نسب سلمة بن الأكوع وقبيلته:


سلمة بن الأكوع رضي الله عنه , هكذا يقول جماعة أهل الحديث ينسبونه إلى جده، وهو سلمة بن عمرو بن الأكوع. والأكوع هو سنان بن عبد الله بن قشير بن خزيمة، كان ممن بايع تحت الشجرة، سكن بالربذة.

وكان لقرب سلمة من رسول الله صلى الله عليه وسلم أكبر الأثر في تكوين شخصية مثالية بما غرسه النبي صلى الله عليه وسلم فيها من شجاعة، ومروءة، وتضحية في سبيل الله، هذا الأثر لاحظه الصحابة، وعرفوا أنه ما كانت هذه الصفات لتكون في سلمة إلا بتربية الرسول صلى الله عليه وسلم له.

أهم ملامح شخصية سلمة بن الأكوع رضي الله عنه :


1- شجاعة سلمة بن الأكوع رضي الله عنه :

وخير مثال على ذلك موقفه في غزوة ذي قرد، فقد تصدى لمن أغار على إبل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد أغار عبد الرحمن بن عيينة على إبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقتل راعيها وخرج يطردها هو وأناس معه في خيل، فقلت: يا رباح، اقعد على هذا الفرس فألحقه بطلحة، وأخبر رسول الله أنه قد أغير على سرحه. قال: وقمت على تل فجعلت وجهي من قبل المدينة، ثم ناديت ثلاث مرات: يا صباحاه، ثم اتبعت القوم ومعي سيفي ونبلي فجعلت أرميهم وأعقر بهم وذلك حين يكثر الشجر، فإذا رجع إليَّ فارس جلست له في أصل شجرة ثم رميت فلا يقبل عليَّ فارس إلا عقرت به، فجعلت أرميهم وأقول: "أنا ابن الأكوع.. واليوم يوم الرضع"[1].

2- حب سلمة بن الأكوع للرسول صلى الله عليه وسلم وطاعته:

ومن الأمثلة الواضحة على هذا هبته جارية وقعت في سهمه في إحدى السرايا للنبي صلى الله عليه وسلم، على الرغم من أنها كانت من أجمل بنات العرب، كما قال سلمة.

ومما يدل على حبه للنبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يأتي إلى سبحة الضحى، فيعمد إلى الأسطوانة دون المصحف فيصلي قريبًا منها. فأقول له: ألا تصلي ها هنا؟ وأشير إلى بعض نواحي المسجد. فيقول: إني رأيت رسول الله يتحرى هذا المقام[2].

يا لها من صفات عظيمة تلك التي يتصف بها صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كان الواحد فيهم ينظر ماذا كان يصنع رسول الله ويفعله وهو في سعادة لا توصف.

من مواقف سلمة بن الأكوع مع الرسول صلى الله عليه وسلم :


مواقف عديدة حدثت بين سلمة بن الأكوع رضي الله عنه والرسول صلى الله عليه وسلم ، وذلك لقرب سلمة منه وحبه الشديد له؛ فعن يزيد بن أبي عبيد قال: رأيت أثر ضربة في ساق سلمة فقلت: يا أبا مسلم، ما هذه الضربة؟ قال: هذه ضربة أصابتني يوم خيبر، فقال الناس: أصيب سلمة. فأتيت النبي فنفث فيه ثلاث نفثات، فما اشتكيتها حتى الساعة[3].

وجاء عين للمشركين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فلما طعم انسل. قال: فقال رسول الله: "عليَّ بالرجل اقتلوه". قال: فابتدر القوم. قال: وكان أبي يسبق الفرس شدًّا. قال: فسبقهم إليه، فأخذ بزمام ناقته أو بخطامها. قال: ثم قتله. قال: فنفله رسول الله سلبه[4].

وعن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية ثم عدلت إلى ظل شجرة. فلما خف الناس قال: "يا ابن الأكوع، ألا تبايع؟" قلت: قد بايعت يا رسول الله. قال: "وأيضًا". فبايعته الثانية. فقلت لسلمة: يا أبا مسلم، على أي شيء كنتم تبايعون يومئذ؟ قال: على الموت[5].

وقدم سلمة رضي الله عنه المدينة فلقيه بريدة بن الخصيب، فقال: ارتددت عن هجرتك يا سلمة؟ فقال: معاذ الله! إني في إذن من رسول الله، إني سمعت رسول الله يقول: "ابْدُوا يا أسلم، فتنسموا الرياح، واسكنوا الشعاب". فقالوا: إنا نخاف يا رسول الله أن يضرنا ذلك في هجرتنا. فقال: "أنتم مهاجرون حيث كنتم"[6].

من مواقف سلمة بن الأكوع مع التابعين رضي الله عنهم :

كان سلمة رضي الله عنه ممن بايع عبد الملك بن مروان سنة ثلاث وسبعين.

بعض الأحاديث التي نقلها سلمة بن الأكوع عن النبي صلى الله عليه وسلم :


عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلاً ينادي في الناس يوم عاشوراء: "إن من أكل فليتم أو فليصم، ومن لم يأكل فلا يأكل"[7].

وعن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: كان علي تخلف عن النبي صلى الله عليه وسلم في خيبر، وكان به رمد، فقال: أنا أتخلف عن رسول الله. فخرج علي فلحق بالنبي صلى الله عليه وسلم ، فلما كان مساء الليلة التي فتحها في صباحها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لأعطين الراية -أو قال ليأخذن- غدًا رجلاً يحبه الله ورسوله -أو قال- يحب الله ورسوله يفتح الله عليه"، فإذا نحن بعليٍّ وما نرجوه، فقالوا: هذا عليٌّ. فأعطاه رسول الله، ففتح الله عليه[8].

عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه : أن رجلاً أكل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بشماله، فقال: "كل بيمينك". قال: لا أستطيع. قال: "لا استطعت، ما منعه إلا الكبر". قال: فما رفعها إلى فيه[9].

وفاة سلمة بن الأكوع :


توفي سلمة بن الأكوع بالمدينة سنة أربع وسبعين من الهجرة، وهو ابن ثمانين سنة[10].



[1] ابن سعد: الطبقات الكبرى 2/81.

[2] رواه ابن ماجه في سننه (1430)، 1/459. قال الألباني: صحيح.

[3] رواه أبو داود: باب كيف الرقى (3896)، 4/18. قال الألباني: صحيح.

[4] ابن منظور: مختصر تاريخ دمشق 1/1359.

[5] البخاري: كتاب الجهاد والسير، باب البيعة في الحرب أن لا يفروا وقال بعضهم على الموت (2800)، 3/1081.

[6] الهيثمي: مجمع الزوائد (9294)، 5/461.

[7] رواه البخاري: باب إذا نوى بالنهار صومًا (1824)، 2/679.

[8] رواه البخاري: باب مناقب علي بن أبي طالب القرشي الهاشمي (3499)، 3/1357.

[9] رواه مسلم: باب آداب الطعام والشراب وأحكامهما (5387)، 6/109.

[10] الحاكم: المستدرك (6383)، 3/649.