[جاءني طيفك في المنام)
هناك حيث كنت أدرس، بل كنا ندرس سويةً، في جامعتهم، حيث كان اللقاء، كان الفراغ مهيمنا ً على أنواء الموقف، وإن عج الأقران والأصحاب، حتى رمقتها... وحدقت العيون ببعضها من مسافة يصعب على المرء أن يسمع خليله منها، ولكنها لغة القلوب، أجل، تسمع نظرات العيون... وتبصر فهمها... لم تكن نظرات عابرة... لا بل كانت محدقة تنطوي على التفحص والتمحيص والإنعام والإمعان... هكذا كانت، نظرات مستعلمة مستفهمة... نظرات لم تكن لغيرها ولا بعدها ... ولكنها أجل، القلوب... تبدي ما في القلوب... وتفضح ما في الأذهان... حتى ، ومن غير إذن ولا حساب، أمطرت لؤلؤاً... في حين تنتابني غياهب الوحشة هناك... وأنا لا أملك جمعاً لتلك الدرر الساقطة من العيون... التي أورقت على صفو الحياة وما عرفت ظلام الخبث... وحيداً، لست أعرف منها قرباً يصوغ على همسات المحبة جداراً، كما يطوقها بعيداً عن أشواك الجهل وظلام الإرعوائية المقيتة... حينها... أفلتت مني عيناي، وما استطعت لذاك النظر جلباً... وقمت من فوري... وأنا أقاسي الهم في معترك صدري... جازعاً فرقاً مما قد بدا من تلك النرجسيات، غير قادر على احتواء وانطواء سبب سكبها لتلك الدرر، أكانت تلك عبرات شوق؟ أم عبرات حزن؟ أم عبرات ضيق وهم خرج من القلب؟ أم كانت عبرات فرح ٍ بالالتقاء؟ وإن لم تجتمع القلوب يوما ً هناك... فكيف لها... والأغرب ... أنها لم تنطق بحرف ولم تومض بهمسة؟ يا ويحيا... أجل هناك... هناك نهضت من نومي، والحنونة تبسمل... " اسم الله عليك... اشرب الماء" وهي تربت على رأسي... وإن ناجزتها الكلمات العداء لوالدتي ... وأطبقت من صمت ... حتى إذا ما انقشعت غيوم ما خبرت في ليلتي... رحت متأثرا ً أقول:
ومن حاز النساء بغير ألم ٍ ... يهون عليه تطليق النساء ِ
مواقع النشر