خرج جوناثان مع أليكس من مركز الشرطة بعدما فعل جون اللازم لإخراجه حاليا ... كان الصحفيون متجمهرون عند مدخل المركز .. وبدأوا بالتقاط الصور وطرح الأسئلة بعشوائية عندما شاهدوهما يخرجان...لم يهتما لهم ودخلا سيارة جون ثم انطلقا بسرعة...قال أليكس بعصبية:

-"ماذا الآن؟!"
-"اتصلت بماكس، قال ان علينا التزام الهدوء وحل الموضوع بسلاسة...كل ما علينا فعله هو اثبات أن هناك اختراق حدث في النظام ..."
-(قاطعه بوجوم)" لكن النظام معطل اصلا الآن...تلك الحقيرة فكرت في كل شيء، لن تقتنع المحكمة اذا قلنا ان النظام معطل بسبب الاختراق وسيقولون اننا من عطلناه للخروج من هذا"
-"أعلم، لكن لا مشكلة...قد يحتاج حل هذه الاشكالية عدة أيام لكن سيكون كل شيء على ما يرام...المصيبة هي ان لا أحد من رجال الأعمال سيقبل دخول مشروعك خوفا على مصالحهم!"

ضرب أليكس بقدمه الأرض وهمس:

-"حبكتيها جيدا يا ليزا"


~~**~~**


بدأ الرجال برمي التراب فوق تابوت بريانكا وليزا تراقبهم بألم ، انها سعيدة حقا لانها استطاعت توديعها ورؤيتها لآخر مرة بعدما فقدت الأمل من هذا...انها ممنونة لسام ثم لنيكولاس على هذا!
استدارت مبتعدة عن القبر بعد ان وضعت باقة من الورود فوقه واتجهت الى حيث يقف نيكولاس وسام ثم دخل ثلاثتهم السيارة وعادوا الى القصر...

مرت ثلاثة أيام طويلة جدا على ليزا...لا تنام الا ساعة او اثنتين، وعقلها مشغول في الكثير الكثير من الأمور .. أولها زفافها المزعوم هذا!
استطاعت تحليل شخصيات افراد العائلة بشكل عام في هذه الفترة...
قالت لها كلارا ان القصر في حالة نشاط هائلة في الاسفل لتحضيرات الزفاف...وهي تتمدد على سريرها في محاولة أخيرة لطلب النوم!
هزت رأسها بأسف؛ ان النوم لا يريد الاقتراب منها! ... يوم امس جاءت ثلاثة خبيرات تجميل اليها وقمن بعمل اقنعة لراحة وجهها والاعتناء ببشرتها واظافرها...مددت اطرافها بكسل ونظرت الى الساعة..انها السادسة صباحا! ... اخذت حماما مطولا كما شرحت لها خبيرة التجميل وعندما خرجت وجدت الثلاثة موجودات عند باب غرفتها ينتظرن اذن الدخول، ارتدت ملابسها ثم فتحت الباب لهن...فبدأن بعمل اللازم لها..من تجفيف شعر الى ترطيب للبشرة وغيرها،دخلت كلارا الغرفة بهدوء وقدمت علبة صغيرة الى ليزا ثم قالت:

-"ها هي العدسات الطبية كما طلبتي...لكن لماذا لا تتخلين عنها اليوم بما انك لم تضعيها طوال الثلاثة ايام بعدما رميتي القديمه؟"
-"أريد حفظ الملامح والوجوه بدون أي تشويش في عيني"

لم تعلق كلارا وراقبت الخبيرات وهن يعتنين بها...وأخيرا قالت احداهن:

-"سنعود عند الساعة الثانية لتجهيزك للزفاف بشكل كامل"

هزت ليزا رأسها فخرجن...أرخت رأسها للخلف وهي تقول براحة:

-"كنت بحاجة لهذه العناية منذ مدة طويلة جدا!..لا ينقصني شيء الآن سوا النوم!"

