العقاب وسيلة للتهذيب أم التعذيب
صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 4 من 5

الموضوع: العقاب وسيلة للتهذيب أم التعذيب

  1. #1
    مشرفة الركن الإسلامي الصورة الرمزية ام سارة**
    تاريخ التسجيل
    Sep 2014
    المشاركات
    5,124
    معدل تقييم المستوى
    24

    العقاب وسيلة للتهذيب أم التعذيب



    العقاب وسيلة للتهذيب أم التعذيب

    كم هي معادلة صعبة أن تربِّيَ ابنك تربية صحيحة، دون أن يكون فيها مساحة من العقاب، إما ضربًا، أو حرمانًا من مصروف، أو حرمانًا من متنزه، أو غيره، فكلنا كآباء وأمهات لا نستطيع أن نكبح جماح ما بأيدينا مِن عِصِيٍّ، أو خراطيمَ، أو أسلاكِ كهرباء، كما يقول الأبناء، فنسلطه على أبدان الصغار إذا صدر منهم تصرُّف لا يرضينا، أو أردنا تهذيب سلوكهم.

    فكم قرأنا وسمعنا عن حوادثَ عدة لأبناء قُتلوا بين يدي آبائهم؛ لقسوة في تربيتهم وتهذيبهم، معتقدين بأن "كسر الضلع يولد 24 ضلعًا"، لكن ما يحدث للأسف هو سحق الأضلع كلها، ويبقي الأب يحمل وزر فقدان الابن الذي فارق الحياة بين يدي مربِّيه، وتظل الشعرة قائمة بين الضرب للتعذيب، والضرب للتهذيب، لا يجيد استعمالَها إلا القليلُ.

    تراجع غربي وإقدام شرقي:
    أوردت جريدة الحياة اللندنية في عددها (16043): أن مفتش شرطة المنطقة الشرقية في لندن "ليروي لوغان"، دعا إلى تغيير القانون؛ لإعطاء مساحة من الحرية تسمح للآباء البريطانيين بضرب أطفالهم؛ لتهذيبهم، وضمان تربيتهم على طاعة الوالدين، والتزام القيم، والانضباط الاجتماعي، وذلك أثناء مناقشة مشكلة ارتفاع معدلات الجريمة بين الشباب في العاصمة البريطانية، أمام إحدى لجان مجلس العموم (البرلمان)، مطالبًا بتعديل القانون، موضحًا أن الآباء باتوا يخشَوْن ضرب أبنائهم؛ خشية مقاضاتهم قانونيًّا.

    وفي الوقت الذي يعاني فيه الغرب من مبدأ "تقليص الولاية التربوية للأبوين"، نشط المجلس القومي للأمومة والطفولة بمصر لسنِّ قوانين لتجريم ضرب الأطفال، فقام بإنشاء خطٍّ ساخن؛ لتلقي شكاوى الأطفال الذين يبلِّغون عن آبائهم الذين قاموا بضربهم، وبدأ انطلاق المشروع في الأول من يوليو من العام 2005، بتنفيذه في ثلاث محافظات فقط، وأصبح بإمكان الطفل إذا تعرَّض للضرب أن يتصل بمن يأتي ليمنع الوالدين مِن تأديبه وتربيته، وحبسهما إذا لزم الأمر.

    ولقد وعد المسؤولون بتعميم فكرة الخط الساخن (16000) لنجدة الأطفال على مستوى القطر المصري خلال ثلاث سنوات، ولم يخلفوا وعدهم، فنجحوا في سن "قانون الطفل الجديد" - بنصوصه المخالفة للشريعة الإسلامية - على الشعب المصري عام 2008م، وبات من حق الطفل أن يقاضيَ والدَيْهِ أمام القضاء، بدعوى ضربهما له، أو عدم رغبته في البقاء معهم، ومن حقِّ القاضي أن يقضي بإيداعه مؤسسة أهلية، تحت رعاية أسرة بديلة، بعيدًا عن كنف والديه.

