مقدمة

قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: " والذي نفس محمد بيده لوددت أني أغزو في سبيل الله فأقتل، ثم أغزو فأقتل، ثم أغزو فأقتل "، مع أنّ رسو الله صلّى الله عليه وسلّم هو خير البشر والأنبياء أجمعين، مع هذا تمنى الشهادة في سبيل الله لما لها من أجر عند الله سبحانه وتعالى وذلك لقوله تعالى: { وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } (169/170) سورة آل عمران، فدرجة الشهيد في الآخرة له أعلى مراتب الجنة وله أن يشفع لسبعين من أهله ممن وجبت لهم النار، غير أنّ له من يدعوا له بعد موته، فهو من مات مدافعاً عن دينه وأرضه وعرضه.
بعد أن عرفنا فضل الشهادة وأجر الشهيد في اللآخرة، أضع عنا بعض ما كتبته أنامل الشعراء عن الشهيد:

الشهيد

يا شهيـداً أنـت حـيٌّ ما مضى دهرٌ و كانـا ذِكْرُكَ الفـوّاحُ يبقـى ما حيينـا فـي دِمانـا انـت بـدرٌ سـاطـعٌ ما غابَ يوماً عن سماناً قد بذلتَ النفسَ، تشري بالـذي بِعـتَ الجنانـاً هانَتِ الدُّنيا، و كانـتْ دُرَّةٍ، كانـت جُمـانـاً فارتضيتَ اليومَ عدنـاً خالـداً فيهـا مُصانـاً رَدِّدِي يا قـدسُ لحنـاً عن شهيدٍ فـي رُبانـا و اْكتُبي تاريـخَ شَهْـمٍ راحَ كي يحمي حمانـا يا فلسطينُ اْذكري مَـنْ جَرَّعَ الباغـي الهوانـا أَقْبَـلَ الفجـرُ فلـبَّـى خاشعـاً ذاق الأمـانـا قِبلْـةََ الرحمـنِ ولًـى وَجْهَهُ، ثُـمَّ استعانـا فاْمتطى خيلَ التحـدِّي يقتلُ الصمـتَ الجبانـا أَثْخَنَ الأعـداءَ طَعْنـاً سَيْفُُهُ يهـوى الطِّعانـا في سبيـلِ اللهِ يرمـي رميـةً تُعليـهِ شأنـاً في جِنانِ الخلدِ يلقـى ربَّهُ، فالوقـتُ حانـا دثِّريـهِ يـا روابــي توِّجـيـهِ الأُقحـوانـا و اْذكري دوماً شهيـداً قـد أبـى إلّا الجِنانـا ربمـا نلـقـاهُ فيـهـا فـنـراهُ، وَ يَـرَانـا
وصية شهيد فلسطيني

ُأمّاهُ لا تحزني إنْ جاءَكِ الخَبَرُ أو قيلَ طالَ بِهِ يا أُمَّهُ السفَرُ لا تُهرقي دمعَكِ الغالي إذا خَطَرَتْ يا حبَّةَ القلبِ بعد الغيبةِ الفِكَرُ قرِّي و نامي و ملءُ العينِ فرحتها إنِّي هناك بدارِ الخُلدِ أنتظِرُ لمّا سمعْتُ نداءَ الحقِّ يدعوَني تسابقَ القلبُ و الإحساسُ و البَصَرُ فما وجَدْتُ سوى نفسي أقدِّمُها للهِ، لم يُثنِها عن عزمِها الخطَرُ كان الصباحُ جميلاً حينما انطَلَقَتْ ساقايَ نحوَ العُلا يحدوهُما الظَّفَرُ كأنَّ أنسامَهُ من جنَّةٍ عَبَقَتْ روحي، و أعطارُهُ في الأُفْقِ تنتشِرُ يا كم تمنَّيْتُ يا أُمّاهُ في صِغَري نيلَ الشهادةِ، لم يُنعِمْ بها الصِّغَرُ حتّى أفاءَ الذي نفسي بقبضتِهِ بها عليَّ، و جودُ اللهِ يُذَّكَرُ أرنو إلى الموتِ، إن الموتَ في شَمَمٍ بطعنةِ الرمحِ أو بالسيفِ يُعتَبَرُ والموتُ فوقَ فِراشِ الذلِّ في فَزَعٍ ذنبٌ لصاحِبِهِ، يا ليت يُغتَفَرُ لمّا رأيتُ عدوَّ اللهِ في وطني قد ضاقَ ذرعاً بِهِ المحراثُ و الشَّجَرُ وأَنَّتِ الروضَةُ الحسناءُ، إذ عَبَثَتْ كفُّ اللئيمِ بها و استنجدَ الثمَرُ ومسجدُ القدسِ يشكو غدرَ مُغتَصِبٍ يدعو أيا مُسلماً : مَنْ ليْ سينتَصِرُ ؟ يشكو، فلم يستَجِبْ يوماً لصرختِه إلا القليلُ، و جُلُّ الناسِ مُستَتِرُ كأنَّما الأرضُ آذانٌ بها صَمَمٌ وقلبُ سُكّانِها الجلمودُ و الحَجَرُ والعالمُ المُبتَلى بالصمتِ مُنشَغِلٌ بالكأسِ، باللاعبِ المشهورِ يفتَخِرُ يهزُّهُ حارسُ المرمى و طلعتُهُ أو نجمةٌ زيَّنَتْ أعطافَها الدُّرَرُ وتُذرَفُ الأدمُعُ الحرّى إذا مَرِضَتْ أو أعلَنَتْ موتَها الأنباءُ و الصُّوَرُ يهتزُّ عالمنا لو قطةٌ ذُبِحَتْ ولا يُحَرِكُهُ لو يُذبحُ البَشَرُ من أجلِ ذاك أيا محبوبتي اْنطَلَقَتْ روحي كقنبلةٍ في البغيِ تنفجِرُ و لو مَلَكْتُ سوى الروحِ التي قُبِضَتْ ألفاً، لفجرتُها في وجهِ من غَدَروا أجودُ بالنفسِ كي تبقى كرامتُنا تاجاً على الرأس يا أُمّاهُ يزدَهِرُ فباركي يا حياةَ القلبِ تضحيتي ولا تُبالي، فإنَّ الموتَ ليْ قَدَرُ نامي و قرِّي و ملء العينِ فرحتُها إنِّي هناكَ بدارِ الخُلدِ أنتَظِرُ هذي وصيَّةُ من أرْضَعْتِهِ شَمَماً فلتقرئي ما بها إنْ تُسدَلِ السُّتُرُ
شعر عن الشهيد

