اطرقي أبواب السعادة
يقول ابن القيم رحمه الله تعالى: "من أدمن قرع الباب يوشك أن يُفتح له"..
ولكننا كثيرًا ما نطرق الأبواب الخطأ، نطرق أبواب الهم، نترك أنفسنا للأحزان والشكوك، نتوقع السوء والمصائب، ونظن أننا بهذا واقعيين، وأن التفاؤل والطمأنينة حالة وردية واهمة.. رغم أن رب العباد ومقدر الأقدار يقول: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَالله يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَالله وَاسِعٌ عَلِيمٌ}البقرة: 268.. فكل تهديد بالفقر هو شيطاني في الأساس.
ويقول عز من قائل: {إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين}. آل عمران: 175.. فالخوف الذي يجزع منه القلب، ويهجم على العقل فيسد منافذ المنطق والهدوء هو شيطاني.
كثير من النساء تربين منذ نعومة أظفارهن على أن البهجة والتفاؤل والشغل بأمور سعيدة غير لائق، وأن الشخص المتفائل هو عرضة للسخرية، بينما المتشائم المتوجس المائل للحزن هو العميق الرزين العاقل، تعودن على الاسترسال مع الغموم والأفكار السلبية، فيجدن أنفسهن مندفعات نحو أي فكرة تنغص عيشهن، بينما يصعب عليهن السرور وإدراك السعادة.
وفي قاموس الأفكار والأمثال الموروثة حشد من الكلمات الموغلة في الهم والشك، فالرجل إن كان زوجًا فإنه غير مأمون الجانب، ولا تأمن غدره إلا امرأة بلهاء، وإن كان ابنًا فإن تربيتها وحبها له لا طائل من ورائها، لأنها إنما تربه لأخرى غائبة سرعان ما ستأتي وتخطفه منها، وإن كان أخًا فإن كل حب واحترام وصداقة بينهما ستتلاشى بزواجه، فالأخ إنما هو أخ لامرأته كما يزعمون.. نعم قاموس الأفكار الموروثة البعيدة عن هُدى الإسلام وعن البصيرة والفطرة مليء بالتشوه.
وإليكِ خصيصًا أيتها الزوجة.. لن ألقي عليك نصائح ولا أفكار، وإنما أطرح سؤالا بسيطًا يحتاج إجابة مباشرة وصادقة:
أي الأبواب تطرقين؟..
هل تطرقين باب السعادة؟.. هل تطرقين باب الثقة؟.. هل تطرقين باب العطاء والاحترام؟
أم تطرقين باب الهم والشك والنكد؟..
الباب الذي تدمنين على قرعه سيُفتح لك.
وكثيرًا ما أسمع من تقول: أسعى للحب ولا أجده.. أمنح الثقة لكنه يصر على خيانتها، لا أبحث عن المصائب لكنها تقع علي..
ولهؤلاء أقول: الأمر يبدأ من داخلك أنتِ.. من قلبك.. من عقلك.. من يقينك بالله، وطمأنينك به، وتوقعك الخير والنصر والفرج منه.
اطرقي كل يوم باب الذكر، باب الاستغفار، باب المناجاة.
اطرقي عشرات الأبواب وستفتح لك..
اطرقي أبواب تعلم مهارات جديدة لنفسك.. وستجدين أثرها في ثقتك وراحتك، وسيمتدذلك إلى زواجك أيضًا.
اطرقي أبواب علاقات جديدة ناجحة، صداقات وبر وخير، وستجدين أن الحياة أوسع من دوائر الشكوك المفرغة في رأسك.
اطرقي أبواب التعافي والحركة والنشاط والعمل وستجدين أن أبواب المرض والعجز والكسل قد أغلقت.
في كل يوم تفتحين فيه عيناكِ وتحمدين ربك أن عافاك في بدنك ورد عليك روحك وأذن لك بذكره، فكري أي الأبواب ستطرقين هذا اليوم:
هل ستطرقين أبواب الماضي وتتجرعين أحزانه فيسطير على حاضرك وغدك؟
أم ستتطرقين أبواب السعادة والعمل والعطاء والثقة؟..
أ - مى عباس حفظها الله
مواقع النشر