    وتمَّ استحداث مادة بقانون الطفل، تنص على: "يُعَدُّ الطفل معرَّضًا للخطر، إذا تعرض لما يُهدِّد أمنه وأخلاقه وسلامته، وأيضًا إذا كانت ظروف تربيته في الأسرة، أو المدرسة، أو مؤسسات الرعاية، أو غيرها - تعرِّضه للخطر، أو إذا كان معرَّضًا للإهمال، أو الإساءة، أو العنف، أو الاستغلال، أو التشرُّد، ويُعاقَب كلُّ مَن يعرِّض الطفل للخطر بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر، ولا تجاوز سنة، وبغرامة لا تقل عن خمسمائة جنيه".

    كما اقترح المجلس إنشاء لجنة عامة بكل محافظة لحماية الطفولة برئاسة المحافظ، وقام بإنشاء خط نجدة الطفل، يختص بتلقي الشكاوى ومعالجتها، ويحقق سرعة إنقاذ الطفل من الخطر، أو العنف، أو الإهمال الواقع عليه، وتضم الإدارة ممثلين لوزارات العدل، والداخلية، والتضامن الاجتماعي، بالإضافة إلى ممثلي المجتمع المدني، وتقوم هذه اللجان باتخاذ ما تراه من التدابير التي تتوافق مع مصلحة الطفل، من إبقائه مع أبويه، والتزامهم برفع الخطر عنه، أو إيداع الطفل بشكل مؤقت في إحدى المؤسسات الاجتماعية، أو لدى عائلة مؤتمنة، حتى زوال الخطر عنه، ثم تعيده إلى أسرته مرة أخرى، ويتم ذلك تحت إشراف الشرطة والقضاء.

    العقاب: أين الصواب وأين الخطأ؟
    نجحَتِ الوثائق الدولية في إعلاء مبدأ استقلالية الأطفال، وتقليص الولاية التربوية للأبوين عليهم، لصالح مؤسسات الدولة، بزعم حماية الطفل من العنف البدني والمعنوي والإساءة إليه، بقوَّة القانون.

    وهذا يجعلنا لا نستغرب أن تتدخل "نجدة الطفل" إذا منع أبٌ ابنَه من الانضمام لأصدقاء السوء، أو شلة الإدمان، أو منع ابنتَه المراهقة من خوض علاقة غير شرعية، واستخدم حقَّه في إيقاع العقاب البدني والنفسي لمنعهما، وتَحكُم بنزع حضانته لأطفاله، وإعطائهم لمؤسسة بديلة، أو أن يرضى رغمًا عنه بتصرُّفهم؛ ليحتفظ بحضانته لهم، وقد يشجعهم في خطوة متقدمة على الانحلال والانحراف كما يحدث في الغرب!

    ولكن الذين سنُّوا القانون لم يراعوا الوضع في بريطانيا، والوضع في مصر، مما جعل كثيرًا من الآباء والأمهات في حالة تشتُّت:
    هل يناصح ابنه أو لا يناصحه؟
    هل يحكم ولايته عليه، أو يكتفي بالنصح المجرد؟ إلى أي مدى يمكن أن يستخدم الأب وسائلَ احترازية من الوقوع في الأخطاء والشرور مع أبنائه؟


    العقاب شروط وقوانين:
    ربما تجد حالةَ التشتت نفسَها على مستوى الدراسات العلمية والأكاديمية؛ فبعض الدراسات تُرجِع سوء الحالة النفسية، وإصابةَ الأطفال بالأمراض النفسية، إلى أسلوب الضرب والقسوة في معاملة الأطفال، وتشير إلى أن الآباء الذين ضُربوا في صغرهم هم مَن يضربون أبناءهم، والبعض الآخر يرى أهمية ضرب الأبناء؛ لتقويم سلوكياتهم الخاطئة.

    فعلى سبيل المثال: تقول الدكتورة رشا عاشور - قسم علم النفس بكلية الآداب جامعة القاهرة -: "الأبحاث في مجال تربية الطفل تؤكِّد أنه يمكن استخدام العقاب كوسيلة لمنع سلوكيات الأبناء المرفوضة، مثل العدوانية؛ أي: إن الأب يكون على حق إذا ضرب طفلَه وعاقَبَه؛ لمنعِه من التصرُّفات الخطيرة؛ مثل: اللعب في أسلاك الكهرباء، أو مفاتيح الغاز، ونفس الحال يحق للمعلم معاقبةُ التلميذ الذي يعبث في المرافق، أو أدوات التدريس الخاصة بالمدرسة، أو ينتهك نظام الفصل".

