التنافس في الدنيا

[التجاره الرابحه]

تخوف النبي على أمته التنافس في الدنيا

حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بنُ وَضَّاحٍ قالَ: حَدَّثَنا أبو بكرِ بنُ أبي شَيْبَةَ قالَ: حَدَّثَنا شَبَابَةُ عَن لَيْثِ بنِ سَعْدٍ عن يزيدَ بنِ أَبِي حَبِيبٍ عن أبي الخَيْرِ عن عُقْبَةَ بنِ عَامِرٍ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: إِنِّي - والله - ما أَخَافُ عَلَيْكُم أَنْ تُشْرِكُوا بَعْدِي، ولَكِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُم أَنْ تَنَافَسُوا فيها .

نعم في الدنيا، وهذا أيضا في الصحيحين، قوله عليه الصلاة والسلام في الصحيحين: إني والله لا أخشى عليكم الفقر، ولكني أخاف أن تنافسوا في الدنيا كما تنافس فيها من كان قبلكم، فتهلككم كما أهلكتهم وهذا -سبحان الله العظيم- هذا الذي يتخوف عليه النبي صلى الله عليه وسلم هو واقع الآن التنافس في الدنيا حلالها وحرامها وشبهاتها التنافس فيها، وهذا هو الذي أضر بالناس من قبلنا وبأمم من قبلنا وأهلكهم.
وأما الفقر فيقول: "لا أخشى عليكم" وهو لا يقول: "لا أخشى عليكم الشرك" بمعنى أنه لا يكون شركا عاما إلا عند خراب الناس في آخر الدنيا، كما قال عليه الصلاة والسلام من مكة: لا هجرة بعد الفتح بمعنى أن مكة لا يصبح فيها شرك هو الطاغي هو المسيطر بحيث يضطر المؤمن أن يهاجر منها، في مكة خاصة لا يضطر المؤمن أن يهاجر من مكة حتى لو غلب أهل التصوف أو أهل الشرك، لكن المؤمن له فسحة ما يضايق بحيث يضطر إلى الهجرة، لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية وأما الهجرة عامة فإنها لا تنقطع إلى يوم القيامة.
وانظر أن التنافس في الدنيا هو سبب كل خطيئة، وسبب كل شر، التنافس في الدنيا، ما قطع الأرحام وما أتى بالبغضاء إلا التنافس في الدنيا والحرص عليها، وما أتى بالحسد والبغضاء إلا التنافس في الدنيا والتنافس في هذه الأمور، وأنتم رأيتم كيف أضر بالناس، ولذلك لما فتحت الأمصار، وفتح فارس، وأتي بذهب كسرى، وأتي بتاجه وأتي بسواريه أتي بذهب عظيم جدا لعمر ابن الخطاب رضي الله عنه وبسطوه في المسجد، تعرفون الصحابة ما عندهم تكلف، بسطوا نطع فراش المسجد ونثروا الذهب عليه هذا، ذهب عظيم كومة عظيمة جدا، ذهب أحمر ملكهم الله عز وجل، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: إني أعطيت الكنزين الأحمر والأبيض -يعني الذهب والفضة- وجعلت خزائن الأرض مفاتحها بيدي .
فالمقصود لما وضعوا هذا الذهب العظيم يتلامع في المسجد أراد عمر أن يوزعه، بكى عمر رضي الله عنه فقال بعض من حضر: يا أمير المؤمنين كيف تبكي في يوم أعز الله فيه الإسلام وأهله، وأرانا ما يفرحنا من عدونا من الفرس، وأتى الله بهذا المال، كيف تبكي؟ قال: إني لا أبكي لما تذكر، ولكن هذا الأحمر الأبيض ما أتى به القوم إلا تقاطعوا، ما أتى به القوم إلا تقاطعوا، وحصل بينهم الشحناء والبغضاء، فالناس كانت قلوبهم سواء ومجتمعين في السراء والضراء، فإذا جاءت هذه الأموال تنافسوا وتقاطعوا كما سيأتي الآن في الأحاديث.
الحالق تحلق الدين، فساد ذات البين، وهذا أمر مشاهد، حتى هنا في هذه البلاد قبل عشرين سنة أو أكثر أو ثلاثين سنة كان الناس في خير حال، وإن كان الدين عندهم أقل لكن كانوا مجتمعين في أحيائهم وأسرهم، فلما جاء ما يسمى في هذه البلاد بالطفرة رفعت أقواما وبقي آخرين في مكانهم، تقاطع الناس، اختلفوا حتى في الأحياء وأصبح لو يخطب الإنسان ابنة أخيه لابنه هو، إذا كان هو وضع المال بأقل من أخيه وأخيه فتح له من الدنيا تجده ما يجوز ابن أخيه؛ لأنه يقول: ليس بمستوانا، وهو ابن أخيه، يقول هذا: نحن أغنياء وهؤلاء فقراء.
فتقاطع الناس تقاطعوا بسبب المال، فالنبي صلى الله عليه وسلم ...... ليتخوف التنافس في الدنيا والتحاسد عليها، والدنيا ليست المال فقط كما ذكرنا، حتى التنافس في الشهرة، التنافس في المنصب، التنافس في الجاه يقطع الناس ويفسد الدين عليهم. نعم.

الشيخ عبدالرحمن بن صالح الحجي من شرحه كتاب التحذير من البدع لابن وضاح في جامع ابن تيمية
لا نقول لاتتنافسوا؟

لكن تنافسوا بشرف
وأمانة
وتحري
واستحضار مراقبة الله
وفق الله عباده المخلصين
وبلغهم مرادهم

[سعادتي طاعة ربي]

[سما1991]

جزاك الله خيرا

[زهور 1431]

اختيار رائع وموفق بارك الله فيك
جزاك الله خيرا وجعله في ميزان حسناتك