كيف تتلذذين بالقيام ؟
لما كان قيام الليل والتهجد من أشق العبادات ومن أعظمها أجراً،
فإنني جمعت بحمد الله مجموعة من التنبيهات التي تيسر لك القيام،
بل قد تجعلك تقومين وأنت فرحة مسرورة سعيدة،
لا ترى أنك قد أُعطيت من قرة العين وفرحة القلب مثله.
1- تذكري أنك بحضرة الملك:
تذكري وأنت تقومين في الصلاة أنك بحضرة الملك الذي تناجيه ويناجيك،ويذكرك حال ذكرك له،
فإن الله سبحانه وتعالى قد قسم الصلاة بينه وبين عبده،
فإذا قال العبد: الحمد لله رب العالمين،
قال تعالى: حمدني عبدي،
وإذا قال: الرحمن الرحيم، قال: أثنى عليّ عبدي،
وإذا قال: مالك يوم الدين،قال: مجدني عبدي،
وإذا قال: إياك نعبد وإياك نستعين،
قال: هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل،
وإذا قال: اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهمغير المغضوب عليهم ولا الضالين:
قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل.
وتذكري أنك عندما تذكرين الله في نفسك فإن الله يذكرك في نفسه،
وتذكري أنك أقرب ما تكوني من الله عندما تكوني ساجدة،
وإذا تذكرت ذلك كله علمت أنك في مقام القرب،
ومن كان في مقام القرب تنزلت عليه الرحمات والبركات.
فأي سعادة هذه لمن يستشعر هذا الشعور؟!
2- الصلاة أحسن عملك:
لا عمل للإنسان قط أشرف وأنفع من الصلاة،
فأما عمل الدنيا فركعتان يركعهما العبد خير له من الدنيا كلها وما فيها
وهذه على الحقيقة واليقين فقدري
أنك لو كنت في عمل دنيوي
يدر عليك ألف ألف مليوناً في عشر دقائق،
فإنك بصلاة ركعتين قد حزت أكبر من ذلك وأفضل
آلاف الآلاف من المرات ولتكوني موقنة بذلك.
وأما عمل الآخرة فالصلاة أفضل العمل لقوله صلوات الله عليه وسلم:
«الصلاة خير موضوع»
[حسنه الألباني].
3- اتعبي في الصلاة.. فالنصب مقصود:
النصب في الصلاة مقصود ومحبوب للرب
فانصبي في صلاتك:
طولَ قيامٍ، وطولَ ركوعٍ وسجود..
فإن الله لما أمر رسوله وأصحابه بقيام الليل
قال لهم: {إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً * إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْءاً وَأَقْوَمُ قِيلاً}.
.. [المزمل: 5-6].
فالتهجد وترك النوم ثقيل على النفس والقيام الطويل متعب،
ولكن اعلمي أن هذا مقصود ومحبوب عند الله تعالى.
فلتحبي ما يحب الله
وقد قال الله لرسوله: {فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ}...
[الشرح: 7]
أي إذا فرغت من عمل الدنيا فانصب في العبادة والنصب هو (التعب)
ومن أجل ذلك قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تفطرت قدماه.
4- إذا نصبت في الصلاة فاذكري الأسوة:
إذا نصبت في صلاتك فتذكري رسول الله الذي كان يقوم حتى تتفطر قدماه،
وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر،
وتذكري قيام الصحابة والسلف الصالح فقد أتوا في هذا الباب من العجائب،
فكان منهم من يقرأ القرآن كله في ثلاث ليال فقط ويعيش على ذلك عمره كله
ومن يختم في سبع، ومن يختم في عشر...
وكانوا كما قال تعالى: {كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ}...
[الذاريات: 17].
وقال سبحانه وتعالى أيضاً
{تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعا}
... [السجدة: 16].
