[ALIGN=CENTER][TABLETEXT="width:90%;background-image:url('http://www.tran33m.com/uploadcenter/uploads/12-2011/PIC-817-1324706471.jpg');"][CELL="filter:;"][ALIGN=center] بسم الله الرحمن الرحيم
فبعد أن تبدأ الإجازة ، يبدأ الفراغ يدب في أوساط الكثيرين ، فمنهم من يقتله بالسهر ليلًا وبالنوم نهارًا ، مع تضيع الصلاة في وقتها ،
والبعض الآخر من النساء من تقضي وقتها في الأسواق ، فمن سوق إلى آخر
ومنهم من تقضي أمام شاشات التلفاز ، فمن مسلسل إلى آخر ،
ومنهم من يقضي وقته في التجول من بيت إلى بيت ، والله تعالى يقول ( وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى )
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : " قَدْ أَذِنَ اللَّهُ لَكُنَّ أَنْ تَخْرُجْنَ لِحَاجَتِكُنَّ " .
فالأكثرية تقتل الوقت ، كل بطريقته ، وما علم أن الوقت هي عمره كلما مضى منها ساعة مضى عمره .
فقليل من ينتفع بوقته .
فأعجبني هذا المقال أسأل الله أن ينفعني وإياكم به :
لا تهلك رأس مالك
إنَّ الوقت الذي يعيشه الإنسان في هذه الدنيا وقت ثمين، لا يُدْرَك بالأثمان، ولهذا نوَّه الله بشأن الوقت: {وَالْعَصْرِ} [العصر: 1]، وأمر بحفظه بالأعمال الصالحة وما يفيد الإنسان في دينه ودنياه بدل أن يضيِّعه في اللهو والغفلة واتباع الشهوات، فيضِيع عليه عمره وحياته، ولم يكتسب منها إلَّا الآثام، فيخسر الدنيا والآخرة، ولا حول ولا قوة إلَّا بالله.
كثيرٌ من الناس يلهون ويسهون ويغفلون، فإذا كان عندهم فراغ يمضَّونه في غير فائدة، وفي لهو ولعب، ويقولون: نقتل الوقت كأنَّه عدو لهم، في حين أنَّه هو رأس مالهم، وهو مزرعتهم التي يزرعون فيها للآخرة، ويجنون ما زرعوا يوم القيامة ، يوم يندم من ضيَّع، حينما تقول نفس: {يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ} [الزمر: 56]، في حين أنْ يقول الذين ضيَّعوا أعمارهم في غير طاعة الله: {يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [الأنعام: 27]، وحينما يقولون: {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ} [فاطر: 37]، قال الله -جلَّ وعلا-: {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ} [فاطر: 37].
فعلى المسلم أن يحفظ وقته فيما يفيده في دينه ودنياه، ويحذر من تضييعه في اللهو والغفلة، وما لا يفيد بل يضره عاجلًا وآجلًا، فلو أنَّ الإنسان يحفظ وقته، ويتفرَّغ لما فيه مصلحة دينه ودنياه؛ لكان ذلك خيرًا له عاجلًا وآجلًا، والله -تعالى- قال لنبيه -صلى الله عليه وسلم-: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ} [الشرح: 7]، أي: في العبادة، {وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} [الشرح: 8]، فأمره أن يستغل وقت فراغه في العبادة والنصب في طاعة الله سبحانه والرغبة إليه، وهذا شأن المسلم، فعلى الأقل يمضي هذا الوقت وهذا الفراغ في أمر ينفعه في دنياه، من تعلُّم صَنعة أو عمل ما يستفيد من وراءه، ويُمْضِي فيه وقته في صالحه وفي منفعته، بدل أن يضيعه.
وأشد من ذلك أنَّ الأسفار والاختلاط في الأماكن والتجمعات من أنواع البشر مما يُذهِب الحياء من النساء، ومما يسيء تربية الأطفال، وفيه مفاسد عظيمة، فعلى هؤلاء أن يتقوا الله -سبحانه وتعالى- في وقتهم وفي أنفسهم، وفي أُسَرِهم، وأن يتعقَّلوا في أمرهم، ويحفظوا وقتهم فيما فيه فائدة ومنفعة، لا بأس أن يسافر الإنسان إلى العمرة، يسافر إلى زيارة أقاربه، ويسافر إلى بلده إذا كان بعيدًا عنهم، فهذه أمور مباحة وأيضًا فيها فائدة لهم، أمَّا أن يسافر لأمكنة التجمعات التي فيها لهو ولعب، وفيها أغاني، وفيها مزامير، وفيها رقص، وفيها اختلاط، وفيها سهر، وفيها ضياع وقت وضياع دين ودنيا، فهذه هي الخسارة ولا حول ولا قوة إلَّا بالله.
ولهذا الزمان يمضي، فإن أمضيته في خير؛ حصدتَ خيرًا ونتيجة طيبة، وإن أمضيته في غفلة ولهو لعب؛ حصدتَ الندامة، ولهذا يقول الشاعر:
ما مضى فات والمؤمَّل غيب ولك الساعة التي أنت فيها
فالذي مضى لا تستطيع رده إذا ضيَّعته، لكن يبقى لك الاستغفار والتوبة إذا حصل منك مخالفات فيما مضى، فباب التوبة مفتوح فتستدرك، والمستقبل لا تدري هل تدركه أم لا تدركه، فلا تعلِّق آمالك على شيء مستقبل، وتمهل التوبة والعمل إلى مستقبل الزمان، وأنت لا تدري لعلك لا تدركه، فيُحَال بينك وبين ما تتمنى، فعليك أن تستغل الفرصة والساعة والوقت الذي أنت فيه بما فيه خير ومصلحة ونفع لك ولأسرتك ولمجتمعك، وعليكم بالتعاون على البر والتقوى، وعليكم بالتواصي بالصبر والتواصي بالحق، فهذا شأن المسلمين في كلِّ زمان ومكان.
[/ALIGN][/CELL][/TABLETEXT][/ALIGN]
مواقع النشر