الرجاء والدعاء
صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 4 من 10

الموضوع: الرجاء والدعاء

  1. #1
    مشرفة الركن الإسلامي الصورة الرمزية ام سارة**
    تاريخ التسجيل
    Sep 2014
    المشاركات
    5,124
    معدل تقييم المستوى
    24

    hdffg الرجاء والدعاء




    الرجاء والدعاء

    إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.. صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
    أمَّا بَعْد: فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته، معنا في هذا الدرس حديث عظيم، هو قاعدة من قواعد الإسلام، وأصل من أصول الدين، رواه الإمام الترمذي في كتابه السنن يقول: عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (قال الله تبارك وتعالى: يا بن آدم! إنك ما دعوتني ورجوتني إلا غفرت لك، يا بن آدم! لو بلغت ذنوبك عِنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا بن آدم! لو لقيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً للقيتك بقرابها مغفرة) هذا الحديث رواه الترمذي وقال: حديث حسن، وهو حديث قدسي؛ أي: أن لفظه من الرسول صلى الله عليه وسلم ومعناه من الله الواحد القهار، وهو حديث تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم، ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله.
    والترمذي هو صاحب السنن التي قدمها هدية للأمة الإسلامية، وهي من الكتب الأصيلة، فهي من الكتب الستة التي عليها بعد القرآن ومدار رحى الإسلام، والتي نواجه بها أعداء الدين، والتي نفتخر ونتشرف أن تكون من ميراثنا ومن تراثنا، ومن حكمة الله عز وجل أن الله حفظ لنا الوحي الذي أنزله على محمد صلى الله عليه وسلم في الكتاب والسنة بهذه الكتب.
    لما قدم التتار -المغول- مع جنكيز خان من صحراء سيبيريا واجتاحوا العالم الإسلامي وذلك حين ضعفت لا إله إلا الله في قلوب المسلمين؛ وتركوا المساجد؛ وتلفتوا إلى المغنين والمغنيات والخمارات، فابتلاهم الله عز وجل بأمة لا تعرف الرحمة، ولذلك في الأثر: (من لم يتعرف إليَّ سلَّطُّت عليه من لا يعرفني) فهؤلاء التتار المغول ما عرفوا الله عز وجل، وهم برابرة القلوب؛ فيهم قسوة لا يعلمها إلا الله، لا يعرفون الرحمة، إنما يعيشون على الدم، وهم أول شعب امتاز بسفك الدم في العالم، فاجتاحوا العالم الإسلامي، ودمروا المساجد، وحولوا بيوت الله عز وجل إلى إسطبلات للخيول، وكان أحدهم يصعد على المنبر ويشرب كأس الخمر والناس جلوس، وكانوا يقفلون باب المسجد، وكلما دخلت جماعة داخل المسجد يدخل أحدهم بالسيف فيقتل من في المسجد جميعاً.
    وبلغ من الذلة والقلة والهوان لما هانت الأمة في عين الله عز وجل أن يأتي التتري ويقول للمسلمين وهم جماعات: ابقوا هنا حتى أذهب إلى البيت فآخذ سيفاً وأقتلكم به، فلا يتحركون خوفاً حتى يأتي، ويقول للمسلم -يوم كان الإسلام اسماً-: ضع رأسك على الصخرة حتى آتي، فيضع رأسه فيأتي التتري يذبحه بالسيف، ولكن ما كان الله ليعطل رسالة الرسول صلى الله عليه وسلم، وما كان الله لينهي لا إله إلا الله في الأرض؛ لأنه دينٌ عالمي، يقول الأستاذ سيد قطب رحمه الله في تفسير قوله سُبحَانَهُ وَتَعَالى: وَمَا هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ [القلم:52]
    قال: يا ألله! إنها دعوة تعلن عالميتها من اليوم الأول.