    ولكنها حددتْ شروطًا لطريقة العقاب: "منها: أن يتم تطبيقُه عقب صدور السلوك المرفوض فورًا، ولا ينتظر مدة حتى يعاقب الطفل عليها، كما ينبغي أن يكون العقاب مناسبًا للموقف؛ أي: حسب حجم الخطأ، ولا بد أن يسبق الخطأَ تحذيرٌ؛ مثل التحذير من سكب الولد لكوب اللبن، وغير ذلك، ويفضل ما يُسمَّى بالعقاب السلبي؛ فهو أحسن أنواع العقاب المقبول، وهو حرمانه من المثيرات التي يحبها الطفل؛ مثل عزل المخطئ وحيدًا في غرفة خالية من ألعاب الترفيه، ولكن ليست مخيفة؛ حتى لا تُسبِّب له أزمة نفسية، أو مغلقة الأبواب، أو حرمانه من التنزه، أو ممارسة بعض الألعاب التي يحبها، أو الحرمان المؤقت من المصروف، وكلُّ ذلك بصورة مقننة؛ لأن القاعدة تقول: إن العقاب الشديد في الصغر يُسبِّب اهتزازَ الشخصية في الكبر، وعدم النضج الانفعالي؛ لذا سينعكس هذا على أسلوبه في معاملة الآخرين".

    العقاب للتقويم وليس للتعذيب:
    من جهة أخرى، يؤكد الدكتور عدلي السمري - أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة القاهرة - في دراسة رائعة حول تأثير العقاب على شخصية الطفل: أن ضرب الآباء للأبناء وتعنيفهم المستمر يصيبهم بعُقَد نفسية، وبزيادة العنف الأسري وتفاقمه، تصبح المشكلة أكبرَ، ومن الصعب مواجهتها، وينتج عنه مجموعة من السلوكيات الشاذة، وضحاياه مؤهلين نفسيًّا لممارسة الإرهاب النفسي على الأفراد؛ مما يهدد أمن المجتمع.

    ويرى ضرورة أن يهتمَّ الآباءُ بقراءة كتب عن التربية؛ لتساعدهم في تنشئة أبنائهم تنشئةً اجتماعيَّة سليمة، وأن يبتعدوا عن الضرب؛ لأن الآباء الذين تعرَّضوا للضرب في الصغر، ضربوا أبناءهم وهم كبار، فضلاً عن ضغوط الحياة التي يتعرض لها الآباء باستمرار، فلا يقدرون على تحمل مشاكسات الأبناء، ولا يصبرون على توجيههم، فيلجؤون لضربهم؛ لتكميم أفواههم، وتحجيم تحرُّكاتهم وتطلعاتهم، وهو ما يدفع كلاًّ منهما إلى الانفجار في وجه الآخر، والتعبير عن غضبه وعدم صبره، فلا يستخدم الآباء الأساليبَ البديلة في معاقبة الأبناء بدون ضرب وإهانة، ولا يتخلَّى الأبناء عن عنادهم وإصرارهم فيما يؤذيهم.

    ويَنصح الأبوين باتِّباع أسلوب عقليٍّ في تربية أولادهم، بعيدًا عن الضرب والإيذاء النفسي والجسدي، وإذا عجزا عن حل مشكلة معينة لأطفالهم، فيجب أن يتوجَّهوا إلى وحدات الإرشاد الأسري، أو الطبيب النفسي، خاصة وأن تربية الأبناء مسؤوليةٌ مشتركة بين الأب والأم.

    إيَّاك والقسوةَ في العقاب:
    ويرى الشيخ محمد حسين عيسى - الداعية الإسلامي - في كتابه "أساليب تؤثر في شخصية الطفل": أن أسلوب القسوة يتمثَّل في شتَّى أنواع العقاب البدني، باعتماده أسلوبًا أساسيًّا في التربية؛ كالضرب بشدة كلما ارتكب الطفل أيَّ خطأ، أو التعنيف والقسوة والحرمان عند الرسوب في الدراسة، أو إذا لم يذعن للأوامر من الوالدين، وأشدُّ القسوة ما كان فيه إيلام النفس؛ كالتحقير لأعماله، والتقليل من شأنه، أو بإظهار الكراهية له، أو توعُّده وتخويفه بأمور مخيفة؛ مثل: الحرق، والحبس في الظلام، أو تأنيبه المستمر، وإشعاره بالنقص وبالذنب.

