سلامة الصدور ،،،،،،،،،مدارج الجنان والقصور
النتائج 1 إلى 3 من 3

الموضوع: سلامة الصدور ،،،،،،،،،مدارج الجنان والقصور

  1. #1
    عضوة قمة الصورة الرمزية بنت طيبة
    تاريخ التسجيل
    Feb 2005
    الدولة
    السعودية
    المشاركات
    387
    معدل تقييم المستوى
    20

    سلامة الصدور ،،،،،،،،،مدارج الجنان والقصور

    حرص الإسلام حرصًا شديدًا على تأليف قلوب أبناء الأمة بحيث تشيع المحبة وترفرف رايات الألفة والمودة، وتزول العداوات والشحناء والبغضاء والغل والحسد والتقاطع . ولهذا امتن الله على المؤمنين بهذه النعمة العظيمة

    فقال: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً)[آل عمران:103]

    بل امتن على نبيه صلَى الله عليه وسلم بأن أوجد له طائفة من المؤمنين تألفت قلوبهم: (هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ * وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ)[الأنفال:62، 63]. وحتى تشيع الألفة والمودة لابد من سلامة الصدور، ونقصد بسلامة الصدور طهارتها من الغل والحقد والبغي والحسد. والحديث عن هذه القضية وهذا الخلق حديث مهم وتذكير لابد منه في وقت انشغل أكثر الناس بالظواهر واستهانوا بأمر البواطن والقلوب مع أن الله تعالى لا ينظر إلى الصور ولا إلى الأجساد، ولكن ينظر إلى القلوب والأعمال،

    من أسباب التشاحن والتباغض:

    1- طاعة الشيطان: قال تعالىوَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوّاً مُبِيناً) الإسراء:53.

    -وقال صلى الله عليه وسلم: "إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن في التحريش بينهم" [رواه مسلم].

    2- الغضب: فالغضب مفتاح كل شر وقد أوصى صلى الله عليه وسلم رجلاً بالبعد عن الغضب فقال: "لا تغضب" فرددها مراراً [رواه البخاري] فإن الغضب طريق إلى التهكم بالناس والسخرية منهم وبخس حقوقهم وإيذائهم وغير ذلك مما يولد البغضاء والفرقة.

    3- النميمة: وهي من أسباب الشحناء وطريق إلى القطيعة والتنافر ووسيلة إلى الوشاية بين الناس وإفساد قلوبهم، قال تعالى ذاماً أهل هذه الخصلة الذميمةهَمَّازٍ مَشَّاءٍ بِنَمِيمٍ) القلم:11.

    -وقال صلى الله عليه وسلم: "لا يدخل الجنة فتان" وهو النمام.

    4- الحسد: وهو تمني زوال النعمة عن صاحبها وفيه تعد وأذى للمسلمين نهى الله تعالى عنه ورسوله، قال صلى الله عليه وسلم: "إياكم والحسد فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب" [رواه أبو داود] والحسد يولد الغيبة والنميمة والبهتان على المسلمين والظلم والكبر.




    وكثير من الناس اليوم يتورع عن أكل الحرام أو النظر الحرام ويترك قلبه يرتع في مهاوي الحقد والحسد والغل والضغينة،

    5- التنافس على الدنيا: خاصة في هذا الزمن حيث كثر هذا الأمر واسودت القلوب، فهذا يحقد على زميله لأنه نال رتبة أعلى، وتلك تغار من أختها لأنها حصلت على ترقية وظيفية، والأمر دون ذلك فكل ذلك إلى زوال.

    وماهي إلا جيفـة مستحيلـة ... عليها كلاب همهن اجتذابها

    فإن تجتنبها كنت سلماً لأهلها ... وإن تجتذبها نازعتك كلابها

    6-حب الشهوة والرياسة: وهي داء عُضال ومرض خطير، قال الفضيل بن عياض رحمه الله: "ما من أحدٍ أحب الرياسة إلا حسد وبغى وتتبع عيوب الناس، وكره أن يذكر أحد بخير". وهذا مشاهد في أوساط الموظفين والعاملين.

    7- كثرة المزاح: فإن كثيره يورث الضغينة ويجر إلى القبيح، والمزاح كالملح للطعام قليله يكفي وإن كثر أفسد وأهلك. وهناك أسباب أخرى غير هذه.

    وبعض الناس يظن أن سلامة القلب تكمن في سهولة غشه وخداعه والضحك عليه وهذا خلاف المقصود.

