فضيلة عشر ذي الحجة
صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 4 من 6

الموضوع: فضيلة عشر ذي الحجة

  1. #1
    مشرفة الركن الإسلامي الصورة الرمزية ام سارة**
    تاريخ التسجيل
    Sep 2014
    المشاركات
    5,124
    معدل تقييم المستوى
    24

    فضيلة عشر ذي الحجة



    فضيلة عشر ذي الحجة


    الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى، والقائمين بالقسط من الناس، أما بعد:
    إن تعظيم ما عظمه الله تعالى، وتفضيل ما فضله رب السموات والأرض هو دأب الصالحين من الخلق، ذلك التعظيم الذي هو من تقوى القلوب قال تعالى:( ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ ) [الحج: 32].

    قال القرطبي - رحمه الله -: (الشعائر جمع شعيرة وهو كل شيء لله تعالى فيه أمر أشعر به وأعلم، ومنه شعار القوم في الحرب أي: علامتهم التي يتعارفون بها، ومنه إشعار البدنة وهو الطعن في جانبها الأيمن حتى يسيل الدم، فيكون علامة فهي تسمى شعيرة بمعنى المشعورة فشعائر الله أعلام دينه لا سيما ما يتعلق بالمناسك) [تفسير القرطبي: 12/ 56].

    قال ابن سعدي - رحمه الله -: (فتعظيم شعائر الله صادر من تقوى القلوب فالمعظم لها يبرهن على تقواه وصحة إيمانه؛ لأن تعظيمها تابع لتعظيم الله وإجلاله) [تفسير السعدي: 538].

    ومن نافلة القول أن نقول: أن ذلك التعظيم والتشريف لابد أن يكون مقيداً بقيد الشرع، بالإتباع لا بالابتداع.

    أحبتي: لقد اصطفى الله سبحانه: (صفايا من خلقه، اصطفى من الملائكة رسلاً، ومن الناس رسلاً، واصطفى من الكلام ذكره، واصطفى من الأرض المساجد، واصطفى من الشهور رمضان، والأشهر الحرم، واصطفى من الأيام يوم الجمعة، واصطفى من الليالي ليلة القدر، فعظموا ما عظم الله، فإنما تعظيم الأمور بما عظمها الله به، عند أهل الفهم وأهل العقل) [تفسير ابن كثير: 2/ 356].

    وهذه الصفايا ومواسم الخير، لمن أفضل ما يسعى العبد لاغتنامها بمزيد طاعة وعبادة وعمل صالح، عسى أن يوفق العبد إلى أن يصاب بنفحة من نفحات الخالق جل وعلا فيأمن من لفحات النار ولهيبها.

    يقول ابن رجب - رحمه الله -: (ما من هذه المواسم الفاضلة، موسم إلا ولله تعالى فيه وظيفة من وظائف طاعته، يُتَقَرَّبُ بها إليه، ولله فيه لطيفة من لطائف نفحاته، يصيب بها من يشاء بفضله ورحمته عليه، فالسعيد من اغتنم مواسم الشهور والأيام والساعات، وتقرب فيها إلى مولاه، بما فيها من وظائف الطاعات، فعسى أن تصيبه نفحة من تلك النفحات، فيسعد بها سعادة يأمن بعدها من النار، وما فيها من اللفحات) [لطائف المعارف: 6].

    وها قد أقبل موسم خير، وأيام معظمة مشرفة، هي محل إجماع بين أهل العلم على فضلها وشرفها حتى أن البعض منهم قد أفردها بكتاب ومصنف أذكر منهم: الإمام الحافظ أبي القاسم سليمان بن أحمد الطبراني وسماه [فضل عشر ذي الحجة]، وكذلك الحافظ محمد بن ناصر الدمشقي وسماه: [فضل عشر ذي الحجة ويوم عرفة وإذا وافق يوم جمعة].

    قال ابن رجب الحنبلي - رحمه الله - على هذه الأيام العشر: (لما كان الله - سبحانه وتعالى - قد وضع في نفوس المؤمنين حنيناً إلى مشاهدة بيته الحرام، وليس كل أحد قادر على مشاهدته في كل عام، فرض على المستطيع الحج مرة واحدة في عمره، وجعل موسم العشر مشتركاً بين السائرين والقاعدين، فمن عجز عن الحج في عام قدر في العشر على عمل يعمله في بيته يكون أفضل من الجهاد الذي هو أفضل من الحج).

    إنها الأيام العشر من ذي الحجة، التي - كما سنرى - قد تضافرت الأدلة وتعاضدت على شرفها ومزيد فضلها وكونها من مواسم الخير ذات المزية والفضيلة، التي لا بد أن يغتنمها الإنسان ويخصها بمزيد عبادة وعمل صالح.

    إن شهر ذي الحجة هو الشهر الثاني من الأشهر الحرم حسب الترتيب النبوي، وهو الشهر الثالث من أشهر الحج، كما تختم به السنة القمرية فهو الشهر الثاني عشر منها.

    ويقال: (الحجة) بكسر الحاء وفتحها، قال ابن كثير - رحمه الله -: ([الحجة] بكسر الحاء، قلت: وفتحها، سمي بذلك لإقامتهم الحج فيه) ويجمع على (ذوات الحج) [تفسير ابن كثير: 2/ 355].

    وبه تسمى السنة كلها فيقال مثلاً: تسع حجج، وعشر حجج، وتسعون حجة وهكذا.

    والكلام في فضل عشر ذي الحجة يتناول، فضلها في نفسها، وفضل العمل فيها، حيث قد دلت الأدلة - كما سيأتي -: (على أن العمل في أيامه - ذي الحجة - أحب إلى الله من العمل في أيام الدنيا من غير استثناء شيء منها، وإذا كان أحب إلى الله هو أفضل عنده)
    [ابن رجب: لطائف المعرف: 276].


    وهذا العشر قد امتازت عن غيرها من الأيام وشُرفت عليها لاجتماع أمهات العبادة فيها يقول ابن حجر - رحمه الله -: (والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذي الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه، وهي: (الصلاة، والصيام، والصدقة، والحج) ولا يتأتى ذلك في غيره، وعلى هذا هل يختص الفضل بالحاج أو يعم المقيم؟ فيه احتمال) [فتح الباري: 2/ 460].

    وهذه الأيام المباركة يظهر فضلها من جهتين:
    الأولى: كونها داخلة ومتعلقة بغيرها من مواسم الخير والفضل أعني: (الأشهر الحرم، وأشهر الحج) فهي من أشهر الحج، ومن الأشهر الحرم أيضاً، لهذا فالأدلة الدالة على أحكام وخصائص وفضائل أشهر الحج والأشهر الحرم تتناول الأيام العشر من ذي الحجة من باب أولى.