    الرسول صلى الله عليه وسلم وحيد، معه ثلاثة زيد بن حارثة وأبو بكر وعلي، وقريش بالسيوف وبالموت من كل جانب، ويقول سُبحَانَهُ وَتَعَالى من السماء: وَمَا هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ [القلم:52]
    وبالفعل سرت الدعوة العالمية حتى سجد لله أهل السند الذين ما عرفوا الله، وأهل أسبانيا الذين ما عرفوا لا إله إلا الله، فلما أراد الله أن يعيد للأمة قوتها، هل تعود قوتها بالطائرات والدبابات وبالتدريب؟ لا. إنما تعود قوتها إذا عادت إلى الله عز وجل؛ لأن هذه الأمة مختارة اختارها الله للخلافة في الأرض، واختارها لأداء الرسالة، فإذا تعرَّفت على الله عرف الله الناس قدر هذه الأمة وعظمتها وسموها.

    فأتى قطز السلطان المملوكي الذي كان يباع ويشترى في السوق فأعتقه كثير من أهل العلم، ثم تولى بقوته وشجاعته الحكم، فعاد إلى الله عز وجل وجمع الأمة الإسلامية، فصعد على المنبر يوم الجمعة في القاهرة، فقطع قلبه بالبكاء، والعالم الإسلامي أصبح ممزقاً، التتار من كل مكان، والناس إذا سمعوا صوتاً أو رجفةً ظنوها تترياً فيكاد أحدهم يسقط، حتى إذا دعت المرأة على ابنها كما يقول المؤرخون تقول: لاقى الله بينك وبين مغوليٍ أو تتري.
    فصعد هذا يوم الجمعة، واختطب خطبة شجاعة إيمانية وقطعها بالبكاء، ثم نادى: واإسلاماه، فتحرك الإسلام في القلوب، وتحركت لا إله إلا الله في النفوس، وعادت القلوب إلى بارئها سُبحَانَهُ وَتَعَالَى الذي يكسب القوة، واجتمع المسلمون من كل حدب وصوب في مصر، حتى إن الذهب والفضة أصبح صُبَر -أي: أكواماً- وكانت المرأة تلقي خاتمها وخرصها ولا تبقي عليها من الذهب شيئاً؛ لأن الله عز وجل يقول: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ [الأنفال:60]
    فلا تكفي القوة الروحية؛ لأنها رهبنة، لكن مع القوة الروحية قوة جسمية وفكرية وعلمية وعسكرية؛ فكان قطز يستعرض مع العلماء بعد كل صلاة من القاهرة إلى القناطر يستعرض الجيش الإسلامي؛ فكانوا يتدربون، وكانوا يبارون السهام، وكانوا يتناضلون حتى الغروب، ثم يبدءون من الغروب في صلاة واستغفار حتى الفجر.

    وكان يصلي بهم الحاكم قطز، فيدعو ويبكي، ويقول: اللهم إن تهلك هذه العصابة فلن تعبد في الأرض؛ معنى ذلك: أن الجيش الذي اجتمع في مصر إذا سحق فعلى لا إله إلا الله السلام، سوف تنتهي الدعوة الخالدة والمسلمون من الأرض، واجتمع معه العلماء وأمروه أن يحرم الربا، ويمنع الخمور، وينهى عن المعاصي والفحش فمنعها؛ لأن الأمة كلما عصت الله عز وجل سلط الله عليها من هو أعصى له سُبحَانَهُ وَتَعَالَى من هؤلاء العصاة، فعادوا، وحرم الربا، وحرم الخمور، حتى يقول أحد الزهاد وهو يعظ قطز قبل المعركة:
    حرمت كاسات المدام تعففاً وعليك كاسات الحرام تدور
    ويقول في أولها:
    مثل لنفسك أيها المغرور يوم القيامة والسماء تمور
    فبكى حتى سقط من على كرسيه، هذا قطز، وفي الأخير اجتمع مع العز بن عبد السلام؛ العالم الشافعي الكبير، واستعرض آخر استعراض للجيش، وأوصاهم بتقوى الله عز وجل، وأمرهم أن يصوموا قبل المعركة ثلاثة أيام؛ لأنها من أعظم المعارك التي عرفها التاريخ، فعرفوا اللجوء والرجوع إلى الله عز وجل حين ضاقت الضوائق وحين قالوا: واغوثاه واإسلاماه.
    والتقى المسلمون والتتار بين الشام ومصر في معركة طاحنة، وتقدمت كتائب التتار كالجبال، ابن جنكيز خان الذي كان القائد ما كان يعرف الرحمة أبداً، وظن بعض المؤرخين أنهم لن يهزموا في التاريخ، فلما تقدموا أرسل التتار والمغول الجمال وكان عليها شوك فأخذت تجتاح جيش المسلمين فانهزمت المقدمة، وانهزم القلب، وانهزمت الميمنة، وانهزمت الميسرة، وبقي قطز وسط المعركة يقول: لا إله إلا الله، فلما انهزم الجيش أخذ قلنسوة الجيش المسلم أخذ خوذته التي على رأسه وتحميه من الضرب فوضعها في الأرض وداسها بقدمه وقال: واإسلاماه؛ معنى ذلك: أن الإسلام قد انتهى، ولكن: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ [الحجر:9]
    فلما سمع الجيش (واإسلاماه) رفع الله هذا الصوت، يقولون: ما قالها إلا بكلمة منخفضة لكن رفعها الله حتى سمعها كل الجيش، فعادوا يقاتلون كما يقاتل الإنسان عن ابنه أو عن نفسه، وجاء وقت الظهر وقد ولى التتار أدبارهم، فيقول قطز: لا ترفعوا السيوف عنهم حتى ندخلهم دمشق، فأخذوا يأسرون ويضربون ويقتلون حتى تهاوى العشرات والمئات على وجوههم، وأصبحوا يقتلونهم ثلاثة أيام بلياليها، حتى اقتربوا من دمشق.

