مسألة : هل البسملة آية من كل سورة كتبت فيها أم لا ؟
أجاب عن هذه المسألة الحافظ ابن الجزري في النشر فقال : وهذه مسألة اختلف فيها الناس على خمسة أقوال :
الأول : أنها آية من الفاتحة فقط ، وهذا مذهب أهل مكة والكوفة ومن وافقهم وروي قولاً للشافعي .
الثاني : أنها آية من أول الفاتحة ، ومن أول كل سورة وهو الأصح من مذهب الشافعي ومن وافقه وهو رواية عن الإمام ، ونسب إلى أبي حنيفة .
الثالث : أنها آية من أول الفاتحة ، وبعض آية من غيرها وهو القول الثاني للشافعي .
الرابع : أنها آية مستقلة في أول كل سورة لا فيها ، وهو المشهور عن أحمد وقول داوود وأصحابه وحكاه أبوبكر الرازي عن أبي الحسن الكرخي وهو من كبار أصحاب أبي حنيفة .
الخامس : أنها ليست بآية ولا بعض آية من أول الفاتحة ولا من أول غيرها ، وإنما كتبت للتيمن والتبرك وهو مذهب مالك وأبي حنيفة والثوري ومن وافقهم ، وذلك مع إجماعهم على أنها بعض آية من سورة النمل وأن بعضها آية من الفاتحة .
قلت : ( أي الجزري ) وهذه الأقوال ترجع إلى النفي والإثبات والذي نعتقده أن كليهما صحيح، وأن كل ذلك حق فيكون الاختلاف فيها كاختلاف القراءات .
ونحب أن نذكر كلمة لطيفة للعلامة المارغني في النجوم الطوالع إذ يقول ما نصه :
( ووجه الخلاف بين القراء في إثبات البسملة وحذفها أن القرآن أنزل على سبعة أحرف ونزل مرات متكررة فنزلت البسملة في بعض الأحرف ولم تنزل في بعضها ، فإثباتها قطعي وحذفها قطعي ، وكل منهما متواتر في السبع ، فمن قرأ بها فهي ثابتة في حرفه متواترة إليه ثم منه إلينا ، ومن قرأ بحذفها فحذفها في حرفه متواتر إليه ثم منه إلينا ، ومن روي عنه إثباتها وحذفها فالأمران تواترا عنده كل بأسانيد متواترة ، وبهذا يجمع بين الأحاديث الواردة في إثباتها والأحاديث الواردة في حذفها ، وبه كما قال العلماء يرتفع الخلاف بين أئمة الفروع ، ويرجع النظر إلى كل قارىء من القراء بانفراده ، فمن تواترت في حرفه تجب على كل قارىء بذلك الحرف وتلك القراءة في الصلاة بها وتبطل بتركها أيا كان وإلا فلا ، ولا ينظر إلى كونه شافعيًا أو مالكيًا أو غيرهما ) أ.ه
القول الراجح في هذه المسألة :
هو ما ذهب إليه الإمام ابن الجزري ووافقه على ذلك العلامة المارغني ، وذلك جمعًا بين الأقوال ، لأن العلماء يقولون ما دام يمكن الجمع بين الأدلة المختلفة في الظاهر فهو الأسلم والأولى من إهمال بعض الأدلة والله أعلم .
أ/ محمد فيصل باحميش
رد مع اقتباس
مواقع النشر