قول: أنا مؤمن إن شاء الله
يقول الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله تعالى - كما في "المناهي اللفظية" (ص 125):
قول القائل: "أنا مؤمن إن شاء الله" يسمى عند العلماء: مسألة الاستثناء في الإيمان، وفيه تفصيل:
أولًا: إن كان الاستثناء صادرًا عن شك في وجود أصل الإيمان، فهذا محرَّم، بل كفر؛ لأن الإيمان جزم، والشك ينافيه.
ثانيًا: إن كان صادرًا عن خوف تزكية النفس والشهادة لها بتحقيق الإيمان قولًا وعملًا واعتقادًا، فهذا واجب؛ خوفًا من هذا المحظور.
ثالثًا: إن كان المقصود من الاستثناء التبرك بذكر المشيئة أو بيان التعليل، وأن ما قام بقلبه من الإيمان بمشيئة الله، فهذا جائز، والتعليق على هذا الوجه - أعني بيان التعليل - لا ينافي تحقيق المعلق، فإنه قد ورد التعليق على هذا الوجه في الأمور المحققة؛ كقوله تعالى: ﴿ لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ ﴾ [الفتح: 27].
وكذلك الدعاء في زيارة القبور: ((وإنا إن شاء الله بكم لاحقون))؛ (مسلم).
وبهذا عُرف أنه لا يصح إطلاق الحكم على الاستثناء في الإيمان، بل لا بد من التفصيل السابق.
وقال الشيخ في موضع آخر؛ كما جاء في "رسالة فتح رب البرية بتلخيص الحموية" (117):
"وقد اختلف الناس في مسألة الاستثناء في الإيمان على ثلاثة أقوال:
أحدها: تحريم الاستثناء، وهو قول المرجئة والجهمية... ونحوهم، ومأخذ هذا القول: "أن الإيمان شيء واحد يعلمه الإنسان من نفسه، فإن استثنى منه كان دليلًا على شكه؛ ولذلك كانوا يسمون الذين يستثنون في الإيمان (شُكَّاكًا).
الثاني: وجوب الاستثناء، وهذا القول له مأخذان:
1- أن الإيمان هو ما مات الإنسان عليه؛ فالإنسان إنما يكون مؤمنًا أو كافرًا حسب الوفاة، وهذا شيء مستقبل غير معلوم؛ فلا يجوز الجزم به.
2- أن الإيمان المطلق يتضمن فعل جميع المأمورات، وترك جميع المحظورات، وهذا لا يجزم به الإنسان من نفسه، ولو جزم به كان قد زكى نفسه وشهد لها بأنه من المتقين الأبرار.
القول الثالث: التفصيل، فإن كان الاستثناء صادرًا عن شك في وجود أصل الإيمان، فهذا محرم، بل كفر؛ لأن الإيمان جزم، والشك ينافيه، وإن كان صادرًا عن خوف تزكية النفس والشهادة لها بتحقق الإيمان قولًا وعملًا واعتقادًا، فهذا واجب؛ خوفًا من هذا المحظور.
وبهذا عرف أنه لا يصح إطلاق الحكم على الاستثناء، بل لا بد من التفصيل السابق، والله أعلم.
الشيخ ندا أبو أحمد حفظه الله
رد مع اقتباس
مواقع النشر