    يقول المؤرخون: أصبحت الريح تأخذ أظفار هؤلاء التتار من الأموات فيسمع لها خشخشة كخشخشة الأوراق من كثرتها، وأصبحت الأرض منتنة من روائحهم، حتى تهب الريح العاصف فيجدها أهل المدائن وأهل القرى من روائح القتلى؛ مجزرة في التاريخ ما سمع بمثلها.


  2. #2
    عضوة قمة
    تاريخ التسجيل
    Apr 2010
    المشاركات
    254
    معدل تقييم المستوى
    15
    ممتاز بارك الله فيكى

  3. #3
    مشرفة الركن الإسلامي الصورة الرمزية ام سارة**
    تاريخ التسجيل
    Sep 2014
    المشاركات
    5,124
    معدل تقييم المستوى
    24

    أوشكوا على دخول دمشق فتصدى لهم شيخ الإسلام ابن تيمية، فعندما أرادوا الدخول واجتياح دمشق قام في رمضان وشرب الماء أمام الناس، وهو صائم والناس صيام، وقال: لا صيام لكم والمعتدي الأجنبي قد دخل البلاد، فأفطروا جميعاً.
    ثم وقف ابن تيمية وألقى خطبة من سمعها يظن أن القيامة قامت، وكان يقطع صوته بالبكاء، ويقول: والله لننتصرن، والله لننتصرن، والله لننتصرن، فيقول الصف المقدم: قل إن شاء الله، فيقول: إن شاء الله تحقيقاً لا تعليقاً.
    والتقوا في معركة شقحب، وسحق بقية التتار وفرَّ قائدهم ومن معه من زعمائهم.
    وقبل ذلك وصلهم ابن تيمية يعظهم في مخيماتهم، فقال له قازان حفيد جنكيز خان: ادع لي، فيقول ابن تيمية وقد رفع يديه: اللهم إن كان في حياة هذا العبد خيرٌ لدينك فأحيه، وإن كان فيه شرٌ لدينك فأمته واسحقه واقطع دابره، فكان يقول: آمين، ولا يدري ما معنى الكلام، وفي الأخير هداه الله إلى الإسلام، ودخل كثير من التتار في الإسلام، وعاد الإسلام منصوراً.
    والشاهد من القصة: أن التتار لما قدموا على بغداد أخذوا الكتب كل الكتب إلا ما شاء الله ووضعوها في النهر فجعلوها جسوراً تمر عليها الخيول المسلحة.
    فيقول أهل التاريخ: الحمد لله ما فاتنا شيء من التفسير، ولا من الحديث، ولا من الفقه،، إنما فاتتنا كتب الخزعبلات، والتراهات، وكتب النفاق، والمنطق، وعلم الكلام التي أدخلها المأمون وأبناؤه وأضرابه التي جاءت بالشقاء والنكد على الأمة، وأبقى الله لنا من ضمن ما أبقى سنن الترمذي، وكذلك يرفع الله المخلصين بكتبهم وكلماتهم، كما قال تعالى: (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ) [الرعد:17].
    واليوم تؤلف المؤلفات الكثيرة طعناً في الإسلام، ويؤلف أهل الشعر من الحداثيين الذين ينهجون نهج الإلحاد قصائد لكنها سوف تموت؛ لأن الحق حيٌ وأما الباطل فيموت في كل يوم عشر مرات.
    فالمقصود: أنه من ضمن هذا التراث سنن الترمذي؛ الذي تسمعونه دائماً على المنابر، وفي المحافل والإذاعات، وفي فصول الدراسة، حين يذكر حديث ويقال: رواه الترمذي؛ لأن الله علم إخلاص هذا الرجل فرفعه بكتابه.
    الترمذي رجل بسيط ولكن عظَّمه الإسلام والتقوى والعلم، يقول عنه الذهبي: ثبت عن الترمذي أنه بكى حتى عميت عيناه، فكان أعمى في آخر حياته، يتلقى العلم، ويملي على تلاميذه، فأصبح من أحفظ الناس، تسمعه يورد الحديث بروعة فائقة ثم يقول: حديث حسن صحيح، أو حديث حسن، أو حديث صحيح, أو حديث غريب؛ وهذه مصطلحات تعرف من علم المصطلح.
    أما الحديث الذي معنا في هذا الدرس، فإنه حديث بشرى، يزف لكل مسلم يؤمن بالله واليوم الآخر.
    والرسول عليه الصلاة والسلام كان كلما أرسل داعية، أو أرسل معلماً، أو مربياً، قال: (بشروا ولا تنفروا، ويسروا ولا تعسروا) لأن معاذاً لو جاء إلى اليمن رضي الله عنه وأرضاه وأمثاله، فقال: ويل لكم من نار تلظى لا يصلاها إلا الأشقى. ويل لكم من الله الذي سوف يأخذكم أخذ عزيز مقتدر، مالكم لا تبكون؟! أتضحكون؟! لنفر الناس من الإسلام ولما دخلوا في دين الله، وهذا مجرب، وأنا كطالب عالم -أو طويلب علم- أرى أن من الحكمة أن يقرن الرجاء بالخوف، وأن تخصيص جلسات للخوف مطلقاً إنما هو إرهاب للفكر المسلم، بل لا بد من إقران الخوف بالرجاء.
