حائط مبكى لليهود في دمنهور المصرية
في الوقت الذي يحتفل فيه العالم كله بنهاية عام وبداية عام جديد، يشعر أهالي قرية «دميتوه» في دمنهور بثقل هذه الأيام وقسوتها عليهم، حيث تفرض قوات الأمن المصرية نوعا من أنواع الحصار الأمني علي أهالي البلدة،
استعدادا لاستقبال اليهود القادمين من إسرائيل وأوروبا للاحتفال بمولد سيدهم أبي حصيرة، والتوسل إليه والتبرك به مدة أسبوع كامل، ففي أيام المولد هذه يتوافد اليهود علي القرية بالآلاف، يتجمعون حول الضريح يضيئون الشموع،
يذبحون الأضحيات «الخراف أو الخنازير» يغنون، يرقصون شبه مجردين من ملابسهم، يشربون الخمر، أو يسكبونها علي المقبرة ليعاودوا لعقها، يتلون بعض الأدعية والتوسلات، ثم ينخرطون في البكاء الشديد حتي يشقوا ملابسهم أثناء رقصات هيستيرية علي نغمات وإيقاعات عبرية صاخبة.
وقد أثارت هذه التصرفات استياء عارماً بين سكان القرية والقري المجاورة لها وتعالت الأصوات المطالبة بإلغاء مثل هذا الاحتفال غير المبرر، ورفع بعض المحامين الشرفاء دعاوي أمام القضاء المصري لإبطال مزاعم اليهود في وجود رفات لحاخام يهودي اسمه «يعقوب أبو حصيرة »،
جانب من طقوس اليهود عند ضريح أبي حصيرة
وأصدرت المحكمة الإدارية العليا في يناير ٢٠٠٤، قراراً يقضي بوقف كل مظاهر الاحتفالات اليهودية في هذه المنطقة، وإلغاء قرار وزير الثقافة المصري «فاروق حسني» الذي كان يعتبر ضريح أبي حصيرة من الآثار الإسلامية والمسيحية، واعتبروا هذا القرار مخالفا للقانون،
وينطوي علي مغالطة تاريخية كبيرة، وقال القضاة المصريون: (إن وزير الثقافة المصري تعمد إصدار قراره باعتبار ضريح أبي حصيرة من الآثار الإسلامية والمسيحية بعد أيام معدودة من إقامة دعوي تطالب بإلغاء الاحتفال، بقصد إضفاء الشرعية علي الاحتفالية اليهودية السنوية)،
وأكد قرار المحكمة أن (هذا الضريح ما هو إلا قبر لشخص عادي، لا يمثل أي قيمة حضارية أو دينية أو ثقافية للشعب المصري)، رغم صدور هذا القرار القضائي المنصف، والذي يرد بعض الاعتبار للمواطن المصري،
فإن الاحتفالات لاتزال قائمة، وقد طلب وزير الخارجية الإسرائيلي السابق «سلفان شالوم» من السلطات المصرية، زيادة عدد التأشيرات الممنوحة للإسرائيليين من أجل زيارة الضريح، والسماح لإسرائيل بترميم مقبرة «أبو حصيرة».
وبالفعل تزايد عدد الزائرين اليهود للمقبرة التي طرأ عليها بعض التوسع، وزادت مساحتها من ٣٥٠ متراً مربعاً إلي ٨٤٠٠ متر مربع، وترددت بعض الإشاعات الخطيرة المقلقة حول قيام بعض اليهود بتدابير من شأنها شراء بعض الأراضي الزراعية المحيطة بالضريح، وقد سمعنا أيضا أن هذه المحاولات قد باءت بالفشل، لرفض الأهالي بيع أراضيهم لليهود بأي ثمن ، وهو ما يدعو للفخر بهؤلاء الناس
لكن الأمر المحير حقاً: لماذا لم تتحقق السلطات المصرية من هذه الإشاعات وتصدر بياناً في شأنها؟ لماذا لم تنفذ السلطات المصرية قرار المحكمة الإدارية العليا بوقف الاحتفال بمولد أبو حصير؟ ولماذا تصر علي استفزاز مشاعر الناس والضرب بها عرض الحائط؟ ألا يعتبر مثل هذا الاحتفال بمثابة حائط مبكي جديد للإسرائيليين في مصر؟
لسنا ضد الديانة اليهودية، فمن حق كل إنسان أن يتعبد بطريقته، بشرط احترام مشاعر الآخرين، ولا ننكر أن من اليهود من صدق في مصريته وغرق فيها حتي النخاع أمثال المحامي الشهير المرحوم شحاتة هارون، والمصري اليهودي المخلص يعقوبيان الذي كان عين المخابرات المصرية في إسرائيل،
مواقع النشر