بسم الله الرحمن الرحيم



الحمد لله لا نحصي ثناء عليه هو كما أثنى على نفسه سبحانه إذا أحب أكرم وإذا أتُقي علّم وإذا خُشي سلّم وإذا عصاه العاصي فهو يحلم، فإذا تمادى استدرجه من حيث لا يعلم، فإذا غضب ما أشد أخذه حين ينتقم، وإذا أحب عبداً ضعيفاً صغيراً بين العبيد نادى في السماء يا جبريل إنّـي أحبُّ فلانْ..



فسبحانه ما أعظمه وسبحانه ما أكرمه وأصلي وأسلم على خير هادي وخير معلم نبينا عليه وعلى آله أفضل الصلاة وأتم التسليم أما بعد ..


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اخوتي سؤال نبدأ به هذه المحاضرة.



من هو الله الذي نعبده من هو ؟ الآمر من هو ؟



( الله نور السماوات والأرض )



الله .. خالق كل شيء الطيور في السماء الحشرات تحت الأرض والأسماك في البحار وأنا وأنت من خلقنا إلا هو ما تركنا ولا تركهم سداً..



( الله خالق كلشيء وهو على كل شيء وكيل )



الله .. ( بديعالسموات والأرض وإذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون )



سبحانه ما أعظمه !! .. هل أحبه وهل تحبه أنت ؟! هل تحبه ؟!


طبعاً الإجابة واضحه وتلقائيه من صغير أو كبير وذكر أو أنثى: نحب الله.


لمّا كثر المدّعون بمحبة الله عزّ وجلّ ما من مرأة إلا وتقول أنا أحبه، وما من رجل إلا ويقول إنّي أحبه، وما من صغير إلا ويرفع يديه إلى السماء ويقول أحب الله.



رأى الله عزّ وجلّ هؤلاء الكثرة وهم يدّعون فأراد سبحانه أن يفصل بين الأبيض والأسود بين الحق والباطل بين الخبيث والطيّب فأنزل آية تسمى (آية الإمتحان) قال الله عزّ وجلّ فيها:



( قل إن كنتم تحبّون الله فاتبعوني يحببكم )



لمّا نزلت هذه الآية تأخر الكثير وبقي القليل بقي القليل تقدموا بعزة وشرف.


( وإن تطع أكثر من في الأرض يضلّوك عن سبيل الله ) يعني لا يحبهم.


فالكثير خرجوا من دائرة الحبّ، صحيح أنهم يُحِبُّونَ ولكنهم لا يُحَبُّون ومن السهل أن تُحِبّ لكن ليس من السهل أن تُحَبّ، فأناس قليل ارتقوا من منزلة المحِبّين لله إلى منزلة المُحَبّين من الله عزّ وجلّ ( وقليلمن عبادي الشكور ) ..



كم رصيدك عند الله ؟! لا يقدر الجبار من لا يقدره ..


كم رصيدك عند الله من قراءة القرآن تدبراً وتفهّماً ؟!


كم رصيدك عند الله من النوافل بعد الفرائض ؟!


كم رصيدك أنت لا تنظر إلى غيرك والله ما في عندي وعندك ما يشغلني ويشغلك عن غير الله


كم رصيدك في إيثار محابه سبحانه على محابك ؟!


لأن الكثير يظن أن العبادة وأن الشرك هي بمجرد الاضطراح بالسجود لصنم أو التملق عند قبر، لا والذي نفسي بيده، أجمع العلماء وقالوا:


وليست العبادة محصورة بالتوسّل إلى صنم أو بالتقرب إلى صالح من الصالحين، ولكن العبادة أصلها في المحبة، اسمع قول خالقنا وبارئنا سبحانه حين يقول ويثبت هذه القضية: ( ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا ) ما قال يعبدونه ( يحبّونهم كحب الله ) هؤلاء ما هم بمؤمنين !


