..........................

أخي الحبيب !! لعل مما أجاد به الشيطان وأعوانه أن أوجدوا في أنفسنا اليأس من إصلاح الوضع ،، بل ذهب بعضنا إلى إغفال جانب التوبة متناسين بأن التوبة واجبة علينا حكاماً ومحكومين ، وأن العبد متى ما تاب ، تاب الله عليه .

نعم ، إن موجة اليأس التي اجتاحت بعض القلوب تتحمل الدولة جزءاً كبيراً منها ؛ ففتح باب الحوار وإشغال وقت الشباب بالمفيد ، والأخذ على أيدي السفهاء من المنافقين والشهوانيين وتبني قضايا الأمة ومجانبة الكفار وتمكين العلماء من دورهم في التوجيه ، أمورٌ كان ينبغي على الدولة أن تأخذ بها ، وتفريطها في هذا أو بعضه أورث ما نشاهد من غلو وإفراط ..

و في المقابل نتحمل نحن جزءاً أيضاً ؛ فإن كانت الدولة ظلمت وسمعت أصوات المندسين الذين أرادوا الكيد بهذا البلد ، فنحن في المقابل أخطأنا إذ لم نبين لولاة الأمر حرصنا على بلادنا وسلامته ، وأن الإصلاح خير معين بعد الله تعالى في استدامة الأمن ودوام الحكم . ثم إننا أسأنا الظن في كل أمر يصدر عن الدولة ، وتخلينا عن النصح لولاة الأمر والدعاء لهم بالتوفيق .

كل منا مخطئ ، والحكمة والمصلحة ضالتنا أجمعين ، فلا بد من سماع صوت العقل بلا إفراط ولا تفريط ، ولا بد أن لا تنقطع شعرة معاوية فيما بيننا ..
وإني آمل منك أن تتأمل معي من يقوم بحركة الإصلاح الآن .. ألا ترى أنهم يكملون دورهم الذي كانوا عليه قبل عشر سنوات ؟ ، يوم أن وقع عليهم الظلم وسجنوا وضيق عليهم .

ولعلك تتفق معي بأن إخراجهم من السجن لم يكن في وقت الضغوط والاستحقاقات الحالية بعد أحداث أمريكا . أولئك قد قاسوا المر من الدولة يوم أن ضيقت عليهم ، وها هم اليوم يتعاونون معها ، أتراهم يلدغون من جحر مرتين ؟ من وجهة نظري : لا . والذي أراه بأن أمر البلد يهمنا كلنا بكافة طبقاتنا وفئاتنا حكاماً ومحكومين ، علماء وعامة ،، وإن من أخطر ما يمكن أن يواجهنا أن نقسم المجتمع إلى حكام همهم الحكم والحكم فقط ، وشعب يعاني الظلم وينتظر الفرج من الخارج !!
هذه الصورة الخطيرة التي يراد لنا أن نعتقدها عن مجتمعنا هي مكمن الخطر القادم ، وهي ما يريد أعداؤنا جرنا إليه ..

إن ما أراه أن الدولة جادة في الإصلاح-على اختلاف في وجهات نظر الكبار من صانعي القرار- ، وأنه قد تبين لها من يريد الخير لهذا البلد حكاماً ومحكومين ، ومن يريد غير ذلك .
وعليه ؛ فالذي ينبغي علينا أن نلتف حول علمائنا وولاة الأمر ، وأن نوجه سفينة المجتمع كل فيما يعنيه ...

قدمت قبلاً بأن مشروع الإصلاح يهمنا كلنا صغاراً وكباراً ، وعليه فلكل منا دوره في الإصلاح ، ينبغي عليه وجوباً أن يسعى فيه بجهده . المسائل الكبار بيد الكبار علماء وولاة ، و كل منا راع ومسؤول عن رعيته ،،
وتتدرج مسؤولية كل بحسبه .. الأب والأم ، المعلم وإمام المسجد وطالب العلم في تعلمه .. وهكذا ..
فأنت أخي مسؤول عن أسرتك وأولادك ، ومسؤول عمن حولك دعوة وتعليماً ، ومسؤول عن البرامج الدعوية والتعليمية والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، واللهُ تعالى سيسألك عنها وهي في وسعك وطاقتك ، فلا تشغل نفسك بالقضايا الكبار والتي لها أهلها ، إلا بأن تبذل رأيك ونصيحتك لعلمائنا وولاة أمرنا .

بقي لي معك في آخر هذه الرسالة الوقفة التالية :
أرى أن من مكاسب العلمانيين ودعاة التغريب أن صوروا لنا أنهم هم صوت الدولة ؛ ولذا حينما يقفز دعي في صحيفة يبث سموم فكره العفن ، أو يستغل آخر منصبه ليروج لأفكار التغريب الهدامة ،، تتجه أنظارنا إلى أن هؤلاء هم الدولة ، وهم صوت ولاة الأمر . وحينها يتمكن الشيطان من بث اليأس في نفوسنا ؛ بدعوى استشراء الفساد وتبني الدولة لخط التغريب ، وأنه لا أمل في الإصلاح .

صدر قرار تدريس اللغة الإنجليزية في المدارس الابتدائية ، وكانت ردة الفعل استياء عاماً ، ولكننا حيال ذلك افترقنا في تحديد الخطوة القادمة ، فحيث هرع المصلحون إلى تنبيه صاحب القرار إلى ما في القرار من خطورة ، قام كثير منا إلى لطم الخدود وشق الجيوب والكلام والتنابز والحديث عن الفساد والإفساد ....الخ ،،
ومن ثم أثمرت لغة النصح والتوجيه أن تراجع صانع القرار عن قراره . وهذا مكسب نحمد الله تعالى عليه . ولكن ما الذي استفدناه ممن لطم الخدود وشق الجيوب ؟!!
إن البناء صعب ،، ولكنه بتوفيق الله وإخلاص النية له تعالى واتباع الأثر يسير ،، وإنه ليسير على من يسره الله عليه .
تذكر أخي دائماً قول لقمان لابنه : { يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور } ،، (واصبر على ما أصابك) ، والمصيبة قد تكون في ضراء أو سراء ..

أسأل الله تعالى أن يوفقني وإياك لصالح القول والعمل ، وأن يجنبنا الآثام والشرور ، وأن يحفظ علينا إيماننا وأمننا ، وأن يلهم ولاة أمرنا وعلماءنا وعامتنا رشدنا ، إنه سميع قريب مجيب ،
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..

أخوك
.....