    دخل الفرنسيون الجزائر وحطموا منارات الإسلام في الجزائر، وقام أحد علماء الجزائر عبد الحميد بن باديس- ليخاطب شعب الجزائر ليردهم بالخوف من الله عز وجل حتى يتركوا الخمور والزنا والربا، فلما سمعوا هذا الكلام يئسوا من رحمة الله عز وجل، وقنطوا وزادوا في المعاصي، فعاد فدعا الله عز وجل، ما هو المفتاح لقلوب الجزائريين حتى يعيدهم إلى الله، فتذكر أنه لا يوجد مفتاح إلا الرجاء في رحمة الله، ثم قال كلمته المشهورة على المنبر في جنوب الجزائر:
    شعب الجزائر مسلم وإلى العروبة ينتسب
    من قال قد هودته قلب الحقيقة أو كذب
    أو كما قال، ثم قال: شعب الجزائر لا يعود إلى الله إلا بالرجاء، فأتى بأحاديث التوبة، ومثل هذا الحديث في الرجاء، فلما سمع الناس أن هناك رباً رحيماً غفوراً وأنه يقبل توبة العبد، ويغفر له؛ دخلوا في دين الله أفواجاً، وما هي إلا سنة واحدة حتى قدموا مليوناً من القتلى، وسحقوا فرنسا بكبريائها وعتوها وغطرستها في الأرض، وأخرجوا المستعمر من بلادهم.
    فالمقصود أن الرجاء باب عظيم، وأنه مفتاح للدخول على الله عز وجل، حتى مدح ابن القيم كتاب الرجاء، وقال: هو الباب الذي يجنح بالعبد إلى الله، والعجيب أنه في رياض الصالحين أتى بكتاب الخوف فيما يقارب أربع صفحات، ثم أتى بكتاب الرجاء في ثمان صفحات ثم أتى بفضل الرجاء في ست صفحات لتأتي القلوب إلى الله عز وجل.
    قال ابن القيم في مدارج السالكين: العاقل لا يبني قصراً ويهدم مصراً.
    ثم قال: هناك رجل اسمه الحارث المحاسبي ألف كتاباً اسمه الرعاية، فلما قرأه الناس تركوا المساجد، وكتاب الرعاية كتاب رقائق وأدب وسلوك، لكنه ليس تربوياً؛ لأنه ظن أنه سوف يخوفهم، ويضربهم بسوط الخوف حتى يأتوا إلى بيوت الله، فلما دخل وتعمق، وأكثر من الخوف؛ ترك الناس المساجد وتعطلت بيوت الله عز وجل، وهذا معروف، يقول ابن الوزير في العواصم والقواصم: إن الخوف إذا كثر على النفوس كلت وملت، فإنك لو تقوم في مجتمع صغير أو قرية فتقوم لهم كل صباح وكل مساء: مالكم لا تبكون؟! أين أنتم من كذا؟! ثم تجمع قصص الخوف لقطعت قلوبهم، وقالوا: ما هي أعمالنا؟ إذاً هذه الصلاة لا تنفعنا، والذكر لا ينفعنا، وقراءة القرآن، ونترك الصدقة، ونترك الإخوة، وييئسون من رحمة الله، لكنك إذا أعدتهم إلى الله عز وجل بباب الرجاء مع لذع من الخوف لعادوا بإذن الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، فلا يستغرب مستغرب أننا نكثر دائماً من أحاديث الاستغفار والرجاء؛ لأن أهل أبها أناس لا يعودون إلى الله إلا بالرجاء مع شيء من الخوف، كما يعود الجزائريون إلى الله عز وجل بالرجاء، فيقول صلى الله عليه وسلم يقول الله عز وجل: {يا بن آدم! إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي}
    لا أحلم من الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، ولذلك يحلم سُبحَانَهُ وَتَعَالَى عن الكافر الفاجر، تجد بعض الفجرة يقتل المسلمين ويسحقهم سحقاً، يسحق المدينة، ويقتل الأطفال والنساء، ويعذب، ويشنق، ويربط، وينصب الزنزانات، ثم يلتفت المؤمن يقول: أما هناك انتقام؟! أما هناك محاكمة؟! أما يعلم الله ما يفعل هذا الفاجر؟! قال الله عز وجل في سورة إبراهيم: (وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ ) [إبراهيم:42]
    أي: لا تحسب أن الله غافل عنهم إنما هو وراءهم بالمرصاد، لكن: (إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ * مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُوسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء ) [إبراهيم:42-43].