    قال ابن القيم –رحمه الله-: الفرق بين سلامة الصدر والبله والتغفل: أن سلامة القلب تكون من عدم إرادة الشر بعد معرفته، فيسلم قلبه من إرادته وقصده لا من معرفته والعمل به، وهذا بخلاف البله والغفلة فإنها جهل وقلة معرفة، وهذا لا يُحمد إذا هو نقص، وإنما يحمد الناس من هو كذلك لسلامتهم منه. والكمال أن يكون عارفاً بتفاصيل الشر سليماً من إرادته قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "لست بخبٍ ولا يخدعني الخب" وكان عُمر أعقل من أن يُخدع وأورع من أن يَخدَعْ.



    أهمية سلامة الصدر :ـ

    فإن أمة الإسلام أمة صفاء ونقاء في العقيدة والعبادات والمعاملات، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عما يوغر الصدور ويبعث على الفرقة والشحناء فقال صلى الله عليه وسلم: "لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تقاطعوا وكونوا عبد الله إخواناً، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث" [رواه مسلم].



    *من أسباب دخول الجنة .

    وقال صلى الله عليه وسلم حاثاً على المحبة والألفة: "والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنّة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا.." [رواه مسلم]

    عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنا جلوساً مع الرسول صلى الله عليه وسلم فقال: "يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة"، فطلع رجل من الأنصار تنطف لحيته من وضوئه قد تعلق نعليه في يده الشمال فلما كان الغد قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك فطلع ذلك الرجل مثل المرة الأولى، فلما كان اليوم الثالث قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل مقالته أيضاً فطلع ذلك الرجل على مثل حاله الأولى، فلما قام النبي صلى الله عليه وسلم تبعه عبد الله بن عمرو بن العاص فقال: إني لا حيت أبي فأقسمت ألا أدخل عليه ثلاثاً، فإن رأيت أن تؤويني إليك حتى تمضي فعلت قال: نعم، قال أنس: وكان عبد الله يحدث أنه بات معه تلك الليالي الثلاث فلم يره يقوم الليل شيئاً غير أنه إذا تعار وتقلب على فراشه ذكر الله عزّ وجلّ وكبّر حتى يقوم لصلاة الفجر، قال عبد الله غير أني لم أسمعه يقول إلا خيراً فلما مضت الثلاث ليال وكدت أن أحتقر عمله قلت: يا عبد الله إني لم يكن بيني وبين أبي غضب ولا هجر، ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لك ثلاث مرار يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة فطلعت أنت الثلاث مرار فأرت أن أوي إليك لأنظر ما عملك فأقتدي به فلم أرك تعمل كثير عمل، فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ما هو إلا ما رأيت، قال: فلما وليت دعاني فقال: ما هو إلا ما رأيت غير أني لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غشاً ولا أحسد أحداً على خير أعطاه الله إياه. فقال عبد الله: هذه التي بلغت بك وهي التي لا نطيق" [رواه الإمام احمد].



    * من خيار الناس .

    وعندما سُئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الناس أفضل؟

    قال: "كل مخموم القلب صدوق اللسان"

    قالوا: صدوق اللسان نعرفه فما مخموم القلب؟

    قال: "هو التقي النقي، لا إثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد" [رواه ابن ماجه]



    *توهب لأهل الجنة إذا دخلوها .

    (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَاناً عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ) الحجر:47.



    * من أسباب الراحة في الدنيا ولآخرة والبعد عن الهموم والغموم.

    وسلامة الصدر راحة في الدنيا وغنيمة في الآخرة .



    ومن فضائل سلامة الصدر أنها تقطع سلاسل العيوب وأسباب الذنوب فإن من سلم صدره وطهر قلبه عن الإرادات الفاسدة والظنون السيئة عف لسانه عن الغيبة والنميمة وقالة السوء.

    ومن فضائل سلامة الصدر أن فيها صدق الإقتداء بالنبي فإنه أسلم الناس صدراً وأطيبهم قلباً وأصفاهم سريرة.

    المجتمع فإنه يكون مجتمعًا متماسكًا متراصًا متكاتفًا ترفرف عليه رايات المحبة والإخاء ويصدق عليهم قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسَّهر والحمى".[صحيح مسلم]

    ولنتأمل معا هاتين الآيتين لنعرف قيمة سلامة الصدر بالنسبة للمجتمع: (إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ)[آل عمران:120]، (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا)[الأنفال:46]. فأعداء الأمة لن ينالوا منها ما يريدون طالما ظل أبناؤها متحابين متماسكين سليمي الصدور غير متنازعين.

