بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
أروي بإسنادي إلى البخاري ومسلم واللفظ للبخاري من حديث أسامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
(( يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار ، فتندلق أقتابه في النار ، فيدور فيها كما يدور الحمار برحاه ، فيجتمع عليه أهل النار فيقولون : أي فلان ! ما شأنك ؟ أليس كنت تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر ؟
قال : كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه ، وأنهاكم عن المنكر وآتيه)) .
نسأل الله السلامة والعافية ..
أخواتي الداعيات ..
إنها صورة مؤلمة من تناقضات نعيشها في واقعنا .. عندما يخالف الظاهر الباطن ..
الظاهر ملائكي الصورة .. والباطن شيطان متمرد ..
الظاهر قلب أبيض يسع كل الناس .. وفي الباطن قلب أسود كالكوز مجخياً لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً إلا بما أشرب من هواه !!
الظاهر الاستقامة والكلام الحسن والحث على الخير ... والباطن تفريط وانحراف وانتكاسه ..
إن من يملك مثل هذا التناقض النكد يقع عند أول اختبار له .. ويفتضح أمره عند القاصي والداني ..وإن لم يكن في الدنيا ففي يوم القيامة ، وفي ذاك الفضيحة الكبرى نسأل الله السلامة ..
إن مسألة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجبة على كل بحسبه ...
ولا يمنع من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كون الإنسان على معصية ، فالحديث الذي ذكرته أولاًً لا يعني أن يترك الإنسان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، بل يعني أن يحرص الإنسان على أن يمتثل ما يأمر به من معروف ويجتنب ما ينهى عنه من منكر ..
وبين المعنيين فرق لمن تأمله ..
نعم أمرك بالمعروف شيء ، وامتثالك له شيء آخر .. فترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ؛ لكونك غير ممتثلة له معصيتان ؛ الأولى في ترك الأمر ، والثانية في الإصرار على الذنب ..
أختي الداعية ..
لا يوجد منا -غير الأنبياء والمرسلين- شخص كامل .. ولكن هناك فرق بين أن أعلم مخالفة ظاهري لباطني وأصر على هذه المخالفة ولا ألتفت إلى جوانب القصور ولا أسعى لإصلاح نفسي وقلبي .. وبين أن ألتفت إلى عوار نفسي وأحاسبها على التقصير وأتطلب إصلاحها ، مع بذل النصح والخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر للآخرين ..
ليتأمل كل منا نفسه وقلبه ،، وليفتش في ثنايا باطنه ، قبل أن تندلق أمعاء البعيد من باطنه في نار جهنم .. أسأل الله لي ولكم السلامة والعافية ..
يتبع ..
رد مع اقتباس
مواقع النشر