بسم الله الرحمن الرحيم ~
حينما نتحدث عن الأمانة وجدت أ، الرَّسول صلى الله عليه وسلم القدوة في الأمَانَة
والأمانة كانت في حياة رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام
خُلُق الأمانة خُلق رفيع من أخلاق النّبيّ الكريم صلّى الله عليه وسلّم، اشتهر به سيّدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في الجاهلية حتّى كان يُلقّب بالصّادق الأمين،
ولعظمة هذا الخُلق قال الله تعالى: {إنّ اللهَ يأمُرُكم أنْ تُؤَدُّوا الأمانات إلى أهلها}،
وهذه بعض المواقف من حياة الرّسول صلّى الله عليه وسلّم تبرهن على أهمية خُلق الأمانة
وفي الجاهلية جدَّدت قريشٌ بناء البيت حتى بلغوا الحجر الأسود فاختلفوا فيه كلُ بطن منهم يريد أن يحظى بشرف وضعه دون غيرهم
(فقال بَطْنٌ من قُرَيْشٍ: نَحْنُ نَضَعُهُ، وقال آخَرُونَ نَحْنُ نَضَعُهُ، فَقَالَوا: (اجْعَلُوا بَيْنَكُمْ حَكَماً، قَالُوا: أَوَّلَ رَجُلٍ يَطْلُعُ مِنَ الْفَجِّ فَجَاءَ النبي صلى الله عليه وسلم
فَقَالُوا: أَتَاكُمُ الأَمِينُ، فَقَالُوا له، فَوَضَعَهُ في ثَوْبٍ ثُمَّ دَعَا بُطُونَهُمْ فَأَخَذُوا بِنَوَاحِيهِ معه فَوَضَعَهُ هو صلى الله عليه وسلم) رواه أحمد
لقد كان السَّبب في زواجه صلى الله عليه وسلم بخديجة رضي الله عنها هو الأمَانَة، فقد تاجر صلى الله عليه وسلم في مال خديجة قبل البعثة،
وقد اتَّصف في تجارته بصدق الحديث، وعظيم الأمَانَة،
يقول ابن الأثير في هذا الصَّدد: (فلمَّا بلغها -أي: خديجة- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم صِدْقَ الحديث، وعظيم الأمَانَة، وكرم الأخلاق، أرسلت إليه ليخرج في مالها إلى الشَّام تاجرًا،
وتعطيه أفضل ما كانت تعطي غيره مع غلامها ميسرة، فأجابها، وخرج معه ميسرة) ، ولـمَّا عاد إلى مكَّة، وقصَّ عليها ميسرة أخبار محمَّد صلى الله عليه وسلم قررت الزَّواج به.
والمواقف التي تدلُّ على أمانته صلى الله عليه وسلم قبل البعثة كثيرة.
وكان من أوائلِ ما دعا الناسَ إليه إبَّان بعثته صلى الله عليه وسلم: أداءُ الأمانة، ودليل ذلك أن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه لما قابل النجاشي رحمه الله تعالى،
وسأله النجاشي عن دينهم،
أجابه جعفر رضي الله عنه فقال له: (أَيُّهَا الْمَلِكُ، كنا قَوْماً أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ نَعْبُدُ الأَصْنَامَ وَنَأْكُلُ الْمَيْتَةَ وَنَأْتِي الْفَوَاحِشَ وَنَقْطَعُ الأَرْحَامَ ونسيء الْجِوَارَ
يَأْكُلُ الْقَوِىُّ مِنَّا الضَّعِيفَ فَكُنَّا على ذلك
حتى بَعَثَ الله إِلَيْنَا رَسُولاً مِنَّا نَعْرِفُ نَسَبَهُ وَصِدْقَهُ وَأَمَانَتَهُ وَعَفَافَهُ فَدَعَانَا إلى الله لِنُوَحِّدَهُ وَنَعْبُدَهُ وَنَخْلَعَ ما كنا نَحْنُ نعبد وَآبَاؤُنَا من دُونِهِ مِنَ الْحِجَارَةِ وَالأَوْثَانِ
وَأَمَرَنَا بِصِدْقِ الحديث وَأَدَاءِ الأَمَانَةِ وَصِلَةِ الرَّحِمِ وَحُسْنِ الْجِوَارِ...) رواه أحمد وصححه ابن خزيمة.
