كنت أسعد بقدوم الشتاء دائمًا فهو بأمطار وأجوائه الباردة أفضل في جميع الأحوال من الصيف وحرارته وشمسه الحارقة، لكن ما إن أصبحت أمًا، حتى وبدأت مخاوف أخرى تؤرقني بمجرد قدومه وأهمها الغسيل وصحة حمزة ابني فالأول يتضرر في وقت الأمطار والثاني أعني حمزة يدخل في نزلات البرد المتتالية طوال شهور فصل الشتاء.





ومثلي كمثل بقية الأمهات، أحرص على تدفئة المنزل باستخدام المدفأة ويُحكم زوجي غلق النوافذ ونحرص على ارتداء الدولاب كله، لكن يظل البرد بإسهاله وارتفاع درجة حرارته يطرق بابنا، فلماذا لم تُجدِ المدفأة نفعًا؟ وكيف تعرف الفيروسات طريقها إلى منزلنا مع كل هذه الحراسة المُشددة على الأبواب والنوافذ؟
مع وجود المدفأة وانخفاض سعرها إلى حد ما، تلجأ بعض الأمهات إلى استخدامها، لكن وفقًا للدراسات والأبحاث، فاستخدامها بحكمة يقيكِ من مخاطرها على صحة طفلك:

المدفأة تُقلل من رطوبة المنزل.
من أبرز مساوئ المدفأة هو أن هوائها الساخن يُقلل من رطوبة الهواء الطبيعية في المنزل، وبالتالي يزيد من جفاف بشرتك وبشرة طفلك بشدة، بل وقد يتسبب في الإصابة بالحكة واحمرار الجلد والإصابة بالعدوى خاصةًّ مع بشرة الأطفال الحساسة. فضلًا عن أن معدلات الجفاف العالية تؤدي إلى سيلان الأنف ونزيفه لدى الأطفال.
المدفأة تزيد من احتجاز السموم والغازات الملوثة داخل المنزل

توجد بعض الأنواع المُزودة بمدخنة للحفاظ على تنقية الهواء وتجدده داخل المنزل. لكن ثمّة أنواع أخرى خالية من المدخنة تُطلق غاز أول أكسيد الكربون في المنزل ما قد يتسبب في تضرر المخ لدى الأطفال وتعرضهم للإصابة بأمراض الجهاز التنفسي.
المدفأة قد تتسبب في الإصابة بحروق

إذا لم تُوضع المدفأة في مكان بعيد عن الأطفال، قد يسخن هيكلها الخارجي بشدة، وإذا ما حاول طفلك لمسه بدافع الفضول، فسوف تُصيبه بحروق بالغة.




اختلاف درجات الحرارة يزيد من احتمالية الإصابة بنزلات البرد

ضبط المدفأة على درجة حرارة عالية بشدة في غرفة ما من غرف المنزل، قد يؤدي إلى عجز الجسم والجهاز المناعي على التكيف على درجات الحرارة المختلفة، ومن ثمّ الإصابة بنزلات البرد والانفلونزا. وقد يؤدي أيضًا إلى إصابة الرضع بحالة ارتفاع درجة الحرارة المفرطة والتي قد تودي بحياة الأطفال إذا لم تُعالج فورًا.

كيف أتجنب مخاطر المدفأة؟

1- يُمكنك الحد من تأثير المدفأة على رطوبة المنزل من خلال وضع قارورة ماء في المكان الذي تعمل فيه المدفئة مع الحرص على أن تكون بعيدة عن موضع المدفأة حتى لا تتسبب في حدوث ماس كهربائي.
2- احرصي على ضبط المدفأة على درجة حرارة معتدلة حتى لا تزيد درجة حرارة الغرفة بشدة.
3- داومي على فحص المدفأة وصيانتها قبل استخدامها في كل عام عند حلول فصل الشتاء، للتأكد من عدم تلف أي أجزاء فيها ما يزيد من انبعاث غاز أول أكسيد الكربون داخل المنزل.
4- احرصي أيضًا على تهوية المنزل الطبيعية من خلال فتح أحد النوافذ، فقد يتسبب ذلك في الاختناق وهو شعور لن يقدر على تحمله طفلك.
5- ارتدي الملابس المناسبة لفصل الشتاء كذلك الأمر بالنسبة لطفلك، ولا تعتمدي على المدفأة فحسب، حتى يعتاد الجهاز المناعي على طبيعية الجو ويعمل وفقًا لها.
6- عند تشغيل المدفأة، قللي من ملابس طفلك طبقة واحدة. وعند إيقاف تشغيلها، اجعليه يرتدي هذه الطبقة مرة أخرى للحفاظ على درجة حرارة الجسم.
7- من الأفضل إيقاف تشغيل المدفأة عند النوم، لأن ترك المدفأة لساعات طويلة تعمل دون متابعة قد يتسبب في سخونة الأسلاك بصورة هائلة ومن اشتعال الحرائق.

وأخيرًا، لعلك تساءلتِ ذات مرة، لماذا يستمتع أطفال الشوارع الذين يجوبون الطرقات بالشتاء في أشد الليالي برودة دون أن يُصابوا بالبرد؟

يبدو أن مؤلف كتابة "رعاية الأطفال وتغذيتهم" دكتور لوثر إمت هولت وجد الإجابة، فقد انتشرت أقفاص التهوية المُلحقة بالمنازل بعد إصدار هذا الكتاب في التسعينيات، الذي أصبح بمثابة كتاب منزّل في تربية الأطفال. فهو كان يحث الآباء بشدة على تهوية الأطفال يوميًا بدءًا من عمر أسبوع واحد في فصل الصيف وفي عمر الشهر في فصلي الخريف والربيع، وفي عمر ثلاثة أشهر في فصل الشتاء.
ويؤكد الكاتب أن الطفل لن يتضرر أبدًا من هذا النشاط، طالما تم بصورة تدريجية، أي يتعرض الطفل في بادئ الأمر لمدة عشر دقائق للهواء الطلق على بعد معقول من النافذة، ثم تزيد المدة إلى أن تصل لساعة أو أكثر، على أن يرتدي ملابس كالتي يخرج بها في الشارع.

وما فائدة التهوية إذًا على صحة طفلي؟

يؤكد دكتور لوثر أن التهوية بهذه الطريقة تُحسن من حالة الطفل بصفة عامة وتزيد من شهيته للطعام وتُحسن من قدرته على الهضم وتزيد من احمرار وجنيته علامة على الصحة والعافية.