وأصح ما ورد في ذلك في صفتها أن يصلي الإمام بالناس ركعتين في كل ركعة قراءتان وركوعان وسجدتان ويطيل فيهما القراءة والركوع والسجود ، وتكون القراءة الأولى أطول من الثانية ، والركوع الأول أطول من الركوع الثاني ، وهكذا القراءة في الركعة الثانية أقل من القراءة الثانية في الركعة الأولى ، وهكذا الركوع في الركعة الثانية أخف من الركوعين في الأولى. وهكذا القراءة في الثانية من الركعة الثانية أخف من القراءة الأولى فيها ، وهكذا الركوع الثاني فيها أخف من الركوع الأول فيها.
أما السجدتان في الركعتين فيسن تطويلهما تطويلا لا يشق على الناس ؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام فعل ذلك ، ثم بعد الصلاة يشرع للإمام إذا كان لديه علم أن يعظ الناس ويذكرهم ويخبرهم أن كسوف الشمس والقمر آيتان من آيات الله يخوف الله بهما عباده ، وأن المشروع للمسلمين عند ذلك الصلاة وكثرة الذكر والدعاء والتكبير والعتق والصدقة حتى ينكشف ما بهم ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ولكن الله يرسلهما يخوف بهما عباده فإذا رأيتم ذلك فصلوا وادعوا حتى ينكشف ما بكم وفي رواية أخرى : فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله ودعائه واستغفاره وجاء في بعض الأحاديث : الأمر بالصدقة والعتق .
أما أخبار الحسابين عن أوقات الكسوف فلا يعول عليها ، وقد صرح بذلك جماعة من أهل العلم ، منهم: شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه العلامة ابن القيم رحمة الله عليهما ؛ لأنهم يخطئون في بعض الأحيان في حسابهم ، فلا يجوز التعويل عليهم ، ولا يشرع لأحد أن يصلي صلاة الكسوف بناء على قولهم ، وإنما تشرع صلاة الكسوف عند وقوعه ومشاهدته.
فينبغي لوزارات الإعلام منع نشر أخبار أصحاب الحساب عن أوقات الكسوف حتى لا يغتر بأخبارهم بعض الناس ؛ ولأن نشر أخبارهم قد يخفف وقع أمر الكسوف في قلوب الناس ، والله سبحانه وتعالى إنما قدره لتخويف الناس وتذكيرهم ؛ ليذكروه ويتقوه ويدعوه ويحسنوا إلى عباده. والله ولي التوفيق .
*
*
س: جاء في حديث ابن عباس أنه صلى ثماني ركعات في أربع سجدات ، وعن علي رضي الله عنه مثله ، وعن جابر رضي الله عنه صلى ست ركعات بأربع سجدات وهذه الأحاديث صححها الإمام مسلم وخرجها في صحيحه ، وصححها إسحاق بن راهويه ، وابن خزيمة ، والصبغي ، والخطابي وكيرهم وأعلها آخرون واحتجوا بأن الكسوف لم يقع على عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلا مرة - كما تعلمون - فما رأي سماحتكم وهل ثبت ما يدل على أن الكسوف لم يقع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلا مرة واحدة ؟
ج: الأصح في صلاة الكسوف ، هو ما اتفق عليه الشيخان: البخاري ومسلم في صحيحيهما ، من كون النبي صلى الله عليه وسلم صلاها ركعتين حين كسفت الشمس يوم مات ابنه إبراهيم ، في كل ركعة قراءتان وركوعان وسجدتان . هذا هو الأصح عند المحققين من أهل العلم ، وما زاد على ذلك فهو وهم من بعض الرواة أو شاذ ؛ لأن المحفوظ عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه إنما صلى الكسوف مرة واحدة ، في اليوم الذي مات فيه ابنه إبراهيم . فظن بعض الناس أنها كسفت لموته فأخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ، وإنما يرسلهما الله لتخويف عباده وتذكيرهم وتحذيرهم . والله الموفق .
من ضمن أسئلة مقدمة لسماحته من أحد طلبة العلم في مجلسه .