    الثاني: خاص بها وخاصة بعض أيامها وأعني: (يوم عرفة، ويوم النحر).

    ولا بأس بأن نتكلم ولو بشكل مجمل عن تعلق هذه الأيام بغيرها من مواسم الخير لنعلم ما لهذه الأيام من فضل وتشريف مع التطرق لبعض أحكامها الفقهية.

    وأبدأ بالأشهر الحرم، فما هي الأشهر الحرم: المراد الأشهر الحرم هي التي ورد ذكرها في قول الله تعالى:( إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ) [التوبة: 36].

    وهن: (رجب مضر، وذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم).
    وهذا التحديد تظاهرت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    فعن أبي بكرة - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض السنة اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم ثلاثة متواليات ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان " [البخاري].

    وروي مثل ذلك عن أبي هريرة وقتادة، وهو أيضا قول عامة أهل التأويل.

    وباستعراضنا لبعض فضائل الأشهر الحرم نعلم ما لهذه الأيام من فضيلة ومزية:
    إن الأشهر الحرم قد فضلها الله على سائر شهور العام، وشرفهن على سائر الشهور فخص الذنب فيهن بالتعظيم، كما خصهن بالتشريف، وذلك نظير قوله تعالى: ( حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى ) [البقرة: 238]
    قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: (خص الله من شهور العام أربعة أشهر فجعلهن حرماً، وعظم حرماتهن، وجعل الذنب فيهن والعمل الصالح والأجر أعظم).


    وعن قتادة: (الظلم في الأشهر الحرم أعظم خطيئة ووزرا من الظلم فيما سواها وإن كان الظلم في كل حال عظيماً، ولكن الله يعظم من أمره ما شاء).

    قال قتادة: (فعظموا ما عظم الله، فإنما تعظم الأمور بما عظمها الله عند أهل الفهم وأهل العقل).

    ومما تختص به الأشهر الحرم من أحكام ويدخل فيه الأيام العشر من ذي الحجة تبعاً:
    1 - حرمت القتال فيها: كان القتال في الأشهر الحرم محرما في الجاهلية قبل الإسلام، فكانت الجاهلية تعظمهن وتحرم القتال فيهن، حتى لو لقي الرجل منهم فيهن قاتل أبيه أو أخيه تركه.

    وقد توارثته العرب منهما فكانوا يحرمون القتال فيها، ثم جاء الإسلام يؤيد حرمة القتال في الأشهر الحرم بقوله تعالى:( يَسْأَلُونَكَ عَنْ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنْ الْقَتْلِ) [البقرة: 217].

    ثم هل نسخ القتال في الأشهر الحرم؟
    اختلف أهل التأويل في الآية التي أثبتت حرمة القتال في الأشهر الحرم، وهي قوله تعالى:
    ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ ) [البقرة: 217]
    هل هو منسوخ أم ثابت الحكم؟


    فقال بعضهم: إن ذلك حكم ثابت، لا يحل القتال لأحد في الأشهر الحرم؛ لأن الله جعل القتال فيه كبيراً.

    وقال بعضهم: هو منسوخ بقول الله عز وجل: (وقاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة) ورد ذلك عن الزهري وعطاء بن ميسرة وصوبه الإمام الطبري - رحمهم الله جميعاً - ومن أراد التوسع فليراجع كتب التفسير.

    2 - تغليظ الديات فيها: اختلف الفقهاء في تغليظ دية القتل في الأشهر الحرم أو عدم تغليظها، فالشافعية والحنابلة يرون تغليظ الدية للقتل في الأشهر الحرم.

    وعند الحنفية والإمام مالك لا تغلظ الدية.
    ومن قال بالتغليظ اختلف في صفتها، ومن أراد التفصيل فليرجع كتاب الديات عند أصحاب المذاهب.

    ثانياً: أشهر الحج، ما هي أشهر الحج: جمهور الفقهاء على أن أشهر الحج هي: (شوال، وذو القعدة، وعشر من ذي الحجة)
    لأن قوله تعالى:
    ( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ ) [البقرة: 197]
    مقصود به وقت الإحرام بالحج، لأن الحج لا يحتاج إلى أشهر، فدل على أنه أراد به وقت الإحرام.


    وقد روي ذلك عن العبادلة الأربعة: ابن عباس، وابن عمر، وابن عمرو، وابن الزبير رضي الله عنهم.

    ولأن الحج يفوت بمضي عشر ذي الحجة، ومع بقاء الوقت لا يتحقق الفوات، وهذا يدل على أن المراد من الآية شهران وبعض الثالث لا كله، لأن بعض الشهر يتنزل منزلة كله.

    وذهب المالكية إلى أن أشهر الحج هي: شوال وذو القعدة وذو الحجة.

    والمالكية - وإن كانوا يقولون إن أشهر الحج هي شوال وذو القعدة وذو الحجة - إلا أن مرادهم بذلك أن وقت الإحرام يبدأ من شوال إلى فجر يوم النحر، أما الإحلال من الحج فيمتد إلى آخر ذي الحجة.

    ثمرة الخلاف في تحديد أشهر الحج: ثمرة الخلاف في تحديد أشهر الحج، على ما ذكره ابن رشد، هي جواز تأخير طواف الإفاضة عند المالكية إلى آخر ذي الحجة، فإن أخره إلى المحرم فعليه دم.

    وعند الحنفية إن أخره عن أيام النحر كان عليه دم.
    أما عند الشافعية والحنابلة فإن آخره غير موقت، بل يبقى ما دام حياً ولا دم عليه.

    وبناء على ما تقدم فهذه الأيام - العشر - المباركة تدخل في ما يعرف بالميقات الزماني للإحرام بالحج:
    فقد ذهب الأئمة الثلاثة أبو حنيفة والشافعي وأحمد وأصحابهم إلى أن وقت الإحرام بالحج: شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة. وهو مذهب جمهور الصحابة والتابعين ومن بعدهم.

    وذهب مالك إلى أن وقت الحج شوال وذو القعدة وشهر ذي الحجة إلى آخره. وليس المراد أن جميع هذا الزمن الذي ذكروه وقت لجواز الإحرام، بل المراد أن بعض هذا الزمن وقت لجواز ابتداء الإحرام، وهو من شوال لطلوع فجر يوم النحر وبعضه وقت لجواز التحلل، وهو من فجر يوم النحر لآخر ذي الحجة.

    وعلى هذا فالميقات الزماني بالنسبة للإحرام متفق عليه، إنما مرتب على مذهب المالكية جواز تأخير الإحلال إلى آخر ذي الحجة.

    والأصل للفريقين قوله تعالى: ( الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ ) [البقرة: 197]
    فالجمهور فسروا الآية بأن المراد شهران وبعض الثالث. واستدلوا بالآثار عن الصحابة.


