عاد رمضان

[ليدي الامورة]

ها هو شهر الخير والرحمه والمغفره رمضان على الأبواب قد أتى .. رمضان الذي طالما حنت إليه قلوب المتقين .. رمضان الذي طالما اشتاقت إليه نفوس الصالحين.


وكيف لا تحن القلوب إلى شهر الخير والبركة .. كيف لا تشتاق القلوب إلى شهر المغفرة والرحمة ..


لقد استدار الزمان وعاد رمضان .. عاد إلينا بعد أن نسينا كثيرًا .. وبعد أن سبحنا في شؤون الدنيا سبحاً طويلاً .. لنشهد أيامه الغراء ونُحيي لياليه المباركة .. عاد رمضان وقدر لنا الله أن نعود معه ..


ترى هل يمتد بنا العمر فنلقاه ؟؟
أم يسبق الأجل فلا نلقاه مرة أخرى؟؟
إن القدر مستور .. والأجل قد ينتهي لحظة .. والساعة لا تأتي إلا بغتة .. فمن الحمق أن نبيع حاضراً بغائب .. وأن نستبدل شكاً بيقين ..


إن من الحزم أن نغتنم هذه الفرصة السانحة وألا نُضيع هذه الصفقة الرابحة ..


ها هو رمضان قد عاد :
شهر القرآن والصيام والقيام .. لنخشع بين يدي ربنا لـ نتدبر الآيات .. ونحرك بها القلب .. ونتعرض لنفحات الرحمن .. لعله يكتب لنا قيام ليلة .. ونفوز بفضله بالعتق من النيران ..


فأنصتي رعاك الله لما يتلى في المحراب .. فلعلنا إليه لا نعود ..
ها هو رمضان قد عاد :
بعد عام كامل لـ نذكر نعمة الله علينا .. إذ بلغنا هذا الشهر الكريم .. وقطعه الأجلُ والمرض عن أناس كثير .. هم تحت أطباق الثرى أو على الأَسِرَّة البيضاء ..
فـ لنغتنم بلوغنا إياه .. فلعله إلينا لا يعود ..


ها هو رمضان قد عاد :
بعد عام كامل ليخبركِ أنه نقص من عمركِ عام كامل .. وأنكِ قد اقتربتي من الآخرة عامًا .. وعما قليل ستلاقي ما قدمتي من عمل .. فماذا أودعتِ من العمل في عام مضى ؟ ؟
فـ لنغتنم أيامه ولياليه .. فلعله إلينا لا يعود ..


ها هو رمضان قد عاد :
لتفتّح فيه أبواب الجنان .. وتغلّق فيه أبواب النار .. وتُصفَّد الشياطين ..
ويناد مناد :
يا باغي الخير أقبل .. ويا باغي الشر أقصر .. ولله عتقاء من النار وذلك في كل ليلة ..
فهلاَّ اغتنمنا هذه الليالي .. فلعلها إلينا لا تعود ..


ها هو رمضان قد عاد :
ليذكرك بـ نعمة الله عليك بالأمن والأمان .. ورغد العيش والمعافاة .. وإخوات لنا هنا وهناك فقدوا الأمن والأمان .. فهم يصبحون على أزيز الطائرات .. ويمسون على دوي المدافع والقاذفات .. يتسحرون على أنين الجرحى .. ويفطرون على أشلاء القتلى ..


فهل شكرنا الله على هذه النعمة؟ ؟ فلعلها إلينا لا تعود أو لعلنا إليها لا نعود . .


ها هو رمضان قد عاد :
لتفتح أبواب السماء للدعاء في قنوت وسجود وعند إفطار وسحر ..
فهل تأملتي آيات الصيام؟ ألم تلمحي من بينها نداء الرحمن
﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ﴾ [البقرة: 186]؟


فماذا سألنا الكريم وهو منا قريب .. وقد وعدنا أن يجيب دعواتنا
فهذا هو شهر الدعاء .. فلعلنا إليه لا نعود ..


ها هو رمضان قد عاد :
ليستعطف قلوبنا ويذكرنا بالأكباد الجائعة والوجوه الملفوحة بهجير الصيف .. ومس الجوع والعطش .. تستطعمك تمرة .. وتستسقيك شربة ماء أو مذاقة لبن .. لتفوزي بأجرك وأجرها في تفطير الصائمين ..
فماذا أطعمناهم ؟ ؟ فلعلنا إليهم لا نعود ..


هاهو رمضان قد عاد :
وفي لياليه ليلة هي خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم ، ومن وفق لها فقد فاز وغنم ، فما هي إلا أيام معدودات ، وترحل عنا كما رحل غيرها من الأيام ..


ها هو رمضان قد أقبل بنوره وعطره، وجاء بخيره وطهره، جاء ليربي في الناس قوة الإرادة ورباطة الجأش، ويربي فيهم ملكة الصبر، ويعودهم على احتمال الشدائد والجلد.




أخواتي الحبيبات، إن أردتم المغفرة، فليكن صومكم عن المحرمات قبل أن تصوموا عن المباحات، ليصم سمعكم، وبصركم، ولسانكم، وكل جوارحكم
فالله قد حرم علينا في نهار رمضان الأكل والشرب وهما مباحان، لينبهنا على ترك الحرام من باب أولى ..


أما إذا لم تفعلي ، فأسمعي إلى هذا الحديث الذي يقول فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لم يدع قول الزور والجهل والعمل به، فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه"؛ صحيح البخاري.


لا إله إلا الله، كم من جائع وكم عطشان ، وكم من صام وتعب، ولكن ليس لهم شيء من الأجر؛ لأنهم لم يصوموا عن المحرمات ..


أخواتي الحبيبات .. إن الله غني عننا وعن جوعنا وعطشنا وإنما يريد الله مننا - من وراء الصيام - تقواه سبحانه وتعالى ..


نعم أختي إنما يريد الله التقوى .. وهي الغاية التي من أجلها فرض الله علينا الصيام ..
﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 183].

[عطر الشرق]

​

[بسمات المدينة]