إِذْ جَاء رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ
صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 4 من 7

الموضوع: إِذْ جَاء رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ

  1. #1
    مشرفة الركن الإسلامي الصورة الرمزية ام سارة**
    تاريخ التسجيل
    Sep 2014
    المشاركات
    5,124
    معدل تقييم المستوى
    24

    إِذْ جَاء رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ




    إِذْ جَاء رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ


    حين يكون الحديث عن خليل الرحمن ومن خلال القرآن، فإنه حديث يأخذ بالألباب، ومجلسٌ كهذا لا يُراد منه الإحاطة بحديث القرآن عنه، ولكن هي إشارة إلى آية واحدة فقط، جاءت ضمن تزكية الله له بقوله: {إِذْ جَاء رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الصافات:84]
    وهنا ينبغي لقارئ القرآن أن يطرح السؤال التالي: ما القلب السليم؟
    الذي أثنى الله به على خليله إبراهيم؟




    وأقرب ما قيل في ذلك ما ذكره ابن القيم رحمه الله حين قال: «هو الذي قد سَلِم من كل شهوة تخالف أمر الله ونهيه، ومن كل شبهة تعارض خبره، فسلِم من عبودية ما سواه، وسلم من تحكيم غير رسوله، فسلم في محبة الله مع تحكيمه لرسوله، في خوفه ورجائه، والتوكل عليه، والإنابة إليه، والذل له، وإيثار مرضاته في كل حال، والتباعد من سخطه بكل طريق»(1).


    وإبراهيم عليه السلام الذي جعله الله إمامًا كان نقيّ السريرة، سليم القلب، شهد الله له بذلك: {إِذْ جَاء رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الصافات:84]
    ولا شكّ أن إبراهيم عليه السلام الذي رأينا بعض صفاته وأفعاله وبلاءه، لا شكّ أنه يحمل قلبًا سليمًا خَيِّرًا.



    لم ينقل عنه أنه دعا على أحد من أعدائه، برغم الأذى الذي ناله، بل المنقول دعاؤه لهم: {وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [إبراهيم:36]، أما دعاؤه للمؤمنين فما أكثره في القرآن والسنة، ودعاؤه لأهل مكة بالبركة مشهور معروف، حتى إننا نرى أثره اليوم.


    ومما يظهر سلامة قلبه عليه السلام دعاؤه لأبيه حتى تبيّن له أنّه عدوٌّ لله، فلمّا تبيّن أنّه عدوٌّ لله تبرّأ منه.



    ومن تأمل سيرته وجد سلامة قلبه عليه السلام في حواراته ومناقشاته وبُعْده عن حَظِّ النَّفس، فقد كان يدرك عليه السلام ما لسلامة القلب من الأثر، بل كان ذلك همه؛ ولهذا لمّا دعا قال: {وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ * يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء:78 – 98]
    وكلنا نحتاج إلى ذلك يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون إلّا من أتى الله بقلبٍ سليم، فيا معاشر الدعاة والمربّين!
    ربوا الأجيال على طهارة القلوب وسلامتها من أدوائها، من الغل والحسد والبغي حتى على الخصوم!
    وأقول: بعض المنتسبين إلى الدعوة والعلم -هداهم الله- يربون أجيالًا على الحقد والبغض، يلوثون قلوب الناشئة ببغض علمائهم ودعاة الإسلام الذين بين أظهرهم، فليتهم يسيرون مع إخوانهم من المسلمين بسيرة إبراهيم مع أعدائه!
    لم يُؤْثَر عنه عليه السلام أنه دعا على أحدٍ من قومه، بل تجد منه الدُّعاء بالهداية، والرغبة في استقامتهم، تجد عِفّة اللسان، تجد الحكمة.



    فانظر إلى قلبك أخا الإسلام!
    فأنت وحدك دون الناس من يبصره!
    قد ينظر الناس إلى هيئتِك، إلى عملك، إلى تصرّفاتك، إلى سلوكك، لكنهم لا يرون ما انطوى عليه قلبك، فانظر أنت إلى قلبك وفتشه، هل فيه غِش؟
    هل فيه حِقد؟
    هل فيه مرض؟
    قبل أن يجيء العرض على ربك الذي لا تخفى عليه خافية {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ} [الطارق:9]
    هناك {وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ} [العاديات:10].



    واعلم أنَّ سلامة القلب غُنم لك في العاجل والآجل، ولقد رأيتُ عددًا من النَّاس ممن عرفوا بمسامحة الناس وسلامة الصدر، رأيتهم يعيشون في راحة بالٍ وسعادةٍ وهناء.

    والمقصود فتش قلبك، وانظر حالك، وحذارِ حذارِ من أن تنطوي نفسك على الحِقد والغِل والحسد وأمراض القلب وأدوائها، فإنها قد تقضي على صاحبها في الدنيا، فما بالك في الآخرة؟ ولن ينجو في الآخرة إلّا من أتى الله بقلبٍ سليم، أسأل الله أن يجعلني وإياكم منهم.


