو الذي يحول بين صاحبه وبين حرمات الله تعالى وحدوده، فإذا زاد عن ذلك خيف منه اليأس والقنوط.
والرجاء المحمود:
هو رجاء عبد عمل بطاعة الله على نور وبصيرة من الله، فهو راج لثواب الله، أو عبد أذنب ذنباً ثم تاب منه ورجع إلى الله، فهو راج لمغفرته وعفوه.
فينبغي علينا أن تجمع في هذا الموقف العظيم وفي هذا اليوم المبارك بين الأمرين:
الخوف والرجاء، فتخاف من عقاب الله وعذابه، وترجو مغفرته وثوابه، وتؤمل في فيض رحماته أن يكون لك منها وفيها أكبر نصيب وألاّ تكون من المحرومين ... والعياذ بالله تعالى.
فهنيئاً لمن وقف بعرفة فغفر له وعفى عنه..... وعندئذ....
هنيئاً لمن رزق بحجة في هذه السنة و الوقوف بعرفة بجوار قوم يجأرون إلى الله بقلوب محترقة ودموع مستبقة، فكم فيهم من خائف أزعجه الخوف وأقلقه، ومحب ألهبه الشوق وأحرقه، وراج أحسن الظن بوعد الله وصدقه، وتائب أخلص لله توبة صادقه، وهارب لجأ إلى باب الله ورحمته، فكم هنالك من مستوجب للنّار أنقذه الله وأعتقه، ومن أثقلِ الأوزار فكه وأطلقه، وحينئذ يطلع عليهم أرحم الرحماء، ويباهي بجمعهم أهل السماء، فعن عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُبَاهِي مَلَائِكَتَهُ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ بِأَهْلِ عَرَفَةَ فَيَقُولُ انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي أَتَوْنِي شُعْثًا غُبْرًا»
،،،،،،،
اللهم اكتب لي ولجميع المسلمين حجة قبل الممات
هذا وبالله التوفيق وعليه السداد والرشاد.
منقول للفآئدة
تحيآتي.
مواقع النشر