نعود للجولة الخامسة عشر
استيقضت في اليوم الثالث من الجلسة الاولى
وأنا لا أعرف نفسي من شدة الاعياء والتعب
احاول النهوض لكنني فشلت كلما وقفت سقطت
حتي الكلام ماعدت استطيع أن أخرجه من فمي
جرس الساعة بدأ يصرخ وينادي لكنه لم يستطع
أن يفيق صديقي لانه متعب مثلي فلم ينم إلا متأخراً
فقد قضى الليلة الماضية بقربي لانني عشت وقتها
اشد انواع الالم غثيان متواصل وبلغم
فصديقي كان يتألم كما اتالم واكثر
فهو رجل بما تعنيه هذه الكلمة واكثر
فمواقفه معي اثناء رحلتي مع المرض كثيرة وكبيرة
فقد ظل طيلة مشواري بجانبي والى الان
وسوف أذكر لكم بعض مواقفه في الجولات القادمه .
بعد مرور نصف ساعة وأنا أحاول النهوض
تنبه صديقي لي فقام مسرعاً كي يساعدني
على النهوض لكننا سقطنا معاً من شدة التعب
أخيراً نهضت وأنا مثقل الخطوات أتعكز على صديقي
استعديت للذهاب للمستشفى وصلنا متأخرين
اجريت فحوصات الدم وجلست انتظر النتائج
مرت ساعتان بعدها نادى علي الممرض
وقال لي للأسف يا صالح لن تأخذ العلاج اليوم
فالمناعة لديك ضعيفة وهذا ياثر عليك
لذا سوف نؤجل العلاج لغد ان شاء الله
غادرت المكان وأنا حزين لانني اريد ان انهي العلاج
فالانتظار مؤلم وقاسي لكنها الاقدار
ركبت السيارة وقلت لصديقي دعنا نلقي نظرة
على عاصمتنا الحبيبه فأنا منذ جاءت لها وأنا في حالة علاج
فقال لي لا استطيع فأنت متعب وأنا كذلك
فدعنا نذهب للبيت كي نستريح وفي المساء نخرج
وصلنا البيت وبعد عناء نمت على مضض
لم افق الا الثالثة عصراً أخذت هاتفي النقال
فإذا به مكالمات كثيرة لم يرد عليها
ارقام كثيرة منها ما اعرفها ومنها لا اعرفها
اخترت رقم زوجتي لانه تكرر كثيراً
لم يريد احداً زاد قلقي وخوفي
اتصلت كذلك باخي ولم يرد
هنا تاكدت ان هناك من خطبٍ اصابهم
اعدت الاتصال على زوجتي فردت
لكن صوتها منخفض وكأنه يخرج منها بصعوبه
قلت لها مابكِ ؟!
قالت لا شيء المهم أنت بخير
قلت لها أنا مادمت اتنفس فانا بخير
قول لي ايوجد شيء تخفيه علي ؟!
قالت صالح ارجوك أن تغلق هاتفك
ولا ترد على أحد مهما كان !!
هنا زدات ظنوني وتلعثمت كلماتي
وقلت لها لا لن افعل ذلك بل قولي ماهي الحكاية ؟
قالت انتظر حتى تعود للبيت وسوف تعرف
كأن كلماتها نزلت علي كصاعقة مدوية
قلت لها هل مات احد ؟!
لم ترد علي التزمت الصمت
ناديتها يا ام تركي تكلمي
وبعد مناشدتي لها بكل الوسائل
قالت قبل ان اخبرك اريد ان تعدني
انك لا تحزن ولا تعود للبيت
قلت لها تكلمي لقد نفذ صبري
قالت إن لله وإن له لراجعون
لقد توفى أحد اصدقائك
قلت لها من هو ؟!
قالت صديقك عبدالله توفى اليوم في حادث
سقط الهاتف مني دون شعور
وانا سقطت ايضاً معه
عبدالله مات لا غير معقول
ماني مصدق كاني في حلم
فعبدالله أحد اصدقائي الاعزاء
ولنا معاً ذكريات كثيرة
فاخر مرة قابلته فيها
كانت قبل مجيئ للعلاج بلليلة
وكان حديثنا وقتها عن مشروع موقعي الخاص
فقد خططنا سوياً لعمل موقع يحمل اسمي ويضم
كل اعمالي الفنية ويكون هو المشرف العام عليه
سبحان الله ولا اله الا الله
كانه كان يشعر بقرب دنو اجله فقد قال لي
لا اريد ان اكون مشرفاً على الموقع
لكن اريدك أن لا تنساني إذا أنا رحلت
قلت له ربما انا اسبقك
وانا اريدك ان تهتم بموقعي من بعدي
قال لي سوف نرى من يدفن الثاني اولاً
وكانه يغمز لي بذلك !!