    _______________________
    (1) إغاثة اللهفان: ص7.

    الشيخ أ.د. ناصر بن سليمان العمر




  2. #2
    مشرفة الركن الإسلامي الصورة الرمزية ام سارة**
    تاريخ التسجيل
    Sep 2014
    المشاركات
    5,124
    معدل تقييم المستوى
    24

    (إِذْ جَاء رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)


    موضوع (القلب السليم) والسالم موضوع مهم؛ ذلك أن الله سبحانه ذكر موضوع القلب السليم في آيتين كريمتين، كلاهما جاءتا في سياق الحديث عن الموقف الشركي لوالد إبراهيم عليه السلام مقابل الموقف التوحيدي لإبراهيم عليه السلام.
    فنحن نقرأ في هذا الصدد قوله تعالى: {يوم لا ينفع مال ولا بنون * إلا من أتى الله بقلب سليم} (الشعراء:88-89)
    ونقرأ أيضاً قوله عز وجل: {إذ جاء ربه بقلب سليم} (الصافات:84).
    فالآية الأولى ترشد إلى أن الإنسان لا ينفعه إلا عمله فحسب.
    أما الآية الثانية فتصف حال إبراهيم عليه السلام مع ربه.
    ونحن نذكر بداية المراد بـ (القلب السليم)، ثم ننعطف على بيان دلالة هذا التعبير القرآني، وحقيقة المراد منه.
    فـ (السليم) من حيث المعنى اللغوي مصدر الفعل (سلم)، أي: القلب الخالي من المرض، ومن أي عارض.
    أما من حيث المعنى الشرعي الخاص، فـ (القلب السليم) هو القلب الذي لا يعرف سوى الإسلام.
    وهذا اللفظ يشترك من حيث جذره اللغوي مع لفظ (الإسلام)، وليس يخفى ما لهذا من دلالة.
    وقد وردت عن السلف أقوال متعددة في معنى (القلب السليم)، نذكر منها:

    قول ابن عباس رضي الله عنهما، قال: (القلب السليم): هو القلب الحييُّ، يشهد أن لا إله إلا الله.
    وقال مجاهد: (القلب السليم): الذي لا شك فيه.
    وقال قتادة: (القلب السليم): سليم من الشرك.
    وقال ابن زيد: (القلب السليم): سليم من الشرك، فأما الذنوب فليس يسلم منها أحد.
    وقال الضحاك: (القلب السليم): هو الخالص.
    وقال ابن سيرين: (القلب السليم): الذي يعلم أن الله حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور.
    وقال ابن المسيب: (القلب السليم): هو القلب الصحيح، وهو قلب المؤمن؛ لأن قلب الكافر والمنافق مريض، قال تعالى في وصف المنافقين: {
    في قلوبهم مرض} (البقرة:10).
    وقال أبو عثمان النيسابوري: (القلب السليم) هو القلب الخالي من البدعة، المطمئن إلى السنة.

    فإذا يممنا وجهنا شطر المفسرين، وجدنا شيخهم الطبري يذكر أن المراد من (القلب السليم): سلامة القلب من الشك في توحيد الله، والبعث بعد الممات.
    أما الرازي فيرى أن المراد من (القلب السليم) سلامة النفس عن الجهل والأخلاق الرذيلة.
    ويقرر ابن عاشور أن المراد من (القلب السليم): الخلوص من عقائد الشرك، مما يرجع إلى معنى الزكاء النفسي.
    بينما يذكر الشيخ السعدي أن المراد من (القلب السليم): القلب الذي سلم من الشرك والشك ومحبة الشر والإصرار على البدعة والذنوب. وكل هذه الأقوال متقاربة ومتعاضدة يشرح بعضها بعضاً.


    والمهم هنا - كما قال أهل العلم - أن الإنسان لا يكون صاحب قلب سليم إلا أن يتحلى بأخلاق القرآن الكريم؛ لذلك كان صلى الله عليه وسلم خلقه القرآن، كما ورد في الحديث.
    فمن صفات القلب السليم أن يكون عامراً بالإسلام، ومتزيناً بخلق القرآن، فإن لم يكن كذلك، فلا يصح أن يوصف بكونه قلباً سليماً.
    ومما يحسن أن يقال هنا: إن (القلب السليم) هو القلب السالم عن كل ما يضر الناس، وقد ورد في الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم: (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) متفق عليه.
    فتحصل من مجموع ما تقدم: أن قلب المؤمن يجب أن يكون سالماً من الكفر ومن الشرك ومن الشك ومن الريبة والتردد والفراغ. وأن القلب المملوء كفراً مهما تصرف صاحبه بشكل إنساني فلن يكون قلباً سليماً؛ لأن القلب الخالي من الإيمان لا يعرف طريق الخير، وإن عرفه فهو يسلكه لمصلحة مرجوة، ظاهرة أو باطنة.

    فبدون الإيمان تكون صور الخير والجمال والفضيلة: إما كذباً، وإما شيئاً مؤقتاً، أي فهو خال من أي قيمة حقيقية.
    وقد نسمع من بعض الناس يقولون: "إن قلبي نظيف؛ لأنني أحب الناس كثيراً، وأسعى إلى مساعدتهم"، وهذا عند التحقيق والتدقيق كلام لا معنى له؛ ذلك أن القلب الذي سكنه الإلحاد والإنكار، وعشعش فيه أنى يكون قلباً سالماً وسليماً؟!