    كما يدل لهم أن أركان الحج تؤدى خلال تلك الفترة.

    وأما المالكية فدليلهم واضح، وهو ظاهر الآية ; لأنها عبرت بالجمع " أشهر " وأقل الجمع ثلاث، فلا بد من دخول ذي الحجة بكماله.

    ثم اختلف الجمهور في نهار يوم النحر هل هو من أشهر الحج أو لا؟.
    فقال الحنفية والحنابلة: هو من أشهر الحج.

    وقال الشافعية: آخر أشهر الحج ليلة يوم النحر. وهو مروي عن أبي يوسف. وفي وجه عند الشافعية في ليلة النحر أنها ليست من أشهر الحج.

    والأول هو الصحيح المشهور. ومن أراد التوسع في ذلك فعليه بكتاب الحج في كتب أصحاب المذاهب الفقهية.

    علاقة أشهر الحج بالأشهر الحرم: تبين لنا مما تقدم أن أشهر الحرم هي: (رجب، وذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم).

    وعلى ذلك فأشهر الحج تشترك مع الأشهر الحرم في ذي القعدة وعشر من ذي الحجة، أما شوال فهو من أشهر الحج فقط، ورجب وبقية ذي الحجة من الأشهر الحرم فقط.

    وتحديد أشهر الحج مقصود به أن الإحرام بالحج يتم في هذا الوقت، ولذلك يرى الحنفية والمالكية والحنابلة كراهة الإحرام بالحج في غير هذا الوقت، والمراد عند الحنفية بالكراهة كراهة التحريم، وبذلك صرح القهستاني.

    أما الشافعية فلا ينعقد عندهم الإحرام بالحج في غير هذا الوقت، وإنما ينعقد عمرة لأن الحج عبادة مؤقتة، فإذا عقدها في غير وقتها انعقد غيرها من جنسها، كصلاة الظهر إذا أحرم بها قبل الزوال فإنه ينعقد إحرامه بالنفل.

    ونذكر الآن ما ورد بخصوصها من فضائل ومزايا وخصائص:
    لقد دل كتاب الله سبحانه على فضل ومزية العشر الأُول من ذي الحجة على غيرها من أيام العام، ومن ذلك قوله تعالى:
    1 -( وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ * وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ * وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ * هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ ) [الفجر: 1 - 5].

    فقد أقسم الله تعالى بالليالي العشر من ذي الحجة مع ما أقسم به من مخلوقاته في سورة الفجر، وكما هو معروف فإن قسمه سبحانه وتعالى ببعض مخلوقاته يعد تشريفاً منه، وتعظيماً لذلك المقسوم به.

    وإن اختلف المفسرون على المراد بالليالي العشر إلا أن أقوال المفسرين الأثبات تجمع على أنها عشر ذي الحجة قال الطبري - رحمه الله -: (والصواب من القول في ذلك عندنا أنها عشر الأضحى لإجماع الحجة من أهل التأويل عليه وأن عبد الله بن أبي زياد القطواني حدثني قال ثني زيد بن حباب قال أخبرني عياش بن عقبة قال ثني جبير بن نعيم عن أبي الزبير عن جابر أن رسول الله قال: " والفجر وليال عشر قال: عشر الأضحى") [تفسير الطبري: 30 / 169].

    وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: (إن الليالي العشر التي أقسم الله بها هي ليالي العشر الأول من ذي الحجة) [تفسير الطبري: 30/ 168].

    و عن عبد الله بن الزبير - رضي الله عنهما - قال: ((وليال عشر) أول ذي الحجة إلى يوم النحر) [تفسير الطبري: 30/ 169].

    وعن مسروق - رحمه الله - قال: (عشر ذي الحجة وهي التي وعد الله موسى) [تفسير الطبري: 30/ 169] وهو مروي أيضاً عن: عكرمة ومجاهد وقتادة والضحاك وغير واحد من السلف والخلف.

    وعن مجاهد قال: (ليس عمل في ليال من ليالي السنة أفضل منه في ليالي العشر وهي عشر موسى التي أتمها الله له).

    وعن مسروق قال: (ليال العشر هي أفضل أيام السنة)[تفسير الطبري: 30/ 169].

    وعن ابن عباس قال: ((والفجر) يريد صبيحة يوم النحر لأن الله تعالى جل ثناؤه جعل لكل يوم ليلة قبله إلا يوم النحر لم يجعل له ليلة قبله ولا بعده لأن يوم عرفة له ليلتان ليلة قبله وليلة بعده فمن أدرك الموقف ليلة بعد عرفة فقد أدرك الحج إلى طلوع الفجر فجر يوم النحر وهذا قول مجاهد) [تفسير القرطبي: 20/ 39].

    وعن جابر عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (إن العشر عشر الأضحى والوتر يوم عرفة والشفع يوم النحر) قال ابن كثير: (وهذا إسناد رجاله لا بأس بهم وعندي أن المتن في رفعه نكارة والله أعلم) [تفسير ابن كثير: 4/ 506].

    2 - وقال أيضاً:( لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ ) [الحج: 28].

    عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: (الأيام المعلومات أيام العشر) وعلقه البخاري عنه بصيغة الجزم به.

    وقال ابن كثير - رحمه الله -: (وروي مثله عن أبي موسى الأشعري، ومجاهد وقتادة، وعطاء، وسعيد بن جبير، والحسن، والضحاك، وعطاء الخرساني، وإبراهيم النخعي وهو مذهب الشافعي، والمشهور عن أحمد بن حنبل) [تفسير ابن كثير: 3/ 217].

    3 - قال تعالى: ( وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ) [البقرة: 203].
    على قول من قال أن يوم النحر منها، فعن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: (هي ثلاثة: يوم النحر، ويومان بعده أذبح في أيهن شئت وأفضلها أولها) [تفسير ابن كثير: 1/ 246].


    وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: (الأيام المعلومات التي قبل يوم التروية ويوم التروية ويوم عرفة والمعدودات أيام التشريق) قال ابن حجر - رحمه الله -: (إسناده صحيح وظاهره إدخال يوم العيد في أيام التشريق) [فتح الباري: 2/ 458].

    والمشهور فيها - أي الأيام المعلومات - أنها أيام التشريق.

    4 - وقال الله:( وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) [الأعراف: 142].

    قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: (هي ذو القعدة وعشر من ذي الحجة) [تفسير القرطبي: 7/ 274].
    وعن مجاهد قال: (ذو القعدة، وعشر ذي الحجة) [تفسير الطبري: 9/ 47].
    وعن مسروق (وأتممناها بعشر) قال: (عشر الأضحى)[تفسير الطبري: 9/ 48].