( والذين آمنوا أشد حباً لله ) مثال على هذه المحبة وهذا الشرك:



إيثار هوى النفس وعبادة الهوى وتفضيله عن عبادة الله عزّ وجلّ وطاعته انظر ماذا قال الله عزّ وجلّ:


( أرأيت من اتخذ إلهه هواه ) يراه الله عزّ وجلّ يقول هذا ما يعبدني هذا يعبد هواه يقول له الله عز وجلّ : ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ) وهواه تقوله انظر فينظر فيقول الله: هذا ما يعبدني هذا يعبد هواه ( أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلاً * أمتحسب..) أم تحسب يا محمد وهو سبحانه الذي يعلم السرّ وخائنة الأعين وما تخفي صدورهم (..أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون )



في البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال رسولنا صلى الله عليه وسلم: " إذا أحب الله عبـد.." مالذي يحصل ؟! نادى العظيم نادى الملك نادى الواحد القهّار في السماء "قال الله عزّوجلّ: يا جبريل إني أحب فلان" وهذا صغير لا يعلم ضعيف بين الخلق، قد لا يأبه فيه، لكنه عند الله عظيم..



فينادى جبريل : يا أهلالسماء" فإذا بسبعون ألف ملك يطوفون في البيت المعمور وإذا بالسّجد الركّع ما فيها موضع شبر إلا وأحد هؤلاء الملائكة يسمع النداء وهو ساجد، والآخر وهو راكع


( والصافات صفاً ) صافون الكل يسمع النداء، وحملة العرش، كما جاء عند أبي داود من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه وعند الطبراني في الأوسط من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه حين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم واستشعر هذا الحديث حين يصف بأبي هو وأمي يوم رأى النار ورأى الجنة ورأى الملائكة ورأى إبراهيم ورأى موسى قال: " أذن لي أن أصف أحدحملة العرش، ما بين شحمة أذنه إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام -أنا وأنت أربع أصابع لكن هذا الملك لو أذن الله عزّ وجلّ له من حجمه أن يلتهم السماوات والأرض التي حملتنا في لقمة واحدة لفعل الملك المقرّب !! - قدمه فيأسفل الأرض وعلى قرنه العرش "



فيلتفتون وهم ثمانية من حملة العرش يسمعون هذا النداء وهذا العبد لا يعرف ضعيف قد يكون خارج في مشوار له!



فينادى جبريل على مسامعهم كلهم الذي أنتم سجّد لأجله والذي حملتهم عرشه والذي طفتم بالبيت المعمور من أجله خالقهم الذي تخافونه وتسبحونه بالليل والنهار يحبّ فلان ! اللهم اجعلنا منهم ، يحب فلان فأحبوه فيحبه الملائكة و كل من في السماء فيستغفرون له ويدعون له في كل يوم، فيوضع له القبول في الأرض



( إن الذين آمنوا و عملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودّاً ) أي وداً في الأرض وقبولاً في الأرض.


أسألك بالله وخذ مني دقيقة أنا وأنت نفكّر بها ونسترجع الذاكرة، هل تذكر في عمرك أنك لما سمعت هذا الحديث وعلمت أنه كلام الله عزّ وجلّ بلّغه من لا ينطق عن الهوى، وعلمت بصحة هذا الكلام.



هل حملته هذا الهم أن يذكر اسمك في السماء ؟! بصراحة كن صريحاً فما أجمل الصراحة، هل جلست في يوم تفكر كيف أصل إلى مرحلة وخريت ساجد لله عزّ وجلّ اجعلني ممن تذكرهم في سماءك إني أحبهم ؟! هل تذكر في يوم ؟!



من عظمته سبحانه ولطفه وكرمه بهذه المخلوقات معاشر النطف الذين كانوا تراب أعطاهم فرصة أن يصلون إلى هذه المنزلة، وأعطانا نماذج وها أنا ذا أذكر لكم من هذه النماذج :-



شباب صغار ما كانوا أنبياء ولا كانوا رسل ولا كانوا ملائكة شباب صغار، أصحاب الكهف لما حملوا هذ الهم وتلجلج في قلوبهم هم أن يذكر الله أسماءهم ويحبهم، يقول ابن كثير: أنهم كانوا من أبناء ملوك الروم، فكانوا بحليّهم شباب يسكنون القصور، متى ما أرادوا شيء يمثل أمامهم كل طلب.. نساء خمور زينة غناء كل ما يطلبونه يجدوه .. فرش ممهدة .. ونمارق ..



