******************************
كنا نجلس مرتدين عبائاتنا ننتظر وصول ابن خالتى ليعيدنا إلى المنزل لتأتى السيدة التى كانت تسئلنى لأمي وأخذتها جانباً وهى تتحدث معها لتنفجر فجئة أمى ضاحكة وهى تتحدث معها واحمرت السيدة خجلاً وذهبت.
خالتى: من هذه؟
أمي: أظنها تربطها قرابة بأم جنان فقد رأيتها أكثر من مرة في بيتها.
خالتى: وماذا تريد ولماذا ضحكتى هكذا لقد لفتى نظر الناس نحوكم!
أمي: لن تصدقي انها تسئلنى عن أريج تريد خطبتها.
وغرقت امى وخالتى فى موجة من الضحك وأنا كنت كم كان فى قمة جبل ودفع به نحو وادى سحيق وتهشمت عظامه كنت أنظر إلى اريج التى كانت مذهولاً هي الاخرى وتقول: يالها من حمقاء! لازلت صغيرة هل أخبرتها أن نتائج الصف الاول الثانوي لم تظهر بعد؟ . وضحكت أريج .
لم أستطع تصديق الامر تريد خطبة أريج؟ معقول ! إنها طفلة!!!
لأول مره أنظر نحو أختى أريج كمنافسة لى تأملتها وأطلت النظر إليها أريج بيضاء البشرة تشبهنى في تقاسيم الوجه لكن تقاسيمها اصغر رشيقة وممشوقة القوام . يالله لقد كبرت أريج اى شخص لايعرفها سيظنها انهت الثانوية العامة
هل من المعقول أن تتزوج أريج قبلي وهى أختى التى تصغرنى ب 7 سنوات!
لم أستطع النوم ليلتها فقد أحسست أن أجزائي قد تكسرت .
************************************************** **
انتهت المرحلة الجامعية ..تخرجنا .. وسمر أنجبت طفلة جميلة .. وجنان سافرت فزوجها مغترب في بلادٍ أخرى وأسيل لازالت كما عهدناها تستقبل الخطاب أسبوعيا وفي كل مرة يرفض خاطب لسبب ما وبقيت أنا وسوسن على تواصل و مع بقائي في المنزل لأشهر طويله كنت أخوض حربا مع نفسي خوفا من أن يزيد وزنى وتضيع كل فرصى في أن أكون زوجة والاهم بالنسبة لى أن اكون أما. كنت كلما نقصت عدة كيلو جرامات أرجعتها بلمح البصر ولازلت أصارع وفي كل مناسبة يجب أن اكون مع الحاضرين لعل نصيبى يكون موجودا في أحدها .
انقضت عدة أشهر وأنا علاقتى بسوسن يصيبها البرود كنت كثيرة الاتصال عليها و السؤال عنها وهى تعلل بانشغالها لتحضيرات زفاف أخيها وكنت من المستحيل أن يراودنى أى شك في أن سوسن قد تكذب.
*******************************
كنت أجلس أمام التلفاز أتنقل بين القنوات بملل لتفتح أمى الباب و وجهها ينطق فرحا لأقول لها: شاركينى الفرح
أمى : لقد تمت خطبة مجاهد لنادرة
صرخت فيها : نادرة ! نادرة خطبت لمجاهد؟ لماذا ؟
تعجبت أمى من ردة فعلى : ماهو الذى لماذا؟
تلعثمت : لا اقصد لماذا بل اقصد اننى أعنى . وانفعلت: ماذا وجدت خالتى فيها إنها ليست جميلة
من هى التى ليست جميلة . أطلقت أريج السؤال وهى تجلس معنا
أنا : لقد خطبت نادرة لمجاهد ابن خالتى
عقدت أريج حاجبيها وهى تقول: نادرة لمجاهد! شتان بين الثرى و الثريا
أنا بانفعال: أرأيتى حتى أريج توافقنى الرأى
ترددت أمى وقالت : أنا أيضا تعجبت من إختيارها صراحة لكن هى أخبرتنى أن مجاهد طلب منها أن تكون عروسه بيضاء و ليست رشيقة بل طلب أن تكون في أشد حالات النحافة لأن أصدقائه أخبروه أن نسائهم بعد الزواج أصبحن مثل الابقار.
ضحكت أريج كثيرا على التشبيه وأنا انفجرت : وخالتى كيف توافقه على ذلك نادرة لاتملك من الجمال شيئا فقط لديها بياض ناصع ولكن لاجمال لديها
أمى : وانا مادخلى هو العريس وهى أمه وهم أحرار في اختياراتهم.