    أدلة فضلها من السنة:
    1 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ما العمل في أيام العشر أفضل من العمل في هذه " قالوا: ولا الجهاد؟ قال: " ولا الجهاد. إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله، فلم يرجع بشيءٍ) [البخاري برقم: 969].

    قال ابن رجب - رحمه الله -: (ثم استثنى جهاداً واحداً هو أفضل الجهاد، فإنه صلى الله عليه وسلم سئل أي الجهاد أفضل؟ قال: " من عقر جواده وأهريق دمه "وصاحبه أضل الناس درجة عند الله، سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يدعو يقول: اللهم أعاطني أفضل ما تعطي عبادك الصالحين، فقال: " إذن يعقر جوادك، وتستشهد " فهذا الجهاد بخصوصه يفضل على العمل في العشر، وأما بقية أنواع الجهاد، فإن العمل في عشر ذي الحجة أفضل وأحب إلى الله - عز وجل - منها وكذلك سائر الأعمال.

    وهذا يدل على أن العمل المفضول في الوقت الفاضل يلتحق بالعمل الفاضل في غيره، ويزيد عليه لمضاعفة ثوابه وأجره) [لطائف المعارف: 276].

    وقال ابن حجر - رحمه الله - (واستدل به على فضل صيام عشر ذي الحجة لاندراج الصوم في العمل، واستشكل بتحريم الصوم يوم العيد.

    وأجيب: بأنه محمول على الغالب ولا يرد على ذلك ما رواه أبو داود وغيره عن عائشة قالت: (ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صائما العشر قط) لاحتمال أن يكون ذلك لكونه كان يترك العمل وهو يحب أن يعمله خشية أن يفرض على أمته كما رواه الصحيحان من حديث عائشة أيضاً) [فتح الباري: 2/ 460].

    2 - وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من أيام الدنيا أيام أحب إلى الله سبحانه أن يتعبد له فيها من أيام العشر وإن صيام يوم فيها ليعدل صيام سنة وليلة فيها بليلة القدر " [ابن ماجه برقم: 1728].

    3 - وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من أيام العمل فيه أفضل من عشر ذي الحجة " قيل ولا الجهاد في سبيل الله قال: "ولا الجهاد في سبيل الله إلا من عقر جواده، وأهريق دمه " [مسند أبي عوانة: 2/ 245].

    4 - وعن ابن عمر - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من: التهليل، والتكبير والتحميد " [مسند أحمد بن حنبل: 2/ 131].

    5 - وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما من أيام الدنيا أيام العمل فيها أفضل من أيام العشر" قال رجل: ولا مثلها في سبيل الله ثلاثاً؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الثالثة " إلا أن لا يرجع " [الطبراني: المعجم الكبير: 12/ 14].

    6 - عن أم سلمة - رضي الله عنها - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا دخلت العشر فأراد أحدكم أن يضحي، فلا يمس من شعره، ولا من بشره شيئاً "[النسائي: 3/ 52].

    ما جاء عن بعض السلف في تعظيمها:
    1 - فقد كان ابن عمر وأبو هريرة - رضي الله عنهما - يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران، ويكبر الناس بتكبيرهما. [البخاري].

    2 - وكان سعيد بن جبير - رحمه الله - إذا دخل أيام العشر اجتهد اجتهاداً شديداً حتى ما يكاد يقدر عليه.[سنن الدارمي: 2/ 41] وكان - رحمه الله - يقول: (لا تطفئوا سرجكم ليالي العشر) تعجبه العبادة فيها[ابن رجب: لطائف المعارف: 278].

    3 - وعن مسكين قال: (سمعت مجاهداً وكبر رجل أيام العشر، فقال مجاهد: أفلا رفع صوته فلقد أدركتهم وإن الرجل ليكبر في المسجد فيرتج بها أهل المسجد، ثم يخرج الصوت إلى أهل الوادي، حتى يبلغ الأبطح فيرتج بها أهل الأبطح، وإنما أصلها من رجل واحد) [مصنف ابن أبي شيبة: 3/ 250].

    4 - وعن مجاهد قال: (ما من عمل في أيام السنة أفضل منه في العشر من ذي الحجة قال: وهي العشر الذي أتمها الله لموسى) [مصنف عبد الرزاق: 4/ 375].

    5 - وعن أبي الضحى قال: سُئل مسروق عن الفجر وليال عشر: قال: (هي أفضل أيام السنة) [مصنف عبد الرزاق: 4/ 376].




  2. #2
    مشرفة الركن الإسلامي الصورة الرمزية ام سارة**
    تاريخ التسجيل
    Sep 2014
    المشاركات
    5,124
    معدل تقييم المستوى
    24

    خصائص وأحكام عشر ذي الحجة:
    1 - خصت هذه الأيام بأن الله قد شرفها وعظمها، وفضل العمل فيها على غيرها من الأيام.

    2 - أنه يقع فيها معظم مناسك الحج ابتداءً من يوم التروية إلى ركن الحج الأعظم وهو الوقوف بعرفة إلى ما يتضمنه يوم النحر من بقية المناسك، والحج أحد أركان الإسلام الخمسة المفروضة على المستطيع من المسلمين ولما كان جزاء الحج المبرور الجنة، فإن هذه الأيام هي بوابة لدخول الجنة، وبوابة للمغفرة.

    3 - ضمت هذه العشر يومين من أعظم أيام السنة، ورد فيهما ما يدل على فضيلتهما وهما: (يوم عرفة، ويوم النحر).

    4 - كونها خاتمة أشهر الحج على قول الجمهور، وهي داخلة في أشهر الحج على قول المالكية.

    5 - يستحب فيها ويسن على وجه الخصوص الإكثار من التهليل والتكبير والتحميد. والتكبير في هذا الزمان صار من السنن المهجورة ولا سيما في أول العشر فلا تكاد تسمعه إلا من القليل، فينبغي الجهر به إحياء للسنة وتذكيرا للغافلين، وقد ثبت أن ابن عمر وأبا هريرة رضي الله عنهما كانا يخرجان إلى السوق أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما، والمراد أن الناس يتذكرون التكبير فيكبر كل واحد بمفرده وليس المراد التكبير الجماعي بصوت واحد، فإن هذا غير مشروع.

    إن إحياء ما اندثر من السنن أو كاد فيه ثواب عظيم دل عليه قوله صلى الله عليه وسلم: "من أحيا سنة من سنتي قد أميتت بعدي فإن له من الأجر مثل من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيئاً " [أخرجه الترمذي وهو حديث حسن لشواهده].

    6 - جعل الله تعالى في أحد أيامها وهو (يوم النحر) ميقاتاً للتقرب إليه بذبح القرابين، كهدي القارن والمتمتع للحاج خاصة، والأضحية للحاج وغيره.

