مفهوم الواسطة في الإسلام
منذ ما يقارب الثمانية أشهر، وأنا عندما أقرأ هذه الآية لا أشعر إلا أنها تقول: هذا نظام الوساطة القرآني. يبهرني كما أقول دائما ، التوازن الرباني ، ويبهرني التوازن في الإسلام والسماحة التي لانستشعرها فعلا لأنها تحولت إلى مجرد كلمة نقولها فحسب.
في هذه الآية واضح جدا الدعاء الذي رفعه ابراهيم عليه السلام إلى الله عز وجل، إذ قال له الله إني جاعلك للناس إماما، قائدا وأبا للأبنياء، سيكون إمام لاينسى حتى قيام الساعة، فقال ابراهيم عليه السلام : ومن ذريتي ؟ الطبيعة البشرية – الأبوية في داخله دفعته ربما لينال شرف الإمامة في ذريته أيضا. إنه تفكير ابراهيم عليه السلام المستقبلي كما هي عادته، فيجيء الرد العادل ، الخالص في العدل، الرد الأفضل، التوازن كله يمكن أن يلخص في هذا الرد الإلهي : لا ينال عهدي الظلمين.
أي أن الإمامة سينالها من ذريتك من يستحقها، أما من ظلم منها وحاد عن الطريق فليس له عند الله من عهد. حتى ولو كان من ذرية أبو الأنبياء ابراهيم عليه السلام، وخليل الله. إنها العدالة الربانية في أوضح صورها، إنها الرحمة الإلهية في أحد صورها حين يقبل الله دعوة ابراهيم تحت ظل شرط لا يظلم أحدا، لكنه يقدم عدالة تامة.ماذا لو (التفتنا ) للقرآن تماما، وكففنا عن الحديث أننا نعمل به وأننا أهل القرآن ونحن أصلا لا نعمل به. ما ذا لو انتبهنا للآيات التي ترشدنا لطريقة تعامل ربانية لتحقيق العدل وبذات الوقت زيادة الفرص لمن يستحقها. تخبرني هذه الآية أن مفهوم الوساطة ليس بالضرورج أن يكون سلبيا إلا إن كان فيها ظلم، وتقديم السلبي على الإيجابي، الوساطة مفهوم حسن في الإسلام ومشروع جدا، لكن ليس على حساب أي أحد.. ماذا لو قدمنا الواسطة لمن يستحقها فعلا، وتناسينا أن نقدم الواسطة حسب المعرفة والنسب فقط، ضاربين بعرض الحائط الكفائة والجودة التي يقدمها الشخص. هذه الآية لنعلم أن الواسطة أمر محمود لمن يستحقها، فلا عيب أن يحصل أي أحد على عمل ما – فرصة ما وهو يستحقها، مجتهد و خلوق، ويريد أن يعمل فعلا،، لكن سيبدأ الفساد إن ذهبت الوساطة لمن لايستحقها – وهو مايحصل كثيرا – فيبدأ الظلم ويبدأ الالتفاف حول العدل باسم القرابة والمصالح المشتركة . . . الخ.
ليس عيبا ولا خطأ ً أن يحصل أحدنا على وساطة ما دام يستحقها، وما دام لا يأخذ إلا مكانه، ليس عيبا أن نكون وسطاء لأحد ما يبدو أنه جدي للحد الذي يجعل منه شخص مؤهل تماما لشغل عمل ما / منصب ما / فرصة ما ، العيب أن نعطي الحقوق لمن لايستحقها، العيب أن نتطرف كثيرا، ونخبئ الفرص الجيدة لمن لايستحقها لسبب أنهم أقارب أو في سبيل منفعة من الشخص الاخر، العيب والبلاء أن يشغل الأعمال من ليس بالقوي ولا الأمين – وكيف يكون القوي الأمين وقد حصل على عمله وهو يعرف تماما أنه لايستحقه ولا يحسن فيه ، كيف يريد أن يثبت نفسه وهو أصلا حصل على العمل كأمر مسلم به – . العيب أن تضيع الطااقات وتهدر القوى، العيب أن ننسى القرآن ونجعله خلفنا ونشتدق بأننا الذين نطبق القرآن والشريعة، العيب أن نسعى لإشاعة الظلم بتدبير وساطات غير جيدة لأناس غير مؤهلين لأعمال الوطن، العيب أن يشيع بيننا أن الوساطة هي وسيلة السعي الشبه وحيدة !لا ينال الوساطة من لايستحقها، لا ينالها ظالم ، لا ينالها نائم ، لا ينالها متقاعس، لا ينالها مهمل، ( لا ينال عهدي الظالمين )
أليست هذه الآية تجعلنا نلتف حول القرآن أكثر ونترك إلتفافنا حول الواسطة بذاتها ؟!
منقول
مواقع النشر