    ولأن الله تعالى قد علَّق النجاة يوم القيامة بسلامة القلوب: (يَوْمَ لا يَنْفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ * إلاَّ مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ)[الشعراء:88، 89]. والقلب السليم هو القلب السالم من الشرك والغل والحقد والحسد وغيرها من الآفات والشبهات والشهوات المهلكة

    في محاضرة للشيخ عائض القرني بعنوان لقاء الأحبة ألقى الشيخ عبدالعزيز بن باز كلمة بعنوان (سلامة الصدر)

    فالواجب على أهل العلم أن يعتنوا بالدعوة إلى الله، وأن يكونوا على بصيرة مما يقولون، على كل واحد أن يهتم بالعلم وأن يقول عن علم، قال تعالى: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ [يوسف:108].

    وعليه أن يكون سليم القلب من الغل على إخوانه وإن سمع شيئاً فليتق الله وليصفح وليعفو؛ لأن هذا أقرب للتقوى، وأقرب لجمع القلوب، وأقرب إلى الصلاح بين الجميع والتعاون، وليكون قلبه سليماً من كل ما يخالف شرع الله؛ من اتباع هوىً، ومن غلٍ على مسلم، ومن حسد لآخر، ومن دعوة إلى غير الله عز وجل، ويكون قلبه سليماً من كل إرادة تخالف شرع الله، ومن كل عمل يخالف شرع الله، ومن كل قول يخالف شرع الله، ومن كل هدف يخالف شرع الله، أن يكون هدفه وجهوده وأعماله وأقواله كلها في تحقيق ما شرعه الله وفي الدعوة إليه، وفي التحذير من خلافه؛ هذا هو طريق النجاة والسلامة، وبذلك نرضي الله وننفع المسلمين وتكثر أحبابه وإخوانه وينتفعون به.

    فسلامة الصدر بالنسبة للذي على غير الهدى مهمة جدا وهي تهم الدعاة كثيرا

    فلا يكون الداعي مبارك في دعوته ما لم يتمتع بسلامة الصدر تجاه من يدعوه

    حتى لو كان على أشد أنواع الضلال والكفر..لأن الكره إنما يكون لما هو عليه وليس لشخصه

    كما أن سلامة الصدر للآخرين تجعله يحب هدايتهم ويحرص عليها..ويتألم عندما يراهم على غير الهدى فيدفعه ذلك إلى الإخلاص بالدعوة .



    **أمثلة من حياة الصالحين:***

    هذا سيد ولد آدم أجمعين عليه صلوات رب العالمين، يذهب إلى الطائف عارضًا نفسه على وجهائها وأهلها، فلم يجبه منهم أحد، فانطق مهمومًا، وإذا هو بسحابة قد أظلته فيها جبريل، ومعه ملك الجبال فناداه ملك الجبال: "إن الله قد سمع قول قومك لك وأنا ملك الجبال وقد بعثني ربك إليك لتأمرني بأمرك فما شئت، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين [جبلا مكة] فقال صاحب الصدر السليم صَلى الله عليه وسلم: "بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئًا". فأي صبر وسلامة صدر هذا !!!. ثم تأمل حاله صَلى الله عليه وسلم حين ضربه قومه فأدموه (أسالوا دمه) فمسح الدم وهو يقول: "اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون". واستحضر معي حالة المشركين معه صلى الله عليه وسلم في مكة وقد آذوه وسعوا في قتله حتى خرج من بين أظهرهم وكان الأمر كما أخبر الله عز وجل : (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) (الأنفال:30) فلما مكن الله له ودخل مكة فاتحا ما انتقم ولا آذى بل قال لقومه: "لا تثريب عليكم اليوم". والأمثلة من حياته صَلى الله عليه وسلم كثيرة، ننصح بقراءة سيرته.

    **نبي الله يوسف عليه السلام: وقصته مع إخوته أنموذج رائع لسلامة الصدر فبعد أن ألقوه في الجب وفرقوا بينه وبين أبيه ودخوله السجن إلى غير ذلك مما هو معروف مكن الله له وجعله على خزائن مصر فلما ترددوا عليه وعرفوه قالوا: (تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ). فما كان منه إلا أن قَال: ( لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ).ما حمل غلا. ثم لما جاء أبوه مع اخوته: (وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقّاً وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) (يوسف:100) فلم يقل أخرجني من الجب كي لا يُخجلهم (وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ)، ولم يقل رفع عنكم الجوع والحاجة حفظًا للأدب معهم. (مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي) فأضاف ما جرى إلى السبب ولم يضفه إلى المباشر (إخوته).

