بسم الله الرحمن الرحيم
تحقيق - هياء الدكان
تحرص الأسر في هذه الفترة من كل عام على الاستمتاع بالأجواء الجميلة والخروج مع عائلاتهم في نزهات برية خلوية، فيما تشاهد لوحات إرشادية تحثهم على الحرص على النظافة والظهور بمظهر حضاري وذلك بترك الأماكن البرية نظيفة وتطبيق شعار (دع المكان أفضل مما كان) وقد شُهِد لعدد من الأسر حرصهم على تطبيق ذلك الشعار وذلك باتباع خطوات من شأنها المحافظة على المتنزهات البرية بتخصص أكياس لجمع النفايات لأقرب حاوية، كما شُهد لأسر أخرى مشاركة أبنائهم في تنظيف المكان قبل الجلوس فيه وبعده باذلين وسعهم في جمع النفايات ووضعها في مكانها المخصص أو إحراقها ثم دفنها ليعيش الجميع في أجواء نظيفة وجميلة مشجعين بهذا العمل أبناءهم من الجيل الواعد على أن يكونوا أفراداً فاعلين في المجتمع ومصلحين، وفي الوقت نفسه تطبيقاً لمنهج ديننا الذي يدعو للنظافة كما جاء عن رسول الهدى- صلى الله عليه وسلم- ( إماطة الأذى عن الطريق صدقة ). وفي الجانب الآخر يمارس بعضهم سلوكاً لا يمت لديننا أو أخلاقنا بصلة فقد ترك المكان أسوأ مما كان، ولم يكتف حتى بترك المكان كما كان بل زاد عليه أن جعله أقرب ما يكون إلى مكب للنفايات.
في هذا السياق تؤكد المستشارة التربوية الأستاذة أسماء سلام من دولة الكويت أن ترك المكان أفضل مما كان شعار يجب أن يتحلى به أفراد الأسرة المسلمة أينما حلوا وارتحلوا فهو شعار يدل على صدق الإيمان الكامن في القلوب الذي يصدقه العمل، مبينة أن من نتائج تطبيق هذا المبدأ ؛ تهيئة الفرصة لنا ومن يأتي بعدنا للاستمتاع بالمكان وأن يشعر الفرد في أي مكان حل وارتحل به أنه ملكه ولابد أن يحافظ عليه و تعميق مفهوم الرفق بالبيئة وذلك بالمحافظة على مواردها وكائناتها.
وأوضحت المستشارة التربوية أن ترك المكان بدون نظافة يسبب الفساد في البيئة التي نعيش عليها وقد أكرمنا الله سبحانه وتعالى بأرض طيبة صالحة وأمرنا الله بالمحافظة عليها وعلى كل كائناتها.
*.
كما أن التفكر في خلق الله والترفيه عن النفس من شأنه أن يخلق مزيد توطيد العلاقة مع الله سبحانه وتعالى أثناء الرحلات
كذلك من الأمور المهمة التي يراعى أخذها بالاعتبار في الرحلات هو الأخذ بالأسباب الممكنة للأمان في الصحراء واتباع الإرشادات حتى تصبح الرحلة من الرحلات الآمنة بالإضافة التربية العملية للنفس والأولاد بعيدا عن الرقابة من الناس وتتجلى في تحقيق العبادة والمحافظة على الصلاة، وبث روح التعاون بين أفراد الأسرة ولتشارك الأسرة كاملة في توفير الخدمات للجميع، ففي البر يكون الوقت متاحا للمعايشة الكاملة بلا عمل أو دراسة وتكون النفس صافية وتستقبل أفضل مما تستقبله في ضغوط الحياة في الحضر.
وتقول الكاتبة شيخة بنت عبدالله آل طالب تعتبر الرحلات البرية من أنواع الترفيه التي تفضلها العائلات وخاصة لدينا هنا في مملكتنا الحبيبة، النزهة في البر نعمة كبيرة فبها نروح عن أنفسنا معتبرة ملجأ للراحة النفسية.
وأبدت شيخة آل طالب حزنها
من تصرفات بعض العوائل عند تنزههم في البر حيث إنهم لا يدركون معنى النظافة العامة ووجوب المحافظة عليها، داعية إلى الحرص على النظافة العامة في البر وأهمية استحضار تطبيق النظافة بجلب أكياس مخصصة لجمع النفايات، مضيفة إلى أهمية اعتبار البر ملكاً لجميع المتنزهين، ومن غير اللائق ترك المخلفات في المكان الذي اتسعهم واستمتعوا به. وتشاركنا المشرفة التربوية هدى الدوسري - رئيسة وحدة علم النفس وعلم الاجتماع بمكتب التربية والتعليم بالشفا بقولها
(إن سلوك الفرد في التنزه بالأماكن الخلوية مرآة عاكسة للمبادئ الإسلامية التي تحث على النظافة والطهارة في أي موضع ,كما أنه يجسد مستوى الوعي من نواح حضارية وتربوية واجتماعية فإذا وجدت هذه المعايير بالمستوى المطلوب تكون رادعة حتماً لكل شخص يريد أن يترك مكانه مليئا بالنفايات التي لها ضرر على البيئة ).
واقترحت هدى الدوسري بعض الحلول للتخفيف من هذه الظاهرة : فتقول: إن من الأهمية بمكان تعزيز دور الوالدين في تنشئة الأبناء على الانتماء الاجتماعية.