انصرفت أمى لتبدل ملابسها وأنا انقلب كيانى : هكذا ياخالتى؟ أنا أجمل من نادرة بكثير ورغم هذا لم أكن اختيارك لماذا ؟.
***********************
حملتى هاتفى لأتصل بسوسن فأنا في أمس الحاجة لها لكنها لم تجب على اتصالى وبمجرد أن انتهى الهاتف من الرنين وصلتنى رسالة منها : سأتصل بك لاحقا , شكرا
منذ أن صادقتنى سوسن منذ أكثر من خمسة عشر عاما لم يصدف أن اتصلت بها ولم تجبنى لقد كانت مرة عند طبيب الاسنان واجابت على اتصالى ماذا يحدث؟
****************************************
فى المساء كان الجميع فى بيت خالتى للمباركة بمناسبة الخطبة وهناك فاجئتنى ابنة خالى أمل بسؤالها: هل تم تحديد موعد زواج سوسن ؟
ضحكت وانا اقول لها: أجل الخميس القادم واحضري معك العريس
تفاجئت امل وقالت لى بذهول: هل تمزحين ألا تعلمين أن سوسن قد خطبت؟
أنا ولازلت اضحك : انتى من تمزحين
لكن امل قالت بجدية: اقسم بالله لست امزح لقد خطبت لأخو سمر صديقتكم
تمنيت أن تشق الارض وتبلعنى وأختفى من الوجود لماذا لم تخبرنى سوسن بالامر؟لماذا اخفت عني امر كهذا! وشهقت فى صمت هل تظن أنى قد أغار منها؟ ياإلهى ان كنت اغار من كل فتاة قد تزوجت من المحال انا اغار من سوسن انها اختى قبل ان تكون صديقتى ودون شعورى اخرجت هاتفى من جيبي واتجهت للغرفة الاخرى وانا اتصل بسوسن والح فى الاتصال حتى أتاني صوتها: أهلاً شذى
أنا: هل أنا صديقتك؟
سوسن تعجبتك: ماذا تقصدين؟
أنا: وهل لسؤالى مقاصد؟ هل أنا صديقتك
سوسن: شذى مابك بالطبع أنت صديقتى وأختى قبل هذا
أنا: نعم أنا صديقتك وأختك قبل كل شي وأنا اول من علم بأن سمر تريد خطبتك لأخوها وأنا اول من علم
بموعد زيارتهم لكم ولأنى أختك أخبرتنى حتى بقيمة المهمر . كنت أتحدث معها بانفعال شديد وادمعى تتساقط لقد وضعتنى في موقف لا احسد عليه .
سوسن: شذى الامر ليس كما تظنين كنت سأخبرك بكل شي . متى بعد أن أعرف من الآخرين ؟قاطعتها بجملتى هذه بانفعال شديد
سوسن: شذى غداً سأحضر لمنزلكم و سنتحدث
أغلقت الهاتف فى وجهها دون حتى أن أقول لها فى حفظ الله فقد كنت فى قمة غضبي وقمة انكساري فقد سقطت الاخبار على رأسي كالسيل المندفع وأصباتنى بشرخ فى الرأس يصل للنخاع.
***********************
هذه اللية استسلمت للنوم كيف ولماذا لا ادري! رغم أنى كنت أشتغل من داخلى إلا أن أجفانى استستلمت للنوم وغرقت فى نوم عميق لم أستيقظ إلا وأريج تخبرنى أن سوسن قد حضرت .
قمت بتثاقل وأحس أن رأسي قد كبر حجمه من شدة الالم الذى أحسه فيه.
***********
صدقينى لم أخفى الامر عنك لأنى أظن أنك قد تغاري او تحسدينى اقسم بالله الامر ليس كهذا اخفيت عنك الامر حتى لا اجرح مشاعرك
انفعلت بها : اى مشاعر التى ستجرحينها هل فى خطبة صديقتى شيئ يجرح؟
سوسن: سأجعلك تدخلين فى دوامة التفكير كيف خطبت سوسن وستبدئين مقارنة بينى وبينك
تفاجئت كثيراً من كلام سوسن هل تظننى هكذا؟
أجبتها : سوسن أى مقارنة التى سأقوم بها ؟ أنت صديقتى وحين أعلم بخطبتك سأطيراً فرحاً لأجلك بل سأكون معك خطوة بخطوة في كل تجهيزاتك
سوسن: بصراحه ياشذى انت كنت كلما خطبت واحدة تقومين بهذه المقارنة أصبحت تنظرين أن لا احد يستحق الزواج غيرك وأن من تخطب غيرك لابنها حمقاء ونظرها يحتاج لتعديله
فتحت فمى بذهول وأنا أردد : أنا هكذا؟
سوسن: واكثر أصبحت مهوسة بهذا الامر
لم أجبها بل تركتها وصعدت لغرفتى لتخرج هى من المنزل وكلامها ظل يدور في رأسي هل أصبحت بهذه التفاهة حقا؟ حين كنت اقوم بالمقارنة لم أكن أقصد أن أنقص من شأن أحد لكن كنت اسعى أن أبحث عن القصور في لأكمله.