    حتى يقول سيد قطب رحمه الله في سورة البروج: الحياة ليست طويلة حتى ينتقم الله من أهل الفجور وأهل الظلم، لا تكفي ستون سنة ليعذب الله هذا المجرم، فيدخر الله له العذاب آلاف السنوات.
    فالله عز وجل حليم سُبحَانَهُ وَتَعَالَى، فكيف إذا كان هذا المخطئ مسلماً في الأصل، ويحب الله عز وجل، ثم عاد فحاسب نفسه وتفكر فيما فعل في شبابه، ثم عاد إلى الله عز وجل يقول صلى الله عليه وسلم: {إن الله أفرح بتوبة العبد من أحدكم ضلت منه راحلته عليها طعامه وشرابه، فبحث عنها، فلما وجدها وقد أيس منها قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك! أخطأ من شدة الفرح}

    فالله أفرح بالعبد إذا عاد إليه سُبحَانَهُ وَتَعَالَى من هذا بناقته.

    ولذلك قال أهل العلم: آيات في كتاب الله عز وجل ما نريد أن لنا بها حمر النعم.
    وقال ابن مسعود رحمه الله: [[آية في كتاب الله والله ما أريد أن لي الدنيا بما فيها بهذه الآية، قالوا: وما هي؟ قال: قوله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى: (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً ) [النساء:31]
    قال بعض أهل العلم: من اجتنب الكبائر كفر الله عنه الصغائر.