توظيف جماعات النشاط المدرسية في المحافظة على البيئية عن طريق تنظيم المسابقات الخاصة بتنظيف منتزه ووضع معايير جاذبة بالإضافة لتنظيم برامج توعوية هادفة من قبل وسائل الإعلام لمختلف شرائح المجتمع. وطالبت المشرفة التربوية تحديد غرامات مادية متدرجة لكل من يقدم على إلحاق الأذى بالمنتزهات أو البراري.
أما إبراهيم بن عبدالله الناصر من مدرسة أبي بن كعب لتحفيظ القرآن بالرياض فيبين أن ترك النفاية في أماكن التنزه قذارة، ولن يضر المتنزه أن يجمع نفايته فهو الذي خلفها ومن سوء الأدب أن يتركها؛ ضارباً بمبادئ النظافة عرض الحائط وكأن الأمر لا يعنيه، بل من الذوق أن يلفها في أكياس ويحملها لأقرب نفاية وتشارك فاطمة بنت أحمد الدوس إبراهيم في امتعاضها من الأماكن التي يتنزه فيها الناس وتجدها مكتظة بالأوساخ والقاذورات متسائلة عن الضير من حمل النفايات أو حرقها في مكان بعيد.
بينما يشدد عبد الرحمن بن عبد الله الجساس على أهمية النظافة بكونها عنوانا لنظافة الفرد نفسه، ومقترحاً أن يتم التنظيف بواسطة ملقط خاص أو عن طريق ارتداء قفاز، أو أدوات مخصصة للنظافة كالمحراث اليدوي الذي تتم من خلاله إيجاد حفرة صغيرة ما يمكنه من حرق النفاية وسطها ليستمتع الجميع بالأجواء البرية الخلابة في جو نظيف وصحي.
لمياء وفاطمة الدوس وطالبة معهد الإدارة يتمنين تكثيف التوعية وضرورة ذلك من كافة وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة لمن يترك قذارة أو نفاية في أي مكان دون تنظيف المكان مع قدرته على ذلك مما يسبب إفساد البيئة التي لا تتحمل المزيد من الأعباء.
أما الأستاذة نورة عبدالرحمن القاسم وهي مشرفة التقنيات التربوية بتعليم البنات فلها قصة مع النظافة في البر فتقول نحن الآن في نهاية أسبوع حافل بالعمل مما يحتاج معه المرء لبضع سويعات يجتمع فيها بعائلته وسط أجواء جميلة وخلابة، وكان ذلك الأسبوع الذي قررنا فيه رحلتنا الرمال الذهبية في منطقة العاذرية القريبة من مدينة الرياض يحدونا الأمل بنزهة لا مثيل لها وما أن اقتربنا حتى صعقنا بالمكان الذي أشبه ما يكون بمرمى النفايات مثلا، فأخذنا طريقاً آخر للحصول على مكان أنظف، وبالفعل توقفنا في مكان لا نرى فيه آثاراً ظاهرة للوساخة فما هي إلا لحظات من وقوفنا إلا ونسمع صراخ ابنتي التي كادت لولا عناية الله أن تنغرس في قدمها - أكرمكم الله - زجاجة غطتها رمال النفود؛ جراء متنزهين لم يراعوا حق البر وحق المتنزهين الذي يأتون بعدهم.
وفسرت القاسم هذا التصرف بأنه من أشخاص لم يقتنعوا بمبدأ النظافة فما أن يبتعدوا عن عين الرقيب إلا ويعيثوا في الأرض فساداً ووساخة، داعية إلى ضرورة نشر الوعي بأنواعه مع التدريب والتطبيق سواء أكان بيئيا أم صحيا أم دينيا أم اجتماعيا وليس بإلقاء المحاضرات والخطب بل باستخدام الأساليب الحديثة في الإقناع والتدريب والحث على الممارسة وبالتعاون بين كل مؤسسات المجتمع ابتداء من الأسرة وانتهاء بالإعلام
كما دعت إلى الأخذ ببعض الأفكار البسيطة كالاستفادة من علب الماء الكبيرة والفارغة وجمع النفايات بها أو إفراغ محتويات بعض العلب الكرتونية والبلاستيكية والمعدنية التي يمكن تفريغها في أكياس أثناء إعداد متطلبات الرحلة قبل الذهاب. كما يفضل استخدام الأدوات الورقية كالصحون والكاسات عوضا عن البلاستيكية للحد من الأضرار.
وتمنت مشاركة الكل في جمع المخلفات بعد انتهاء النزهة وبث روح الحماسة فيهم والتنافس بينهم وجعلها في بادئ الأمر كالمسابقة الخفيفة وتدريب الأطفال عليها لغرس هذا السلوك فيهم، وتطبيق معنى الإيمان الحق لنشر الوعي بيننا وبين أبنائنا ونكون القدوة الصالحة لهم ولغيرهم ولنكن أكثر تقديرا للأمانة التي حملناها وللمسؤولية الملقاة على عواتقنا ولنحافظ على ثرواتنا الطبيعية قبل أن نبكي على فقدانها بل قبل أن تتحول إلى أداة تقتلنا ومقبرة لأبنائنا!!
منقول
رد مع اقتباس
مواقع النشر