ابتسمت كلارا وهي تقترب منها وتقول:

-"أرى أنك لم تنامي منذ وقت طويل، السواد تحت عينيك يروي قصة الأرق"
-(بضحكة)"اعجبني التعبير!...هل تظنين ان الخبيرات يمكنهن اخفاء هذه الهالات؟"
-"بالطبع!...المكياج يفعل أكثر من هذا!"

اغمضت عينيها وحل الصمت في المكان لعدة دقائق...ثم قالت ليزا بصوت منخفض:

-"هل رأيتي نيكولاس؟ انا لم أره منذ صباح يوم أمس"
-"انه يجهز نفسه مثلك"

همهمت ليزا دلالة على انها فهمت ... واول ما خطر ببالها (هل سيمضي اليوم على خير ام ان هناك مفاجئة خاصة تنتظرنا من أليكس وفرانسيس؟!)...طردت الافكار من رأسها ثم فتحت عينيها وقالت:

-"انا جائعة، دعينا نذهب للمطبخ معا"

ابتسمت كلارا ولم تعارضها..فوقفت ليزا وخرجت متجهة الى الدرج...نزلته درجتين درجتين فقالت كلارا بخوف:

-"آنستي ارجوك كفي عن العبث...اليوم هو يوم زفافك ولا نريدك ان تحضريه وانت تحملين جبيرة يدك في رقبتك!"

لم تأبه ليزا لكلامها واتجهت للمطبخ...كان كبير جدا جدا ... وأنيق لدرجة ان أي احد عادي سيفضل الجلوس وتأمله لعدة ساعات!
عندما دخلت رأت الخدم منهمكون جدا في التحضيرات هم أيضا، عندما انتبهوا لوجودها توقفوا عن الحركة مباشرة وانحنوا لها ... ثم اقترب منها رئيس الخدم وهو يقول بلكنة فرنسية:

-"هل يمكنني مساعدتك آنستي؟"
-"أريد شيء لآكله"

صمت قليلا باستغراب ثم قال:

-"هل تأمرين بتعجيل موعد الافطار...آنستي؟"
-"ماذا؟!..لا لم أقل هذا"

تدخلت كلارا وقالت:

-"انها متوترة ... وبحاجة لشيء يهدئ من توترها...فهلا جلبت لها حبة تفاح مثلا او شيء كهذا؟"

ابتسم الرئيس ثم استدار واحضر صحن به حبة تفاح وموزة وقطعتين من الفراولة مع سكين وقدمه لكلارا وطلب منها بلطف أن تخرج مع الآنسة ليزا...خرجت ليزا تتبعها كلارا مع الصحن ... قالت ليزا باستغراب:

-"ما به؟..وكأنني طلبت طائرة للسفر بدل الطعام!"

ضحكت كلارا ثم اجابت:

-"آنستي...في هذا القصر، كل شيء منظم وله وقته...فلا يمكنهم تقديم الطعام لأي احد قبل موعد الافطار...ربما يقبل بتقديم الفاكهة او العصير .. اما وجبة تسبق موعدها...فهذا من الكبائر!"
-"معقدون"

همست ليزا بتلك الكلمة ثم جلست على احدى الأرائك بملل...يبدو وكأن المنزل خالي من أي شخص غير الخدم...أين سام على أي حال؟ انه اكثر شخص ترتاح له ليزا بعد كلارا!...ناولتها كلارا قطعة من التفاح ثم قالت:

-"انهم يتحضرون، لن ينزل أي أحد منهم الآن"

تأففت بضجر وهي تقول:

-"ألا يمكن الغاء هذا الحفل بأكمله؟!"
-"طبعا لا...من سابع المستحيلات"

اكلت ليزا قطعة التفاح لترى باب المنزل يفتح .. نظرت باهتمام نحو الذي دخل فرأت سام ونيكولاس...رفعت حاجبيها باستغراب...منذ متى وهذا في الخارج؟!...عندما رآها نيكولاس ابتسم بسخرية ومشى نحوها...جلس امامها ليقف سام خلفه...قال نيكولاس بتهكم:

-"انتهت مشكلة أليكس مع الشرطة...استطاع اثبات ان النظام اخترق، لكن مشكلته الآن مشكلة ثقة...فلن يثق به أي رجل أعمال بسهولة!"