فلمّا كان في يوم من أيام عيدهم خرجوا هؤلاء الشباب مترفين، فرأوا الناس هذا يسوق معه شاة ويذبحها لذاك الصنم، والآخر يبكي يدعو ذاك الصنم الآخر، والآخر الأبعد هناك يتملّق ويدعو راجيا هذا الصنم، نظروا إلى السماء مزينة بالكواكب ما لها من فطور من الذي رفعها ؟! نظروا إلى الجبال قد نصبت من الذي نصبها ؟! نظرة إلى الأرض من الذي بسطها قالوا: والله ما هؤلاء بأحق من عبادة خالق الأرض والسماء.



فخرج أحدهم غاضب ثم نام تحت ظل شجرة، فإذا بالآخر يأتي والثالث والرابع حتى كانوا سبعة، وقال ابن عباس ( ما يعلمهم إلا قليل ) قال: أنا من القليل رضي الله عنه.. هم سبعه وثامنهم كلبهم..



قال فلما استيقظ إذا به ينظر ستة شباب بجانبه فأحس بالخوف والوجل، وإذا بالثاني يقوم و الثالث يقوم، لا يعرفون بعضهم، فقال واحد: والله ما أخرجكم إلا أمر فليبح كل منكم بسره!


تجرأ أحدهم وقال: والله إني رأيت قومنا يذبحون لمن لا يستحق الذبح له، ويدعون من لا يستحق الدعاء، ويتملقون ويدعون ويبكون عند من لا يستحق البكاء والدعاء.



فرجعوا فلّما وُشِيَ بهم إلى الملك إذا به يأمر الجلادين، وإذا به يحضر هؤلاء الفتية الصغار يدخلون على هذا الملك تخيل وهو في قصره والجلادون من حوله والسياط معهم والسيّاف يترّقب ..أول ما دخلوا الباب وهو يسألهم يريد أن يخوّفهم ويدبّ الرعب في قلوبهم: ما خطبكم هل صبأتم ؟! فإذا بهم يردون يعلمون أن هذا الرد والإجابة نهاية حياتهم، يعلمون أن ما عند الله خير وأبقى، ما هو الرد وما هي الإجابة



( فقالواربنا رب السماوات والأرض لن ندعوا من دونه إلـهاً لقد قلنا إذاً شططاً )



تخَوّفنا بالجلادين إن شئت تقتلنا اقتلنا يلمّنا سبحانه من خلقنا ويجازينا خير الجزاء..


فأمر بالزينة ونزعت منهم والحلي ، ما فيه قصور بعد اليوم ! ولا في حلي ولا رخاء ولا متعة ! ما ضرّهم ذلك ما دام حب الله في قلوبهم ما دام الهدف أن يحبنا رب الأرض والسماء لا ضير انزع ما تنزع فما عند الله خير وأبقى.. ثم أمهلهم وأنظرهم إلى مهله، حيث يرجعون، في هذه المهله هربوا.. بالله تصّور معي واستشعر معي هذا الموقف:



خرجوا الآن صحراء قاحلة ماذا تركوا؟! تركوا أهلوهم وتركوا القصور والعيش الرغيد والفرش الممهدة والإخوان والأصدقاء لماذا كل هذا ؟! لوجه الله، ما أحد أمرك أن تترك أهلك؛ لأن من الناس من يقول: والله ما قدر أترك أصدقائي فيفضّل أصدقائه على الله عزّ وجلّ وهو لا يدري أنّه فرّط..


يعرف إذا بلغت الحلقوم هناك أنه فرّط !!..



