د. محمد بن عبد الله القناص
إن الحمدَ للهِ نحمَدهُ ونَسْتَعينهُ ونستغفِرُهُ ونَستهديه، ونَعوذُ بالله مِنْ شُرُور أنفُسنا ومِنْ سَيئاتِ أَعمالِنَا، مَنْ يَهده الله فلا مُضِلَّ له، ومن يُضْلِل فَلا هَادِي له، وَأَشْهَدُ أن لا إله إلا اللهُ وحده لا شريك له، وَأَشْهَدُ أن محمداً عَبدهُ ورَسولهُ، أما بعد:
فإن أَحسنَ الحَديثِ كتابُ اللهِ، وَخير الهَدي هَديُ محمد، وشَرَّ الأمُور مُحْدَثَاتُها، وكُل بِدعةٍ ضَلالةٌ، وبعد:
فالدعاء له منزلة رفيعة، ومكانة سامية، يتجلى فيه إظهار العبودية والتذلل والافتقار إلى الله، وهو ملاذ المسلم في الشدة والرخاء، والعسر واليسر، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الدعاء هو العبادة (1)؛ وذلك لما فيه من إظهار الخضوع والانقياد لله لله عز وجل، وحلاوة المناجاة، وهذا من أعظم مقاصد الشريعة في مشروعية العبادات، قال الحسن البصري: ((تفقدوا الحلاوة في ثلاث: الصلاة والقرآن والدعاء، فإن وجدتموها فاحفظوا واحمدوا الله على ذلك، وإن لم تجدوها فاعلموا أن أبواب الخير عليكم مغلقة)) (2)، وإذا فتح الله على العبد باب الدعاء، فقد وفق للخير (3)، فعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: (إني لا أحمل هَمَّ الإجابة، ولكن أحملُ هَمَّ الدعاء، فإذا وُفِّقْتُ للدعاء جاءت الإجابة) (4).
وقد جمعتُ ما يحتاج إليه المسلم من آداب الدعاء وشروطه، وذكرتُ جوامع من أدعية النبي صلى الله عليه وسلم العامة غير المقيدة بوقت ولا سبب، وقد كان من هديه صلى الله عليه وسلم في الدعاء استحباب الجوامع منه، وهذه الأدعية زاد للمسلم والمسلمة في جميع الأوقات والأحوال، حتى يتحقق لهما الفلاح في الدنيا والآخرة، وهذه الأدعية معين للأئمة والواعظين فهي أدعية مأثورة مخرجة في دواوين السنة المعتمدة، وقد أوردتُ بعض الأدعية وإن كان في أسانيدها ضعف، مع الإشارة إلى ذلك؛ لأنها أدعية مشهورة في كتب السنة، ومعانيها مستقيمة لا يوجد فيها ما يستنكر، وقد نشرت مستقلة في نفس الموقع سابقاً، وسيكون محور هذا الموضوع جوامع في التعوذ من السنة. هذا وأسأل الله أن يُلْهِمنَا الدُّعاء ويُوفقنا للإجابة، وأن يجعل لنا وللمسلمين من كل همٍ فرجا، ومن كل ضيقٍ مخرجا، ومن كل بلاءٍ عافية، وأن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه، نافعاً لعباده، وما كان فيه من صواب فمن الله، وما كان من خطأ فمن نفسي والشيطان، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل .
ــــــــــــــــــــــــــــ
جوامع في التعوذ:
1 - عن عَائِشَةَ رضي الله عنها قالت أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْكَسَلِ وَالْهَرَمِ، وَالْمَأْثَمِ وَالْمَغْرَمِ، وَمِنْ فِتْنَةِ الْقَبْرِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ، وَمِنْ فِتْنَةِ النَّارِ وَعَذَابِ النَّارِ، وَمِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْغِنَى، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ فِتْنَةِ الْفَقْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، اللَّهُمَّ اغْسِلْ عَنِّي خَطَايَايَ بِمَاءِ الثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقِّ قَلْبِي مِنْ الْخَطَايَا كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الْأَبْيَضَ مِنْ الدَّنَسِ، وَبَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ) (5).