*
*
منقول من موقع الشيخ بن باز رحمه الله
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــ
صفة صلاة الكسوف من موقع الشيخ محمد بن صالح العثيمين
أيها الناس فلقد استمعنا جميعاً إلى كيفية صلاة الكسوف التي صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنني في هذه الخطبة لأبين فيها مسائل المسألة الأولى أن بعض الناس أذن لها كالأذان المعتاد أي أنه كبر كما يكبر لأذان الصلوات الخمس وقد أجمع علماء المسلمون أنه ليس لها أذان وأنه إنما ينادي لها الصلاة جامعة كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم حيث بعث منادياً ينادي الصلاة جامعة وعلى هذا فإن صلاة الكسوف ليس لها أذان ولا إقامة المسألة الثانية أن صلاة الكسوف كما سمعت يكبر الإنسان ويستفتح ويقرأ الفاتحة ثم يقرأ سورة طويلة ثم يركع ركوعاً طويلاً ثم يرفع فيقول سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد ثم يقرأ الفاتحة وسورة طويلة دون الأولى ثم بعد ذلك يركع مرة ثانية ثم يرفع و ولا يقرأ ثم يسجد فتكون ركعتين في كل ركعة ركوعان وسجودان وقد بلغني أن بعض الناس كبر أولاً ثم قرأ الفاتحة وسورة ثم سجد ولم يركع ثم قام من هذه السجدة الواحدة فقرأ ثم ركع وهو بهذه الصورة أخطأ فإن هذا ليس من فعل الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يقل به أحد من أهل العلم والإنسان يجب عليه إذا كان إماماً أن يتعلم ما يلزمه من الصلاة في كيفيتها وعددها حتى يكون إماماً متبوعاً وإذا أشكل عليه مثل هذه الحال فإنه يمكن أن يصليها كالصلوات المعتادة أي ركعتان في ركوع واحد وسجودين لأنه قد قال بذلك بعض أهل العلم وهو وإن كان قولاً ضعيفاً جداً لأنه خلاف هدي الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه قد قال به من قال من أهل العلم أما الصفة التي ذكرت أنه صلاها فإنه لم يقل بها أحد ولكن لكونه جاهلاً فإني أرجو من الله عز وجل أن يعفوا عنه ويتجاوز عنه أما المسألة الثالثة فإن صلاة الكسوف صلاة يطول فيها القراءة والركوع والسجود والقيام بعد الركوع والجلوس بين السجدتين يطول فيها إطالة عظيمة بالغة وليست كغيرها من الصلوات حتى إن الصحابة رضي الله عنهم الذين صلوا خلف النبي صلى الله عليه وسلم صار بعضهم يغشى عليهم من طول القيام أما فعل بعض الناس لها حيث يقرأ قراءة خفيفة فإن هذا خلاف السنة وإن كان ذلك مجزئاً لكن الأفضل أن يطول كما طول النبي صلى الله عليه وسلم المسألة الرابعة أن الإنسان إذا جاء وقد رفع الأمام رأسه من الركوع الأول فإنه لا يعد مدركاً لهذه الركعة لأنه لابد أن يدرك الركعة بركوعيها جميعاً فإن أدرك الركوع الثاني فقط فإنه لم يدرك الركعة فيلزمه أن يأتي ما فاته بعد سلام الإمام على حسب ما صلاها الإمام أما المسألة الخامسة فإذا انقضت الصلاة والخسوف باقي لم يزل فإن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول : صلوا وأدعوا حتى ينكشف ما بكم لكن أهل العلم يقولون إن الصلاة لا تعاد مرةً ثانية هذا ما عليه جمهور أهل العلم ولكن من الممكن أن يتفرغ الإنسان للدعاء والذكر حتى تنجلي كما أمر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم أما الصلاة فإنها لا تعاد مرةً أخرى ولكن يمكن أن تصلى الصلاة إذا كان الخسوف لم ينجلي يمكن أن تصلى على صفة أخرى بحيث يركع في كل ركعة ثلاثة ركوعات أو أربعة ركوعات أو خمسة ركوعات كما جاء ذلك من فعل بعض الصحابة رضي الله عنهم بمعنى أنه يكبر فيقرأ الفاتحة ويقرأ السورة بعدها على الوجه الذي سمعتم ثم يركع ثم يرفع فيقرأ ثم يركع ثم يرفع ويقرأ وهكذا إلى خمس ركوعات حسب ما يكون وقت الكسوف طويلاً أم قصيراً أما إذا أنجلت أما إذا انجلى الكسوف قبل تمام الصلاة فإن أهل العلم يقولون إنه يتم الصلاة خفيفة وإذا انجلى الكسوف قبل أن نعلم به فإن الصلاة لا تقضى بعد فواتها هذه من الأمور الهامة التي ينبغي تعلمها ولا سيما لأئمة المساجد حتى يكونوا على بصيرة من أمرهم .
رحم الله الشيخ محمد بن صالح العثيمين
مواقع النشر