لم تعلق ليزا ... وعاد الصمت ليكون سيد الموقف، نظرت الى الاثريات المنتشرة في المكان بملل ... ثم نظرت الى سام وقالت:

-"هل تعتني بجهازي جيدا؟"
-(ابتسم)"بالطبع آنستي"

ارجع نيكولاس ظهره للخلف ثم سأل:

-"ألستي العروس؟...لم لستي تستعدين؟"

ابتسمت بسخرية .. قال عروس قال..عروس ماتت والدتها منذ اربعة ايام؟ .. لم ينتظر نيكولاس اجابتها ورمى عليها بعلبة كرتونية صغيرة...التقطتها لتعرف مباشرة انه هاتف .. قالت مباشرة وكأنها كانت تنتظر هذه اللحظه:

-"هل به شريحة؟!"

هز رأسه فوقفت بسرعة ومشت نحو الدرج بخطوات واسعة...ثم صعدته ركضا واختفت عن انظارهم، تنهدت كلارا وكادت ان تلحق بها لولا نيكولاس الذي أشار لها بأن لا تفعل ثم سأل:

-"اذن؟...هل كسبتي ثقتها؟"
-"اظن هذا سيدي"
-"هل تجدين فيها ما يدعو للريبة؟"
-"لا سيدي...لا اظن ذلك ابدا"

اما عند ليزا...دخلت غرفتها واقفلتها بالمفتاح ثم نقرت فوق الارقام بسرعة وانتظرت الرد..واخيرا وصلها صوت ديانا الهادئ:

-"الو؟"
-"ديانا! .. شكرا يا اللهي...انا ليزا!"
-"ليزا!..لكن من أين تتصلين؟"
-"لا وقت للشرح، اسمعي...هذا سيكون رقمي الجديد...اما ذلك الرقم فاحذفيه ولا تجيبي عليه لو اتصل!"
-(بتردد)"حسنا...ماذا تفعلين؟"
-"اليوم يوم زفافي!"
-"ألم تتمكني من منع هذا الزفاف!!"
-"لا لا...ليس أليكس ..انه شخص آخر"
-"ماذا؟!..لكن كيف..متى؟!"
-"سأشرح لك فيما بعد..الآن احفظي اسمي فقط..الى اللقاء"

تنهدت براحة وهي تجلس على السرير، لقد انزاح حمل كبير عن كاهلها...كانت خائفة من أن يتواصل أليكس أو فرانسيس مع ديانا...لكن جيد..استطاعت الوصول لها قبلهما!


~~**~~**


نقر فرانسيس بأصابعه فوق الطاولة بتفكير، كان يبدو هادئا عكس النار التي بداخله ... انه يخسر ابنته ههكذا..بكل بساطة!..ماذا عن التعب الذي تعبه من أجلها!؟...لقد قام بكل شيء ليعتني بذكائها ومهاراتها...علمها كل ما يلزم...لماذا تقابل جميله بهذه الطريقة!...التزوج من عدوه!
قال أليكس بهدوء:

-"أفكر بتقديم هدية رائعة الى ليزا...مثلا ان أفجر لها الحفلة من الحماس!"