2- وعن أنس رضي الله عنه قال: كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْجُبْنِ وَالْهَرَمِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالْمَمَاتِ) (6)، وزاد ابن حبان: (وَالقَسوةِ وَالغَفْلة وَالعَيْلَة، وَالذِّلّة وَالمَسْكنة، وَأَعوذُ بِكَ مِن الفقرِ وَالكُفرِ وَالفُسُوقِ وَالشِّقَاقِ وَالسُّمْعَةِ وَالرِّيَاءِ، وَأَعوذُ بكَ مِن الصَّمَمِ وَالبكم، وَالجُنون والجُذَام وَسَيّء الأَسْقَامِ) (7) .
3- وعن أنس رضي الله عنه : أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِأَبِي طَلْحَةَ: (الْتَمِسْ غُلَامًا مِنْ غِلْمَانِكُمْ يَخْدُمُنِي حَتَّى أَخْرُجَ إِلَى خَيْبَرَ))، فَخَرَجَ بِي أَبُو طَلْحَةَ مُرْدِفِي وَأَنَا غُلَامٌ رَاهَقْتُ الْحُلُمَ فَكُنْتُ أَخْدُمُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا نَزَلَ فَكُنْتُ أَسْمَعُهُ كَثِيرًا يَقُولُ: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْهَمِّ وَالْحَزَنِ، وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ ...) (8) .
4- وعن زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ رضي الله عنه قَالَ: لَا أَقُولُ لَكُمْ إِلَّا كَمَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ، كَانَ يَقُولُ: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْجُبْنِ وَالْبُخْلِ، وَالْهَرَمِ وَعَذَابِ الْقَبْرِ، اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا، وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا، أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا، اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ، وَمِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ، وَمِنْ دَعْوَةٍ لَا يُسْتَجَابُ لَهَا) (9).
5- وعن مُصْعَبٍ قال: كَانَ سَعْدٌ رضي الله عنه يَأْمُرُ بِخَمْسٍ وَيَذْكُرُهُنَّ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ كَانَ يَأْمُرُ بِهِنَّ: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْبُخْلِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ الْجُبْنِ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ الدُّنْيَا - يَعْنِي فِتْنَةَ الدَّجَّالِ - وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ) (10) .
6- وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: (اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْتُ، وَبِكَ آمَنْتُ، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ، وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ، وَبِكَ خَاصَمْتُ، اللهم أعوذ بعزتك لا إله إلا أنت أن تضلني أنت الحي لا يموت والجن والإنس يموتون) (11).
7- وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (تَعَوَّذُوا مِنْ جَهْدِ الْبَلَاءِ وَدَرَكِ الشَّقَاءِ وَسُوءِ الْقَضَاءِ وَشَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ) (12).
8- وعن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في دعائه: ((اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا عَمِلْتُ، وَمِنْ شَرِّ مَا لَمْ أَعْمَلْ) (13) .
9- وعَنْ فَرْوَةَ بْنِ نَوْفَلٍ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ رضي الله عنها عَنْ دُعَاءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَتْ: (كَانَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا عَمِلَتْهُ نَفْسِي) (14) .
10- وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ مِنْ دُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ، وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ، وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ، وَجَمِيعِ سَخَطِكَ))، وعند أبي داود: ((وتحويل عافيتك)) (15) .
11- وعن شَكَلِ بْنِ حُمَيْدٍ رضي الله عنه قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي تَعَوُّذًا أَتَعَوَّذُ بِهِ، قَالَ: فَأَخَذَ بِكَتِفِي، فَقَالَ: (قُلْ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ سَمْعِي، وَمِنْ شَرِّ بَصَرِي، ومِنْ شَرِّ لِسَانِي، وَمِنْ شَرِّ قَلْبِي، وَمِنْ شَرِّ مَنِيِّي - يَعْنِي فَرْجَهُ)(16).
12- وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ: (اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ الْفَقْرِ وَالْقِلَّةِ وَالذِّلَّةِ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ أَظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ) (17) .
يتبــــــــــــــــــــــ ع
مواقع النشر