*************************************
وقطعت سوسن علاقتها بي بشكل غريب رغم أنى حاولت الابقاء على صداقتنا لكنها بترت هذه الصداقة بأسلوب لا أعرفه
مرت عدة أشهر و تزوجت سوسن ورن جرس هاتفى لأجيب على اتصال سمر : أهلا سمر ماهذه القطيعة يافتاة
سمر: اه يا شذى ما احلى أيام العزوبية كنت حرة نفسي لكن الآن كل شيئ بحساب
دعينى من هذه الأمور و أخبرينى أختك أريج تبقى لها سنة واحدة وتكمل الثانوية أليس كذلك؟
أجبتها بحذر: أجل ولكن لماذا؟
سمر: وهل ستقبل امك بتزويجها وجعلها تكمل السنة في بيت زوجها
سئلتها على مضض: ومن الذى يريدها
سمر: اخى محمد وبصراحه كنت أرغب في خطبتكن انتما الاثنتان لكن سوسن أخبرتنى انك لاتريدين الزواج قبل اكمال الماجستير فكان حسان من نصيب سوسن.
أصبت بالذهول أحسست الغرفة تدور بي وأن أسقط على صخور صغيرة تنغرس في أنحاء جسدى .
سمر: هيي شذى أين ذهبتى؟
أنا : من الافضل أن تحدثى أمى مباشرة عن اذنك على أن أنهى المكالمة .
أحسست أنى فقدت ثقتى فى كل شي ولم اعد أرغب في أى شيئ واتسائل لماذا فعلتى هذا ياسوسن؟
**************************************
بعد عدة أشهر حصلت على عمل فى روضة للأطفال أحببت العمل كثيراً وأحببت التواجد مع الاطفال ونسيت موضوع الزواج والامومة ربما لان الاطفال الذى ألقاهم كل صباح ملئو الفراغ الذى يحتوينى؟!.
أصبحت لا ارغب فى الخروج لأى مناسبة فوقتى أثمن من أن أضيعه فى هذه الاشياء كنت أتنقل من دورة لأخرى
واستبدلت الكتب التى تعلو مكتبتى بكتب أكثر قيمة .
وأكملت عاماً فى هذه الروضة وتألقت فيها كثيراً لأنى عشقت العمل بين اروقتها ومع اطفالها
فى الحفل الختامي قمت بدعوة سمر وابن خالتها إلى الحفل لان الاخيرة تريد أن تسجل ابنها فى الروضة.
لم اقف هذا اليوم كثيراً أمام المرآه اكتفيت بجمع شعري ورفعه إلى الاعلى و وضعت شيئاً لايذكر من احمر الشفاه واتجهت لقاعة الحفل.
كنت كثيرة الحركة اتنقل هنا وهناك وارسم على شفتى ابتسامة حين تخبرنى إحداهن أن طفلها او طفلتها لاحديث له الا عني وعن حبه لى .
وصلت سمر وابن خالتها واستقبلتهم بترحاب لتقول سمر: شذى لقد نحفتى نحفتى بشكل كبييير ماذا فعلتى اخبريني فبعد الولادة اصبحت مثل الفيل
ضحكت على تعليقها فآخر مره تسائلت فيها عن وزنى كانت قبل سنة
أجلست سمر وابن خالتها فى الصفوف الامامية واتجهت نحو اطفالى لأضمن استعدادها لتقديم لوحة جميلة
**************************************
في يوم صيفي حار كما اعتدنا في مدينتى كنت أحضر طعام الغداء ليرن هاتفى وأتلقى اتصالاً من صديقتى سمر
:صباحك سكر شذى
أنا: اي صباح هذا الذى سكر لقد دخل وقت الظهر
سمر: لايهم صباح مساء كلها أوقات ربي دعينا فى المهم
أنا: هاتى ماعندك ماذا هناك؟
سمر:سنأتى اليوم ومعنا خالتى وابنتها التى حضرت الحفل هل تذكرينها؟
أنا: اه نعم تذكرتها
سمر: الحمدلله إذاً سنأتى اليوم يرغبون في التعرف عليكم
أنا:هل يمكن تأجيلها لآخر الاسبوع؟ لانى اليوم مرتبطة بدورة مسائية
سمر: اي دورة هذا ؟
أنا: دورة في التنمية البشرية
سمر: اتركى عنك هذا الكلام الفارغ غياب يوم لن ينظر
أنا وعلى مضض: حسناً سأسئل أمي إن لم يكن لديها ارتباطات
سمر: حسناً سأنتظر منك الرد إلى اللقاء.
