(الشهيد)
أي: المطلع على جميع الأشياء.
سمع جميع الأصوات ،خفيها وجليها.
وأبصر جميع الموجودات، دقيقها وجليلها، صغيرها وكبيرها.وأحاط علمه بكل شيء. الذي شهد لعباده ، وعلى عباده، بما عملوه.
قال الشيخ السعدي رحمه الله تعالى:
(الرقيب )و (الشهيد) مترادفان ، وكلاهما يدل إحاطة سمع الله بالمسموعات ، وبصره بالمبصرات، وعلمه بجميع المعلومات الجلية والخفية ، وهو الرقيب على مادار في الخواطر، وما تحركت به اللواحظ.
ولهذا كانت المراقبة التي هي من أعلى أعمال القلوب هي أن حركاته
الظاهرة والباطنة قد أحاط الله بعلمها، واستحضر هذا العلم في كل أحواله، اوجب ذلك حراسة باطنه عن كل فكر وهاجس يبغضه الله،وحفظ ظاهره عن كل قول أو فعل يسخط الله ، وتعبّد بمقام الإحسان ،فعبد الله كأنه يراه، فإن لم يكن يراه فإن الله يراه.
فإذا كان الله رقيبا على دقائق الخفيات ’مطلعا على السرائر والنيات، كان من باب أولى شهيدا على الظواهر والجليات، وهي الأفعال التي تفعل بالأركان أي الجوارح.
(الحفيظ)
قال الله تعالى: { إِنَّ رَبِّي عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ }هود57
(للحفيظ ) معنيان:
احدهما: انه قد حفظ على عباده ما عملوه من خير وشر وطاعة ومعصية ، فان علمه محيط بجميع أعمالهم ظاهرها وباطنها ، وقد كتب ذلك في اللوح المحفوظ، ووكل بالعباد ملائكة كراماً كاتبين" يعلمون ما تفعلون" فهذا المعنى من حفظه يقتضي إحاطة علم الله بأحوال العباد كلها ظاهرها وباطنها وكتابتها في اللوح المحفوظ وفي الصحف التي في أيدي الملائكة، وعلمه بمقاديرها ، وكمالها ، ونقصها ،ومقادير جزائها في الثواب والعقاب ثم مجازاته عليها بفضله وعدله.
المعنى الثاني:من معنى الحفيظ انه تعالى الحافظ لعباده من جميع ما يكرهون، وحفظه لخلقه عام وخاص.
فالعام: حفظه لجميع المخلوقات بتيسيره لها ما يُقيتها ويحفظ بنيتها ، وتمشي إلى هدايته والى مصالحها بإرشاده وهدايته العامة التي قال عنها:{قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى }طه50
أي هدى كل مخلوق إلى ما قدر له وقضى له من ضروراته وحاجاته ، كالهداية للمأكل والمشرب والمنكح والسعي في أسباب ذلك ،وكدفعه عنهم أصناف المكاره والمضار وهذا يشترك فيه البرّ والفاجر بل الحيوانات وغيرها ، فهو الذي يحفظ السماوات والأرض أن تزولا ، ويحفظ الخلائق بنعمه .
الخاص:حفظه لأوليائه سوى ماتقدم، يحفظهم عما يضر إيمانهم أو يزلزل إيقانهم من الشبه والفتن والشهوات، فيعافيهم منها ويخرجهم منها بسلامة وحفظ وعافية، ويحفظهم من أعدائهم من الجن والإنس، فينصرهم عليهم ويدفع عنهم كيدهم ، قال تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ }الحج38
وهذا عام في دفع جميع ما يضرهم في دينهم ودنياهم ، فعلى حسب ماعند العبد من الإيمان تكون مدافعة الله عنه بلطفه.
(اللطيف)
قال الله تعالى:{اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ العَزِيزُ }الشورى19
وقال تعالى:{لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ }الأنعام103
(اللطيف)من أسمائه الحسنى ، وهو الذي يلطف بعبده في أموره الداخلية المتعلقة بنفسه، ويلطف بعبده غي الأمور الخارجية عنه ،فيسوقه ويسوق إليه ما به صلاحه من حيث لايشعر .وهذا من آثار علمه وكرمه ورحمته، فلهذا كان اللطيف نوعين:
1- انه الخبير الذي أحاط علمه بالأسرار والبواطن والخبايا والخفايا ومكنونات الصدور ومغيبات الأمور وما لطف ودق من كل شيء.
2- النوع الثاني :لطفه بعبده ووليه الذي يريد أن يتم عليه إحسانه ، ويشمله بكرمه ويُرقِّيه إلى المنازل العالية فيسره لليسرى ويجنبه العسرى، ويجري عليه من أصناف المحن التي يكرهها وتشق عليه وهي عين صلاحه والطريق إلى سعادته ، كما امتحن الأنبياء بأذى قومهم وبالجهاد في سبيله .
فكم لله من لطف وكرم لاتدركه الافهام،وكم استشرف العبد على مطلوب من مطالب الدنيا من ولاية ، أو رياسة أو سبب من الأسباب المحبوبة فيصرفه الله عنها ويصرفها عنه رحمةً به لئلا تضره في دينه ،فيضل العبد حزينا ً من جهله وعدم معرفته بربه ، ولو علم ما ذخر له في الغيب وأريد إصلاحه فيه لحمد الله وشكره على ذلك ، فإن الله بعباده رؤوف رحيم لطيف بأوليائه.
مواقع النشر