اقترب الصيف حيث تكثر الدعوات التي نتلقها لحضور حفلات الزفاف هنا وهناك. وهذا بلا شك أمر يبعث على السعادة والحبور. ذات يوم بينما كنت متوجهاً إلى إحدى هذه الدعوات كنت أسأل نفسي: هل يستطيع أحد أن يتنبأ ما إذا كانت هذه الفرحة التي يعيشها (العروسان) هذه الليلة لن تنقلب إلى (مأساة) بعد مضي أشهر أو سنوات قليلة؟! هل يمكن أن يضمن أحد نجاح هذه العلاقة؟ هل يمكن أن نقلل من الغموض الذي يلف مستقبل هذه العلاقة وما ستؤول إليه.
الدكتور جون جوتمان John Gottman أحد علماء النفس الأمريكيين قضى ردحاً طويلاً من الزمن – ما يزيد عن ربع قرن- وهو يشاهد ويتأمل ويدرس العلاقات بين الأزواج. واستطاع أن يطور لديه حساً ومهارة فائقة للتنبؤ بمستقبل الزواج بعد أن يستمع لكلا الزوجين ويشاهد شريطاً مسجلاً لبضعة دقائق حول طريقة تفاعلهما مع بعضهما. من المدهش أنه نجح في تنبئه هذا إلى نسبة تصل 91% من الحالات التي تنبأ بنهاية العلاقة الزوجية بالطلاق أو عدمه.
عندما سُئل عن النصيحة الذهبية التي نحافظ بها على الزواج ونحميه أشار إلى فكرة هامة دعونا نتأملها سوية:
يقول هذا الخبير:" القضاء على الخلافات بين الزوجين ليس هو المفتاح للسعادة الزوجية، الأزواج الناجحون يتخاصمون ويغضبون من بعضهم, استماع الرجل للمرأة وبالعكس ليس هو الحل لكل مشاكل الزوجية كما نظن. بل إن المفتاح الذهبي لنجاح هذه العلاقة هو مقدار الصداقة بين الزوجين".
النظر إلى الزواج على إنه صداقة عميقة. وهذا يعني الاحترام المتبادل والمشترك بينهما واستمتاع كل طرف بصحبة الطرف الآخر. الأزواج السعداء يميل كل منهم لمعرفة الطرف الآخر بشكل دقيق, فيعرف تماماً محبوباته وما لا يحب وخواص شخصيته وأحلامه وآماله, واحترامها وأخذها في الاعتبار وإظهار هذا الاحترام ليس في الأشياء الكبيرة فحسب بل في الأحداث اليومية الصغيرة.
أثبتت دراسات هذا العالم أن المناخ العاطفي الإيجابي يصنع من خلال عدد لا يحصى من اللمسات الحانية في أحداث اليوم العادية. هذه اللمسات هي التي تحمي هذه العلاقة من التدهور السلبي في لحظات الغضب والخصام. وبالتالي ستلحظ أن تبادل الخصام بين زوجين سعيدين في حالات الخلاف يختلف تماماً عن شكل هذا الخصام بين زوجين غير سعيدين.
كما لفت هذا العالم انتباهنا إلى لحظة هامة أثناء الخلاف بين الزوجين. فبعد إن يشتعل بينهما ويكثر الأخذ والرد, لاحظ أن أحدهما يبدأ بإلقاء تلميح برغبته في الاعتذار والتراجع عما أشعل الخلاف. عند هذه اللحظة تظهر مدى نجاح هذه العلاقة الزوجية في الفهم الذكي للطرف الآخر لهذه المحاولة وقبولها وعدم استغلالها لتدعيم موقفه, وبالتالي سيكفل ذلك عدم التمادي في الخلاف وخروجه عن السيطرة. وهنا نذكر حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم: ((شرّ نساؤكم التي لا تقبل من زوجها عذراً، ولا تغفر له ذنباً)) وعلى الرجال ينطبق ذات الحكم.
مواقع النشر