    7 - العمل الصالح فيها أحب الأعمال إلى الله تعالى منه في غيرها.

    8 - يشرع فيه الصيام من جهة كونه داخلاً في مسمى العمل الصالح، ولكونه قد وردت بخصوصه بعض الآثار منها عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر، أول اثنين من الشهر والخميس)[سنن أبي داود].

    9 - إن من أفضل ما يعمل في هذه العشر حج بيت الله الحرم أو أداء العمرة، فمن وفقه الله تعالى لقصد بيته - حجاً أو عمرة - وقام بأداء نسكه على الوجه المطلوب فله نصيب - إن شاء الله - من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم الحج: " المبرور ليس له جزاء إلا الجنة " فمن لم يمكنه الحجّ أو العمرة، فعليه أن يعمر هذه الأوقات الفاضلة بطاعة الله تعالى من الصلاة وقراءة القرآن والذكر والدعاء والصدقة وبر الوالدين وصلة الأرحام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك من طرق الخير وسبل الطاعة.

    10 - ومما يتأكد في هذا العشر التوبة إلى الله تعالى والإقلاع عن المعاصي وجميع الذنوب.

    والتوبة هي الرجوع إلى الله تعالى وترك ما يكرهه الله ظاهرا وباطنا ندما على ما مضى، وتركا في الحال، وعزما على ألا يعود والاستقامة على الحق بفعل ما يحبه الله تعالى.

    وللتوبة في الأزمنة الفاضلة شأن عظيم؛ لأن الغالب إقبال النفوس على الطاعات ورغبتها في الخير فيحصل الاعتراف بالذنب والندم على ما مضى. وإلا فالتوبة واجبة في جميع الأزمان، فإذا اجتمع للمسلم توبة نصوح مع أعمال فاضلة في أزمنة فاضلة فهذا عنوان الفلاح إن شاء الله. قال تعالى: ( فَأَمَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَعَسَى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ )
    [القصص: 67] [القصص: 67].


    وهذه الأيام المباركة قد ضمت فيما ضمت من مزايا أياماً تختص بفضائل دون سائر الأيام وهي: (يوم عرفة، ويوم النحر) وهذه بعض ما ورد فيها من آثار دالة على عظمها وفضلها لتضيف إلى العشر مزيد فضل وحرمة.

    أولاً: يوم عرفة:

    وهو اليوم التاسع من شهر ذي الحجة، سمي باسم المكان المعروف الذي يقف فيه الحاج.

    وسميت عرفات بهذا الاسم لما قيل بأن جبريل - عليه السلام - حج بإبراهيم - عليه الصلاة والسلام - فلما وصل عرفات قال: عرفتُ.

    وقيل: سميت عرفات؛ لأن الناس يتعارفون فيها.
    وقيل: إن آدم - عليه الصلاة والسلام - التقى حواء فيها بعد هبوطهما من الجنة فتعارفا.

    قال ابن عطية - رحمه الله -: (والظاهر أنه اسم مرتجل كسائر أسماء البقاع) [تفسير ابن كثير: 1/ 427، والشوكاني: فتح القدير: 1/ 270، ابن ناصر الدين الدمشقي: فضل عشر ذي الحجة: 25].

    هذا ومن أسماء يوم عرفة:

    1 - يوم التمام؛ لأن الله - عز وجل - أتم وأكمل الدين فيه.كما قاله عمر وعلي - رضي الله عنهما -.

    2 - يوم الحج الأكبر.

    3 - المشهود لحديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اليوم الموعود: يوم القيامة، واليوم المشهود: يوم عرفة، والشاهد: يوم الجمعة " [الترمذي، ابن ناصر الدين الدمشقي: فضل عشر ذي الحجة: 27 - 28].

    إن الأدلة على فضل يوم عرفات كثيرة أذكر منها:

    1 - عن عبد الرحمن بن يعمر الديلي - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الحج عرفة أو عرفات، فمن أدرك عرفة قبل طلوع الفجر، فقد أدرك الحج " فجعل النبي صلى الله عليه وسلم الوقوف فيه هو الحج مبالغة في تعظيمه وتشريفه، فهو أصل الحج والباقي تابع له.
    [الترمذي، وابن ماجة، والنسائي، والحاكم].

    قال ابن خزيمة - رحمه الله -: (قد أوقع النبي صلى الله عليه وسلم اسم الحج باسم المعرفة على عرفة أراد الوقوف بها وليس الوقوف بعرفة جميع الحج إنما هو بعض أجزاءه لا كله) [صحيح ابن خزيمة: 4/ 257].

    قال النووي - رحمه الله -: (الحج عرفة أي: عماده، ومعظمه عرفة) [النووي على صحيح مسلم: 2/ 37]
    قال ابن حجر - رحمه الله -: (الحج عرفة أي معظم الحج، وركنه الأكبر) [فتح الباري: 11/ 94]
    وقال المناوي - رحمه الله -: (الحج عرفة أي: هو الأصل والباقي تابع) [فيض القدير: 4/ 521].

    وقال الشوكاني - رحمه الله -: (" الحج عرفة " أي الحج الصحيح حج من أدرك يوم عرفة) [المباركفوري: تحفة الأحوذي: 3/ 540].

    2 - عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من يوم أفضل عند الله من يوم عرفة ينزل الله إلى السماء الدنيا فيباهي بأهل الأرض أهل السماء، فيقول انظروا إلى عبادي شعثاً غبراً ضاحين جاؤوا من كل فج عميق، ولم يروا رحمتي ولم يروا عذابي، فلم أر يوماً أكثر عتيقاً من النار من يوم عرفة "[الهيثمي: مجمع الزوائد].

    3 - عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة فيقول ما أراد هؤلاء " [مسلم].

    4 - عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " أفضل الأيام يوم عرفة " [صحيح ابن حبان].

    5 - عن طلحة بن عبيد الله بن كريز أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ما رؤى الشيطان يوماً هو فيه أصغر، ولا ادحر، ولا أحقر، ولا أغيظ منه، في يوم عرفة وما ذاك إلا لما رأى من تنزل الرحمة وتجاوز الله عن الذنوب العظام إلا ما أرى يوم بدر " قيل: وما رأى يوم بدر يا رسول الله؟ قال: " أما أنه قد رأى جبريل يزع الملائكة " [موطأ مالك].

    6 - عن أبي قتادة - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله، والسنة التي بعده " [صحيح مسلم].

    7 - عن ابن عباس - رضي الله عنهما - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يوم عرفة، هذا يوم من ملك فيه سمعه، وبصره، ولسانه، غفر له "[المسند].

    8 - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير "[الترمذي].

