0$0 وانقضى المولــــــــــــــد 0$0
لا شك أن حب رسول الله صلى الله عليه وسلم أصل ديني، وواجب شرعي، وأن التعبير عن حبه هدي كل مؤمن، لكن هذا التعبير لم يترك دون بيان لئلا يغدو وهو من الدين تشريعات بشرية، فأخبر الله ورسوله عن التعبير الشرعي عن هذا الحب الديني في نصوص عدة تأمر المؤمن بالاتباع وتنهاه عن الابتداع ( قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم )
وقد رأينا فيما مضى من الأيام وما سيأتي على اختلاف في تحديد تاريخ الاحتفال بالمولد النبوي تعبير عن حب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ومع أني لا أشك في صدق محبة من احتفل بالمولد، و حسن قصده، وتعظيمه لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، لكن الاحتفال بمولده لا يعلم له أصل في كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ، ولم ينقل عن أحد من السلف الصالح في القرون الثلاثة الفاضلة ،
وأول من أحدثه بالقاهرة الخلفاء الفاطميون في القرن الرابع على اتفاق بين المؤرخين في ذلك، وأولهم المعز لدين الله، فهل نحن مأمورون بأخذ الدين عن الفاطميين أم بلزوم هدي رسول الله وصحابته وتابعيهم؟ لأن حبهم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصدق، وتعظيمهم له أظهر، أو لا يسعنا ماوسع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصحبه رضوان الله عنهم .
ثم إذا نظرنا إلى الموضوع من الناحية التاريخية نجد اختلاف المؤرخين وأهل السير في الشهر الذي ولد فيه، والجمهور على أنه في ربيع الأول، ثم اختلفوا في تحديد تاريخ مولده على سبعة أقوال، مما حدا بصاحب إربل أن ينوع الاحتفال بالمولد في كل سنة مراعاة لهذا الاختلاف، فهل يحتفل بيوم موضع خلاف لا اتفاق؟
بل ومن المفارقات العجيبة أن من يحتفل بالمولد في 12 من ربيع الأول سيجد نفسه أنه احتفل بعين التاريخ الذي توفي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد نبه إلى هذا ابن الحاج المالكي، والفاكهاني فكيف يجمع بين حزن وفرح ومصيبة ونعمة ؟
ومن الملاحظ أن انتشار الاحتفال بالمولد بين المسلمين كان في البلاد التي جاور فيها المسلمون النصارى كمافي مصر وبلاد الشام ، و من عادة النصارى الاحتفاال بميلاد المسيح ، وقد أمرنا بمخالفة أهل الشرك ، فكيف أصبحنا نشابههم في عقائدهم ؟ والمتابع لهذا الاحتفال يجد أوله قراءة وإنشاد وآخره خرافة ورقص ، وقد ذم الله من كانت حاله كذلك فقال ( وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية ) و المطالع لكتب المولد النبوي يجدها ملأى بالموضوعات، والمبالغات، والغلو في ذات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي نهانا عن الغلو فقال ( لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم ، فإنما أنا عبد فقولوا عبد الله ورسوله ) وللاحتفال بالمولد عند البعض طقوس لا يشك العاقل أنها ليست من الدين في شئ كقيام المحتفلين بعد قراءة الورد زاعمين أن الر سول - صلى الله عليه وسلم - يدخل عليهم في هذه اللحظة، ومدهم الأيادي للسلام عليه، وتهيئة المكان في صدر المجلس ليتحفهم بالجلوس فيه، ثم يبدأ الذكر القائم على هز الرأس والجسم مترنحين ذات اليمين والشمال، متعبدين إلى الله بالرقص والغناء، فأي خرافة هذه التي تحدو بأصحاب الفطر السليمة فضلا عن المتعلمين إلى إنكارها ، ورفضها .
إن الفرح بمولد رسول الله - صلى الله علبه وسلم - لا يقتصر على يوم واحد، فقدره أعظم من فرح يوم، لأن كل لحظة من لحظات المؤمن فرح برسوله - صلى الله عليه وسلم - وترجمة لمحبته من خلال لزوم هديه، وذكره صلى الله عليه وسلم يتجدد مع صوت كل مؤذن وإقامة كل صلاة وختم كل دعاء وورد كل صباح ومساء وعند ذكر اسمه الشريف صلى الله عليه وسلم ، وقراءة سيرته لاتكون وقفا ليوم لأن على المؤمن أن يعيش مع السيرة ويدرس الحديث النبوي في كافة أوقاته .
د. نوال العيد - وفقها الله ونفع بها -
مواقع النشر