يستهوي التخييم في الصحراء الإماراتيين في هذا الوقت من كل عام، على الرغم من الطفرة الاقتصادية والعمرانية، وتوافر أماكن التسلية والترفيه داخل المدن الساحلية.ويزيد الإقبال على التخييم في البر بين شهري نوفمبر ومارس، إذ تعتدل درجة الحرارة، ما يغري الأسر المواطنة والشباب بالخروج إلى البر والتخييم أياماً عدة، بينما يفضل الإماراتيون قضاء شهور الصيف على شاطئ البحر مع ارتفاع درجة الحرارة التي تصل أحياناً إلى 40 درجة مئوية.
وحول فكرة إنشاء المخيم يقول المنصوري، إنه أحد المشروعات المدعومة من صندوق خليفة لدعم وتطوير المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
ويضيف «طرحت على الصندوق عام 2007 فكرة إنشاء مخيم سياحي تراثي، يعكس تراث الإمارات، ويبرز العادات والتقاليد، وأنشأنا المخيم عام 2009». وعن مدى إقبال السياح على المخيم يقول المنصوري، انه جيد من جميع الجنسيات، وقد ساعد موقعه بين مدينتي أبوظبي والعين على ذلك، مشيراً إلى أن مردوده المادي جيد.يقول رئيس مجلس إدارة مخيم عيون البادية للسياحة بمنطقة الخزنة مطر علي المنصوري، إن «صحراء الإمارات كنوز طبيعية وتراثية متميزة، تحكي قصة الإنسان الإماراتي وتكيفه مع الطبيعة الصحراوية القاسية التي ألفها بخبرته الطويلة، واستطاع عبر الزمن أن يتكيف مع العيش بين أحضانها». وأشار إلى أن كثيراً من الأماكن الصحراوية تعد مصدر جذب سياحياً فريداً، ومقصداً مهماً للأفواج السياحية ورواد المغامرة ومحبي الاستكشاف الذين تستهويهم البيئة الصحراوية، وما تحتويه من مقومات سياحية فريدة، إذ تعد هذه الرمال مقصداً سنوياً للكثيرين ممن يعشقون حياة الصحراء بسكونها وهوائها العليل وتنوع مفردات الطبيعة والتراث وكرم أهلها.وأضاف: «يعيش السياح يوماً ممتعاً مع البدو، يحتسون القهوة المحلية ويأكلون التمر، ويتناولون وجبات خفيفة، تُصنع خصوصاً في أثناء استقبال الزوار والضيوف، كما يتم خلال الزيارات شراء التذكارات، ويحرص السياح على ركوب الجمال، ومشاهدة الهجن الأصيلة والخيول، والتعرف إلى فنون وتقاليد البادية، والتقاط الصور النادرة عن حياة الصحراء وجمالها الفريد».وتابع: «تعتبر المناطق الرملية في الإمارات ذات طبيعة خلابة وسحر خاص، فهي تنفرد بوجود أنواع فريدة من الأشجار البرية والحيوانات والطيور، وتعد موطناً للعديد من الأنواع النادرة التي تأقلمت في عيشها مع قسوة الصحراء، كما تمثل حياة البساطة في البادية، التي لايزال البدوي يحافظ عليها إلى يومنا هذا، ويحرص السائح الأجنبي على زيارة التجمعات البدوية والتقاء السكان من أبناء البادية الذين لايزالون يحافظون على العديد من أنماط الحياة التقليدية المتوارثة، والتعرف إلى نمط حياتهم، وكيفية العيش في هذه الصحراء المترامية الأطراف». وأشار إلى أن السياح يستمتعون كذلك بالعروض الحية للقنص بالصقور، وعروض الكلاب السلوقية، إضافة إلى الإقامة داخل بيوت الشعر التراثية، وتذوق الأكلات الشعبية.