فشهد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أمينا، وأنه يدعوهم إلى أداء الأمانة،
بل شهد له أبو سفيان رضي الله عنه بذلك قبل أن يسلم لما سأله عظيم الروم هرقل عن ذلك ثم قال هرقلٌ:
(وَسَأَلْتُكَ بِمَاذَا يَأْمُرُكُمْ؟ فَزَعَمْتَ أَنَّهُ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَعْبُدُوا اللَّهَ ولا تُشْرِكُوا بِهِ شيئا
وَيَنْهَاكُمْ عَمَّا كان يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ، وَيَأْمُرُكُمْ بِالصَّلَاةِ والصدق وَالْعَفَافِ وَالْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ، قال: وَهَذِهِ صِفَةُ النبي) رواه البخاري.
كما لم يَسْلَم صلى الله عليه وسلم من طعن الطاعنين في دعوته وصدقه، فكذبوه ورَدُّوا ما دعاهم إليه فإنه لم يسلم من طعن بعضهم في أمانته،
وتخوينهم له مع أن الناس قد شهدوا له بالأمانة بمن فيهم أعداؤه صلى الله عليه وسلم،
ولكن أصحاب القلوب المريضة، والنفوس الضعيفة يفترون الكذب، ويرمون غيرهم بأدوائهم، ولم يستثنوا من ذلك الأمينُ في الأرض على دين الله تعالى ووحيه محمد صلى الله عليه وسلم
فرماه بالخيانة بعض أهل الحقد والجهل؛
كما روت عَائِشَةُ رضي الله عنها قالت: (كان على رسول الله صلى الله عليه وسلم بُرْدَيْنِ قِطْرِيَّيْنِ
وكان إذا جَلَسَ فَعَرِقَ فِيهِمَا ثَقُلَا عليه وَقَدِمَ لِفُلَانٍ الْيَهُودِيِّ بَزٌّ من الشام فقلت: لو أَرْسَلْتَ إليه فَاشْتَرَيْتَ منه ثَوْبَيْنِ إلى الْمَيْسَرَةِ
فَأَرْسَلَ إليه فقال: قد عَلِمْتُ ما يُرِيدُ مُحَمَّدٌ، إنما يُرِيدُ أَنْ يَذْهَبَ بِمَالِي أو يَذْهَبَ بِهِمَا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كَذَبَ قد عَلِمَ أَنِّي من أَتْقَاهُمْ لله وَآدَاهُمْ لِلْأَمَانَةِ) رواه النسائي.
وذات مرة جاءه عليه الصلاة والسلام مال من اليمن فقسمه في بعض كبار نجد ليتألفهم على الإسلام فغضب بعض من لم يُعطوا
(فَجَاءَ رَجُلٌ كَثُّ اللِّحْيَةِ مُشْرِفُ الْوَجْنَتَيْنِ غَائِرُ الْعَيْنَيْنِ ناتئ الْجَبِينِ مَحْلُوقُ الرَّأْسِ
فقال: اتَّقِ اللَّهَ يا محمد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فَمَنْ يُطِعْ اللَّهَ إن عَصَيْتُهُ؟! أَيَأْمَنُنِي على أَهْلِ الأرض ولا تَأْمَنُونِي؟!)
وفي رواية فققال صلى الله عليه وسلم: (ألا تَأْمَنُونِي وأنا أَمِينُ من في السَّمَاءِ يَأْتِينِي خَبَرُ السَّمَاءِ صَبَاحًا وَمَسَاءً) متفق عليه.
مواقع النشر