نظر اليه فرانسيس بدون أي انفعال ولم يعلق، قال جون :

-"لن نفعل شيء، اتصل ماكس بي توا وطلب منا حجز اول طيارة الى روسيا"
-"لكن ماذا عن الشركة..ماذا عن ليزا؟...لن أترك كل شيء وأهرب!...على الأقل سوف اخبر الشرطة انها هي من اخترقت النظام!"
-(تنهد)"أليكس، يجب عليك أن تتذكر بأن لعبتنا خلف الستار!...لا يدخلها أحد غيرنا...فلا يمكننا تدخيل الشرطة أبدا، والآن ليزا صارت ضمن ممتلكات نيكولاس...وانت تعرف ماذا يعني هذا"

أخذ فرانسيس نفس عميق جدا ثم قال:

-"ماكس معه حق، يجب علينا أن نجتمع ... ثم نبدأ برسم خطواتنا من جديد، سأستعيد ليزا منه حتى لو سحبتها من جثته البارده"
-"إذن دعوني أرى متى تقلع أول طائرة لروسيا..."

خرج جوناثان من المنزل فنادى أليكس على جيني فجاءت بسرعة...وقفت امامه لتقول بمرح:

-"نعم عزيزي؟"

رمقها بنظرات تضايق ثم قال:

-"سأسافر ... ولا اظن انني سأعود قريبا، انتِ حرة بالبقاء أو العودة الى فرنسا...لكن لا أضمن لك أن لا تتلقي بعض المضايقات من أمي"

صمتت جيني ولم تعرف ماذا تقول...أن تبقى هنا دون تواجد أليكس سيكون أمر صعبا خصوصا بعد موت عمها ، لكن ماذا لو عادت لفرنسا ومنعها والدها من الرجوع الى بريطانيا مرة أخرى؟!...قالت بتردد:

-"أظنني سأبقى هنا في انتظارك"

هز رأسه بتضايق منها...انها غبية جدا، تتقرب منه وهي تعرف انه ينفر منها...لكنه اعتاد عليها في المنزل ... تقهره بغبائها هذا، يريد لو انه يعيد تربيتها ليصنع منها فتاة مثل ليزا...لكن لا يمكن تشكيل الانسان بعد عمر العشرين!

أما فرانسيس فكان في عالم آخر تماما ، يفكر فقط في كيفية ارجاع ليزا...هل يقتل نيكولاس مباشرة بدون تفكير؟..لكن هذا سيفضحهم!..هل يخطفها هي ؟...لكن كيف؟...ستكون محاطة بأفضل درجات الحراسه!
ضرب كأس الماء ليقطع على الأرض وينكسر...جفلت جيني بخوف من انفعاله المفاجئ هذا ثم عادت بسرعة من حيث جاءت...قال أليكس ببرود:

-"ما بك أنت الآخر؟!"
-"أليكس...أنا لن أسمح له بأن يمتلك ليزا للأبد!"
-"اطمئن، ستعود ابنتك اليك في اسرع وقت ممكن"


~~**~~**


اقتربت ليزا من المرآة كثيرا ثم رفعت اصبعها الذي تلتصق به العدسة الى عينها ووضعت العدسة داخلها ثم رمشت عدة مرات لتستقر العدسة في منتصف عينها ليزداد بريقها أكثر...
وكررت نفس الشيء مع عينها الأخرى...ثم عادت للخلف وهي تحدق بكلارا لتقول:

-"هكذا أفضل"
-"هل حقا لا تستطعين الرؤية جيدا بدونها؟"
-"لا...أنا فقط لا استطيع رؤية التفاصيل "

اقتربت المسؤولة عن مكياجها منها ووقفت امامها ثم قالت:

-"لا وقت للكلام ، اغمضي عينيك"

فعلت ليزا ذلك فقامت الفتاة برش مادة لم تعرفها ليزا على وجهها ثم بدأت بوضع المكياج لها بدقة عالية...وفوق رأسها تقف مصففة الشعر وتقوم بلف شعرها حول ذلك القضيب لتنزل الخصلات لولبية ... ثم تمشطها لتحصل على تموجات جميلة ...

نظرت كلارا لساعة يدها وهمست بقلق:

-"أين الفستان!"