بكيت وبكيت حتى انني اغمى علي
افقت بعدها وانا لا استطع الحديث
قلت لصديقي اريد ان اسافر اليوم
قال لا حرام عليك يا صالح لم يبقى الا ثلاثة ايام
وعبدالله راح الله يرحمه
مافيه داعي نسافر وانت بهذه الحالة
وبعدين تأجيل العلاج ماهو في صالحك
اقنعني بصعوبة رغم رفضي الداخلي لكلامه
طافت في مخيلتي كل الذكريات والمواقف
كأني اراها الأن يالله كم هي الحياة قصيرة
أحلام واماني نعيشها
منها مايتحقق وكثير منها لا يتحقق
اشخاص نقابلهم واخرين نودعهم !!
كأننا نسير في حافلة الكل منا ينتظر دوره
كي ينزل في المحطة المخصصه له
لكننا لا نعرف متي واين وكيف ؟!
علينا ان نتقاسم لحظات الفرح والحزن
ونرتشف من ارشيف ماضينا ذكرى جميله
تعيننا على مواجهة واقعنا المر .
أنتهت الجولة الخامسة عشر
استودعكم الله
إلى اللقاء
في الجولة السادسة عشر
نعود للجولة السادسة عشر
حملت أحزاني داخل قلبي
ولبست معطف جراحي
ومشيت على اسلاك الهموم
واتيت للمستشفى كي اكمل العلاج
فأنا الأن أمام المواجهه الحقيقة
أما الاستسلام أو المقاومة
وكلاهما صعبُ ومؤلم
شعورك بفقدان أحد اعزائك
لا تستطع إي لغة أن تترجمه
فاحداث المآسي تتلون وتتشكل يومياً
وقفت رافع الرأس بوجه تيار اليأس
وقلت لنفسي المجهده هيا انهضي
هيا تحركي لا تخذليني فأنت أخر حصوني
لا تلقي راية الصبر فوق بوابة آمالي
أخذت عينة الدم مني وجاءت النتائج
تحسن بسيط في المناعة
وهذا يعني جولة جديدة مع العلاج
جاء دوري ناد الممرض علي
ذهبت معه لغرفة العلاج لم اجد سريراً فارغاً
فجميع الاسرة ممتلئة فطلب مني الممرض
أما الانتظار أو أن أأخذ العلاج على كرسي
فقلت له بل أبدأ لأن الانتظار قاسي
وافقت رغم معرفتي أن العلاج على كرسي صعب
فسسبعة ساعات أو تسعة ساعات
تجلسها على كرسي شيء متعب ومؤلم
لكن اخاك مظطر وليس بطل !
بدأ الممرض البحث عن وريد
لكن اوردتي لم تعد موجوده من كثرة العلاج
اختفت وكأني اعيش من دون اوردة
وهذا الشيء يأرقني ويتعبني كثيراً
فالوقت الذي يقضيه الممرض في البحث
يستغرق وقتاً طويلاً ومؤلم
صداع رهيب يعصف برأسي
وألم يحاوطني في كل مفاصلي
وانا اقول في نفسي هذه بدايتها
الله يعين على أخرتها
طلبت من الممرض ان يأتي لي بدواء للصداع
وليتني لم اطلب ذلك !
فبعد تناولي للدواء دخلت في عالم أخر من الالم
غثيان ورعشة في جسمي غريبه
مما جعل الممرض ايقاف العلاج
وطلب الطبيب كي يرا حالتي
وحين جاء الطبيب وكشف علي
قال للممرض اوقف العلاج
ولا تعطيه اياه على كرسي
بل انتظر حتى يفضى سرير
لانه لا يستطيع تحمل العلاج هكذا
انتظرت وانتظرت وأنا غارق في الامي
واصبر نفسي لكنها تأب الصبر
فوالله إني غير قادر على التحمل
فقلت للممرض ارجوك أن تجد لي حلاً
فأنا اتساقط كااوراق الشجر
كل جزء مني يصرخ ويستغيث
اجهزتي التنفسية اعلنت حالة الطوارئ
فلا عدت اقوى على التنفس
ضربات قلبي كأنها مطارق تهدم في اضلعي
وأنا بين نار الانتظار ونار العذاب
جاء لي الممرض وبيديه دواء
فقال لي خذ هذا الدواء وان شاء الله ترتاح
قلت له أخاف يكون مثل العلاج الذي قبله
قال لي لا ان شاء الله افضل
أخذت الدواء وانا كلي خوف
وبعد مرور عشر دقائق توقفت رعشاتي
واحسست ان حالتي بدأت تستقر
قلت للمرض الأن أبدا العلاج سواءً على كرسي
او في اي مكان
قال لي لا لن تأخذ العلاج إلا على سرير
فما اصابك منذ قليل ليس بالسهل
قلت له على بركة الله سوف انتظر .
وبعد طول انتظار
حدث شيئاً لم يكن في الحسبان !!
أنتهت الجولة السادسة عشر
نعود للجولة السابعة عشر
وأنا على كرسي الانتظار إذا بالممرض ينادي علي
وحين اتيت له شاهدت على وجهه غموض غريب
قال لي إن الطبيب يريد التحدث إليك
دخلت غرفة الطبيب وبعد دقائق جاء الطبيب
وألقى على التحية وقال غازي لقد خرجت نتائج فحص
الدم واتضح ان الهرمون وصل ل 5000
وهذا يدل ان الخلايا السرطانية نشطه
والسبب في ارتفاعها هو تأخرك في العلاج
قلت له اي تأخر ؟!