    9 - عن جابر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "(والفجر وليال عشر) قال العشر: عشر الأضحى (والوتر) يوم عرفة (والشفع) يوم النحر ".[البيهقي: شعب الإيمان].

    10 - قال ابن عباس - رضي الله عنهما -: (العشر التي اقسم الله بهن ليالي عشر ذي الحجة والشفع يوم الذبح والوتر يوم عرفة.

    11 - عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: (ما من يوم من السنة أصومه أحب إليّ من يوم عرفة) [البيهقي: شعب الإيمان].

    12 - عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: (كان يقال في أيام العشر لكل يوم ألف يوم ويوم عرفة عشرة ألف يوم يعني في الفضل)[البيهقي: شعب الإيمان].

    13 - عن عطاء ابن رباح - رحمه الله - قال: (من صام يوم عرفة كان له كأجر ألف يوم).

    بعض خصائص يوم عرفة وأحكامه:

    1 - أنه كما تقدم يعد أفضل الأيام.

    2 - أن الوقوف بعرفة هو الركن الأعظم من أركان الحج.

    3 - باتفاق العلماء يستحب صيامه لغير الحاج، إنما وقع الخلاف بخصوص الحاج، الجمهور على أنه يستحب له الفطر وعدم الصوم لحديث أم الفضل - رضي الله عنها - تقول: (شك ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صيام يوم عرفة ونحن بها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسلت إليه بقعب فيه لبن وهو بعرفة فشربه) [مسلم]. ولقول ابن عمر - رضي الله عنهما -: (حججت مع النبي صلى الله عليه وسلم فلم يصمه يعني يوم عرفة ومع أبي بكر فلم يصمه ومع عمر فلم يصمه ومع عثمان فلم يصمه) قال الترمذي - رحمه الله -: (والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم يستحبون الإفطار بعرفة ليتقوى به الرجل على الدعاء وقد صام بعض أهل العلم يوم عرفة بعرفة)[سنن الترمذي].

    4 - صومه كفارة سنة ماضية، وسنة مستقبلة.
    5 - يوم مغفرة الذنوب، والعتق من النار، والمباهات بأهل الموقف.

    6 - يستحب فيه الإكثار من الدعاء والذكر لحديث عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - قال: (كان أكثر دعاء النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد بيده الخير وهو على كل شيء قدير) [المسند].

    7 - أنه يوم عيد ويوم إكمال الدين وإتمامه، فعن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أن رجلاً من اليهود قال له: يا أمير المؤمنين آية في كتابكم تقرؤونها لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيداً قال: أي آية قال: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً) قال عمر: قد عرفنا ذلك اليوم والمكان الذي نزلت فيه على النبي صلى الله عليه وسلم وهو قائم بعرفة، يوم جمعة) [البخاري] وفي بعض الروايات (وكلاهما لنا عيد)، لكنه عيد لأهل الموقف خاصة ولهذا يستحب لهم فطره عند جمهور الفقهاء، ولغيرهم يستحب لهم صيامه.

    8 - يتأكد فيه طلب حفظ السمع والبصر واللسان عما لا يحل.

    9 - يجوز فيه التعريف بالاجتماع في المساجد للذكر والدعاء مشاركة لأهل الموقف عند بعض العلماء فعن قتادة قال: قال عدي بن أرطاة للحسن: ألا تخرج بالناس فتعرف بهم وذلك بالبصرة قال: فقال الحسن: إنما المعرف بعرفة، قال: وكان الحسن يقول: أول من عرف بأرضنا ابن عباس. [مصنف عبد الرزاق].

    قال ابن قدامة - رحمه الله -: (قال الأثرم: سألت أبا عبد الله عن التعريف في الأمصار يجتمعون في المساجد يوم عرفة؟
    قال: أرجو أن لا يكون به بأس قد فعله غير واحد.
    وقال أحمد أول من فعله ابن عباس وعمرو بن حريث وقال: الحسن وبكر وثابت ومحمد بن واسع كانوا يشهدون المسجد يوم عرفة قال أحمد لا بأس به إنما هو دعاء وذكر لله، فقيل له: تفعله أنت، قال: أما أنا فلا.


    وروي عن يحيى بن معين أنه حضر مع الناس عشية عرفة) [ابن قدامة: المغني: 2/ 129].

    تنبيه:
    قد اشتهر بين العوام أن يوم عرفة إذا وافق يوم الجمعة كان الحج حجاً أكبر ولا أصل له قاله المباركفوري - رحمه الله - [تحفة الأحوذي: 4/ 27].

    وفي شرح الزرقاني على الموطأ قوله: (ما استفاض على ألسنة العوام أن وقفة الجمعة تعدل اثنتين وسبعين حجة فباطل لا أصل له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من الصحابة والتابعين)[شرح الزرقاني: 2/ 53].



  3. #3
    مشرفة الركن الإسلامي الصورة الرمزية ام سارة**
    تاريخ التسجيل
    Sep 2014
    المشاركات
    5,124
    معدل تقييم المستوى
    24

    ثانياً: يوم النحر:
    وهو اليوم العاشر من ذي الحجة، ويسمى بعيد النحر وعيد الأضحى؛ لأنه اليوم الذي يبدأ الناس فيه بذبح أو نحر قرابينهم من الهدي والأضاحي، كما يسمى بيوم الحج الأكبر؛ لأن معظم مناسك الحج تقع فيه.

    يوم الحج الأكبر هو يوم النحر - كما سيأتي - ويوم الحج الأكبر هو الزمن، والحج الأكبر هو العمل فيه.

    وسمي يوم النحر بـ يوم الحج الأكبر لوقوع معظم وأهم مناسك الحج فيه ففي ليلته الوقوف بعرفة، والمبيت بالمشعر الحرام - مزدلفة - والرمي في نهاره، والحلق أو التقصير، والطواف والسعي.

    ومما ورد في يوم النحر من فضائل يختص بها مع اشتراكه مع بقية أيام العشر من ذي الحجة ما يلي:
    1 - أنه يوم الحج الأكبر، قال تعالى:
    ( وَأَذَانٌ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنْ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ ) [التوبة: 3]

    عن علي - رضي الله عنه - قال: (يوم الحج الأكبر، يوم النحر) [الطبري: 10/ 71].


    وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: (وقف النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر بين الجمرات في الحجة التي حج بهذا وقال: " هذا يوم الحج الأكبر " فطفق النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " اللهم، اشهد " وودع الناس فقالوا هذه حجة الوداع) [البخاري].

    قال النووي - رحمه الله -: (إن الله تعالى قال (وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر) ففعل أبو بكر وعلي وأبو هريرة وغيرهم من الصحابة هذا الأذان يوم النحر بإذن النبي صلى الله عليه وسلم في أصل الأذان والظاهر أنه عين لهم يوم النحر فتعين أنه يوم الحج الأكبر ولأن معظم المناسك فيه.

