الإفساد بين الزوجين
قال تعالى: ﴿وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾ سورة القصص آآية 77
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) – النساء 1
( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) – الروم 21
جعل الله الزواج سكناً وأنساً بين الزوجين، قال - تعالى -: (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمه إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) .
ومن مقاصد الشريعة في الزواج : استقراره وحصول الوئام والألفة بين الزوجين .. لما يترتب على ذلك من المصالح العظيمة، والفوائد الجليلة.
وقد حرص الشارع الحكيم على تقوية أواصر المحبة ودفع الأمور الجالبة للخلاف والفراق بين الزوجين قال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: " استوصوا بالنساء خيراً... " وقال: " لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضي منها آخر" رواه البخاري، وقال أيضاً:" خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي".
ومن السنن الإلهية وقوع المشاكل الزوجية في البيت المسلم، حتى بيت النبوة لم يسلم من ذلك لحكم ربانية، ولكن الله - عز وجل - وضع منهجاً رائعاً في التعامل مع المشاكل والخلافات بين الزوجين، يتمثل في قوله-تعالى -: واللاتي تخافون نشوزهنّ فعظوهنّ واهجروهنّ في المضاجع واضربوهنّ فان أطعنكم فلا تبغوا عليهنّ سبيلاً إن الله كان علياً كبيراً".
والإفساد بين الزوجين جرم عظيم من كبائر الذنوب، وهو من جنس عمل الساحر" فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه", والتفريق بين الزوجين من أعظم ما يفرح به إبليس عند بعثه سراياه كما أخبر به النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الذي رواه الإِمام مسلم قال: «إِنَّ الشَّيْطَانَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى المَاءِ ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ فِي النَّاسِ فَأَقْرَبُهُمْ عِنْدَهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ عِنْدَهُ فِتْنَةً، يَجِيءُ أَحَدَهُمْ فَيَقُولُ مَا زِلْتُ بِفُلاَنٍ حَتَّى تَرَكْتُهُ وَهُوَ يَقُولُ كَذَا وَكَذَا. فَيَقُولَ إِبْلِيسُ لاَ وَاللَّهِ مَا صَنَعْتُ شَيْئاً . وَيَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَـيْنَهُ وَبَـيْنَ أَهْلِهِ. قَالَ فَيُقَرِّبُهُ وَيُدْنِيهِ (ويلتزمه) وَيَقُولُ نِعَمَ أَنْتَ» رواه مسلم.
والإفساد بين الزوجين له صور كثيرة منها:
(1) المشي بين الزوجين بالنميمة، وكلام السوء في سائر الأحوال.
(2) تخبيب المرأة على زوجها وإيغار صدرها بذكر مساويه، أو تحريضها على الخلع والطلاق أو المطالبة بما لا يحق لها، أو نشوزها والخروج عن طاعته.
(3) إفساد الرجل على زوجته: بذكر مساويها وسوء أخلاقها، أو ذم أهلها وتحريضه على فراقها.
(4) أمر الوالد ولده بطلاق زوجته من غير داع شرعي، والواجب على الولد عدم طاعته في ذلك لأنه من المعصية وفيه ظلم للزوجة، وسأل رجلٌ الأمام أحمد: (إن أبي يأمرني أن أطلق امرأتي؟ قال: لا تطلقها! قال: أليس عمر أمر ابنه عبد الله أن يطلق امرأته؟ قال: حتى يكون أبوك مثل عمر -رضي الله عنه-. وقال شيخ الإسلام فيمن تأمره أمه بطلاق امرأته؟ قال: لا يحل له أن يطلقها، بل عليه أن يبرها! وليس تطليق امرأته من برّها.
(5) اشتراط الزوجة طلاق ضرتها، سواء من ذلك عند إبرام العقل أم بعد زواجها، فيحرم على كلتا الزوجتين طلب فراق الأخرى لأنه من الظلم، وسوء ظن بالله، وضعف في القضاء والقدر وقد نهى عنه، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" لا تسأل المرأة طلاق أختها لتـكفأ ما في إنائها"رواه الشيخان.
(6) تخبيب رجلٌُ أجنبي امرأة متزوجة وأقناعها بطلب الطلاق من زوجها الأول!! فإذا حصل الطلاق تزوجها، فيحُرم ذلك ولو كان الزوج الأول ظالماً لها، وذهب المالكية إلى فساد عقدة معاملة له بنقيض قصده.
(7) تدخل أجنبي بين الزوجين وقت النزاع بينهما، والسعي في حصول الطلاق، سواء كان من قبل أهل الزوج أو الزوجة أو غيرهما. والواجب على من بلغه شيء من نزاع الزوجين ألا يتكلم فيمابينهم إلا بتحقق أمرين:
الأول: أن يؤذن له ويرضى به حكماً
الثاني: أن يسمع من كلا الطرفين حتى تتضح الصورة، وينكشف الحال وتم العدل والأنصاف.
* وأكثر ما يدخل على الأسرة في إفسادها من قبل المرأة، لكونها ضعيفة تغلبها العاطفة وتؤثر فيها الكلمة، فتعمل فيها عمل السيف في نحور الرجال وهذا أمرٌ مشاهد؟؟
* وكثير من النساء يسعين في الفتنة دائماً للتفريق حسداً أو غيرة أو فضولاً أو رقة في الدين أو تأثراً في الإعلام الفاسد.
* ويجب على كلا الزوجين تجنب مجالس الفتنة والابتعاد عن أصدقاء السوء الذين يؤججون نار الفتنة، وإن ابتليت الزوجة بأهل سوء يغرونها بالفرقة أو يوقعونها بالمشاكل فلتحذر منهم ولتؤدِ فيهم حق الله من الصلة على قدر الحاجة ولا تسترسل معهم في باطلهم.
* والمفسد بين الزوجين ضعيف الإيمان قليل المرؤة ظالم لنفسه، معتد على غيره محقق لمراد الشيطان والله سائله يوم القيامة عن جرمه، والورع كل الورع الكفّ عن ذلك !!
* ويجب أن يعلم أنه مهما كانت ظروف الزوجين متعسرة وأحوالهم متكدرة من تقصير الزوج أو ظلمة، أو نشوز الزوجة أو تفريطها في حقه فان الأصلح لهما بقاء الزوجية ودوام العشرة، فالبيوت قد تخلُ من المحبة وتقوم غالباً على المرؤة ومكارم الأخلاق، وهذا أصلٌ عظيم دلّ عليه الشرع والواقع ففي الحديث" أبغض الحلال إلى الله الطلاق" رواه أبو داود.
فينبغي للمفتي والواعظ مراعاة هذا الأصل والسعي في تحقيقه مالم يوجد في أحد الزوجين مانع ٌ يمنع من دوام العشرة، كانحراف الزوج أو سوء المرأة أو حصول البغض بين الزوجين فهنا يكون الفراق مخرجاً؟؟؟
د - خالد بن سعود البليهد
مواقع النشر