نظرت نحو الباب بقلق ثم قررت النزول ومعرفة سبب التأخر بنفسها!...عندما فتحت الباب رأت جيسيكا قادمة نحو الغرفة...انحنت لها باحترام فقالت جيسيكا:

-"هل يمكنني الدخول لليزا؟"
-"بالطبع سيدتي، تفضلي"

ابتسمت جيسيكا ثم دخلت ... كان شعرها الاشقر مربوط للخلف ولا شيء فيها جاهز الا مكياجها...قالت كلارا بينها وبين نفسها (يبدو أن ساندرا تحتكر المصففة لنفسها) ابتسمت بنوع من البلاهة ثم اتجهت للأسفل ... رأت تلك المرأة الثالثة التي عينها نيكولاس للاهتمام بملابس ليزا تتحرك بتوتر في الصالة...سألتها بصرامة:

-"هل لي أن أعرف أين فستان الزفاف!؟"

التفتت المرأة اليها واجابت بتوتر:

-"ان المصممة تقول أن الفستان يحتاج لبعض التعديلات...لكنه سيصل في أي ..."

قبل أن تكمل جملتها دخلت احدى الخادمات تحمل بين يديها الفستان بعناية ... فتوجهت لها المرأة بسرعة واخذته منها لتنطلق الى ليزا...

كان سام يحاول ارخاء ربطة عنقه قليلا وهو ينظر الى نيكولاس الذي يقف فوق رأسه مصفف الشعر ... قال سام بابتسامة:

-"لا أدري لماذا لدي رغبة في الضحك، التجهيزات والتحضيرات تجعل الأمر يبدو حقيقه"

حدجه نيكولاس فانتبه سام انه قال كلامه امام المصفف قأكمل :

-"أعني، من كان يظن أن نيكولاس فيندار سيتزوج يوما؟!...كان هذا من المستحيلات!"

عادت ملامح نيكولاس للبرود ولم يقل شيء...وضع سام يده على سماعة اذنه الموصولة بالميكروفون الصغير بعدما سمع احد الحراس يقول له بأن الضيوف بدأوا بالقدوم ليقول:

-"جيد جدا...كونوا متيقظين ... واستعدوا لأي شيء طارئ"

ثم كتف يديه وهو يتابع خطوات المصفف بشعر نيكولاس ثم نظر الى بدلته التي كانت معلقة ومستعدة لأن يلبسها نيكولاس...كانت من أكثر التصاميم أناقة .. بلون أسود داكن مع ربطة عنق (بابيون) سوداء مرصعة بألماسات صغيرة وقميص أبيض...
ابتسم بسخرية وهو يتذكر نقاش بيتر ونيكولاس..لم يكن نيكولاس يريد أن يكون الزفاف بكل هذه الواقعية ... فهو لا يستحق الكثير...بالنهاية انه مجرد تمثيلية!...لهذا حاول اقناع بيتر ان ليزا بسيطة وترفض كل هذا البذخ لكن بيتر أصر وقال أنه لن يدع الزفاف ينقضي على مزاج نيكولاس الغير مبالي بأي شيء ولم يقتنع بحجته...لولا ان نيكولاس لم يقنع بيتر بخطورة اقامة الحفل خارج القصر بسبب فرانسيس لكان الآن الشاطئ محجوز لعائلة فيندار بانتظار ظهور العريس والعروس!...

جلست ساندرا أمام والدها الذي تم تلبيسه بدلة سوداء أنيقة ثم قالت:

-"أتمنى أن تشفى يا أبي قبل أن أتزوج أنا...أريدك أن تمسك بيدي وتضعها في يد زوجي المستقبلي!"