    ** ثم تأمل معي موقف الصِّدِّيقُ - رضي الله عنه - مع مسطح بن أثاثة إذ كان الصديق ينفق على مسطح فلما كانت حادثة الإفك كان مسطح ممن خاضوا فيها فأقسم الصديق ألا ينفق على مسطح فأنزل الله قوله تعالى: (وَلا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (النور:22) فما كان من الصديق إلا أن أعاد النفقة على مسطح.

    ** وهذا خالد بن الوليد رضي الله عنه في أوج انتصاراته وهو قائد الجيش يأتيه خبر عزل الفاروق له فما تكلم بما يدل على سخطه ولاترك ساحات القتال بل ظل مجاهدا كجندي من جند المسلمين بعد أن كان قائدهم.

    ** ثم استمع إلى ابن عباس رضي الله عنهما وهو يقول : "إني لأسمع أن الغيث قد أصاب بلدًا من بلدان المسلمين فأفرح به، ومالي به سائمة".

    ** أما أبو دجانة رضي الله عنه فقد دُخل عليه وهو مريض فرأوا وجهه يتهلل (منور) فكلموه في ذلك فقال: "ما من عمل شيء أوثق عندي من اثنين: كنت لا أتكلم فيما لا يعنيني، والأخرى كان قلبي سليمًا للمسلمين".

    **أما عُلبة بن زيد : فإنه لما دعا النبي صلى الله عليه وسلم إلى النفقة ولم يجد ما ينفقه بكى وقال: "اللهم إنه ليس عندي ما أتصدق به، اللهم إني أتصدق على كل مسلم بكل مظلمة أصابني فيها من مال أو جسد أو عرض، ثم أصبح مع الناس. فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "أين المتصدق بعرضه البارحة؟" فقام عُلبة رَضي الله عنه، فقال: النبي صلى الله عليه وسلم : "أبشر فوالذي نفسُ محمد بيده لقد كُتبت في الزكاة المتقبلة".

    ** وانظر إلى الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله يُضرب ويُعذَّب على يد المعتصم، وحين أخذوه لمعالجته بعد وفاة المعتصم وأحسَّ بألمٍ في جسده قال: "اللهم اغفر للمعتصم". سبحان الله!! يستغفر لمن كان سببًا في ألمه. إنه منطق عظيم لا تعرفه إلا الصدور التي حملت قلوبًا كبيرة عنوانها: (سلامة الصدر)

    ** وهل أتاك نبأ الشيخ ابن باز - رحمه الله - مع ذلك الرجل من الخرج؟ فقد تولى الشيخ القضاء في مدينة الخرج وجاءه رجل في قضية فسب الرجل الإمام ابن باز رحمه الله،وشاع الخبر في المدينة وخرج الشيخ إلى الحج ،وبينما كان الشيخ في الحج مرض الرجل ومات، فلما قُدِّم الرجل ليُصلَّى عليه، أبى الإمام الصلاة عليه بسبب سبه للشيخ ابن باز، وصلَّى غيره، فلما رجع الشيخ وأُخبر الخبر عاتب الإمام جدًّا على فعله، ولم يرض ما صنع، ثم إنه سأل عن قبر الرجل فأتاه وصلَّى عليه ودعا له. فأين نحن من هؤلاء؟!!.



    **الأسباب المعينة على سلامة الصدر:***

    الإخلاص:

    عن زيد بن ثابت- رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاث لا يغل عليهن قلب مؤمن: إخلاص العمل، ومناصحة ولاة الأمر، ولزوم جماعة المسلمين فإن دعوتهم تحيط من ورائهم" [رواه أحمد وابن ماجه].

    ومن المعلوم أن من أخلص دينه لله- عزّ وجلّ- فلن يحمل في نفسه تجاه إخوانه المسلمين إلا المحبة الصادقة، وعندها سيفرح إذا أصابتهم حسنة، وسيحزن إذا أصابتهم مصيبة، سواء كان ذلك في أمور الدنيا أو الآخرة.

    قراءة القرآن وتدبره:

    فهو دواء لكل داء، والمحروم من لم يتداو بكتاب الله، قال تعالىقُلْ هُوَ لِلَّذِينَ ءَامَنُوا هُدًى وَشِفَآءٌ) [فصلت: 44]، وقال: (وَنُنَزّلُ مِنَ القُرْءَانِ مَا هُوَ شِفَآءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظّالِمِينَ إِلاّ خَسَراً) [الإسراء: 82].