********************************
تمام السابعة مساءً ...جرس الباب يدق
ذهبت على مضض استقبل سمر وعائلتها فقد أضاعو منى درس اليوم لكنى لم أتوقع أبداً أن تكون سوسن معهم صافحتها بكل برود وهى الاخرى كانت مشاعرها نحو بارده كما كانت قد تغيرت أصبح شكلها كئيبة وكأنها مريضة
كانت خالة سمر تسئل امى اسئلة كثيرة وكأنها تفتح معها تحقيق والعجيب أن أمى كانت تجيب بكل صدر رحب
واخذتنى سوسن جانباً وهى تتحدث معى فقد مرت سنة ونيف لم نتقابل ولم نتحدث .
سوسن: اه يا شذى افضل شيئاً يحدث لك هو أنك غير متزوجة
لم أنطق بل كنت ابتسم ها فقط
سوسن: ان حسان غير الذى يظهر عليه شخص بارد المشاعر المرأة بالنسبة له جاريه لراحته فقط بل وان عصت الجارية له أمراً من حقه أن يعاقبها ويوسعها ضرباً وحين شكوت لأهلى طلبو منى الصبر لانه من المعيب في حقهم أن أعود مطلقه .
اجبتها بكل برود: النصيب ياسوسن
نظرت إلى سوسن واتسعت احداقها من ردي لأكمل: أليس أنت من كان يخبرنى أن النصيب يأتى فجئه دون تدبير ولربما اصحاب هذا النصيب قد لايفهمون سر اجتماعهم ؟ ان حسان ياعزيزتى نصيبك لذا عليك الاحتمال اما اذا لم يكن نصيبك وكان اختيارك فأظن انه عليك تحمل نتائج قراراتك .
وتركتها بكل برود واتجهت حيث كان الكل مجتمع لتتبعنى هي و الدهشة لازالت على وجهها .
حين مغادرتهم منزلنا سمعت خالة سمر تقول لأمى : حسناً سأنتظر منك إتصالاً حتى يأتى الرجال ليتفقو
أمي: إن كان هناك نصيب بإذن الله سيكون هناك اتصال
وغادرو منزلنا لأسئل امي : على ماذا سيتفقون؟
أمى وهى تبتسم بفرح: خالة سمر تريدك لابنها .
أنا وقفت مذهولاً لا اصدق ما أسمع حقاً تريدنى أنا؟ لكنى لست بيضاء؟ لست ممشوقة القوام؟
صعدت إلى غرفتى وانا لازلت أحدث نفسي: لماذا انا! هل رأت فيا شيئاً لم تره خالتى حين خطبت لابنها غيري؟أم أنها وجدت فيا شيئاً لم تجدة تلك السيدة التى كانت تريد خطبة أختى أريج؟
ووقفت امام المرآة أتأمل نفسي يا الله مر عام لم اقف أمام المرآت أتأمل نفسي بدقة صدقة هدى لقد نقص وزني كثيراً
لقد ذهبت آثار الشمس التى كات تصاحبنى طوال ايام الدراسة وارتميت على السرير أنظر لكفى هل حقاً سأرتدي فيه خاتماً! هل حقاً سأبدء مشوار التجهيز والترتيب ؟ شهقت يا إلهي وقد أصبح أم لطفلين بل ثلاث أريد عشره .
وغرقت في نوم لذيذ لم أذقه منذ سنين.
*********************************
بقي شهر واحد فقط على موعد زفافي ولازلت في حيرة من أمرى لا ادرى ماذا أكتب على بطاقة الدعوة كنت لاأريد الأشياء التقليدية المعروفة كنت أريد عبارة مميزة لايهمنى إن وجدها الناس غباءً او لم يفهموها لكن كنت أريد شيئاً يعبر عنى وعن سعادتى .
بعد محاولات عديدة لاستخراج عبارة تعبر عنى قررت أن أكتب :
فى هذا اليوم سأرتدي الثوب الأبيض ليس لأنى الاجمل والاكمل
فقط لأنى آمنت بداخلى أن خلقت لغاية أسمى
و وثقت بكل مافي داخلى من جمال
سأنتظرك لتنيري حفلة زفافي ...
محبتك :شذى
مواقع النشر