5- تفكري فيما تقولين:
يجب أن تصلي وأنت حاضرة القلب تفكري فيما تقولين وتتدبري ما تقرئين من القرآن،
وما تسمعين منه،
وكان رسول الله عند قراءته لا تمر عليه آية فيها رحمة إلا وقف عندها وسأل الله،
ولا تمر عليه آية فيها عذاب إلا وقف عندها واستعاذ بالله.
فتدبري معاني التسبيح والتحميد والتكبير
وكلمات تعظيم الرب وتمجيده وذكره.
6- أكثري من الطلب والدعاء:
أنت بحضرة الملك وتناجين الرب
الذي لا ينقصه عطاء ولا يثقله دعاء،
والذي كلما سألته ازددت منه قرباً، ولك حباً
فادعي متضرعة راجية حاضرة القلب موقنة بالإجابة.
7- لا تنتظري آخر السورة ومتى يركع الإمام:
عيشي مع القراءة، واحيي مع القرآن،
وتدبري ما تقرئين أو تسمعين،
وعند ذلك يسهل عليك الصلاة ولو بقيت الليل كله
ولا تنتظري آخر السورةأو حتى يركع الإمام
فإنك إن فعلت ذلك ثقلت عليك الصلاة.
8- لا تلتفتي إلى شيء خارج الصلاة:
فرغي قلبك من شغل الدنيا، ومن كل شيء سوى الصلاة
واشتغلي وأنت في الصلاة بالصلاة وحدها،
وكلما نزعك الشيطان من الصلاة إلى شيء خارجها
فذكرك أمراً ما فاستعيذي بالله من الشيطان وعودي إلى صلاتك ثانية.
وجاهدي نفسك في هذا جهاداً
فإن الشيطان حريص كل الحرص أن يشوش عليك صلاتك ويذكرك ما لم تكوني تذكريه ويأخذك بعيداً عنها.
9- طهري فاك.. ونظفي ثيابك.. وتعطري.. وخذي أحسن زينتك(في البيت)
لا تأتي صلاة الليل إلا وأنت في أكمل الزينة،
وأتم الطهارة والنظافة وأطيب رائحة تقدر عليها،
بدءاً بتنظيف الفم بالسواك أو ما يقوم مقامه من فرشاة ومعجون،
وإياك أن تصلي بفم ينبعث منه رائحة كريهة
فإنك بهذا تؤذين وتؤذي الملائكة التي تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم.
وبهذا تكون محل السخط لا محل الرضا والقبول.
وخذي أحسن ما عندك من الثياب،
وقد كان السلف يحتفظون بأفضل ما يقدرون عليه
من الثياب لقيام العشر من رمضان.
وتطيبي بأحسن ما قدرت عليه من الطيب،
-في البيت وليس في المسجد-
واعلمي أن هذا كله محبوب لله، محبوب لملائكته،
والله نظيف يحب النظافة طيب لا يقبل إلا طيباً.
وأعلمي أن الاغتسال ونظافة الفم والثياب والطيب
يشرح النفس ويبعث النشاط
وبالتالي يسهل عليك الصلاة ويطيب لك القيام.
10- لا تصلي وأنت حاقنة أو حاقبة
أو جائعة تشتهى الطعام أو ناعسة يغلبك النوم:
لا تأت الصلاة وهناك ما يشوش ذهنك ويصرف فكرك،
وأعظم ما يشوش الذهن ويذهب الفكر
أن تكون حاقنة. يدافعك البول،
أو حاقبة، تدافعين الغائط.
أو جائعة بحضرة طعام تشتهيه،
وقد قال صلى الله عليه وسلم:
«لا صلاة بحضرة طعام، ولا وهو يدافعه الأخبثان»
[صححه الألباني]
والأخبثان هما البول والغائط....
فيستحسن أن تستعدي لصلاة القيام
بالفراغ التام مما يشوش ذهنك،
وبأن تتناولي شيئاً من طعام يقيتك ولا يثقلك،
وقد أخذت قسطاً من النوم استعداداً للقيام،
واحتسبي نومتك كما تحتسبين قومتك.
يتبع
مواقع النشر