ابتسم رون بهدوء...ساندرا...رغم مرور 7 سنين عن الحادثة...ما زال عندها أمل من شفاء والدها ... لم تفقد أملها يوما...ورغم أن الأطباء توقفوا عن زيارته منذ 4 سنين الا انها ما زالت متمسكة بهذا الأمل!
دخل بيير وهو يحمل تيدي بيده ثم قال بمرح:

-"انظري يا ساندرا الى تيدي"

نظرت اليه فضحكت بحماس وهي ترى تيدي يرتدي بدلة بيضاء...وقفت وركضت اليه بسرعة...اخذته من بين يدي بيير وهي تقول:

-"كم انت جميييل"

قبل بيير رأس والده ثم سأل ساندرا:

-"أين جيسي؟"

رفعت كتفيها دلالة على عدم المعرفة ثم قالت:

-"ذهبت مصففة الشعر للبحث عنها "

ابتسم ثم جلس يتكلم مع والده عن التحضيرات ... ووالده فقط مستمع...

بعد ساعة...كان جميع المدعوين متواجدين في قاعة الاحتفالات الفخمة الخاصة بالقصر بانتظار ظهور نيكولاس وعروسه المجهولة...الجميع متحمس لرؤيتها...فلم يظن احد يوما ان نيكولاس قد يتزوج ويدخل الحياة العاطفية!..فهو لا يهتم الا للعمل...ولطالما كان غير مبالي بالعلاقات الأسريه!
بينما كان بيير وبيتر يتحدثون مع اصدقائهم وشركائهم في العمل ... وجيسيكا توصف جمال ليزا لساندرا التي تستمع بكل فضول لها....
وقفت ليزا أمام المرآة وهي تتأمل نفسها باعجاب كبير...وكأنها تغيرت تماما...ليست ليزا التي لا تمشط شعرها!..انها فتاة في غاية الجمال والأناقة!
قالت بسخرية:

-"لقد نجحتن في انتاج شكل آخر لي!"

قالت كلارا باندهاش:

-"ستفتنين نصف الرجال في القاعة!"

عبس وجه ليزا وهي تقول:

-"صحيح اخبريني...كيف سندخل الى القاعة؟...من سيمشي معي الى نيكولاس والقس؟...لا والد لي ولا أخ!"

قبل أن تجيبها كلارا فتح باب الغرفة ليدخل نيكولاس بخطوات ثابته ... التفتت ليزا اليه لتطير كل الافكار التي كانت تدور في عقلها!...كان وسيم جدا ... لكنها سرعان ما ابعدت نظرها عنه لتنظر الى سام .. كان وسيم هو الآخر!
ابتعدت كلارا عن طريق نيكولاس الذي يقترب اكثر واكثر من ليزا ... لم يكن في نظراته شيء غير البرود..تماما مثل نظراتها ... قال ببرود:

-"بما أن عائلتك ترفض الخروج لعالمنا...ولن يكون هناك من يوصلك الي في القاعة...اذن فلنكسر العادات قليلا ولندخل انا وانتِ معا...سيكون هذا خبر رومنسي جدا ليتناقله رجال الأعمال الى الصحافة!"
-(ببرود ردت)"أجل...رومنسي جدا"

انتبهت كلارا للثلاثة اللواتي فتحن افواههن عند دخول نيكولاس بسبب وسامته ثم اقتربت من سام وقالت:

-"هل الوضع آمن؟"

هز رأسه بالإيجاب ...