    وقد اختلف العلماء في المراد بيوم الحج الأكبر فقيل: يوم عرفه، وقال مالك والشافعي والجمهور هو يوم النحر، ونقل القاضي عياض عن الشافعي أنه يوم عرفة وهذا خلاف المعروف من مذهب الشافعي.

    قال العلماء: وقيل الحج الأكبر للاحتراز من الحج الأصغر وهو العمرة) [النووي على صحيح مسلم: 9/ 116].

    وقال أبو جعفر الطبري - رحمه الله - بعد أن ذكر الاختلاف في كون يوم الحج الأكبر هو يوم عرفة أو يوم النحر قال: (وأولى الأقوال في ذلك بالصحة عندنا قول من قال يوم الحج الأكبر يوم النحر؛ لتظاهر الأخبار عن جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن علياً نادى بما أرسله به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرسالة إلى المشركين وتلا عليهم براءة يوم النحر.

    هذا مع الأخبار التي ذكرناها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال يوم النحر أتدرون أي يوم هذا، هذا يوم الحج الأكبر.

    وبعد فإن اليوم إنما يضاف إلى معنى الذي يكون فيه كقول الناس يوم عرفة وذلك يوم وقوف الناس بعرفة ويوم الأضحى وذلك يوم يضحون فيه، ويوم الفطر وذلك يوم يفطرون فيه، وكذلك يوم الحج يوم يحجون فيه، وإنما يحج الناس ويقضون مناسكهم يوم النحر؛ لأن في ليلة نهار يوم النحر الوقوف بعرفة كان إلى طلوع الفجر وفي صبيحتها يعمل أعمال الحج، فأما يوم عرفة فإنه وإن كان الوقوف بعرفة فغير فائت الوقوف به إلى طلوع الفجر من ليلة النحر والحج كله يوم النحر) [تفسير الطبري: 10/ 74 - 75].

    [تفسير الطبري: 10/ 74 - 75].

    وقال ابن كثير - رحمه الله -: ([يوم الحج الأكبر] وهو يوم النحر الذي هو أفضل أيام المناسك وأظهرها وأكبرها جميعاً) [تفسير ابن كثير: 2/ 333].

    واختلف في السبب الذي من أجله قيل لهذا اليوم يوم الحج الأكبر فقال بعضهم سمي بذلك لأن ذلك كان في سنة اجتمع فيها حج المسلمين والمشركين.

    فعن الحسن قال: إنما سمي الحج الأكبر من أجل أنه حج أبو بكر الحجة التي حجها واجتمع فيها المسلمون والمشركون فلذلك سمي الحج الأكبر ووافق أيضا عيد اليهود والنصارى.

    وقال آخرون الحج الأكبر القران والحج الأصغر الإفراد، فعن مجاهد قال: (كان يقول الحج الأكبر والحج الأصغر، فالحج الأكبر القران، والحج الأصغر إفراد الحج).

    وقال آخرون الحج الأكبر الحج والحج الأصغر العمرة، فعن عطاء قال: (الحج الأكبر الحج، والحج الأصغر العمرة).

    قال الطبري - رحمه الله -: (وأولى هذه الأقوال بالصواب في ذلك عندي قول من قال الحج الأكبر الحج لأنه أكبر من العمرة بزيادة عمله على عملها فقيل له الأكبر لذلك، وأما الأصغر فالعمرة لأن عملها أقل من عمل الحج فلذلك قيل لها الأصغر لنقصان عملها عن عمله) [تفسير الطبري: 10/ 75 - 76].

    2 - وعن أبي بكرة - رضي الله عنه - ذكر النبي صلى الله عليه وسلم قعد على بعيره وأمسك إنسان بخطامه أو بزمامه قال: " أي يوم هذا؟ " فسكتنا حتى ظننا أنه سيسميه سوى اسمه قال: " أليس يوم النحر " قلنا: بلى قال: " فأي شهر هذا؟ " فسكتنا حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه فقال: " أليس بذي الحجة " قلنا: بلى قال: " فإن دماءكم، وأموالكم، وأعراضكم، بينكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ليبلغ الشاهد الغائب، فإن الشاهد عسى أن يبلغ من هو أوعى له منه "[صحيح البخاري].

    3 - وعن عبد الله بن قرط - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن أعظم الأيام عند الله تبارك وتعالى: يوم النحر، ثم يوم القر " [أبو داود] ويوم القر: هو اليوم الحادي عشر من ذي الحجة.

    4 - وعن عقبة بن عامر - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " يوم عرفة، ويوم النحر، وأيام التشريق، عيدنا أهل الإسلام، وهي أيام أكل وشرب " [الترمذي].

    بعض خصائص يوم النحر وأحكامه:
    1 - يقع فيه أكبر تجمع مشروع مستحب للمسلمين كل عام؛ لكونه عيداً لهم، فيستحب فيه إظهار البهجة والفرحة والسرور من غير سرف ومبالغة.

    2 - تستكمل فيه معظم أركان ومناسك الحج، فبعد الوقوف بعرفات، تستكمل بقية المناسك في يوم النحر من طواف الإفاضة، والسعي لمن يلزمه السعي، و رمي جمرة العقبة، ونحر الهدي أو ذبحه، والحلق والتقصير.

    3 - تشرع فيه صلاة العيد، على خلاف بين العلماء في صفة مشروعيتها، فهي عند الأحناف واجبة على الأعيان ممتن تجب عليهم الجمعة، وعند المالكية والشافعية أنها سنة مؤكدة، وظاهر مذهب الحنابلة أنها فرض كفاية، وللتوسع يراجع كتب أهل العلم باب صلاة العيد.

    4 - تشرع فيه تقبل التهاني، فعن خالد بن معدان قال: لقيت واثلة بن الأسقع في يوم عيد، فقلت: تقبل الله منا ومنك، فقال: نعم، تقبل الله منا ومنك، قال واثلة: لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عيد، فقلت: تقبل الله منا ومنك،قال: " نعم، تقبل الله منا ومنك "[سنن البيهقي الكبرى]

    وعن جبير بن نفير قال: (كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض: تقبل الله منا ومنك) وحسن ابن حجر - رحمه الله - إسناده [فتح الباري: 2/ 446].


    5 - يسن عدم الأكل حتى يرجع من الصلاة لحديث بريدة: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يخرج يوم الفطر حتى يأكل، وكان لا يأكل يوم النحر حتى يرجع) [ابن ماجه].

    6 - يستحب للذاهب لصلاة العيد أن يخالف في طريقه بين رجوعه وذهابه، فعن جابر قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم عيد خالف الطريق)[البخاري].