هتفتَ بهم ريح العلا فأجابوا وإلى الوغى بعد التجهز ثابوا ملكوا نفوسهمُ فباعوا واشتروا في الله ما خافوا العدا أو هابوا تركوا لنا العيش الذليل وغادروا في عزةٍ ولهم بها إسهابُ تلك الشبيبةُ والفخار يحوطهم رفعوا لنا بعد الرغامِ جنابُ إن أصبحوا فالخصمُ يرهبهم وإن جنَّ المساء فكلهم أوّابُ ألقوا إلى الدنيا تحية عابرٍ ومضوا إلى درب الإباءِ غِضابُ نبحت كلاب العالمين ورائهم وأمامهم كم يستميتُ ذئابُ حملوا مدافعهم وخاضوا وانبروا والموتُ يزأرُ والعرينُ خرابُ هم علموا الأجيال أن صلاحها بجهادها والباقياتُ سرابُ هم لقنوا خصم العقيدة درسهم ولكم يجادل حوله المرتابُ هم نجمة في أفقنا لمّا غداً في ظلِّ حامية الصليبِ ترابُ نبأٌ يهزُ كياننا ويزيحنا ويحيل حالكة الظلامِ شهابُ نبأٌ تزلزل ركنُ أمتنا لهُ في حينِ قالوا قد مضى ..... ما عذر عيني وهي بعدُ شحيحةٌ ما عذر صمتي والفؤادُ مذابُ
كم أسقطت يمناك من راياتهم ولقد سقيتهمُ الهوانَ شرابُ ؟؟ كم قدت خيلك والجنود بواسلٌ والنصر في وعر الجهاد مشابُ كم ليلة صبحت فيها جمعهم ولقد يُصبَّحُ للعدو عذابُ يا ...... الغالي ومثلك نادرٌ ودعتنا، والخائنون أصابوا يفديك خلفك كل رعديدٍ إذا ذكر الجهاد تخاذلوا وارتابوا يفديك جيل اللهو في غفلاته طرِباً يدنسُ أرضهُ الأغرابُ لكن طريقك موحش واجتزته ورضيتَه فليفرح الأحبابُ يارب إن سار الهمامُ وأظلمتْ أوطاننا واستفحل الإجدابُ فاجعل لنا من بعده مِن مِثِله وارفع لنا في العالمين جنابُ سقط الشهيدُ وأسدلت أحزاننا ولنا على درب الجهاد شبابُ فعش عيشاً هنيئاً في جنان تجافيك المتـاعب والسقام فيا رباه فاجمعنا ســوياً بفردوس يطيــب بها المقام
يشهدُ الأنبياءُ والأولياءُ..
أنكم متّمُ كي تعزّ كِلْمة ربّي... في ربوع أعزها الإسراءُ.. انتحرتم؟! نحن الذين انتحرنا بحياةٍ.. أمواتها الأحياءُ.. أيها القومُ! نحنُ متنا.. فهيّا.. نستمعْ ما يقول فينا الرِثاءُ قد عجزنا.. حتى شكا العجزُ منّا وبكينا.. حتى ازدرانا البكاءُ.. وركعنا.. حتى اشمأز ركوعٌ.. ورجونا.. حتى استغاث الرجاءُ وشكونا إلى طواغيتِ بيتٍ.. أبيض.. ملءُ قلبهِ الظلماءُ.. ولثمنا حذاء شارون.. حتى.. صاح مهلاً! قطعتموني! الحِذاءُ أيّها القوم! نحن متنا.. ولكنْ أنِفت أن تَضمّنا الغَبْراءُ قل "لآيات" يا عروس العوالي كل حسن لمقلتيك الفداء حين يخصى الفحول.. صفوة قومي تتصدى للمجرم الحسناء تلثم الموت وهي تضحك بِشرًا ومن الموت يهرب الزعماء فتحت بابها الجنان وحيت.. وتلقتك فاطم الزهراء قل لمن دبج الفتاوى: رويداً رب فتوى تضج منها السماءُ حين يدعو الجهاد.. يصمت حب رويراع.. والكتب.. والفقهاءُ
حين يدعو الجهاد.. لا استفتاءُ
الفتاوى، يوم الجهاد، الدماءُ"
رَمَت السّـــهامَ المقلةُ الحَـــورَاءُ
ودَنـَـت تريــد الفتنـة الغيـــداءُ
وأَتَت تَخَطّـــرُ في الحريرِ وتبتغي
ما تبتغي من شـاعرٍ حســــناءُ
مِن وَصْف فتنتها وسحــر جمالها
ومضى على أمثال ذا الشعراءُ
قلتُ: اسمعي مني الكلام دعي الهوى
بئس المطيّــــة للورى الأهواءُ
هلاّ رَنَوتِ إلى الشهيـــــد بِنظــرة
لِترَيْ ضيـــــاءً ما له إخفــــاءُ
وتــــرَي وليّــــًا للإله وعــــــابدًا
في وجهـــــه تتـــــزاحم الآلاءُ
هذا قيـــــام الليل في قَسَـــــمَاتـــه
نورٌ يحـارُ بوصفــــه البلغـــاءُ
وكذا الشجاعةُ ليس في أُسْد الشّرى
أَسَــــــدٌ كمثــل شـــــهيدنا فدّاءُ
ما مــات من للدين والقدس افتدى
والقدس قدّس تربــــها الإسراءُ
للموت طبع في انتقاء الصـــيد قد
ضحى بخير شـــــبابه الخلفــاءُ
يا مســــجد الخلفاء يا نبــع الفدى
بك قــد علا للمســــلميـــن لواءُ
وبمســــجد الخلفاء ألف مجـــاهد
وبه الشـــــباب القانت البـــكاءُ