    ثم تأتي الكفارات وسوف أذكرها، فيقول عز من قائل في كتابه: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53]
    وقال جل ذكره: وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ [آل عمران:135-136].


  4. #4
    مشرفة الركن الإسلامي الصورة الرمزية ام سارة**
    تاريخ التسجيل
    Sep 2014
    المشاركات
    5,124
    معدل تقييم المستوى
    24
    أورد ابن القيم وابن كثير أن الله سُبحَانَهُ وَتَعَالَى لما أنزل كلمات إلى يحيى عليه السلام ليبلغها قومه، والحديث في المسند وفي الترمذي، تأخر فما بلغها يحيى عليه السلام بني إسرائيل، فإن الله كان يبعث في بني إسرائيل في الفترة الواحدة نبيين وثلاثة وأربعة وربما وجد العشرة من الأنبياء في فترة واحدة، فكان يحيى وعيسى عليهما السلام ابني خالة، وكانا مبعوثين في بني إسرائيل فتأخر يحيى فما بلغ، فقال عيسى عليه السلام: إما أن تبلغ ما أنزل الله إليك وإلا فاتركني أبلغ أنا، قال يحيى: أبلغ، فجمع بني إسرائيل وقام فيهم خطيباً فوعظهم.
    قال أهل العلم: كان يحيى عليه السلام دائم العبوس، لا يتبسم، وذلك: من حزنه، ومن تذكره للقاء الله، وكان عيسى عليه السلام كلما لقي أحداً تبسم له، ولذلك أخذ صلى الله عليه وسلم من هذا أنه يقول للصحابة إذا أرسلهم: {بشروا ولا تنفروا، ويسروا ولا تعسروا}
    وأخوف الناس وأعلمهم بالله هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومع ذلك كان بساماً، وفي الصحيح أن جرير بن عبد الله قال: {ما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا تبسم في وجهي}.

    قال أهل العلم في ترجمة ابن سيرين رحمه الله: ومن مثل ابن سيرين؟!
    كنا نلقاه في النهار بساماً ضحاكاً، فإذا أظلم عليه الليل سمع جيرانه بكاءه من خشية الله، كان يبيع ويشتري في الزيت، وورد أنه أتت له جرار زيت، وقع فأر في جرة من الجرار، قيمة الجرار مائة ألف درهم، ووقع فأر في جرة فما درى أين الجرة، فأمر بإهدار جرار الزيت حتى لا يغش بها مسلماً، قالوا: وما وقع الفأر إلا في جرة. قال: ومن يؤمنني أنه في بعضها، أو أنه تلوث بعضها، ولا أعرف الجرة التي وقع فيها، فأتلف الزيت بمائة ألف، فعوضه الله صبراً وإيماناً ورفع منزلته، ولذلك يسمى التاجر الأمين، ولا يظن الناس أن العبادة ليست إلا بالذكر والصلاة، بل هناك عباد يدخلون الجنة من باب النفقة والصدقة، وهم التجار، ويفتح الله للعلماء باباً، ويفتح للدعاة، ويفتح للمصلين، وللمتصدقين، وللمجاهدين، وللصالحين، وللذاكرين؛ فانظر إلى بابك الذي تريد أن تدخل منه فادخل.

    قال عليه الصلاة والسلام: (يقول الله عز وجل: يا بن آدم! إنك ما دعوتني ورجوتني إلا غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي، يا بن آدم! لو بلغت ذنوبك عِنان السماء) وفي رواية: (عَنان السماء) العنان هو: الغمام، لو بلغت ذنوب العبد الغمام يعني: من الأرض إلى الغمام فتزاحمت وتراكمت حتى بلغت هناك فلقي الله عز وجل واستغفر لغفر له ولا يبالي سُبحَانَهُ وَتَعَالى، لأن الله لا يريد تعذيب العبد، لكن يطلب الله من العبد أن يذل ويخضع، وأن يرجع إليه سُبحَانَهُ وَتَعَالى، ليغفر له تبارك وتعالى.

