الدرس 14 من أذكار الصباح والمساء (بسم الله الذى لايضر مع اسمه شئ فى الأرض ولافى السماء وهو السميع العليم)
درسنا اليوم لمعانى عظيمة وذكر كريم يحوى معانى الاستعانة والحفظ
شرح الحديث المشتمل على الذكر باءيجاز
روى أبو داود والترمذي وغيرهما عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من عبد يقول في صباح كل يوم ومساء كل ليلة : { بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، ثلاث مرات، لم يضره شيء } .
فهذا من الأذكار العظيمة التي ينبغي أن يحافظ عليها المسلم كل صباح ومساء، ليكون بذلك محفوظا - بإذن الله تعالى - من أن يصيبه فجأة بلاء أو ضر أو نحو ذلك.
قال القرطبي - رحمه الله - عن هذا الحديث: " هذا خبر صحيح وقول صادق علمناه دليله دليلا وتجربة، فإني منذ سمعته عملت به فلم يضرني شيء إلى أن تركته، فلدغتني عقرب بالمدينة ليلا، فتفكرت فإذا أنا قد نسيت أن أتعوذ بتلك الكلمات ".
وجاء في سنن الترمذي عن أبان بن عثمان - رحمه الله – وهو راوي الحديث عن عثمان - أنه قد أصابه طرف فالج - وهو شلل يصيب أحد شقي الجسم - فجعل رجل منهم ينظر إليه فقال له أبان: "ما تنظر؟ أما إن الحديث كما حدثتك، ولكني لم أقله يومئذ ليمضي الله علي قدره".
والسنة في هذا الذكر أن يقالثلاث مرات كل صباح ومساء ، كما أرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى ذلك.
وقوله في هذا الحديث "بسم الله" أي: بسم الله أستعيذ، فكل فاعل يقدر فعلا مناسبا لحاله عندما يبسمل، فالآكل يقدر آكل، أي: بسم الله آكل، والذابح يقدر أذبح، والكاتب يقدر أكتب، وهكذا.
وقوله: " الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء " أي: من تعوذ باسم الله فإنه لا تضره مصيبة من جهة الأرض ولا من جهة السماء.
وقوله: "وهو السميع العليم" أي: السميع لأقوال العباد، والعليم بأفعالهم الذي لا تخفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء .
ملخص يسير من فقه الأدعية والأذكار
للشيخ / عبدالرزاق العباد البدر - وفقه الله تعالى
شرح مفردات الحديث
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ فِي صَبَاحِ كُلِّ يَوْمٍ وَمَسَاءِ كُلِّ لَيْلَةٍ بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَيَضُرَّهُ شَيْءٌ. رواه الترمذي (3388). [حكم الألباني: حسن صحيح]
قال الشيخ المباركفوري رحمه الله: " بِسْمِ اللَّهِ " أَيْ أَسْتَعِينُ أَوْ أَتَحَفَّظُ مِنْ كُلِّ مُؤْذٍ بِاسْمِ اللَّهِ
"الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ " أَيْ مَعَ ذِكْرِهِ بِاعْتِقَادٍ حَسَنٍ وَنِيَّةٍ خَالِصَةٍ
" وَلَا فِي السَّمَاءِ " أَيْ مِنَ الْبَلَاءِ النَّازِلِ مِنْهَا
" وَهُوَ السَّمِيعُ " أَيْ بِأَقْوَالِنَا
"الْعَلِيمُ " أَيْ بِأَحْوَالِنَا
"ثَلَاثَ مَرَّاتٍ " ظَرْفُ يَقُولُ
" فَيَضُرَّهُ شَيْءٌ " بِالنَّصْبِ جَوَابُ " مَا مِنْ عَبْدٍ " ،
قَالَ الطِّيبِيُّ : وَبِالرَّفْعِ عَطْفًا عَلَى " يَقُولُ " عَلَى أَنَّ الْفَاءَ هُنَا كَهِيَ فِي قَوْلِهِ : لَا يَمُوتُ لِمُؤْمِنٍ ثَلَاثَةٌ مِنَ الْوَلَدِ فَتَمَسُّهُ النَّارُ أَيْ لَا يَجْتَمِعُ هَذَا الْقَوْلُ مَعَ الْمَضَرَّةِ كَمَا لَا يَجْتَمِعُ مَسُّ النَّارِ مَعَ مَوْتِ ثَلَاثَةٍ مِنَ الْوَلَدِ بِشَرْطِهِ.[1]
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: لأن الله سبحانه وتعالى بيده ملكوت السماوات والأرض، واسمه مبارك إذا ذكر على الشيء.