    قال ابن القيم- رحمه الله: والصحيح أن (من) ها هنا لبيان الجنس لا للتبعيض، وقال تعالىيَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُور) يونس: من الآية57.

    فالقرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية وأدواء الدنيا والآخرة.

    الدعـــاء:

    فإنه من أعظم الأساب لتحقيق المقصود ، وكان من دعاء نبينا صلى الله عليه وسلم وأسألك قلبًا سليمًا)، فمن رزق الدعاء فإن الإجابة معه.

    فيدعو العبد ربه دائماً أن يجعل قلبه سليماً على إخوانه، وأن يدعو لهم أيضاً، فهذا دأب الصالحين، قال تعالىوَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْأِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلّاً لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ)الحشر:10.

    الصدقــة :

    فهي تُطهر القلب، وتُزكي النفس، ولذلك قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا ) التوبة: من الآية103.

    وقد قال النبي- صلى الله عليه وسلم: "داووا مرضاكم بالصدقة" [صحيح الجامع]. وإن أحق المرضى بالمداواة مرضى القلوب، وأحق القلوب بذلك قلبك الذي بين جنبيك.

    حُسن الظن وحمل الكلمات والمواقف على أحسن المحامل:

    قال عمر: لا تظن بكلمة خرجت من أخيك المؤمن شرًّا، وأنت تجد لها في الخير محملاً. وقال الشافعي: من أراد أن يقضي له الله بخير فليحسن ظنه بالناس. ولما دخل عليه أحد إخوانه يعوده قال: قوّى الله ضعفك ،فقال الشفعي رحمه الله: لو قوى ضعفي لقتلني،قال الزائر :والله ما أردت إلا الخير،فقال الإمام: أعلم أنك لو سببتني ما أردت إلا الخير.

    التماس الأعذار وإقالة العثرات والتغاضي عن الزلات:

    التمس لأخيك سبعين عذرًا. - يقول ابن سيرين: إذا بلغك عن أخيك شيء فالتمس له عذرًا فإن لم تجد فقل :لعل له عذرًا لا أعرفه. - يا أخي من المعصوم من الخطأ والزلات؟ قال بعضهم:الفتوة التجاوز عن زلات الإخوان. - تذكَّر سوابق إحسانه فإنه مما يعين على التماس العذر وسلامة الصدر واعلم أن الرجل من عُدَّت سقطاته. - استحضر أن المؤمن يلتمس المعاذير، والمنافق يلتمس العثرات.

    تذكر أن من تنفث عليه سُمُومك،وتناله بسهامك هو أخ مُسلم ليس يهودياً ولا نصرانياً، بل يجمعك به رابطة الإسلام. فلِمَ توجه الأذى نحوه.

    إفشاء السلام:

    عن أبي هريرة- رضي الله عنه- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده، لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابُّوا، أولا أدلُّكم على شيءٍ إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم" [رواه الإمام مسلم].

    قال ابن عبد البر- رحمه الله-: "في هذا دليل على فضل السلام لما فيه من رفع التباغض وتوريث الود".

    محبة الخير للمسلمين لقوله صلى الله عليه وسلم:

    "والذي نفسي بيده لا يؤمن عبد حتى يُحب لأخيه ما يحب لنفسه" [رواه البخاري ومسلم].

    ترك كثرة السؤال وتتبع أحوال الناس:

    امتثالاً لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه" [رواه الترمذي].



    ادفع بالتي أحسن..

    ليس هذا من العجز، بل من القوة والكياسة قال الله تعالى: (وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) (فصلت:34)

    البعد عن الغيبة والنميمة وتجنب كثرة المزاح.

    حتى يبقى قلب الإنسان سليماً: قال صلى الله عليه وسلم: "لا يبلغني أحد عن أحد من أصحابي شيئاً، فإني أُحب أن اخرج إليكم وأنا سليم الصدر" [رواه احمد] والكثير اليوم يلقي بكلمة أو كلمتين توغر الصدور خاصة في مجتمع النساء وفي أوساط البيوت من الزوجات أو غيرهن.

    تذكّر الحساب والعقاب:

    الذي ينال من يُؤذي المسلمين من جراء خُبث نفسه وسوء طويته من الحقد والحسد والغيبة والنميمة والاستهزاء وغيرها.

    الهدية والمواساة بالمال

    فإنها من دواعي المحبة.