فإذا بهم يخرجون تخيّل حالهم.. يلتفتون عن اليمين وإذا بالجبال الصمّ الشمس محرقة.. يلتفتون جهة الشمال.. إذا بصحراء قاحلة وجفاف .. فتيّة .. ما معهم معين من الأرض .. ولا معهم غذاء و لا وجبة واحدة، لما رأوا ضعفهم رفعوا الرؤوس إلى السماء ورفعوا الأيدي وهم في حالة رعب، يعلمون مصيرهم إذا اكتشف أمرهم، فرفعوا الأيدي ( ربنّا آتنا من لدنك رحمة ) ربنا لا نملك شيء لكن ربنا لا نريد إلا رضاك ، (.. وهيء لنا من أمرنا رشداً) ما نعرف أين نذهب ولا معنا وجبة نأكلها يا رب لكن والله لو عمّرتنا مئات السنين لا نعبد إلا أنت..



اطّلع الله عزّ وجلّ إلى القلوب فإذا بها تفيض حباً لله وصدق وتقوى، انظر قول الله عزّ وجلّ صادقة معه ربط عليها ماذا قال الله عزّ وجلّ ( وربطنا على قلوبهم إذا قاموافقالوا ..) ركّز مع الكلمات هذه مفردات القرآن ليست عبث، إذا قاموا فقالوا .. ما قال الله عزّ وجلّ إذا قالوا فقاموا هنا فائدة وحكمة عظيمة..قاموا وتركوا مكان المعاصي ومكان ما يغضب الله عزّ وجلّ وفعلوا السبب ثم توجهوا إلى الله بعدها رفعوا أيديهم .. هل عرفت لم السبب ؟! ما هو جالس ببيتهم يقول: لا والله بيهدينا الله ..!! أمورنا طيبة الحمد لله أحسن من غيرنا ..لا قاموا ..



(..ربنا رب السماوات والأرض لن ندعوا من دونه إلهاً لقد قلنا إذاشططاً )



ماذا فعل الله عزّ و جلّ بهم، الله يعدك سبحانه وعد وشرط في كل آية هناك شرط و وعد، مثال: الله عزّ وجل يقول: ( ومن يتقالله..) هذا شرط (..يجعل له مخرجاً ) هذا وعد حقق الشرط خذ الوعد..


(ومن يتوكل على الله..) شرط (..فهو حسبه).. حقق الشرط خذ الوعد..


( إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين ) هل حققوا الشروط هم ؟!


اتقوا: فخرجوا وجعلوا بينهم وبين عذاب الله وقاية بترك المنكرات وفعل الطاعات توجهاً إلى الله..


صبروا: لا غذاء ولا أموال خسروا الدنيا لا ضير.


توكلوا على الله، هل حقق لهم الوعود أم لا ؟! ( ومنأحسن من الله قيلاً ) ؟! (إن الله لا يخلف الميعاد )



( وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إلا الله فأواإلى الكهف..)


ما هو بقصر! لكن كهف والله يحب أهله خير من ملايين القصور والله غاضب على أهلها (.. ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيء لكم منأمركم مرفقاً)



الآن نجحوا في الاختبار انظر إلى الوعود، ماذا فعلت فيهم الرحمة التي نشرها الله في هذه الكهف، هل تستطيع أن تدخل كهف أنت وزملائك ظلام؟! ادخل كهف في النهار ظلام ما تستطيع أن ترى إلا بمصباح أو سراج، وتخاف وأنت تدخل ترتقب إما أفعى أو عقرب وهوام هذا الكهف مختلف، لما نشر الله فيه الرحمة اختلف، صار هذا الكهف يهتم فيه من قبل الكواكب ومن قبل الأرض نفسها أكثر من الأرض ؛ لأن فيه شباب صغار يحبهم خالق الأرض !.



