يقول الله تعالى في كتابه العزيز في سورة يوسف الآية رقم 2 “وَ لَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَ هَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَ الْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ”.تفسير ابن كثيريذكر ابن كثير في كتابه ما رواه ابن جرير الطبري في تأويل قول الله تعالى: “و لقد همت به و هم بها” ما رواه اهل السلف و هم ابن عباس و مجاهد و سعيد بن جبير من حديث ابي هريرة ان النبي صلى الله عليه و سلم قال: “يقول الله تعالى: إذا هم عبدي بحسنة فاكتبوها له حسنة فإن عملها فاكتبوها له بعشر أمثالها و إن هم بسيئة فلم يعملها فاكتبوها حسنة فإنما تركها من جرائي فإن عملها فاكتبوها بمثلها”، و يقال أنه في آية و لقد همت به و هم بها يقصد أن نبي الله يوسف رضي الله عنه قد تمنى أن تكون امراة العزيز زوجة له.و قيل في ذلك أيضا ان يوسف عليه السلام قد هم بها فلما رأى برهان ربه تراجع عن ذلك، و في تفسير معنى برهان ربه فتوجد أقوال كثيرة، فعن ابن عباس و سعيد و مجاهد و سعيد بن جبير و محمد بن سيرين و الحسن و قتادة و أبي صالح و الضحاك و محمد بن إسحاق و غيرهم أن يوسف عليه السلام راى أمامه صورة أبيه نبي الله يعقوب عليه السلام و هو عاض على إحد أصابعه في فمه، و في رواية أخرى عن ابن عباس أيضا أن يوسف قد رأى خيال الملك يعني سيده، و توجد رواية ثالثة أن يوسف عليه السلام قد رفع رأسه إلى سقف حجرة امرأة العزيز، و رأى مكتوبا على سقف الغرفة آية: “لا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة و مقتا و ساء سبيلا”. و قد قال ابن جرير أن الأغلب هو أنه رأى آية من آيات الله تزجره عما كان قد هم بفعله، و لا توجد حجه قاطعة على تعيين شيء من ذلك فالصواب أن يطلق كما قال الله تعالى، و قوله ” كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء ” أي كما أريناه برهانا صرفه عما كان فيه كذلك نقيه السوء و الفحشاء في جميع أموره.تفسير الطبريروى الطبري في كتابه قول أبو جعفر أن امرأة العزيز لما همت بيوسف و أرادت أن تراوده عن نفسه، جعلت تذكر له محاسن نفسه و تشوقه إليها، و يروى أنها قالت له: يا يوسف، ما أحسن شعرك! قال: هو أول ما ينتثر من جسدي . قالت: يا يوسف، ما أحسن وجهك ! قال: هو للتراب يأكله . فلم تزل حتى أطمعته، فهمت به و هم بها، فدخلا البيت، و غلقت الأبواب، فإذا هو يرى أمامه صورة يعقوب في البيت و هو يعض على إصبعه، و يقول له: “يا يوسف لا تواقعها فإنما مثلك ما لم تواقعها مثل الطير في جو السماء لا يطاق، و مثلك إذا واقعتها مثله إذا مات و وقع إلى الأرض لا يستطع أن يدفع عن نفسه، و مثلك ما لم تواقعها مثل الثور الصعب الذي لا يُعمل عليه، و مثلك إن واقعتها مثل الثور حين يموت فيدخل النَّمل في أصل قرنيه لا يستطيع أن يدفع عن نفسه”، فتراجع يوسف و ذهب ليخرج من حجرتها، فأدركته، و أخذت بمؤخر قميصه من خلفه فخرقته، حتى أخرجته منه وسقط , وطرحه يوسف واشتدَّ نحو الباب.