    الإيمان بالقــدر:

    فإن العبد إذا آمن أن الأرزاق مقسومة مكتوبة رضي بما هو فيه ولم يجد في قلبه حسدا لأحد من الناس على خير أعطاه الله إياه.

    رضا العبد عن ربه وامتلاء قلبه به:

    قال ابن القيم –رحمه الله تعالى في الرضا: إنه يفتح للعبد باب السلامة، فيجعل قلبه نقياً من الغش والدغل والغل، ولا ينجو من عذاب الله إلا من أتى الله بقلب سليم، كذلك وتستحيل سلامة القلب مع السخط وعدم الرضا، وكلما كان العبد أشد رضا كان قلبه أسلم، فالخبث والدغل والغش: قرين السخط، وسلامة القلب وبره ونصحه: قرين الرضا، وكذلك الحسد هو من ثمرات السخط، وسلامة القلب منه من ثمرات الرضا.

    إصلاح القلب ومداومة علاجه

    قال صلى الله عليه وسلم: "ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب" [رواه البخاري ومسلم]

    السعي في إصلاح ذات البين قال تعالى:

    (فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ ) الأنفال: من الآية1. قال ابن عباس- رضي الله عنه-: "هذا تحريم من الله ورسوله أن يتقوا ويصلحوا ذات بينهم".

    وقال صلى الله عليه وسلم: "ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ قالوا: بلى.قال: إصلاح ذات البين" [رواه أبو داود].

    تذكر حال النبي صلى الله عليه وسلم

    الذي كان يشكر ربه على النعم التي أنعم بها حتى على غيره من الخلق حين يصبح وحين يمسي.

    رزقنا الله وإياكم صدورا سليمة لا تحمل غلا ولا حسدا ولا حقدا.

    جعل الله قلوبنا سليمة لا تحمل حقداً ولا غلاً على المسلمين

    وصلى الله وسلم على نبينا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين.

    -------------------

    منقووووووووووووووووووووووول

  2. #2
    عضوة جديدة الصورة الرمزية J o m a n a h
    تاريخ التسجيل
    Jan 2007
    المشاركات
    44
    معدل تقييم المستوى
    18
    جزاك الله خير اختى
    [align=center][/align]

  3. #3
    عضوة جديدة الصورة الرمزية أعذب إحساس
    تاريخ التسجيل
    Apr 2007
    المشاركات
    20
    معدل تقييم المستوى
    18
    جزاك الله خيرا
    بخور وادي الدواسر أصلي ملكي يجنن للجادات فقط (الرجاء مراسلتي ) وهذي الصورة
    [align=center][/align]

المواضيع المتشابهه

  1. سولكرلتفتيح لون الركبة والاكواع وازالة الخشونة والقشور
    بواسطة الولهانة لزوجها في المنتدى السوق, ( متاجر متنوعه) ويمكنك تأجير ركن خاص بك
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 29-05-2011, 06:08 PM
  2. اروع الحصون والقصور في العالم
    بواسطة الفجرالبعييد في المنتدى سياحة ومغتربات
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 13-03-2010, 02:55 PM
  3. سلامة اسنانك من سلامة اللثة
    بواسطة لعبة كيرم في المنتدى الصحة والريجيم
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 16-10-2008, 01:57 AM
  4. هل تؤيدين الأفراح في الفنادق والقصور أم مختصره
    بواسطة جوهره القصـــيم في المنتدى المجلس العام
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 19-07-2007, 08:51 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

مواقع النشر

مواقع النشر

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

أهم المواضيع

المطبخ

من مواقعنا

صفحاتنا الاجتماعية

المنتديات

ازياء | العناية بالبشرة | رجيم | فساتين زفاف 2017 | سوق نسائي | طريقة عمل البيتزا | غرف نوم 2017 | ازياء محجبات | العناية بالشعر | انقاص الوزن | فساتين سهرة | اجهزة منزلية | غرف نوم اطفال | صور ورد | ازياء اطفال | شتاء | زيادة الوزن | جمالك | كروشيه | رسائل حب 2017 | صور مساء الخير | رسائل مساء الخير | لانجري | تمارين | وظائف نسائية | اكسسوارات | جمعة مباركة | مكياج | تسريحات | عروس | تفسير الاحلام | مطبخ | رسائل صباح الخير | صور صباح الخير | اسماء بنات | اسماء اولاد | اتيكيت | اشغال يدوية | الحياة الزوجية | العناية بالطفل | الحمل والولادة | ديكورات | صور حب | طريقة عمل القرصان | طريقة عمل الكريب | طريقة عمل المندي |