في داخل القاعة...تأهب الجميع استعدادا لدخول نيكولاس ... فتح الباب الذهبي العملاق والذي كانت تمتد منه سجادة بيضاء تصل الى درجات المنصة التي يقف عندها القس ... فظر من خلفه نيكولاس بطلته الفخمة...تقف الى جانبه ليزا بجمالها الفاتن كما قالت كلارا...
تفاجأ الجميع من رؤيتهما معا لكن لم يكن هذا غريب على نيكولاس...فهو دائما ما يكسر العادات والقوانين!..بالتأكيد سيضيف لمسته الى الزفاف!
مشى هو وليزا ببطئ الى الداخل مع صوت الموسيقى الهادئة...تعلقت العيون على ليزا...ترتدي فستان أبيض فخم .. بأكمام من نقوش الدانتيل الناعمة لتمد هذه النقوش على صدر الفتسان الى خصرها...ثم يمتد الفستان الى الأسفل بانسيابية و يمتد خلفها بذيل طويل بعض الشيء ينتهي بنقوش دانتيل تلتف حول اطرافه كلها...أضفى طولها لمسة رائعة الى شكلها بينما اكتفت بحذاء ذا رفعة بسيطة...وشعرها الذي تموج على ظهرها بطوله لتتمرد خصلتين منه الى اكتافها...ومن فوق كان مرفوع قليلا ليزين رأسها تاج صغير من الألماس ... تضع يدها على معصم نيكولاس ويزين بنصرها خاتم الزواج من الذهب الأبيض تستقر في منتصفه ألماسة لامعة ... بينما يتمم منظر نيكولاس الفخم...ساعة من أغلا ما يكون مع خاتم الزواج من الذهب الأبيض...
كان الوصف الأقرب والأجمل لهما ... دمية فاتنة صنعت من خيوط النور يزينها الألماس ، ورجل اخذ اناقته من سواد الليل وبريق القمر !

كانا متناسقي الخطوات...نفس الثقة ونفس الهيبة..بدون وجود ذرة من التوتر عندهما!
رفعت ليزا فستانها قليلا وصعدت الدرجات الخمس مع نيكولاس...بدأ القس بقراءة نصوص الزواج على مسامع الحضور بصوت هادئ...ظل الحضور مصدومين مما رأوه ، وجد نيكولاس أميرته من المجهول !...لكن بدأت تساؤلاتهم عن عائلتها بين بعضهم...
قال القس أخيرا :

-"ليزا...هل تقبلين الزواج من نيكولاس بيتر فيندار بدون أي اجبار أو إكراه؟"

انصدم المتواجدون أكثر من عدم نطق القس شيء من اسمها سوا المقطع الاول...هل يريد نيكولاس جعل زوجته ضمن اسراره الكثيره!؟

ردت ليزا :

-"أجل أقبل"

كان القس على اتفاق مع نيكولاس على عدم نطق اسم ليزا الكامل لرغبته في الحفاظ على خصوصية زوجته بشكل كامل وابعادها عن الاضواء...بينما كان اسمها موجود في العقد ... التفت القس الى نيكولاس وقال:

-"هل تقبل الزواج من ليزا ؟"
-"أقبل"
-"اعلنكما الآن زوجا وزوجه، يمكنك تقبيل العروس"

قابلت نظرات ليزا نظرات نيكولاس فانحنت له ثم قبل هو رأسها لتعدل وقوفها مجددا وتستدير معه نازلين عن الدرج...خاب ظن الحضور ... حتى تبادل مشاعره مع العروس لا يريد ان يظهره!...ما كل هذا التحفظ ؟!
لكن لم يكن أحد ليتجرأ على قول شيء...فالجميع يعرف ان خصوصيات نيكولاس أمر محرم على الجميع!
بدأ اصدقاء العائلة بتقديم التهنئات له ولعروسه الغامضة ... اقتربت جيسيكا من ليزا وسحبتها من يدها بعيدا عن الرجال بلطف ثم قالت بسعادة:

-"تبدين رائعة حقا!...كم أن نيكولاس محظوظ!...لقد عرف كيف يختار!"

ابتسمت ليزا بخجل فهي لم تعتد ابدا على ان يقدم لها احد مديح لجمالها!...قالت :

-"شكرا للإطراء!"
-"انه ليس اطراء!"

زاد خجلها لكنها حاولت عدم اظهاره...تقدمت ساندرا منهما لتقول :

-"واو ليزا...لم أتوقع ان تكوني جميلة هكذا!"