    ورد في حديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه: لما كان في المسجد بعد صلاة العصر وأراد صلى الله عليه وسلم أن ينتقم من قريش؛ لنقضها صلح الحديبية؛ فإن نص المكاتبة أو مفهومها أن تضع الحرب أوزارها عشر سنوات إلا من ينقض العهد منهم، فإنه يكون المحروب والمنتقم منه، فنقضت قريش عهدها وميثاقها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قريشاً قتلت بعض أحلاف الرسول عليه الصلاة والسلام، فأراد أن يتثبت حتى يأتيه الخبر، فصلى صلاة العصر، وجلس صلى الله عليه وسلم يسبح والصحابة حوله، فدخل رجل من أحلافه -أتى من مكة- على جمل وقد قتلت قريش إخوانه وأبناءه، غدرت بعهد الله، ثم أتوا على أحلاف رسول الله صلى الله عليه وسلم في منى وفي الوتير فقتلوهم، فدخل وبيده عصا فقال:
    يا ربِ إني ناشدٌ محمدا حلف أبينا وأبيه الأتلدا
    يقول: أين المحالفة والمكاتبة؟! نُقضت.
    فانصر هداك الله نصراً أيدا وادعُ عباد الله يأتوا مددا
    في فيلق كالبحر يجري مزبداً إن قريشاً أخلفوك الموعدا
    ونقضوا ميثاقك المؤكدا وقتلونا ركعاً وسجداً
    فدمعت عيناه صلى الله عليه وسلم، ثم قال: (اللهم إن قريشاً نقضت عهدك، اللهم فانصرنا عليهم) فمر السحاب من قبلة المسجد يتقطع كأنه قذائف يمر تجاه مكة، يقول صلى الله عليه وسلم: (هذا العِنان أبشروا بالنصر) قام عليه الصلاة والسلام واستقبل القبلة قال: (اللهم عم عليهم أخبارنا) على قريش، ثم استنفر صلى الله عليه وسلم أصحابه فكانوا عشرة آلاف مقاتل، المهاجرون فيما يقارب ألفاً، والأنصار في ألف، وسعد بن هذي في ألف، وجهينة في ألف، وأسد في ألف، ومزينة في ألف، وجعل صلى الله عليه وسلم على كل كتيبة قائداً، وأراد الخبر أن يكون مكتوماً وألا يصل إلى قريش.
    حاطب بن أبي بلتعه كتب إلى قريش فأمسكت الرسالة وقرأها صلى الله عليه وسلم ودعا حاطب بن أبي بلتعه قال: (ما حملك؟ فأخبره الخبر، فقال عمر: يا رسول الله! دعني لأضرب عنقه فقد نافق، قال: يا عمر! وما يدريك لعلَّ الله اطلع على أهل بدر، فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم، فدمعت عينا عمر) ولم يدر كفار قريش، وما أتاهم خبر، ولا علموا حتى طوق صلى الله عليه وسلم مكة.
    جبل أبي قبيس في ليلة من الليالي يقول عليه الصلاة والسلام للجيش: (إذا وصلتم فليشعل كل واحد منكم ناراً) هم عشرة آلاف يعني: عشرة ألف نار، فنزلوا فاحتلوا جبل أبي قبيس وجبل قينقاع والثنية السفلى والثنية العليا وكديم وكل مكان، وبعد صلاة المغرب أوقدوا النيران وإذا بـمكة تضطرم ناراً كلها، فخرجوا من بيوتهم لا يعلمون ماذا هناك، فيقول أبو سفيان للعباس عم الرسول عليه الصلاة والسلام: ما هذا؟ قال: لا أدري؛ والعباس لم يدر؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم دعا أن يعمي الله عليهم أخبارهم، قال: أظن أنها خزاعة، قال: خزاعة أقل وأذل من ذلك، فأتى الخبر أنه صلى الله عليه وسلم ثم كان الفتح، حتى يقول حسان قبل المعركة بأشهر يقول:
    فإما تعرضوا عنا اعتمرنا وكان الفتح وانكشف الغطاء
    يقول: اتركونا نعتمر ندخل البيت.
    وإلا فاصبروا لجلاد يوم يعز الله فيه من يشاء
    عدمنا خيلنا إن لم تروها تثير النقع مطلعها كداء
    يقول: جعل الله خيلنا ما تعود إلينا.
    عدمت خيلنا إن لم تروها تثير النقع موعدها كداء
    ينازعن الأسنة مصعدات على أكتافها الأسل الظماء
    تظل جيادنا متمطرات يلطمهن بالخمر النساء
    لما دخل صلى الله عليه وسلم الحجون، فإذا بالخيل تأتي من كداء منطلقة وهي خيل خالد بن الوليد لأنه أتى من كداء، وإذا هي تلهث، وإذا نساء مكة يأخذن الخمر من رءوسهن -كأن حسان شهد الوقعة- ثم تمسح المرأة وجه الفرس بالخمار وذلك لعزتها، فيتبسم عليه الصلاة والسلام ويلتفت لـأبي بكر ويقول: (كيف يقول حسان؟) لأنه عليه الصلاة والسلام ما كان يحفظ الشعر وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ وَمَا يَنْبَغِي لَهُ [يس:69]
    كان يكسر الأبيات، لأنه لو كان يحفظ الشعر كانت قالت قريش: كان ينظم القرآن شعراً.