عادة قديمة:
المواطن علي بن سالم بن رشيد، من منطقة البطايح في الشارقة، يرى أن التخييم يعتبر عادة سنوية قديمة، يمارسها المواطنون في فصل الشتاء، وهو موسم سنوي من العادات والتقاليد، إذ يلجأ المواطنون إلى نصب الخيام، واستذكار حياة الأجداد الذين عاش الكثير منهم بالطريقة نفسها، مع الفرق في متطلبات التخييم الحالية، والذي أصبح مجرد ترف معيشي، بعدما كان مسكناً رئيساً لكثير من المواطنين في السابق.وأضاف أن «التخييم الآن لم يعد بأدوات بدائية كما كان في السابق، بل تحولت الخيام إلى أشباه منازل مكتملة في وسط الصحراء، حيث تزود بأجهزة التلفاز وباتصال بالأقمار الاصطناعية، ومختلف وسائل الترفيه، إذ إن بعضها مزود بكماليات أكثر من الفلل، إضافة إلى توافر أفران الغاز للطبخ وغيرها من الأجهزة المنزلية الإلكترونية».وعن عادة التخييم قديماً، يقول إن «الأرض في البادية تحيا (تخضر) بعد سقوط المطر، ويأتي الحضر ليجاوروا البدو، وهذا ما ورد في بيت شعر للشاعر الماجدي بن ظاهر يقول فيه: (تي الحضر فيها ما تهاب.. بنوا فيها من سمر وحمر وما بنوها بالتغابي)». وذكر أن من أشهر أماكن التخييم في الشارقة وادي العيصية ووادي تاهل والمسند وبالوحوش وطوي حسين، نسبة لحسين بن لوتاه، وجميعها آبار ماء، وحالياً جميعها تشكل منطقة البطايح، مشيراً إلى المناطق الأخرى التي تشتهر بالتخييم في الشارقة، مثل البيادر والقطاة والزبير.بدوره، يقول عبدالله المزروعي من الفجيرة «كان الناس يخيمون بين الشتاء والصيف، ويقضون أسبوعاً في التخييم، حيث تجتمع كل أسرة في خيمتها، ويتوجهون إلى المزارع القريبة لاقتناء الخضراوات، مثل الرويد (الفجل) والفندال (البطاطا الحلوة) والحماض (نوع من النباتات المحلية)» .وذكر أن من أشهر المناطق التي يخيم فيها الاهالي دبا والبدية وشرم والعقة والرول وآخر دبا، أما أهل الجبال فكانوا يخيمون في الجبال، ومن أشهر المناطق الجبلية التي يخيمون فيها البثنة والسيجي والغيل.
منتجعات صحراوية
يقول المواطن سلطان بن علي الخاطري من رأس الخيمة، إن «التخييم ظاهرة حديثة، مارسها جيل الحاضر بطريقتهم الخاصة، على الرغم من أنها كانت موجودة في الماضي سلوكاً فطرياً، حيث كان التخييم يقتصر على طلعات القنص، إذ يخيم الناس للمقناص، كلٌ في منطقته، وكان الشيوخ أكثر من يقوم بطلعات البر من أجل ممارسة القنص، إذ يختارون منطقة معينة، وينصبون خيامهم فيها طوال فترة القنص كمعسكر لهم يقيمون فيه، ويستقبلون ضيوفهم من المواطنين».وأشار إلى أن ظاهرة التخييم لم تظهر إلا حديثاً مع بداية الاتحاد، إذ اشتهرت مناطق الحمرانية والساعدي والمزرع وعوافي وأم الخايوص كأماكن للتخييم.ويضيف: «الإقبال الشديد على التخييم في وقتنا الحاضر أدى إلى ظهور منتجعات صحراوية متخصصة، تتوافر فيها كل سبل الراحة والرفاهية وسط الصحراء».المواطن علي بن محمد المزروعي من ليوا يقول: «لا يعرف التخييم في الماضي إلا البدو، إذ يشدون الرحال سعياً وراء العشب، وإذا وجدوه في منطقة ما خيموا بالقرب من آبار الماء، يروون ويسقون ماشيتهم، أما الآن فيقبل جيل الشباب على التخييم، خصوصاً أيام الإجازات في منطقة الطوي غرب بدع زايد ناحية الشمال، وكثير منهم يذهب للتخييم في الإمارات الشمالية، خصوصاً في منطقة عوافي برأس الخيمة».ويقول جون فيليب من بريطانيا، الذي التقته «وام» في منطقة الخزنة «أتمنى أن أقوم برحلة تستمر أياماً عدة في صحراء الإمارات، فقد شاهدت صوراً جميلة لها، وقرأت معلومات عن الرحالة الغربيين الذين زاروها، لكن هذا الأمر يتطلب جهة سياحية تنظم رحلات وبرامج سياحية في الصحراء، خصوصاً في الأجواء الربيعية». ويضيف «المقيمون الأجانب يستغلون أوقات الإجازات ويقومون بجولات صحراوية في هذه الرمال، ما يؤكد أن الإمارات تمتلك مقومات السياحة الصحراوية، وتحتاج إلى دراسات ميدانية وتعاون مع الجهات ذات الخبرة في هذا المجال حتى تستطيع ان تنمو بشكل متوازن من الناحية السياحية والاقتصادية، ويوجد على الجانب الآخر في الصحراء العالم الاجتماعي لسكان البادية في الإمارات بعاداته وتقاليده وتراثه الأصيل، فهو محل اهتمام أبناء الغرب، الذين يصفون الصحراء بوصف جميل، إذ تعرف باسم (سحر الشرق)».
منقول.
مواقع النشر