تنحنحت ليزا بخجل وهي تبحث بعينيها عن كلارا لعلها تخرجها من هذا الموقف ... ضحكت جيسيكا بخفة عليها وقالت:

-"لم أتوقع ان فتاة مثلك تخجل من الغزل لهذا الحد!"
-(ابتسمت)"ممـ...حسنا، ربما لأنني غير معتادة!"
-"ألا يتغزل بك نيكولاس؟!"

قالت ساندرا بسخريه:

-"بربك يا جيسي...نيكولاس يتغزل!...قد أموت قبل أن اسمعه يتفوه بكلمة لطيفه!...لا اعرف حقا كيف احببته يا ليزا!"

نظرت ليزا بتلقائية نحو نيكولاس فوجدته ينظر اليها ... لكن عندما التقت انظارهما وقف احد امامها بشكل مفاجئ...نظرت الى وجهه بتركيز ثم شهقت وقالت:

-"أنت!"

كان ذلك الشاب ينظر اليها باندهاش ثم سحبها مبتعدا عن ساندرا وجيسيكا ليقول بهمس وهو يتفحص ملامحها جيدا:

-"هل أنتِ ليزا؟!...ليزا ... ابنة فرانسيس؟؟"

وضعت يدها على فمه بسرعة وهي تقول بهمس هي الأخرى:

-"هششش..اصمت أرجوك، لا أحد يعرف غير نيكولاس!"

ثم ابعدت عنه قليلا وقالت باستغراب:

-"جوهان!..ماذا تفعل هنا!؟"
-"أليس هذا واضحا؟!..أنا وعائلتي من المدعوين...لكن أنتِ ماذا تفعلين هنا!...أقصد، كيف..كيف وصلتي الى هنا...الى نيكولاس فيندار!!..لا تقولي أنك تتبعين العاب (بهمس) فرانسيس!"

هزت رأسها بنفي قاطع ثم قالت:

-"من المستحيل أن أتبع ذلك الحقير...وصولي الى نيكولاس..قصة طويله!"

ابتسم ليلطف الجو قليلا ثم امسك يدها وجعلها تدور وهو يتأملها ويقول بضحكة:

-"أتذكرك مراهقة ذات بثرة على أنفها!...ولكنك الآن أميرة تضاهي بجمالها القمر!"

ضحكت على تعليقه وهي تقول:

-"دائما عندما كنت تراني .. لا أعرف لماذا أكون في وضع سيء جماليا!"
-"ربما هي خطة من مايلز حتى لا أقع في حبك!"

ضحكت مرة أخرى لكن كان واضح الحزن في عينيها فندم جوهان على ذكره امامها ... تنهد بحزن على ذكراه ثم قال لطرد هذه الذكريات:

-"تعالي لأعرفك على زوجتي!"
-"هل تزوجت!...لم أكن لأتخيل يوما ان هناك من ستقبل بك!"

ضحك ولم يجبها ومشى نحو زوجته وبجانبه ليزا تنظر الى الوجوه التي ترمقها بغرابة مع لمعة فضول في عيونهم ... غير متجرئين على الاقتراب وسؤالها أي شيء بما انها شيء يخص نيكولاس!
وقف جوهان ولف يده على خصر زوجته التي ترتدي فستان نيلي رسمي وقال:

-"هذه هي زوجتي الحبيبه...ساره"

ابتسمت بلطف ثم مدت يدها وقالت:

-"تشرفت بمعرفتك، طبعا أنتِ تعرفينني..ليزا"

مدت ساره يدها وصافحتها باستغراب من علاقتها مع جوهان ...
وبعيدا هناك...كان نيكولاس يرمق ليزا بنظرات غريبة وهو يفكر في هذه العلاقة التي تربطها بجوهان...كيف تعرفه؟...لا توجد علاقة بين فرانسيس وعائلة ريستنيج... فكيف هي تعرف جوهان؟!
التفت نحو الرجل الذي يمد يده لمصافحته وبدأ التكلم معه ... وقرر أن يسألها عن هذا فيما بعد...الوقت غير مناسب الآن



~*~*~انتهى~*~*~