ولهذا يسن ذكر الله تعالى بالتسمية على الأكل إذا أردت أن تأكل تقول بسم الله، إذا أردت أن تشرب تقول بسم الله، إذا أردت أن تأتي أهلك تقول بسم الله. فالتسمية مشروعة في أماكن كثيرة ولكنها على القول الراجح على الأكل والشرب واجبة يجب على الإنسان، إذا أراد أن يأكل أن يقول بسم الله، وإذا أراد أن يشرب أن يقول بسم الله؛ لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر أن من لم يسم الله على أكله شاركه الشيطان في ذلك. فلا تنسى أن تقول في كل مساء وفي كل صباح بِسْمِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.[2]
قال اللغوي ابن منظور رحمه الله: الضَّرُّ والضُّرُّ لغتان ضد النفع والضَّرُّ المصدر والضُّرّ الاسم وقيل هما لغتان كالشَّهْد والشُّهْد فإِذا جمعت بين الضَّرّ والنفع فتحت الضاد وإِذا أَفردت الضُّرّ ضَمَمْت الضاد إِذا لم تجعله مصدراً كقولك ضَرَرْتُ ضَرّاً هكذا تستعمله العرب.[3]
أذكار أخرى: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا لَقِيتُ مِنْ عَقْرَبَ لَدَغَتْنِي الْبَارِحَةَ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :أَمَّا إِنَّكَ لَوْ قُلْتَ حِينَ أَمْسَيْتَ : أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّاتِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ لَمْ تَضُرَّكَ. رواه مسلم (2709)
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خُبِيْبٍ قَالَ : خَرَجْنَا فِي لَيْلَةِ مَطَرٍ وَظُلْمَةٍ شَدِيدَةٍ نَطْلُبُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَدْرَكْنَاهُ، فَقَالَ : قُلْ . فَقُلْتُ :مَا أَقُولُ ؟ قَالَ : قُلْ : (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ) وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ حِينَ تُصْبِحُ وَحِينَ تُمْسِي ثَلَاثَ مَرَّاتٍ تَكْفِيكَ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ. حكم الألباني: حسن صحيح. تخريج مشكاة المصابيح (2104)
استخلاص فوائد مداومة ذكر الله من الذكر الكريم:
1- في الحديث الشريف السابق فضيلة وهي اعتقاد المسلم بعلو الله ذاتاً وقدراً وقهراً
وذلك من قوله تعالى:« بِسْمِ اللَّهِ...و لاَ يَضُرُّ مَعَ اسْمِهِ شيء...». والاسم مأخوذ من السُّموِّ.
2- اعتقاد المسلم بعدم جواز ذكر الله بالاسم المفرد:« اللَّهُ » ؛ وذلك من قوله:« بِسْمِ اللَّهِ » وهكذا في جميع النصوص في القرآن الكريم والسنة المطهرة لا يوجد ذكر بالاسم المفرد وأن فعله بدعة ضلالة.
3- المسلم يبدأ دائماً في كل أحواله بـ « اِسْمِ اللَّهِ » تبركاً وتيمناً باسمه .
4- في الحديث الشريف السابق إشارة إلى كمال توكل المؤمن على ربه والتجائه التام له.
5- في الحديث الشريف السابق إشارة إلى تفويض المؤمن أمره كلَّه لربه .
6- في الحديث الشريف السابق إشارة إلى اليقين القوي لدى المؤمن فيما عند ربه.
7- في الحديث الشريف السابق إشارة إلى تصديق الرسول فيما أخبر .
8- في الحديث الشريف السابق إشارة إلى تضاؤل كل شئ عند ذكر اسم الله .
9- في الحديث الشريف السابق إشارة إلى حفظ الله حفظاً خاصاً لِخَلْقِهِ ورعايته و كلاءته لهم إن هم ذكروه .
10-في الحديث الشريف السابق فضيلة المواظبة على أذكار الصباح والمساء ويؤخذ هذا من قوله :« مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ في صَبَاحِ كُلِّ يَوْمٍ وَمَسَاءِ كُلِّ لَيْلَةٍ ...».
11- في الحديث الشريف السابق إلماع إلى كمال حرص الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ إذ إنه علم أمته ما ينفعهم في دينهم ودنياهم.
12- في الحديث الشريف السابق إشارة إلى ذم الغضب وأنه سبب لترك العبد ذكر ربه.ويؤخذ هذا من حال الراوي أَبَانَ بْنَ عُثْمَانَ كما في رواية أبي داود : فَأَصَابَ أَبَانَ بْنَ عُثْمَانَ الْفَالِجُ فَجَعَلَ الرَّجُلُ الَّذِي سَمِعَ مِنْهُ الْحَدِيثَ يَنْظُرُ إِلَيْهِ فَقَالَ لَهُ مَالَكَ تَنْظُرُ إِلَىَّ فَوَاللَّهِ مَا كَذَبْتُ عَلَى عُثْمَانَ وَلاَ كَذَبَ عُثْمَانُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَكِنَّ الْيَوْمَ الَّذِي أَصَابَنِي فِيهِ مَا أَصَابَنِي غَضِبْتُ فَنَسِيتُ أَنْ أَقُولَهَا.
13- في الحديث الشريف السابق إشارة إلى ثمرة المواظبة على هذا الذكر أنه لن تفجأه فاجئة تؤذيه ويؤخذ هذا من قولهكما فى رواية ابن حبان في صحيحه: « من قال حين يصبح : بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم ، ثلاث مرات ، لم تفجأه فاجئة بلاء حتى يمسي ، وإن قالها حين يمسي لم تفجأه فاجئة بلاء حتى يصبح ».
14- في الحديث الشريف السابق إشارة إلى إثبات ألوهية الله تعالى وحده لا شريك له ويؤخذ هذا من قوله تعالى:« اللَّه».
15- في الحديث الشريف السابق إشارة إلى إثبات لاسم من أسماء الله تعالى الحُسنى وكلها حسنى ويؤخذ هذا من قوله:« اللَّه».
مواقع النشر