تعرف الشمس .. كم يقول علماء الفلك في حجمها ؟! قال علماء الفلك: أن الشمس أكبر من كوكب الأرض بمليون وثلاثمئة ألف مرة !! هذه الشمس بكبرها لما أحب الله هؤلاء الفتية هي ما تملك إلا أن تحبهم، انظر ماذا قال الله ما أعظمه ( وترى الشمس إذا طلعت..) ما تأبه في الأرض بكواكبها وبقارتها وبمحيطاتها وببحارها ما تأبه بالأرض، ما يهمها من الكرة الأرضية إلا هذا الكهف (..تزاور عن..) عن ايش ؟! عن الكرة الأرضيّة ؟! (..كهفهم ذات اليمين..) زيارة حتى تعطيهم الأشعة التي يحتاجونها بدون أذى ما تطيل الوقت والزمن عليهم حتى لا تؤذي أجسامهم، تكفلت الشمس أن تدخل هذه الأشعة إلى جوف هذا الغار وهذا الكهف من بين كهوف الدنيا، ليه ؟! لأن الله يحبهم..



اخوتي كم لبثوا في الكهف ؟! ( ولبثوا في كهفهم ثلاثمئة سنين وازدادوا تسعاً ) 309 سنين لو عاشوا أسبوع من اللي بيأكلهم ؟! ما معهم وجبة واحدة، وجبة واحدة أرعبت قلوبهم قالوا: ( فليأتكم برزق منه وليتلطف ولا يشعرن بكم أحداً إنهمإن يظهروا عليكم يرجموكم ) أشنع أنواع القتل!!..



لو عاشوا أسبوع من اللي بيأكلهم ؟ أول ما شاف القلوب وجلة قال: ( فضربنا علىآذانهم في الكهف سنين عدداً ) سبحانك ما أعظمك !..



عندنا مريض في المستشفى توفي عليه رحمة الله، رأيته قبل شهر يا إخوان جلس عندنا شهر ونصف، والله من كثر الاستلقاء على الأرض تموت الخلايا تتحول إلى صديد -أعزّكم الله- فيتساقط الجلد، الممرضات يقلبونه كل ساعتين بجداول معينة دقيقة كل ساعتين يقلّب، ومع ذلك والله إن الرأس قد حُفِرْ حفرة في الرأس الطبقة الخارجية أزيلت تماماً، وسقطت على الوسادة..


طيب هؤلاء..هذا شهر ونصف وسقط جلده وحفر رأسه.. 309 سنين! هذا على مفارش من أسفنج لينه ناعمة تغير له الفرش والوسائد كل يوم هؤلاء على حصى وتراب .. 309 سنين ! ما بالهم ما حفرت أجسادهم!



( ونقلبهم ذاتاليمين..) حتى لا تبلى أجسادهم (.. وذات الشمال ) لِمَ لَمْ تأكل الأرض أجسادهم؟ لماذا لمّا استيقظوا ما لاحظ أحدهم على الآخر أي تغير قالوا: كم لبثنا قالوا: لبثتم يوماً أو بعض يوم ، ما فيه تغير، هذا هو الله إذا أنجز وعده لمن يحبه سبحانه، أرض تحبهم.. سماء تحبهم.. شمس تحبهم.. وكل ما في الكون يحبك إذا أحبك الله عزّ وجلّ..فهل حملت هذا الهم ؟!



309 سنوات هل صام واحد منهم يوم الخميس أو أي يوم ؟! هل في واحد منهم سجد لله سجدة أو قام في الليل ركعة ؟! هل في واحد منهم قال استغفر الله لا إله إلا الله ؟! لا لأن الله لا يحتاج هذه العبادة هي صدق واختبار إذا اجتزت هذا الاختبار تهنأ في الدنيا والآخرة لكن أين من ينجح في هذا الاختبار ؟


أخي لا يغرك كثرة الهالكين، ولا تستوحش بقلة السالكين وقلة الناجين، ولو أعجبك كثرة الخبيث، وها هو الله..



طيب هم الآن هل يعلمون أن الله كان يقلبهم ذات اليمين؟..هم كانوا يدرون أن الشمس كانت تأتي لتوصل لهم الأشعة؟ هم كانوا يدرون أنهم أحباب الله؟


فكم من متقي بيننا يذهب ويأتي وهو لا يدري الله عزّ وجلّ يرد عنه المكائد وهو لا يعلم ! فهل حملت الهم ؟!