    ثم ها هنا بعض فوائد حول (القلب السليم) نذكرها تكميلاً للفائدة:
    الفائدة الأولى: أن قوله تعالى: {بقلب سليم} جمع جوامع كمال النفس، وهذه الجوامع مصدر محامد الأعمال. وفي الحديث: (ألا وإن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب) متفق عليه. ذكرها قال ابن عاشور.

    الفائدة الثانية: أنه يلزم من سلامة القلب من الشرك والشك...اتصافه بأضدادها، من الإخلاص والعلم واليقين ومحبة الخير وتزيينه في قلبه، وأن تكون إرادته ومحبته تابعة لمحبة الله، وهواه تابعاً لما جاء عن الله. ذكرها الشيخ السعدي.

    الفائدة الثالثة: أن القرآن الكريم وضع (القلب السليم) مقابل المال والبنين، ولهذا دلالته؛ وذلك أن كثيراً ما يكون المال وكذلك البنون حاجزاً بين الإنسان وبين سلوك سبيل الرشاد، وفي هذا المعنى جاء قوله تعالى محذراً ومنبهاً: {المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا} (الكهف:46).
    وقال تعالى: {واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة} (الأنفال:28).

    وختام القول: إن الاهتمام بالقلب أمر غاية في الأهمية، وقد غفل عنه كثير من الناس، وليس يخفى أن التوجه إلى هذا القلب إصلاحاً ومراقبة وتصحيحاً، كي يغدو قلباً سالماً وسليماً، أمر مما لا ينبغي أن يُغفل عنه.

    اسلام ويب


  3. #3
    مشرفة ركن الديكور والركن الأدبي الصورة الرمزية سوار الذهب *
    تاريخ التسجيل
    May 2012
    الدولة
    فلسطينية عايشة بالالمانيا
    المشاركات
    5,275
    معدل تقييم المستوى
    75









  4. #4
    إدارية ومشرفة الركن الإسلامي
    تاريخ التسجيل
    Jan 2010
    المشاركات
    19,702
    معدل تقييم المستوى
    10
    وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

    نسأل الله ان يجعل قلوبنا وجميع المسلمين طاهرة سليمة من كل داء ويجعلها تقية نقية ،،،

    شكر الله لك هذا الطرح القيم والمبارك ونفع به ،، وأجزل لك العطاء ياغاليه ،،،
    دخول متقطع ،، ارجو المعذره ،،
    نسأل الله العفو والعافيه في الدنيا والاخره
    (رحمك الله ياأبتاه وغفر لك وجعل مأواك جنة الفردوس الاعلى وجمعنا بك فيها )

    للمحتشمات ( أعجبني )
    هذا البهاءُ الذي يزدانُ رونقُـــــــهُ
    فيكن من يا تُرى بالطهـر حلاه ؟
    هل مثلكن نساء الارض قاطبـة
    أم خصكن بهذي الفتنــــةِ الله ؟
    (د. فواز اللعبون )


صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. هل هذا جزاء الاب
    بواسطة ام احمد ج في المنتدى القصص , روايات
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 22-03-2016, 10:17 PM
  2. حزام نجوى كرم
    بواسطة ام سليمان . في المنتدى مستعمل
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 02-09-2012, 07:16 AM
  3. جزاء حبي ... حصري
    بواسطة بيلسااااان في المنتدى قصائد , خواطر , لـــــ لمنقول ( مما راق لي )
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 05-04-2010, 09:32 PM
  4. حساء الخضار
    بواسطة وردة أريحا في المنتدى المقبلات والمشروبات
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 29-03-2010, 12:16 AM
  5. رأيت أنه قد مات وهو لا يزال حيا
    بواسطة مهجة في المنتدى تأويل,(لكل عضوة رؤيا واحدة في كل اسبوع)
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 21-11-2005, 08:50 AM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

مواقع النشر

مواقع النشر

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

أهم المواضيع

المطبخ

من مواقعنا

صفحاتنا الاجتماعية

المنتديات

ازياء | العناية بالبشرة | رجيم | فساتين زفاف 2017 | سوق نسائي | طريقة عمل البيتزا | غرف نوم 2017 | ازياء محجبات | العناية بالشعر | انقاص الوزن | فساتين سهرة | اجهزة منزلية | غرف نوم اطفال | صور ورد | ازياء اطفال | شتاء | زيادة الوزن | جمالك | كروشيه | رسائل حب 2017 | صور مساء الخير | رسائل مساء الخير | لانجري | تمارين | وظائف نسائية | اكسسوارات | جمعة مباركة | مكياج | تسريحات | عروس | تفسير الاحلام | مطبخ | رسائل صباح الخير | صور صباح الخير | اسماء بنات | اسماء اولاد | اتيكيت | اشغال يدوية | الحياة الزوجية | العناية بالطفل | الحمل والولادة | ديكورات | صور حب | طريقة عمل القرصان | طريقة عمل الكريب | طريقة عمل المندي |