    ويترتَّب على القسوة في التربية - كما يشير الكتاب - أن يتكوَّن عند الطفل ضميرٌ شديدُ الحساسية، يجعله يحاسب نفسَه أو غيرَه على كل صغيرة أو كبيرة بتشدُّد وانفعال، كما يترتَّب عليه الخوف من المحاسبة؛ مما يجعله يمتنع أصلاً عن القيام بأي نشاط؛ خوفًا من العقوبة، ولا يستطيع المطالبة بحقوقه، كما يخشى إشباع حاجاته؛ خوفًا من العواقب المترتِّبة على ذلك، وتكون شخصيته قلقةً، مترددةً، يشعر بالعجز عن مواجهة المواقف.

    الذي يمكن أن نخلص إليه كنتيجة، أن على الآباء والأمهات توخِّيَ الحذر في تربية أبنائهم، وعدم الركون للضرب كوسيلة وحيدة في تهذيب الأبناء، واستخدام أساليب تربوية أكثر استواء من الناحية النفسية، وهي ما تسمى "بالعقاب البديل"؛ كحرمان الطفل مما يحبه، وأداء ذلك؛ بهدف التقويم، وليس القسوة، أو التعذيب، أو الانتقام.

    أ - ماجدة أبو المجد وفقها الله










  2. #2
    ضيف مهم الصورة الرمزية عطر الشرق
    تاريخ التسجيل
    Feb 2008
    المشاركات
    19,754
    معدل تقييم المستوى
    10

  3. #3
    كبير المشرفين
    تاريخ التسجيل
    Dec 2013
    المشاركات
    39,459
    معدل تقييم المستوى
    10
    إذا المرء أعيته المروءة ناشئا * * فمطلبها كهلا عليه شديد

  4. #4
    مشرفة
    تاريخ التسجيل
    Nov 2015
    المشاركات
    60,653
    معدل تقييم المستوى
    69

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. الإرشاد والتوجيه قبل أي نوع من العقاب
    بواسطة ام سارة** في المنتدى حواء وطفلها
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 14-10-2014, 06:10 AM
  2. فن العقاب للاطفال من سن 2 الى 12 سنة بدون عنف
    بواسطة الجنة مبتغاي2 في المنتدى حواء وطفلها
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 05-10-2011, 06:23 PM
  3. أساليب العقاب
    بواسطة الاميره2008 في المنتدى حواء وطفلها
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 18-10-2009, 12:27 PM
  4. الثواب خير من العقاب في التربية
    بواسطة نفسي بتوأم في المنتدى منتديات اسلامية,( على منهج أهل السنة والجماعة)
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 25-03-2009, 10:23 PM
  5. العقاب أم الثواب.............؟؟؟؟
    بواسطة MIS-PEN في المنتدى حواء وطفلها
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 20-06-2008, 09:32 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

مواقع النشر

مواقع النشر

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

أهم المواضيع

المطبخ

من مواقعنا

صفحاتنا الاجتماعية

المنتديات

ازياء | العناية بالبشرة | رجيم | فساتين زفاف 2017 | سوق نسائي | طريقة عمل البيتزا | غرف نوم 2017 | ازياء محجبات | العناية بالشعر | انقاص الوزن | فساتين سهرة | اجهزة منزلية | غرف نوم اطفال | صور ورد | ازياء اطفال | شتاء | زيادة الوزن | جمالك | كروشيه | رسائل حب 2017 | صور مساء الخير | رسائل مساء الخير | لانجري | تمارين | وظائف نسائية | اكسسوارات | جمعة مباركة | مكياج | تسريحات | عروس | تفسير الاحلام | مطبخ | رسائل صباح الخير | صور صباح الخير | اسماء بنات | اسماء اولاد | اتيكيت | اشغال يدوية | الحياة الزوجية | العناية بالطفل | الحمل والولادة | ديكورات | صور حب | طريقة عمل القرصان | طريقة عمل الكريب | طريقة عمل المندي |