    7 - أنه أعظم يوم عند الله - كما سبق في الحديث - إلا أن هذا العموم مخصص بيوم الجمعة؛لحديث أبي لبابة بن عبد المنذر - رضي الله عنه - قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إن يوم الجمعة سيد الأيام وأعظمها عند الله، وهو أعظم عند الله من يوم الأضحى، ويوم الفطر " [ابن ماجه، وأحمد في المسند].

    8 - ليلة يوم النحر تعقب الانتهاء من الوقف بعرفة الذي هو الركن الأعظم من أركان الحج الذي هو وقت غفران الذنوب.

    9 - أنه يحرم صيام يوم النحر بإجماع العلماء.

    10 - يشرع فيه إظهار التكبير والجهر به في المساجد والطرقات، وأما صيغة التكبير الأمر فيه واسع، فعن سلمان قال: كبروا: الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر كبيراً، وجاء عن عمر وابن مسعود - رضي الله عنهما -: الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.

    11 - تستحب فيه الأضحية ويكره تركها للقادر عليها فعن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما تقرب إلى الله تعالى يوم النحر بشيء هو أحب إلى الله تعالى من إهراق الدم، وأنها لتأتي يوم القيامة بقرونها وأشعارها وأظلافها، وأن الدم ليقع من الله تعالى بمكان قبل أن يقع على الأرض فيطيبوا بها نفساً "[الترمذي والحاكم]، على أن من أراد أن يضحي أن يمسك عن أخذ شعره وأظفاره لقوله صلى الله عليه وسلم: " إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي، فليمسك عن شعره وأظفاره) [مسلم].

    إلى غير ذلك من الخصائص والأحكام التي يختص بها هذا اليوم المبارك.

    وبخصوص ما ورد من آثار تدل على فضيلة العشر الأواخر من رمضان مع يشكله ذلك من الآثار الواردة في فضل الأيام العشر من ذي الحجة قال ابن كثير - رحمه الله -: (فهذا العشر قد قيل إنه أفضل أيام السنة كما نطق به الحديث وفضله كثير على عشر رمضان الأخير؛لأن هذا يشرع فيه ما يشرع في ذلك من صلاة وصيام وصدقة وغيره، ويمتاز هذا باختصاصه بأداء فرض الحج فيه.

    وقيل ذلك أفضل لاشتماله على ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر.

    وتوسط آخرون فقالوا أيام هذا أفضل وليالي ذاك أفضل وبهذا يجتمع شمل الأدلة والله أعلم) [تفسير ابن كثير: 3/ 218].

    فحري بالمسلم أن يستقبل هذه الأيام بما ينفعه، وأن يشحذ همته ويعزم العزم الجاد على اغتنام هذه الأيام: بالأعمال والأقوال الصالحة، ومن عزم على شيء أعانه الله عليه وهيأ له الأسباب التي تعينه على إكمال العمل، ومن صدق الله صدقه الله:
    (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْسُبُلَنَا غڑ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ

    ) [العنكبوت: 69].


    فالغنيمة الغنيمة بانتهاز الفرصة في هذه الأيام المباركة، فما منها عِوَضٌ ولا تُقدَّر بقيمة، المبادرةَ المبادرةَ بالعمل، والعجل العجل قبل هجوم الأجل، وقبل أن يندم المفرّط على ما فعل، وقبل أن يسأل الرجعة فلا يُجاب إلى ما سأل، قبل أن يحول الموت بين المؤمِّل وبلوغ الأمل، قبل أن يصير المرء محبوسا في حفرته بما قدَّم من عمل.


    وهنيئاً ثم هنيئاً لمن عزم على استغلال عشر ذي الحجة بالعمل الصالح وتحري الخير والإكثار من الذكر والدعاء وأداء القربات المشروعة رجاء أن يكون من المرحومين المنافسين في الخيرات:
    ( إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ *عَلَى الْأَرَائِكِ يَنْظُرُونَ * تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ * يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ * خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ ) [المطففين: 22 - 26].


    وأقول ختاماً: يا عبد الله، اغتنم هذه الأيام قبل أن تفوتك فتندم، ولات ساعة مندم.

    الشيخ الدكتور عبد الرحمن بن معلا اللويحق وفقه الله







  4. #4
    مساعدة ادارية الصورة الرمزية Miss.Reem
    تاريخ التسجيل
    Sep 2007
    الدولة
    حضرموت نبض قلبي و جدة أنفاس صدري
    المشاركات
    45,067
    معدل تقييم المستوى
    10
    جزاك الله خير جعله في ميزان حسناتك







صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. فضل أيام عشر ذي الحجة من دروس عشر ذي الحجة
    بواسطة ليدي الامورة في المنتدى الحج,2
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 25-08-2017, 02:03 PM
  2. ورقة فضل عشر ذو الحجة ...فضيلة الشيخ أحمد جلال
    بواسطة نور الصباح2011 في المنتدى منتديات اسلامية,( على منهج أهل السنة والجماعة)
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 06-11-2010, 02:25 PM
  3. فضيلة كظم الغيظ
    بواسطة طالبة الشفاعة في المنتدى منتديات اسلامية,( على منهج أهل السنة والجماعة)
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 16-06-2010, 02:43 AM
  4. 22 فضيلة لمن صام عاشوراء
    بواسطة فورماتي في المنتدى منتديات اسلامية,( على منهج أهل السنة والجماعة)
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 26-12-2009, 08:28 PM
  5. فضيلة الشيخ
    بواسطة عاشقة سورية في المنتدى الركن الاسلامي,6
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 17-08-2009, 09:46 AM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

مواقع النشر

مواقع النشر

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

أهم المواضيع

المطبخ

من مواقعنا

صفحاتنا الاجتماعية

المنتديات

ازياء | العناية بالبشرة | رجيم | فساتين زفاف 2017 | سوق نسائي | طريقة عمل البيتزا | غرف نوم 2017 | ازياء محجبات | العناية بالشعر | انقاص الوزن | فساتين سهرة | اجهزة منزلية | غرف نوم اطفال | صور ورد | ازياء اطفال | شتاء | زيادة الوزن | جمالك | كروشيه | رسائل حب 2017 | صور مساء الخير | رسائل مساء الخير | لانجري | تمارين | وظائف نسائية | اكسسوارات | جمعة مباركة | مكياج | تسريحات | عروس | تفسير الاحلام | مطبخ | رسائل صباح الخير | صور صباح الخير | اسماء بنات | اسماء اولاد | اتيكيت | اشغال يدوية | الحياة الزوجية | العناية بالطفل | الحمل والولادة | ديكورات | صور حب | طريقة عمل القرصان | طريقة عمل الكريب | طريقة عمل المندي |