    فيقول صلى الله عليه وسلم: ( كيف يقول حسان؟) يقوله لـأبي بكر وأبو بكر كان نسابةً، علامةً، داهية، قال: يقول:
    عدمنا خيلنا إن لم تروها تثير النقع موعدها كداء
    فتبسم صلى الله عليه وسلم، وسره هذا.
    وفي تفسير قوله سُبحَانَهُ وَتَعَالى: إِنَّا لَمُغْرَمُونَ * بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ * أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ * أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ [الواقعة:66-69]
    قال عليه الصلاة والسلام: (ما هذا؟ قالوا: غمام يا رسول الله! قال: والمزن. قالوا: والمزن يا رسول الله! قال: والعنان؟ قالوا: والعنان) فالعنان هو: الغمام، فيقول سُبحَانَهُ وَتَعَالى: لو بلغت ذنوبك أيها العبد عنان السماء ثم جئت لا تشرك بالله شيئاً -أو استغفرته- غفرها لك سُبحَانَهُ وَتَعَالى.


صفحة 1 من 3 123 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. الرجاء الدخول والدعاء لي
    بواسطة اتمنى طفل احضنه في المنتدى الحمل والولادة
    مشاركات: 85
    آخر مشاركة: 13-05-2012, 01:02 AM
  2. ريم والدعاء المستجاب
    بواسطة سلمى المسلمة في المنتدى منتديات اسلامية,( على منهج أهل السنة والجماعة)
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 15-01-2010, 07:41 AM
  3. رمضان والدعاء
    بواسطة ابنة الحياة في المنتدى رمضانيات,7
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 29-08-2009, 01:38 AM
  4. رمضان والدعاء
    بواسطة كريمه1 في المنتدى منتديات اسلامية,( على منهج أهل السنة والجماعة)
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 25-08-2009, 09:11 PM
  5. *¨) (¨* *¨) (¨*الصبر والدعاء *¨) (¨* *¨) (¨*
    بواسطة جوهرة العطاء في المنتدى منتديات اسلامية,( على منهج أهل السنة والجماعة)
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 09-09-2005, 02:11 AM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

مواقع النشر

مواقع النشر

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

أهم المواضيع

المطبخ

من مواقعنا

صفحاتنا الاجتماعية

المنتديات

ازياء | العناية بالبشرة | رجيم | فساتين زفاف 2017 | سوق نسائي | طريقة عمل البيتزا | غرف نوم 2017 | ازياء محجبات | العناية بالشعر | انقاص الوزن | فساتين سهرة | اجهزة منزلية | غرف نوم اطفال | صور ورد | ازياء اطفال | شتاء | زيادة الوزن | جمالك | كروشيه | رسائل حب 2017 | صور مساء الخير | رسائل مساء الخير | لانجري | تمارين | وظائف نسائية | اكسسوارات | جمعة مباركة | مكياج | تسريحات | عروس | تفسير الاحلام | مطبخ | رسائل صباح الخير | صور صباح الخير | اسماء بنات | اسماء اولاد | اتيكيت | اشغال يدوية | الحياة الزوجية | العناية بالطفل | الحمل والولادة | ديكورات | صور حب | طريقة عمل القرصان | طريقة عمل الكريب | طريقة عمل المندي |