السائل: شيخنا بارك الله فيكم ، كيف تنصحون أن يتعامل المرء مع من ابتلي به من إخوانه وبخاصة الذين يزعمون بأنهم ملتزمون ، أنه إذا أحسن إليه أساء إليه ، أنه إذا أحسن إليه أساء إليه ، أساء إليه بلسانه ، وأساء إليه بأن يعني تكلم عليه في عرضه ، هذا شِق ، والشق الآخر ؛ كيف يتعامل المرء مع إخوانه الذين يأكلون أعراض الناس و – يعني – لا يألون في ذلك جهدا ؟ فبارك الله فيكم. والشق الأول يعني ضروري التركيز عليه بارك الله فيكم .
الشيخ الألباني: ضروري إيش ؟
السائل: التركيز عليه.
الشيخ الألباني: هذا في اعتقادي جوابه في حديث صحيح ، في صحيح مسلم ، أن رجلا شكا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه له أقارب، له أرحام ، هو يصلهم وهم يقاطعونه ، فأجابه عليه الصلاة والسلام أنه إن كان الأمر كذلك فكأنما تسف في وجوههم المل ، " المل " الرماد الحار ، فمعلوم أن من مكارم الأخلاق - أقول : من مكارم الأخلاق وليس من واجبات الأحكام - أن تصل من قطعك ، وتعفو عمن ظلمك ، وتعطي من حرمك ، هذه من مكارم الأخلاق ، فإذا كان هناك ناس يحسن إليهم المحسن ، وهو على صلة بهم بسبب اشتراكهم جميعا في الإلتزام بالأحكام الشرعية ، لكن مع ذلك لا يلتزمون الحكم الشرعي في الإحسان إلى من أحسن إليهم ، فهنا حالتان ؛
الحالة الأولى وهي الفضلى ؛ ما تضمنه هذا الحديث والحديث الذي قبله من أن تصل من قطعك ، وأنهم إذا عاملوك بخلاف ما تعاملهم ، فكأنما ترمي في وجوههم الرماد الحار ، لكن ليس كل الناس باستطاعتهم أن يصبروا على مثل هذه الجفوة (!) ، أو على مثل هذه المعاملة السيئة ، فله أن لا يواصلهم ، ولا أن يتردد عليهم إذا كان قد بلغ بهم الأذى إلى درجة بالنسبة إليه على الأقل لا يطيقها ، فإذن هنا كما نقول في كثير من الأجوبة على بعض الأسئلة : " هنا تقوى وهنا فتوى "؛ التقوى أن تظل تواصلهم لعل الله عز وجل يهديهم ويفيئون إلى أنفسهم بأن يجازوا المحسن بإحسانه ، هذه هي التقوى.
لكن الفتوى أنه يجوز أن تدعهم وشأنهم وتكتفي أذاهم وتعتزلهم، هذا الحكم بلا شك إذا كان واردا فيمن كان مشتركا معهم في الإلتزام ، لكنهم هنا لا يلتزمون حكم الإسلام ، فبالأولى بالنسبة للتعامل مع عامة الناس فنفس الحكم يأتي ، لكن هنا باعتبار الإشتراك في التزام الفريقين للشرع الحكم بالمواصلة أقوى من هناك.
المصـدر:
" الشريط 729 من سلسلة الهدى والنور " .
،، منقـــول ،،
مواقع النشر