مقال اليوم استكمال لمقال الاسبوع الماضي عن الستيفيا العشبة المذهلة التي يمكن ان تحل محل السكر الابيض وتقي من شروره. فبالاضافة الى خصائصها العلاجية الكثيرة تتميز بأنها اكثر حلاوة من السكر نفسه مما يجعل القليل منها كاف. فبدلاً من ملعقة صغيرة واحدة من السكر العادي يمكن استخدام ثمن ملعقة صغيرة من مسحوق اوراق العشبة او ذرة من بودرة مستخلص العشبة. واستخدام ربع ملعقة صغيرة من بودرة مستخلص العشبة او ملعقة اكل واحدة من مسحوق الاوراق يغني عن نصف كوب من السكر العادي!
ولكن، لماذا لم يتحمس المختصون بالتغذية لهذه العشبة ذات الطبيعة العلاجية؟ يدلنا تاريخ استخدام الستيفيا في الولايات المتحدة الامريكية رائدة علوم التصنيع في عصرنا الحالي الى ان الستيفيا استخدمت للتحلية منذ الثمانينيات الميلادية حيث استخدمتها شركة سليستيال سيزوننج التي تعتبر من اكبر الشركات العالمية التي تنتج شاي الاعشاب في تحلية العديد من منتجاتها حتى عام 1986م عندما قامت ادارة الاطعمة والعقاقير الامريكية (FDA) بالاغارة على مستودعات الشركة ومصادرة مخزونها من الستيفيا كاملاً! ولم توضح ادارة الاطعمة والعقاقير سبب اغارتها ولكن المسؤولين فيها اخبروا شركة تصنيع الشاي انه لا يمكنهم الاستمرار في استخدام الستيفيا للتحلية. وقبل الثمانينيات الميلادية اعتبرت قائمة ادارة الاطعمة والعقاقير الامريكية الستيفيا ضمن الاعشاب الآمنة الاستخدام. ولكن من المثير للاستغراب ان الستيفيا ازيلت من قائمة الاعشاب الآمنة في نفس الفترة التي ظهر فيها استخدام الاسبريتم كمحل ونفس الفترة التي ظهر فيها ان ثمة صلة بين السكارين والاصابة بالسرطان. وفي عام 1991م حظرت ادارة الاطعمة والعقاقير استخدام الستيفيا مدعية انها من مضافات الاطعمة غيرالآمنة على الرغم من انها تستخدم بكثرة في العديد من المناطق في العالم مثل اليابان والصين والمانيا وماليزيا وكوريا الجنوبية. كما يستخدم مستخلص العشبة لتحلية مصنوعات غذائية امريكية في جنوب شرق آسيا مثل دايت كوك وانواع من العلك الخالي من السكر. وقد اضطرت ادارة الاطعمة والعقاقير الامريكية الى رفع الحظر عن الستيفيا في عام 1994م والسماح باستخدامها كمكمل غذائي فقط، ولا يمكن استخدامها للتحلية في الاطعمة. وقد كثرت التكهنات عن اسباب مقاطعة ادارة الاطعمة والعقاقير الامريكية للستيفيا على الرغم من انها طبيعية ومفيدة للصحة، ويبدو ان السبب الاساسي هو الضغوط التي تواجهها الادارة من الشركات الكيميائية التي تنتج بدائل السكر المصنعة. وتشير هذه القضية الى حجم التأثير الذي يملكه مصنعو الاطعمة في سياسات الدولة دون الاخذ بالاعتبار اهمية صحة الفرد في المجتمع. وهذا يدعونا نحن الافراد الى عدم الانجراف نحو الدعايات البراقة لكبار منتجي الاطعمة الذين لا تشكل صحة المستهلك اكبر همهم.
منقول من جريدة الرياض للفائدة
مواقع النشر