قال لي أنا وضعت لك برنامج العلاج منذ اسبوع
وأنت من طلب تأجيله لاسبوع بدعو أنك تريد
الذهاب للإمارات للهاشمي وهذا الشيء سبب ارتفاع الهرمون
والأن الالم الذي تشعر به نتيجة ضغط الورم على الحالب
ففرص نجاح العلاج الأن ضئيلة
حتى التدخل الجراح صعب في هذا الوضع
قلت له بماذا تنصحني ؟!
قال نكمل العلاج ونتكل على الله ولكني لا أعدك بشيء
خرجت من الغرفة وكان في انتظاري صديقي وحين رأني
مكفهر الوجه تأه الخطوة سألني
ماذا قال لك الط\ب ؟!
أخبرته بماقاله الطبيب وقلت له إني اشعر أن الدنيا
ضاقت في عيني فأنا متعب ومرهق جداً
قال لي ياصالح أس ولا تخف أين صبرك ؟!
فأنا اعرفك اقوى من ذلك
قلت له الامر ليس قوة وصبر
فأنا لم اخف يوماً على نفسي فجل خوفي على اسرتي
ابنائي من لهم إن قدر الله رحيلي
فلدي إحدى بناتي متعلقه بي كثيراً
لدرجة انها لا تأكل ولا تشرب حتى تراني
وهذا الشيء اشعر به كالخناجر في خاصرتي
قال لي لا تتكلم مثل هذا الكلام
فإن شاء الله سيعطيك الله طول العمر
وتعود لاسرتك افضل مما كان
فدعنا نكمل العلاج والباقي على الله
كان كلامه بمثابة الماء البارد ينزل على صدري
استئذنت منه واتصلت بزوجتي لاخبرها بما حصل
فوجدتها ترفع من معنوياتي وتقول لي اتكل على الله
فأنت تجاوزت اصعب من ذلك فنحن بانتظارك
والأن أنت في بداية العلاج وإن شاء الله ينخفض الهرمون
كلامها حرك بداخلي عزيمتي التي اصابه الوهن
دخلت غرفة العلاج واستلقيت على السرير
وسلمت يداي للممرض كي يفتش عن وريد
وبعد عناء شاق وجد وريد فبدأت العلاج
وأنا متعب ومتألم من كل هذه التطورات السريعه
وألوم نفسي على تأخري عن العلاج
وقت صعب وقاسي أن تدخل في رحلة لا تعرف لها نهاية
وأنا في زنزانة هواجسي وافكاري
جاء صديقي وبيديه ورق ابيض وقلم رصاص
فقال لي ياصالح ريدك أن تكتب
قلت له عن ماذا اكتب ولما ؟!
قال إني اعرفك جيداً فأنت سعادتك في الكتابة
فالكتابة هي موطنك الذي تلجأ إليه كلما داهمك الألم
امسكت القلم ويدي ترتجف فدموعي تجمعت بعيني
كاتجمع السحب بالسماء
ورحت احلق في فضاء فكري المشوش
علني اكتب شيئاً يبقى في ذاكرة الحياة
فخطر ببالي هذه الكلمات :
هل اعترافي بحبكِ كان جريمةً ؟؟!!
أم عيبُ وخروج عن المألوفِ ؟؟!!
أأسجن مشاعري خلف أضلعي ؟؟!!
وأكبلها بصمتي وأخنقها بكفوفي !!!!
أأفرُ من ساحات الحبِ مهزوماً ؟؟!!
ولم أمتطي جوادي ولم أشهر سيوفي !!
أنا لست في الحبِ بقيسٍ هائمٍ !!!
بل أشدُ منه فليتكِ ليتكِ تروفي !!!
يا طفلةً تلهو بأيام عمري ,,,,,
ساعةً تدنو مني وساعاتٍ تعوفي !!!!
للمرة المليون أناشدُ قلبكِ ,,,
أتحبينني قوليها ولا تخشي الظروفِ ؟؟؟!!
فالشوق ناراً لا تهدأ إلا بوصلٍ !!
فتعالي تعالي رغم أنف الإلوفي !!!!
ما طلبت منكِ شيء سوى نظرةِ ,,,,
فمتى أنتِ تسدي إلي بمعروفي ؟؟؟؟!!!
متى تعلمي أن الحب ثورةُ ؟؟!!
تخرجُ من رحم الكبتِ والخوفِ !!!!!
أألملمُ أشواقي وأدفنُ محبتي ؟؟!!!
فعند بابُ قلبكِ طال وقوفي !!!!
فإن لم تستوعبي نداءات الهوى !!!
فتباً لكلماتي وسحقاً لحروفي !!!!!!!!!!!!
أنتهت الجولة السابعة عشر
مواقع النشر