يا مصطـفــــى يا نور عيني بعدكم
أدمى القــذى عينيّ والإعشــــاءُ
يا مصطفــــى إني ذكرت فراقكم
فتقطعت من هوله الأحشــــــاءُ
فكأن قلبــــي في مخـــالب طــائر
وله بذكرك قبضة عصــــــماءُ
وكأن روحي قيد حبس زجاجة
من بعد أن كانت لها الأفيـــــاءُ
ولرب يــــوم قد ذكرتك خالــــيا
والبدر وسط سمائه وضَّــــــاءُ
فتجـــــود عينـــي بالدموع وإنما
للقلب بين شِـــغــــافه لبـــــكاءُ
وأطـــوف بين مرابع شهدت لنا
حبّـــًا له عند الشّـــــــداد جلاءُ
يا مصطفـــى يا حِبّ قلبي شدّني
شــــــوق إليك وصحبة ووفاءُ
أنســـيتَ يوما كنتُ فيه معـــاتبا
إيــــاك في مزح به إضفـــــاءُ
فتقول لي إنـــي أحبــــك يا أخي
ودع الوســــــاوس إنها إغراءُ
ولِمصطفى اسمك فيك حقٌّ،طالما
تتوافق الأوصـــاف والأسماءُ
فالله مولانا اصطفـــــــاك لجنــة
الفردوس فيها يســعد الشـهداءُ
ويُرى الشهيد معطّـــــرًا بدمائه
ويد الجبان بجرمه شـــــــلاءُ
الشــــوق يقتلنــي إليك وحيلتي
في عتمة الليل البهيم دُعـــــاءُ
يا رب إنـــي قد فقدت أحبـــــة
سـرّاء عمري بعدهم ضـرّاءُُ
يا رب فاجمعنـــي بهم في جنة
يحلو بها للمُتَّــــقيــن لقـــــاءُ