هل سمعت هذه الآية وتدبرتها ..؟ ( كذبت قبلهم قوم نوحفكذبوا عبدنا..) ما أعظم القائل يقول كذبوا عبدنا حبيبنا.. ( وقالوا مجنون وازدجر ) دعاهم ألف سنة إلا خمسين عام وما توقف إلا لما قال له الله عزّ وجلّ (إنه لن يؤمن من قومك إلامن قد آمن ) يدعوهم بالكلام يضعون الأصابع في الآذان، طيب اصبع واحد يكفي ! يضعون الأصابع كلها، يدعوهم بالوسائل المرئية يستغشون ثيابهم يدعوهم بالليل والنهار، ثم صار يصنع السفينة وكلما مر عليه ملأ من قومه سخروا منه ، يا نوح أمس نبي والحين نجار ؟! فيسخرون منه ويقول: ( قال إن تسخروا منّافإنا نسخر منكم كما تسخرون فسوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه ويحل عليه عذاب مقيم )



فلمّا اشتد وجاءوا عنده وقالوا أنت مجنون وزجروه، ضاق صدر نوح وقهر وغبن، ماذا يفعل نوح لهم، علم أن له حبيب، حبيب عظيم مستوي على عرشة استواء يليق بجلاله وعظيم سلطانه وأنه لو رفع اليدين والعينين وبالقلب دعاه، لن يرده ماذا قال نوح وهو العبد الضعيف بين هذه القارات لا يرى بالعين المجردة وبين هذه المحيطات وهذه المدن والبحار، عبد ضعيف يراه الله عزّ وجلّ وهو يرفع يديه إلى الله عزّ وجلّ، فيصف لنا الله ذلك المشهد وكأنّا نراه نوح واقف! ( فدعاربه...) ماذا قال ؟ (..إنّي مغلوب فانتصر ) دعا نوح والأرض ساكنه والسماوات ساكنه فإذا بالجبار يطلق الأوامر كلمح البصر؛ لأن نوح أغلى من الأرض و أغلى من السماء..


( ففتحنا أبواب السماء ) سبحانك ما أعظمك! (..بماء منهمر) كلها لأجل عيون نوح!، (وفجرنا الأرض..) سبحانه ما قال فجرنا عيون الأرض بل فجرنا الأرض عيوناً (..فالتقى الماء على أمر قد قدر ) سبحانه ما أعظمه!



قال المفسرون: ما زالت المياة مفتحة الأبواب من السماء تخر وتنهمر والأرض تنبثق مفجرة بالمياة ستة أشهر، ثلاث كلمات: إني مغلوب فانتصر ثلاث كلمات تغير موازين الأرض والسماوات، و والله الذي لا إله إلا هو لو حملت الهم لأحبك الله ولو أحبّك لكان ما كان..!



ها هو الحديث أصله في البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وتكملة الحديث عند الإمام أحمد في مسنده حينما يقول ربنا عزّ وجلّ : " من عادى لي وليّاً- إعلان لكل ملك وكل عبد وكل صغير وكل كبير وكل عزيز وكل حقير أنه من عادى إنسان أو إنسانه أحبّه- فقد آذنته بالحرب " يحاربه ذو البطش الشديد الفعّال لما يريد سبحانه.



ماذا قال في نهاية الحديث؟ قال: "ولئن سألني -صحيح أبتليه لكن أرزقه الصبر معه لكن إذا وصل مرحلة مثل ما وصل نوح يوم ما يستطيع أن يصبر ورفع يديه ما تنزل والذي نفسي بيده إلا وقد أجيبت-


لأعطينه "


هذا...وهذه سنته سبحانه .. فهل حملت الهم ؟‍‍!


هل بكيت تقول: يارب اللهم اجعلني ممن قلت فيهم يحبهم ويحبونه؟!